معمر القذافي .. عقيداً دولياً وقرصاناً جوياً! الحلقة الأولى

 


 

 



(القصة الكاملة لاختطاف طائرة الزعيمين السودانيين النور وحمدالله عام 1971 بإشراف القذافي)
* حادث لوكربي نتيجة لعدم مساءلة بريطانيا للقذافي على اختطاف طائرتها قبل أكثر من ثلاثين عاماً.
* وزير الحربية المصري الأسبق يخطط  والقذافي  ينفذ والسادات يتابع
* الاختطاف شكل أولى عمليات قرصنة العقيد الجوية قبل حادث طائرة لوكيربي
* هذه هي حقيقة ملك ملوك أفريقيا وعميد الحكام العرب!. * المقدم بابكر النور كان سيدشن مهامه كرئيس جديد للبلاد بمخاطبة موكب 22 يوليو
* هاشم العطا علم بأمر إختطاف الطائرة عند وصوله مطار الخرطوم لاستقبال ود النور وحمد الله.
____
كتاب جديد بالعنوان أعلاه، دفع به كاتبه د. حسن الجزولي إلى المطبعة، والكتاب يوثق، لأحد أشهر عمليات، القرصنة الجوية، التي بدأ بها عقيد ليبيا، معمر القذافي، حياته السياسية، في فضاء التدخل والتعدي على السلام الدولي، عندما أمر باختطاف، طائرة الخطوط الجوية البريطانية، التي كانت تقل كل من، المقدم بابكر النور سوار الدهب، والرائد فاروق عثمان حمدالله، عند سفرهما من لندن، في طريقهما إلى الخرطوم، كقيادات جديدة للنظام، الذي أطاح بحكومة النميري، في إنقلاب 19 يوليو عام 1971، ذلك الاختطاف، الذي أدى إلى تسليم القذافي، كل من بابكر وفاروق، إلى النميري، العائد إلى السلطة كالمسعور، بعد إجهاض الانقلاب، ليبعث بهما إلى دروة الاعدام!،  الميدان تبدأ في تقديم، مقتطفات من بعض فصول الكتاب، في هذه الحلقات المتتالية، لتعريف الأجيال الجديدة، بتاريخ قديم لـ  (ملك ملوك أفريقيا) و (عميد الحكام العرب) الذي يترنح نظامه الآن، تحت ضربات الشعب الليبي البطل!.
(صحيفة الميدان)

د. حسن الجزولي

أثناء الفرحة العامرة، التي غمرت قلوب سكان، قرية لوكربي الأسكتلندية الهادئة، وهم يبتاعون حاجياتهم، في مساء الحادي والعشرين من عام 1988، إستعداداً لأعياد الكريسماس، التي سيستقبلوها بعد ثلاثة أيام، وبينما راح البعض منهم، في تجميل واجهات المنازل والمحال، ببهرج زينات الكريسماس، وأشجار ميلاد المسيح عليه السلام، لفت أنظارهم  في تلك الأمسية، برقاً شع في السماء فجأة، ورأوا كرة من لهب حقيقي، تتدحرج من أقصى سماء قريتهم الوادعة، والتي ظنها البعض للوهلة الأولى، أنها ضمن الألعاب النارية، لمجلس بلدية القرية، الذي برهم بها كعادته، سنوياً في مثل هذه المواعيد، مشاركة منه فرحتهم، وإستعدادهم لاستقبال الأعياد، التي على الأبواب!.

إلا أنهم ما لبثوا، وأن إكتشفوا، أن تلك الكرة، المتدحرجة على رؤوسهم، إن هي في حقيقة الأمر، إلا كتلة من لهب حقيقي، بفعل الانفجار الهائل، لطائرة البوينق “بان أمريكان”، أثناء رحلتها رقم 103 بين نيويورك ولندن، وهي على ارتفاع 9400 متر!، لتحترق الجثث التي إختلطت مع الحديد المذاب ” كما لو كان زبداً اقترب من النار” حسب وصف شاهد عيان للاحتراق!، وهو الحادث الذي دبره العقيد القذافي ونظامه، ونفذه عملاءه، وأدى لمقتل أكثر من 250 شخصاً!، حيث تسبب في نشوب أزمة دولية مع ليبيا وضد نظام العقيد القذافي.

