معاوية حسن ياسين: لاتوجـد في السـودان حريـة صحفيـة ولاحريـة رأى!

 


 

 

إستشهد بتقريرأمريكي عن الحريات الصحفية في 196 دولة

غياب مسؤولي السفارة بالرياض عن حفل جمعية الصحفيين يثير تساؤلات ملحة؟

انسحاب د. الباقر محتجاً على عدم منحه فرصة التعليق على مغالطات المحاضر في حضور رعاة الحفل



* الطيــب شبشــه

مساء الخميس 16/جمادى الآخرة/1432الموافق19/مايو/ 2011 أقامت جمعية الصحفيين السودانيين العاملين في المملكة العربية السعودية في قاعة الملك عبدالعزيز للمؤتمرات الثقافية حفلاً بمناسبة اليوم العالمي للصحافة الذي يصادف اليوم الثالث من شهر مايو من كل عام ، وبدء الحفل بآي من الذكرالحكيم ثم بمحاضرة بعنوان (حرية الصحافة) قدمها الزميل الصحفي المعروف الأستاذ معاوية حسن ياسين، كما تم في نهاية المحاضرة تكريم صحافيتين وثمانية صحافيين من أعضاء الجمعية ، ويبدو أن موضوع المحاضرة كان الجاذب لذلك الحضور الملحوظ، والحفل جرى تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة ريم بنت فيصل بن سعود إبن عبد العزيز آل سعود، وقد ناب عنها كراع للحفل صاحب السمو الملكي الأمير سعد بن فهد إبن سعد بن عبد العزيز آل سعود.

انتقادات قاسية للصحافة السودانية
------------------------------
المحاضر الأستاذ معاوية حسن ياسين قال في الصحافة السودانية ما لم يقله سيدنا مالك إبن أنس (ر) في الخمر، فالزميل معاوية جرد الصحافة السودانية من كل فضيلة، وأزرى بتاريخها الطويل العريق في الكفاح الوطني السياسي والتثقيفي والتوعوي الحافل بالأمجاد التي صنعها الرعيل الأول من الرجال العصاميين الذين نحتوا في صخور الواقع السياسي إبان الحقبة  الاستعمارية، والوضع الاجتماعي الفقير بأظفارهم ليؤسسوا صحافة وطنية حرة تنهض بعبء رسالتها دفاعاً عن سيادة الوطن وحرية وكرامة مواطنيه ، وكانت انتقاداته للصحافة السودانية  أنها  ما زالت تفتقر إلى كل التقنيات الحديثة لصناعة الصحف ، ولم تكن إنتقاداته لها أقل عدواناً عليها من (بيت الحرية) الأمريكي الذي اتكأ الأستاذ معاوية على تقرير له عن الحريات الصحفية في 196 دولة في العالم شملها التقرير، حيث وضع التقريرالسودان في المرتبة المتأخرة رقم 169 بالنسبة لحال حرية الصحافة فيه ، بمعني أن السودان لا يتقدم إلا على 17 دولة فقط من 196 دولة في العالم بالنسبة لحال حرية الصحافة به، وأن حرية الصحافة في دولة الأمارات العربية المتحدة وفي سلطنة عمان أفضل حالاً منها في السودان، كما إنتقد حال الصحفيين في السودان ـ وسوء أدائهم المهني بسبب الظروف السيئة للصحف من حيث الدخول المالية،  لآن من أسباب ذلك أن الحكومة توزع الإعلانات على الصحف بمعيار الولاء أو عدمه!
في تقديري المتواضع أن المحاضرة يمكن تصنيفها (خطبة سياسية) لحزب معارض للحكومة في إحدى لياليه السياسية، كما كانت من صنف مقالاته المشهورة في جريدة الحياة السعودية التي لم يترك بها لحكومة الإنقاذ جنباً ترقد عليه، فالأستاذ معاوية سواء في تلك المقالات ، أو في محاضرته في جمعية الصحفيين السودانيين بالرياض لم يجد قط في كل سنوات حكم الإنقاذ وبعدها حكومة الوحدة الوطنية بقيادة حزب المؤتمر الوطني ، لم يجد لها حسنة واحدة تحمد لها، كما لم يجد في الصحفيين داخل السودان وربما في خارجه من يستحقون منهم الإشادة ولو على صبرهم المر على متاعب مهنة المتاعب، لأنه للم يجد في كل دول العالم دولة في سوء أوضاع حرية  الصحافة ومصادرة حق التعبير عن الرأى مثل السودان ، في حين يصف الصحافة السودانية بأنها صحافة رأى وليست صحافة خبر وتحليل بسبب كثرة ما فيها من كتاب أعمدة وزوايا، وأن كل من هب ودب يكتب مقالاً وينشر له.
ويفوت على الأستاذ معاوية أن صحافة الرأي هي وحدها بين مسميات الصحف التي تتمتع بحرية شبه مطلقة في التعبير عن الرأي، وأن استمرارية كتاب الرأي تدل على أنهم لم يتعرضوا للإيقاف في كل الأحوال، وأن التنويه من وقت لآخر بعبارة(يحتجب اليوم) لا تعني بالضرورة أن الكاتب معتقل أو منع من الكتابة أو أن موضوعه الذي كتبه لم يوافق عليه مسؤول التحرير أو الرقيب، ولكن لآن الكاتب غاب لأسباب موضوعية، عملية أو خاصة مثل السفر لمدة يوم خارج العاصمة أو حتى خارج السودان،الأمر الذي يحتاج إلى افتراض حسن الظن قبل سوء الظن!

