معمر القذافي .. عقيداً دولياً وقرصاناً جوياً! (الحلقة الآخيرة) .. حسن الجزولي
حسن الجزولي
16 July, 2011
16 July, 2011
(القصة الكاملة لاختطاف طائرة الزعيمين السودانيين بابكر النور وفاروق حمدالله عام 1971 بواسطة معمر القذافي وإشرافه)
* صغرى كريمات بابكر النور:- خطه الجميل في الوصية التي كتبها يدل على مدى ثباته ورباطة جأشه!.
* نقابيون سودانيون يطالبون بالعمل على تعويض أسرتي حمد الله وسوار الذهب، أسوة بما حدث في لوكيربي. واستنكروا أن يمر الحادث دون محاكمة أو إدانة أو موقف من الأمم المتحدة و بريطانيا.
* ترتيبات لرفع دعوى قضائية ضد العقيد ونظامه!.
* كمال الجزولي المحامي:- بصدد تحريك قضية جنائية ضد القذافي بالتنسيق مع أسرتي النور وحمد الله!.
* محمد إبراهيم نقد:- رفع الدعوى في وجهة القصاص لجميع شهداء الثورة السودانية ونيل حقوقهم كاملة!.
كتاب جديد بالعنوان أعلاه، دفع به كاتبه د. حسن الجزولي إلى المطبعة، والكتاب يوثق لأحد أشهر عمليات القرصنة الجوية التي بدأ بها عقيد ليبيا معمر القذافي حياته السياسية في فضاء التدخل والتعدي على السلام الدولي، عندما أمر باختطاف طائرة الخطوط الجوية البريطانية التي كانت تقل كل من المقدم بابكر النور سوار الدهب، والرائد فاروق عثمان حمدالله، عند سفرهما من لندن في طريقهما إلى الخرطوم، كقيادات جديدة للنظام الذي أطاح بحكومة النميري في إنقلاب 19 يوليو عام 1971، ذالك الاختطاف الذي أدى إلى تسليم القذافي كل من بابكر وفاروق إلى النميري العائد إلى السلطة كالمسعور بعد إجهاض الانقلاب، ليبعث بهما إلى دروة الاعدام!، الميدان تبدأ في تقديم مقتطفات من بعض فصول الكتاب في هذه الحلقات المتتالية، لتعريف الأجيال الجديدة، بتاريخ قديم لـ ” ملك ملوك أفريقيا) و(عميد الحكام العرب) الذي يترنح نظامه الآن تحت ضربات الشعب الليبي البطل!.
د. حسن الجزولي
تواصل كمالا صغرى كريمات المقدم بابكر النور، في رسالتها التي نشرتها عدة مواقع بالانترنت:- ” لقد ظللت كل هذه السنين، أحاول أن أملأ الفراغات التي فُرضت علىّ، في محاولة لمعرفة ما كان، يمكن أن اعرفه أو اتعلمه منه شخصياً، لو كان حياً يُرزق، فلم أمِلّ قراءة كل حرف كتب عنه، ولم أُرهق من البحث عن سيرته من أفواه كل من كان يعرفه، سواء من الأهل أوالأقارب أوالأصدقاء أوالزملاء، وكم كانت تسعدني الروايات التي أجمعت على هدوء طبعه، والأخري التي أكدت طيبته، التي لا تحدها حدود، وتلك التي أشارت إلى إحترامه الزمالة حد التقديس، وقد قال لي آخرون أنه كان يحب مهنته حباً جماً… كان صبوراً مسامحاً ومتسامحاً، وقال لي بعض آخر أنه كان يبدو كراهب نذر نفسه للعلم والمعرفة، أما الذين تحدثوا عن جُرأته وإقدامه وشجاعته، فهم قد تحدثوا عن الشيء الوحيد، الذي يعلمه القاصي والداني بعد أن تضمنت فصوله خاتمة حياته ورحيله المفجع!
لا أقول ذلك من باب المزايدة أو المبالغة، فلعل القليلون الذين إطلعوا على آخر كلماته والتي لم يجد غير صندوق (سجاير) صغير يحتويها بخطه الجميل، والذي يدل على مدي قدرته على الثبات ورباطة جأشه في ذلك الموقف الذي تُختبر فيه شجاعة الرجال، هذه الشجاعة التي لم يكن في حاجة لقولها تعميماً في كلماته الأخيره (إن مت شجاعاً وإن عشت شجاعاً) ولا تخصيصاً كالذي وجهه إلى إبنه خالد (عندما تكبر تذكر أن أباك مات موت الشجعان ومات على مبدأ) ولا تكراراً لابنته هدى (لك حبي وسلامي حتى اللحظات الأخيرة، وأذكري أن اباك مات شجاعاً وعلى مبدأ) ولا ختاماً لمسك حياته حينما جاءه الموت حقيقة، وهو يسعي على قدمين فلم يجد غير أن يقول له (عاش نضال الشعب السوداني…عاش السودان حراً مستقلاً)!
يا لها من شعارات عزيزة، نطق بها رجل ينتمي لهذا الشعب العظيم، إسترخص نفسه ووهب له حياته لينضم لكوكبة الشهداء، الذين عطروا تاريخ هذا الوطن، إنها الكلمات التي أصبحت بالنسبة لي نبراساً إهتدي به في حياتي، كلما تنسمت سيرته العطرة، ووجدت في مبادئه ما أعانني على فهم الحياة، وكيف يمكن للديمقراطية أن تكفل الحريات التي تعزز كرامة الانسان، وتحقق العدالة الاجتماعية لكل البشر!”.