•       سابقة دموية
لم يكن هذا الحادث بمثابة السابقة الأولى بالنسبة لعقيد لبيا في واقع الأمر، حيث أن شهيته لممارسة مثل هذه الأنشطة، كانت قد إنفتحت، منذ أن أقدم، قبل أكثر من سبعة عشر سنة، من ذلك الحادث، على أولى عملياته في القرصنة الجوية، والتي لم يشهد العالم مثيلاً لها من قبل!، وذلك عندما اختطف طائرة الخطوط الجوية البريطانية VC10))، أثناء رحلتها من مطار هيثرو، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، والتي كان على متنها كل من المقدم بابكر النور سوار الدهب، والرائد فاروق عثمان حمدالله، الزعيمين السودانيين، اللذين تم اختيارهما قبل ثلاثة أيام، من حادث اختطاف الطائرة في حكومة راديكالية جديدة، بعد الاطاحة بنظام جعفر النميري عام 1971، لتجبرهما السلطات الليبية على النزول من الطائرة، وليسلمهما القذافي لنظام النميري، بعد تمكن الآخير، من سيطرته على الأمور، في السودان، وعودته للحكم مرة أخرى، حيث لم يتردد، في إعدامهما رمياً بالرصاص، بعد محاكمة صورية، لم تستغرق أكثر من عشرين دقيقة!، فما هي خلفيات ذلك الحادث، الذي لم يستطع بشأنه، أن يتقدم المسئولون البريطانيون، بأي مسائلة جنائية قانونية مستحقة، لنظام العقيد في ليبيا حتى اليوم، واستهانتهم بالأمر درجة نسيانه، في نهاية الشوط،، حفاظاً على “مصالحهم” الاقتصادية!، وذلك بعد أن سجل السفير البريطاني لدى ليبيا، في بداية الأمر (إستياؤه بحماس أكيد)، من عملية الاختطاف للطائرة البريطانية، من قبل السلطات الليبية، في مذكرة قال فيها” ليست وحدها الحكومة البريطانية، التي تولي الأمر اهتماماً، انما البرلمان البريطاني والشعب البريطاني والصحافة، جميعهم غاضبون تجاه فعل القرصنة الفاضح الذي ارتكبه الليبيون بإجبار الطائرة على الهبوط“( د. حسن الجزولي، عنف البادية، وقائع الأيام الآخيرة في حياة عبد الخالق محجوب، السكرتير السياسي السابق للحزب الشيوعي السوداني، دار مدارك، الخرطوم – القاهرة 2006)

ما شجع العقيد، لكي يجرب الأمر كرة أخرى، بشكل أكثر دموية، مع طائرة بان أمريكان المنكوبة، على أرض لوكربي!. ولاحقاً أيضاً في عام 1989، عندما تورط في حادث تفجير، الطائرة الفرنسية “يو.تي. آي” فوق أراضي النيجر، ليخلف ذلك الحادث 170 قتيلاً، والذي كان بتنفيذ مباشر، من وزير خارجيته المستقيل مؤخراً، موسى كوسا!.

كتاب جديد بالعنوان أعلاه، دفع به كاتبه د. حسن الجزولي إلى المطبعة، والكتاب يوثق لأحد أشهر، عمليات القرصنة الجوية، التي بدأ بها عقيد ليبيا معمر القذافي، حياته السياسية في فضاء التدخل والتعدي على السلام الدولي، عندما أمر باختطاف، طائرة الخطوط الجوية البريطانية التي كانت تقل، كل من المقدم بابكر النور سوار الدهب، والرائد فاروق عثمان حمدالله، عند سفرهما من لندن في طريقهما إلى الخرطوم، كقيادات جديدة، للنظام الذي أطاح بحكومة النميري، في إنقلاب 19 يوليو عام 1971، ذلك الاختطاف، الذي أدى إلى تسليم القذافي، كل من بابكر وفاروق إلى النميري، العائد إلى السلطة كالمسعور، بعد إجهاض الانقلاب، ليبعث بهما إلى دروة الاعدام!،  الميدان تبدأ في تقديم مقتطفات، من بعض فصول الكتاب، في هذه الحلقات المتتالية، لتعريف الأجيال الجديدة، بتاريخ قديم لـ ” ملك ملوك أفريقيا) و(عميد الحكام العرب) الذي يترنح (عرشه) الآن، تحت ضربات الشعب الليبي البطل!.