الغياب الواضح للسفارة السودانية ودلالاته

شغلتني قبل بدء فعاليات الحفل ملاحظتان، الأولى: خاصة بغياب السفير السوداني أو نائبه أو الملحق الإعلامي أو أي مسؤول بالسفارة عن الحفل، وهى ملاحظة تثير تساؤلات حول علاقة الجمعية بمسؤولي السفارة حين يغيبون عن حضور مثل هذه المناسبة الصحفية الثقافية السودانية، ولا أريد أن أخوض في دلالات مثل هذا الغياب، واللبيب بالإشارة يفهم!

التعتيم المتعمد على د.الباقر رئيس لجنة الحريات الصحفية وأخلاقيات المهنة، وممثل الناشرين في مجلس الصحافة في دورته السابقة

الملاحظة الثانية:كانت فرصة طيبة حضور الدكتور الباقر ممثل الناشرين ورئيس لجنة الحريات الصحفية وأخلاقيات المهنة في مجلس الصحافة في دورته السابقة أن نستمع لوجهة نظره ،خاصة ان الرجل بحكم تخصصه وتجربته العملية ،كان من الممكن أن يقدم رأياً مفيداَ وناضجاً ولكن يبدو أن هناك تعتيماَ متعمداً رفضت بموجبه فرصة الحديث للدكتور الباقر أمام صاحب السمو الملكي الأمير سعد بن فهد بن سعد بن عبدالعزيز آل سعود، وحين وقف الدكتور الباقر موجهاً حديثه لصاحب السمو الأمير مؤكداً اختلافه مع المحاضر في كل ما ذهب إليه مطالباً بأن يعطى خمس دقائق فقط لتفنيد ما ذهب إليه المحاضر ، ويبدو أن صاحب السمو أبدى موافقته حين أومأ برأسه علامة الإيجاب ، لكن مسؤول برنامج الحفل الجالس بجانب المحاضر كان له رأى آخر، وإكتشفت بمحض الصدفة أن الأمين العام للجمعية الأستاذ إسماعيل محمد على يلوح بيده للمنصة بعدم إعطاء دكتور الباقر الفرصة للحديث،مما أضطر الدكتور الباقر للانسحاب بهدوء محتجاً على هذه المغالطات دون أن يحضر تقديم الجوائز بواسطة سمو الأمير.

