مصطفى البطل… لعنة الله عليك!!
كنت قد لعنت تحت هذا العنوان مصطفى سعيد أشهر شخصيات الرواية العربية، رسمها بمهارة أستاذنا الطيب صالح في موسم الهجرة للشمال. لقد أقلق مصطفى سعيد أيامي بلندن فتابعني كظلي في الحواري والمقاهي وفي صور الإنجليزيات اللائي التقى بهن في (الاندر قراوند) والهايد بارك أو أولئك اللائي أقابلهن أنصاص الليالي في السينمات والمسارح.
مصطفى البطل ليس أقل لعنة من مصطفى سعيد إذ هو الآخر ومعه مناضل فضائي يُدعى فوزي بشرى أفسدا علي أيام إجازتي السنوية من قبل بلندن نفسها قبل أعوام. وجوه الشبه بين مصطفى البطل ومصطفى سعيد كثيرة. فالبطل من الشمال وكذلك سعيد.. البطل يهوى لندن والنساء الجميلات وكذلك سعيد، يجمعهما الذكاء. كلاهما من الشرق اتجه غربا.. عاد مصطفى سعيد من الغرب بشخصه الى وطنه... مصطفى البطل عاد بقلمه وقلبه الى وطنه فكتب (غرباً باتجاه الشرق). غير أن هنالك فارقاً نوعياً بين مقدرات البطل وسعيد، وهنالك مجالات من المستحيل أن ينافس فيها البطل سعيد وتلك (خلوها مستورة) يعرفها أصدقاء البطل في أركان الدنيا الأربعة!!
عاد مصطفى البطل عبر مقاله الراتب بهذه الصحيفة الأربعاء الماضي ليقلب حياتي رأساً على عقب ويجعلني محاصراً ومطارداً من قبل الآلاف فغادرت مقر الصحيفة منذ صدور المقال ورحلت عن منزلي واختبأتُ في ملجأ آمن لن يستطيع جهاز الأمن الذي استطاع كشف مخبأ نقد أن يكشفه. ماذا قال البطل؟. ادَّعى أنه اتفق معي على قضاء إجازة خلال الشهر القادم في القاهرة ثم طفق يروِّج أن تلك الإجازة سنقضيها بشقتي بشارع جامعة الدول العربية في المهندسين.! منذ أن فتح البطل (كنتين) الشفافية في مهجره بمنيسوتا طفق يبيعها للغاشي والماشي فلم يترك سراً لحبيب أو قريب لم يذعه.!!. لقد فتح البطل عليّ بهذا الخبر أبواب جهنم وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها البطل نسف حياتي وهتك أسراري وثرواتي وأملاكي. حاول البطل إفساد العلاقة بيني وبين زوجتي الأميرة وصال ناصر «شفتو كيف» حين ادَّعى أنني قلت له (بأن الخطر قد زال بمجرد أن ودعتها في صالة المغادرة لماليزيا). اضطررت لدفع جزية (كيلو ذهب) في سبيل الترضية (تصوروا). مرة أخرى مارست (قطيعة) شرعية في المعارض الشعبي المؤلف صديقي المحبوب عبد السلام فسلمها له (صُرة في خيط). وده كلو من باب الشفافية.
ما جرّته عليَّ شفافية البطل هذه المرة من كوارث لا توصف. فما أنْ ذاع خبر الإجازة وسفري للقاهرة وعلم به صحفيو (الأحداث) حتى أعلنوا اعتصاماً عاماً بمباني الصحيفة وعلَّقوا لافتات كتبوا عليها (قلنا ما ممكن تسافر). حمدت الله... لم أجد لافتة عليها (ارحل) لقد استعانوا بالفنان محمد الأمين ولم يستعينوا بالمناضل وردي!!. عرفت بعد ذلك أنهم قرأوا مقال البطل الذي كشف فيه أنني (زايغ) من البلد.!!. قدموا مطالبهم العاجلة.. مرتب ثلاثة أشهر... حقوق التأمين... فلوس النثريات.... حوافز متنوعة.... إصلاح بيئة العمل... نقل صلاحيات رئيس التحرير لأبو إدريس ومحمد عبد الماجد فوراً... وقالوا لي في مذكرتهم (بعد داك كان داير تسافر ودعناك الله.. قطر عجيب!!). شفتو المصائب التي أدخلني فيها البطل!!.
ده كلو هيِّن، المصيبة الكبرى والثورة الحقيقية حين عرف (الديَّانة) خارج الصحيفة بنبأ سفري للخارج. فمنذ الصباح لم يسكت رنين تلفوني وعند الظهر تراصت الصفوف أمام مكتبي بالمئات.. ناس شايلين أوراق مزيفة وآخرين شيكات طائرة وعقودا وهلم جرا. تم حصاري تماماً، لقد اعتقدوا في صحة ادعاءات البطل بخصوص (الحرامية والبلطجية) وفهموا أنني منهم والعياذ بالله!!.
أما البنوك التي تبلغ ديونها لدي أكثر من سبعة مليارات (بالقديم) فهؤلاء توجهوا للنائب العام مباشرة لاستصدار قرار بمنعي من السفر والحجز على أموالي بالداخل والخارج عاجلاً مع تكوين لجنة لحصرها.!!.
أما الحكومة فقد قررت وقف سفري وإبقائي رهن التحقيق لمدة خمسة عشر يوماً في سجن (دبك). الحقيقة أنني استغربت لتصرفها هذا إذ أنني لم يحدث لي أن تعاملت معها في وظيفة عامة أصلاً، بمعنى أن يدي لم تمتد لمال عام فما دخلها بسفري؟. أدركت بعد أن سألت العارفين ببواطن الأمور أنها تمنع مغادرتي البلد في مثل هذه الظروف بالغة الدقة لخشيتها انضمامي للمعارضة بالخارج. يبدو أن أنباء تسربت لأجهزتها المختصة بأنني سألتقي أصدقائي من المعارضين في المنافي وكلهم والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه مطلوبين لدى الأجهزة المختصة من لدن قابي فائز قبريال (الكاتب) والمحبوب عبد السلام والحاج وراق وخالد عويس ولربما الأفندي وفتحي الضو؛ وهناك آخرون ينتمون للحركات المسلحة لا يمكن الكشف عن أسمائهم!!.
الآن بفضل البطل أصبحت رهين ثلاثة محابس: الصحفيون من جهة والدائنون من الأخرى؛ وثالثة الأثافي الحكومة!!. هذا ما حصدته من شفافية البطل التي عصف بي وبإجازتي التي سأقضيها إن شاء الله وراء القضبان بسجن كوبر أو الهدى أو أي (بلوة) أخرى. لعنة الله عليك يا بطل. بالله إنت خائن أم بطل!!.