مشوار غير مريح: بين تجميد العضوية ونشافة لهجة الجبهة الثورية !!
هذا القرار من حزب الأمة لم يكن قراراً موفقاً (بالمرة) وفيه ما فيه من مجافاة للحساسية السياسية ورهافة المرحلة الراهنة والظرف الدقيق الذي يمر به الوطن وثورته المجيدة..(بل يمر به العالم كله).. أعني قرار تجميد عضوية الحزب في منظومة قوى إعلان الحرية والتغيير...! هذا قرار خاطئ (مع كامل الاحترام) وهو خاطئ من أي وجه أتيته...ولا يسهم إلا في تثبيط الروح الوطنية وبلبلة المناخ العام في وقت تواجه فيه الثورة ومكوناتها وحكومتها وشعبها تحديات جسام، وفي توقيت تنشط فيه فلول التآمر وهي تسوق بين يديها صحف ومنابر وقنوات و(خزعبلات) تبث الفرقة وتنفخ في نار الفتنة.. وكم يعجبها أن تبحث عن شروخ في جسم تحالفات الثورة وحكومتها ومؤسسات الفترة الانتقالية بعد أن أعياها طريق السلوك الشريف (من وين؟) وباءت بغضب الشعب وعرفت أن عودتها للسلطة اقرب منه (عشم إبليس في الجنة) على استحالته....!
استمرار الثورة وانجاز مهام الفترة الانتقالية هو الهدف الأسمى والوجهة التي يصبح كل ما عداها من (النوافل والمستحبات والمندوبات والضربات الركنية) والحفاظ على اتقاد شعلة الثورة هي المهمة الأوجب والأكبر من أي تباينات حول مَنْ يشغل هذا المنصب أو ذاك.. ما دام البرنامج هو انجاز مهام الانتقال على صراط الوثيقة الدستورية..ولا يمكن أن يختلف شركاء القفص في أعداد الفراخ (قبل أن يفقس البيض)..؟!
لقد بحت الأصوات من الدعوة إلي ضرورة التماسك الكامل بين مكوّنات قوى الحرية والتغيير حتى إذا لم يتحقق لكل فصيل أو حزب رؤيته بكاملها.. تعظيماً للغاية الأبعد والأعلى، وحرصاً على الثورة التي جاءت بعد خراب كامل للوطن ظلت آليته تعمل بلا هوادة لثلاثين عاماً تدميراً وتشليعاً.. وقد رأينا بالأمس صفحة واحدة من صور هذا الخراب تمثلت في شخص واحد من (حرامية الإنقاذ) تؤكد أنه اشترى بالرشوة ذمة كل المؤتمر الوطني برئيسه وحكومته وحزبه ومجلسه القيادي وهيئة شوراه وبرلمانه و(ديوك بطانته).. وإلا فكيف يتهيأ لشخص واحد الاستيلاء على مساحات بحجم أقطار وولايات و(دوقيات) واسهم لا يملكها (بيل قيتس) وشركات وفنادق ومزارع لا يحصرها العد، ومنتزهات وفيلات..و(جرف كامل) بطول الشاطئ الجنوبي لمدينة بحري بما فيه ومن عليه..!