وبعد التعويضات التي وافق نظام العقيد معمر القذافي بليبيا، على تسديدها لأسر ضحايا طائرة بان أمريكان المنكوبة، والتي فجرها عملاء النظام الليبي، فوق قرية لوكربي بالأراضي الأسكتلندية، طالب نقابيون سودانيون سابقون، في رسالة وجهوها، إلى الرئيس الفريق عمر البشير، باتخاذ اجراءات ضد ليبيا، التي قامت عام 1971 باختطاف طائرة الخطوط البريطانية، وإنزال كل من، بابكر النور وفاروق حمدنا الله، “وتسليمهما الى حكومة الرئيس جعفر نميري وقتها، ليتم اعدامهما لاحقاً.واعتبرت الرسالة التي وجهت أيضا، إلى المندوب السامي للامم المتحدة، وسفراء كل من بريطانيا والولايات المتحدة، وإلى عدد من القنوات الفضائية والصحف، من بينها «الشرق الأوسط»، الحادث بأنه «قرصنة جوية.. تكررت حلقاتها في لوكيربي 1988 وفي النيجر 1989». واشارت الرسالة إلى أنه، «في 22 يوليو (تموز) 1971 تم انزال طائرة ركاب بريطانية، قادمة من لندن، بقوة السلاح الجوي الليبي، في أول سابقة عرفها التاريخ، حيث أقتيد كل من، الرائد فاروق عثمان حمد الله، والمقدم بابكر النور سوار الذهب، للسودان وتمت تصفيتهما». وكان الضابطان قد شاركا في انقلاب 25 مايو (ايار) 1969 الذي جاء بالرئيس جعفر نميري الى السلطة، وكانا عضوين في مجلس القيادة، لكن النميري أقالهما في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 في حركة أطاحت بكل القيادات الشيوعية، ومن ثم ذهبا للاقامة في لندن. وطالبت الرسالة من الولايات المتحدة، التي قالت أنها أرست من خلال اتفاق لوكربي الأخير «مبادئ جديدة للسفر بأمان»، ومن بريطانيا باعتبارها صاحبة الطائرة، بالعمل على تعويض أسرتي حمد الله وسوار الذهب، أسوة بما حدث في لوكيربي. واستنكرت أن يمر الحادث من دون محاكمة ولا إدانة ولا موقف من الأمم المتحدة أو بريطانيا. وكان الضابطان موجودين في لندن، عندما قاد زميلهما الرائد هاشم العطا (أقيل معهما) انقلاباً ضد النميري في 19 يوليو 1971، وتسلم مقاليد السلطة لمدة 3 أيام، عين فيها سوار الذهب رئيساً للبلاد، وحمد الله عضواً في مجلس القيادة، لكن النميري تمكن من استعادة السلطة في 22 يوليو 1971، وهو اليوم نفسه، الذي قررا فيه العودة إلى الخرطوم لتسلم منصبيهما، لكن طائرتهما البريطانية، أُجبرت على الهبوط في ليبيا، بواسطة طائرتين عسكريتين من سلاح الجو، حيث تم اعتقالهما ومن ثم تسليمها الى النميري لاحقا، ليتم إعدامهما مع مجموعة من الضباط الذين قادوا الانقلاب، (جـريدة الشرق الاوسـط ،اللندنية،الاربعـاء 21 جمـادى الثانى 1424 هـ 20 اغسطس 2003 العدد 9031)
في الصدد فإن معلومات مؤكدة مفادها أن تنسيقاً يجري حالياً بين الحزب الشيوعي وأسرتي بابكر النور وفاروق حمدالله لتحريك قضية جنائية ضد معمر القذافي كمخطط ومشرف على عملية الاختطاف وتعريض حياة المعنيين للموت، وأشار كمال الجزولي المحامي للكاتب بأن إتصالاً قد تم معه للاشراف مع قانونيين سودانيين وعرب على رفع الدعوى القضائية التي أكد صحتها للكاتب أيضاً محمد إبراهيم نقد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني، مشيراً أن رفع الدعوى ضد القذافي يعد تمسكاً بإنصاف جميع الضحايا والشهداء السودانيين والاقتصاص ورد الاعتبار لهم ، حداً يصل لتسليم حتى وصاياهم ومتعلقاتهم الشخصية لذويهم.
…………………….
وبصورة مؤثرة، يتحرك الشاعر، الكامن خلف أضلع الديبلوماسي، فيختتم سيد احمد الحردلو، القنصل الثاني، في سفارة السودان، بلندن وقتها، إفادته بطريقة تعبر، عن أعمق ما في الانسانية من وشائج، وكأنه ينعي كل ما في الكون حوله، في تلك اللحظات حينما قال” خرجتُ من السفارة، قصر سنت جيمس على اليمين والسفارة على اليسار، كانت زخات المطر تتناثر عبر الظلام (أين هما في الزحام الآن! رجلان من أميز الرجال. هل يستحقان هذا المصير.. إنني سعيدٌ بإنتمائي إلى وطن هؤلاء الرجال. كان المطر يزخ عنيفاً، يجلد الظلام وينهال على الأرض. وكانت لندن كَمَنْ يبكي وينوح)!.(إنتهى)
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]