•       الخرطوم ، الخميس 22 يوليو، 1971 الساعة السابعة والنصف صباحاً:-
في هذا اليوم، حرص الرائد هاشم العطا، قائد العملية العسكرية التي أزاحت اللواء جعفر النميري، رئيس مجلس قيادة ثورة 25 مايو عن سدة الحكم، وستلام السلطة في السودان، في عصر يوم 19 يوليو 1971، بواسطة إنقلاب عسكري، أطلق عليه صفة العملية التصحيحية، لمسار توجهات الحكم للنميري “الذي انحرف بأهداف ثورة 25 مايو وبدأ يرتب لديكتاتورية عسكرية بقيادته”.

إذن فقد حرص العطا، على التوجه شخصياً، برفقة عدد من القيادات العسكرية الجديدة، إلى مطار الخرطوم “ليكون في استقبال المقدم بابكر النور،  والرائد فاروق  حمد الله، اللذين كان من المفترض وصولهما، على متن الطائرة البريطانية القادمة من لندن، وقد جرى الترتيب لأن يدشن ود النور جدول أعماله، كرئيس جديد للبلاد، بمخاطبة الموكب الذي نظمته الهيئات النقابية والجماهيرية، تأييداً للانقلاب في العاشرة من صباح هذا اليوم” غير أن العطا، وبعد أن مكث بصالة كبار الزوار مدة نصف ساعة، شوهد وهو يغادر المطار، على عجل مع مرافقيه، ويبدو أن تلك هي اللحظة، التي تلقى فيها نبأ اختطاف الطائرة، بواسطة سلاح الجو الليبي، وتم إرغامها على الهبوط في الأراضي الليبية، بمطار بنينة ببنغازي بليبيا!.

وهكذا أصبحت تداعيات ذلك الحدث، تشكل قضية ما زالت  تثار حتى الآن ، لدى كافة الدوائر المهتمة، بحيث أنها لم تكن تقل أهمية، عن حادثة إسقاط طائرة البان أمريكان، فوق قرية لوكربي الأسكتلندية والتي أشرف عليها “العقيد” بنفسه!

………………….

•       القاهرة، الأربعاء، 21 يوليو 1971 فجراً:-
:- “يا أخي انت محمد صادق… تصرف”!.

كانت هذه الكلمات، ترن في أذني، الفريق محمد أحمد صادق، وزير الحربية المصري الأسبق، وهو يتذكر تفاصيل التوجيهات “غير المباشرة”، التي تلقاها من الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وأعطاه فيها الضوء الأخضر، بالمشاركة في تدخل عسكري، يوجه ضربة للإنقلاب الذي تم تنفيذه في السودان، والذي أقصى به الجناح اليساري، في الجيش السوداني، نظام حكم اللواء جعفر النميري، في نهار التاسع عشر من يوليو عام 1971.

فعندما استدعاه، الرئيس المصري، أنور السادات، في تلك الساعة المتأخرة نوعاً من الليل، كان وزير الحربية الأسبق، وهو يرتدي ملابسة بمساعدة زوجته، التي خفت لمساعدته في ذلك، لا يملك  إجابات شافية، رداً على الأسئلة المتلاحقة، التي كانت تطرحها عليه زوجته، بلهفة وشفقة وقلق، وهي تساعده في اللحاق بالموعد، الذي حدده له أنور السادات، في مقر إقامته بقصر القبة بالقاهرة،  في تلك الليلة المتأخرة من يوم 21 يوليو عام 1971.

في طريقه لذلك اللقاء، الذي استشف منه سيادة الفريق صادق، بحسه العسكري، أن الأمر له علاقة، بما جرى من تغيير في بنية نظام اللواء جعفر النميري، الذي تم إقصاؤه، من سدة السلطة بواسطة إنقلاب عسكري جرئ، نفذته الطلائع الأيدولوجية اليسارية، داخل الجيش السوداني!، بدأت ذاكرته تستجمع ،أهم الأحداث، التي جرت، منذ واقعة الانقلاب، في محاولة لاستخلاص “تقدير موقف عسكري”، عادة ما يعين العسكريين، في مثل هذه الظروف، التي تتطلب تركيزاً، حول أهم القضايا، ومن التي تساعد، فيما يخص نقاط ” الارتكاز والانطلاق”!..
عن صحيفة الميدان
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]

 

آراء