إغلبية الحضور من معارضي الحكومة
يبدو لي أن أغلبيةً تكاد تكون مطلقة بين الحضور هم من معارضي حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها حزب المؤتمر الوطني بحكم أغلبيته بين الأحزاب المشاركة في الحكومة، بدليل التصفيق الحاد للمحاضرعندما إنتهى من تقديم محاضرته، وبدليل آخر هو عندما أعلن مقدم برنامج الحفل عن بدء فقرة تقديم الجوائز للصحفيين العشرة .
إن المحاضرة التي قدمها الزميل الأستاذ معاوية حسن ياسين، كانت كما وصفتها من قبل عبارة عن "خطبة سياسية" لحزب معارض في إحدى لياليه السياسية حشد فيها ما حشد من نقد قاس جداً لواقع الصحف والصحفيين جازما بعدم وجود إدني حرية صحفية في السودان.

جمعية الصحفيين والتساؤل المشروع

ونجد من حقنا هنا أن نتساءل: لماذا الأستاذ معاوية تحديداً دون غيره من الصحفيين أو الأكاديميين السودانيين المتخصصين في الإعلام ، أو ليشارك الأستاذ معاوية في الحديث عن موضوع المحاضرة ، أو على الأقل تحديد وتسمية شخص متخصص مثل الدكتور الباقر ناشر جريدة الخرطوم للتعقيب على المحاضرة لتقييم أفكار وآراء المحاضر في موضوع حرية الصحافة في السودان، أطرح هذا على التساؤل على الزميلين الأستاذين رئيس الجمعية وأمينها العام لآنهما يعرفان تمام المعرفة  أن الأستاذ معاوية معارض سافر المعارضة للحكومة السودانية ويمقت أشد المقت أهل " المحفل" على حد تعبيره، فهناك تهمة لم تعد همساً بين الناس ، وإنما أصبحت صوتاً مسموعاً بإتهام اللجنة التنفيذية الحالية لجمعية الصحفيين أنها في تلك الليلة قد أسقطت " ورقة التوت" التي ظلت تغطي توغلها في العمل السياسي المستور،ما يتعارض مع دستور الجمعية إذا صحت التهمة،
وعندما خرجت من القاعة للمغادرة لحق بي عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية وحملوني على العودة إلى القاعة للتعليق على المحاضرة، فأستجبت لهم وعدت إلى القاعة وتحدثت وقلت بالصوت المسموع للجميع ( إن الحرية الصحفية الموجودة في السودان الآن لا توجد في أي دولة عربية دون إستثناء، وأتحدى من يقول غير ذلك).

وختام القول :

وأختم بأنني أربأ باللجنة التنفيذية لجمعية الصحفيين من أن تكون تهمة التوغل في العمل السياسي صحيحة ،وإلا مابقيت فيها أدافع عنها إلى حد خسرت معه الكثيرين ممن ظلوا  يعاتبونني على إستمرار علاقتي بالجمعية ، خصوصاً بعد أن إنتقدت ذلك الإنشقاق الذي أدى إلى قيام رابطة الإعلاميين السودانيين المتهمة بأنها تؤيد سياسياً حزب المؤتمر الوطني،  وما زال كثيرون يتساءلون عن السبب الحقيقي لبقائي في جمعية الصحفيين بعد أن كشفت عن وجهها السياسي المعارض  والمنتمي لجهة معروفة .
وأخيراً أهنئ الزميلتين اللتين كرمتا بجائزة التميز ،كما أهنئ الزملاء الذين كرموا بتلك الجائزة التي لم يعلن رئيس الجمعية أو أمينها العام، أو أمين اللجنة الثقافية الجهة التي قدمت تلك الجائزة، وهى عبارة عن دروع قيمتها الأدبية تبدو لي أكبر بكثير من كلفتها المالية لتواضعها، رغم أناقتها!



mr.h.t.mm@hotmail.com

 

آراء