هناك مائة طريقة وطريقة لمعالجة أمر (مدنية مناصب الولاة) غير الإعلان بتجميد العضوية؛ ومن المؤسف أن يتزامن هذا الإعلان مع الهجوم الحاد غير الموفق من (اركو مناوي) وجماعته في الجبهة الثورية حول ذات الأمر.. وقد اتضح لكل منصف أن هناك حاجة ملحّة لتعيين ولاة مدنيين من أجل إزالة ركام الإنقاذ التمكيني في الولايات التي لا تزال تحت سيطرة (طواقم الإنقاذ السنيحة) المتآمرة.. والوطنية الحقة المتجردة من أي اعتبارات شخصية أو حزبية أو حركية تُملي على القادة السياسيين التركيز على مبدأ (مدنية الولاة) وإنقاذ الولايات من سطوة الإنقاذيين وتوابعهم حتى يشعر أهلها بالثورة والانعتاق..لا على الأشخاص الذين يشغلون هذه المناصب مهما اختلفت الرؤى حول كيفية اختيارهم..حيث أنهم سيكونون ملزمين بأهداف محددة لا يخرجون عنها.. وهذا هو جوهر (الحساسية السياسية) المطلوبة والإيثار الوطني الذي يقدم الهدف الأسمى على (فروض الكفايات)..! والوطن لا يحتمل أي تأخير في تعيين الولاة المدنيين خاصة وان قوى الحرية والتغيير أعلنت إن هذا التكليف مؤقت سيتم تبديله فور توقيع اتفاقية السلام مع الحركات المسلحة.. ففيم العجلة و(اللهوجة)..!
أسوا من ذلك اللهجة التي تحدث بها أركو مناوي للشعب عبر القنوات الفضائية وقبلها في عدة منابر مع متحدثين آخرين من جبهته الثورية..وقد خلنا أنه يتحدث عن (المستوطنين البوير) وحكومة الفصل العنصري في بريتوريا وليس مع حكومة الثورة وقوى الحرية والتغيير...لهجة عدائية تستقوي بالعسكر على المكوّن المدني في (أسلوب أشتر)؛ وتعبيرات خشنة جافة تهديدية لم يوجهها مناوي حتى لنظام الإنقاذ المجرم الفاسد عندما كان يحاربه.. كلام مثل (موية الترمس) واتهامات بالإقصاء والاستحواذ ولغة ليس فيه رائحة الثورة ولا ريحة الفرحة بها.. ومجمل حديثه يوحي للسامع بأن الرجل يتحدث عن مناصب وليس عن قضايا.. ومعه آخرون يدورن في ذات الفلك وكأن الوطن قد خرج من كل مشاكله ولم تبق إلا رفاهية كيفية ملء المقاعد والمناصب..! وهو يعلم أنها سلطة انتقالية تريد إسعاف المناطق المنكوبة بأعجل ما يمكن ووفق مواثيق الثورة التي منحت الأولوية لقضايا السلام والنازحين واللاجئين والسكان الذين استهدفتهم الإنقاذ بالحرب والتخريب والإفقار والحرق والإبادة؛ ومعالجة جذور الأزمة والتهميش القديم والجديد... وبحمد الله قد ذهب نظام الإنقاذ (إلى مزبلته).. الإنقاذ التي أجبرت الناس على حمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم وأهاليهم (راحت في داهية) وجاءت حكومة الثورة تأكيداً لمشروعية الحركات في مجالدة الإنقاذ واعترافاً بمظالم الأقاليم وسعت إلى تحقيق السلام (من قولة تيت) فلا معنى للمماحكة بين الشركاء وما كان ينبغي أن يستغرق الحوار مع الحركات أكثر من أسبوع واحد لأن الجميع ينطلقون من قاعدة وقناعة واحدة ويؤمنون بذات الأهداف ويستعجلون إدماج الحركات في الدولة وإغاثة المتضررين وإعادة النازحين واللاجئين إلي قراهم ومواطنهم وإلى حياتهم الطبيعية..وهذه مهام تسمو على أي اعتبارات أخرى..فما هي الحكاية..!
رمضان كريم..ولكن لا تنشروا علينا الأحاديث والتصريحات والإعلانات (من هذا النوع) حتى لا تصبح وقوداً في أيادي الثورة المضادة (عديمة الشغلة)..لأن المثل يقول (الشيطان يوظف الأيادي العاطلة) كما يقول الإعلاميون (الأخبار السلبية تطير بأجنحة في حين أن الأنباء الطيبة (تسير على عكازين)..الله لا كسّب الإنقاذ..!
murtadamore@gmail.com