مع البروفيسور غندور.. عن المؤتمر العام للوطني: أخاف على الحزب من الانشقاقات الداخلية

 


 

 


حاوره: فتح الرحمن شبارقة
من أين يمول المؤتمر الوطني مؤتمراته العامة التي لا تتأثر بالأزمة الإقتصادية بالبلاد فيما يبدو؟ هل هناك أنبوب سري لتغذية الحزب من الدولة؟، وما هى دواعي قيام المؤتمر العام للحزب في الأيام القليلة المقبلة، وأبرز القضايا الموضوعة على الطاولة؟، هل اعتبر قادة الحزب الحاكم، مما حدث للأحزاب التي كانت حاكمة في المنطقة قبل أن تعصف بها رياح الربيع العربي؟.
تلك التساؤلات، وأخرى نسجت على منوالها، وضعتها (الرأى العام) دونما تلطيف على منضدة البروفيسور إبراهيم غندور القيادي البارز بالمؤتمر الوطني الذي وضع بمحاذاة تلك الأسئلة، ما تتطلب من إجابات وافية إلا قليلاً. فدبلوماسية البروف، ودربته في التعاطي مع الإعلام الممسك بملفه داخل الحزب، جعلته يقول الكثير، دون أن يغضب أحداً فيما يبدو من هذا الحوار الذي قضم جهاز التسجيل المعطوب جزءاً غير يسير منه:
* توقيت قيام مؤتمر حزبكم العام في ظل الأزمات التي تعيشها البلاد، خاصة الأزمة الإقتصادية جعل البعض يقول في استغراب، (الناس في شنو، وناس الوطني في شنو)؟
- لا فائدة من قيام مؤتمر في وقت لا تكون فيه هنالك قضايا للنظر فيها ومعالجتها. وبالتالي، المؤتمر يأتي في زمنه وتوقيته الضروريين.
* من أين تمولون مؤتمركم العام تحديداً؟
- قضية التمويل هذه قضية حزبية، وليست قضية متعلقة بالمال العام في الدولة وخلافه، ومسؤولية الحزب أن يوفر ما يؤكد قيام مؤتمراته في توقيتها. وهذا مؤتمر توقيته يأتي وفقاً للوائح ولكن ضرورات التغييرات الجغرافية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية في السودان، تتطلب قيام هذا المؤتمر في هذا التوقيت بالذات مهما كانت التكلفة.
* يبدو أن يد التقشف التي طالت الدولة لم تصل إلى الحزب؟
-  يد التقشف وصلت إلى الحزب، ولذلك الحزب يحاول إختصار التكلفة، وحتى الأيام لقيام هذا المؤتمر.
* قيام المؤتمر، أى مؤتمر، يكلف بالضرورة الكثير من المال، ألم يكن من الأجدر ربما أن يوجه مال إنعقاد المؤتمر لقضايا أخرى أكثر إلحاحاً؟
- أموال الحزب تأتي لتجويد أداء الحزب. وهذا حزب حاكم وتجويد أدائه مهم لتجويد عملية السياسة والحكم في البلد، وواحدة من أهم آليات تجويد الحزب هى المؤسسية ومراقبة ومتابعة ما صدر من توصيات من المؤتمر العام وهو أعلى سلطة بالحزب. وبالتالي محاسبة الجهاز التنفيذي الحزبي على أدائه خلال المرحلة الماضية.
* كل الحزبيين الذي نلتقيهم ونسألهم عن مصادر تمويل أنشطة أحزابهم ومؤتمراتها يتفادون الإجابة المباشرة على السؤال، هل تريد أن تفعل مثلهم؟
- المؤتمر الوطني حزب مؤسس له شركات ومؤسسات وإشتراكات. وهى معلومة لدى قيادة الحزب ومؤسساتها التي تتابعها وتحاسب عليها هو ليس مالاً سائباً، وليس مالاً غير معلوم المصادر.
* هل يعني هذا أنني إذا قمت من مكاني هذا، وذهبت إلى المسجل التجاري سأجد شركات مسجلة باسم المؤتمر الوطني؟
- ربما لا يكون بالضرورة هذا صحيح، ولا أعتقد أن هنالك أحزابا تسجل شركاتها باسمها ولكن كل ما يتعلق بقضايا المؤتمر الوطني معلوم ومعروف ولا يوجد سر في السودان.
* ولكن البعض يعتقد بأن هنالك أنبوب تغذية سري بين الحزب والدولة؟
- في هذا العالم المفتوح حيث مصادر الحكومة معروفة بكل جوانبها، وبالرقابة اللصيقة للسودان من أعدائه، وحتى من أصدقائه والحادبين عليه، لا أعتقد أن هنالك أنبوباً سرياً أو ظاهراً يمكن أن يخفى على أحد.
* ما هى أبرز القضايا الموضوعة على طاولة المؤتمر؟
- سينظر المؤتمر في أداء المكتب القيادي والشورى وأجهزة الحزب خلال الفترة الماضية، وسيستمع إلى تقرير عن أداء الجهاز التنفيذي خلال الفترة الماضية، ثم إلى كل المستجدات التي حدثت ما بين إنعقاد المؤتمر العام السابق والمؤتمر التنشيطي القادم. ثم سينظر في عدد من الأوراق أهمها ورقة الموجهات السياسية والرؤية لأداء الحزب والدولة في الفترة القادمة، وهى ورقة تمثل جماعا لخمس أوراق للجان متخصصة كونها المكتب القيادي ثم جُمعت في ورقة واحدة وعرضت على لجان متخصصة أخرى وأجازها المكتب القيادي في إجتماعه الآخير. وبالتالي هى تمثل عصب نقاش المؤتمر ولجانه المختلفة بإعتبارها تمثل موجهات أداء الحزب والحكومة فيما يلى من سنوات.
* الرئيس البشير أعرب أكثر من مرة عن عدم رغبته في الترشح للرئاسة مرة أخرى، هل سيبحث هذا المؤتمر عن مرشح آخر لخلافة البشير؟
-  المؤتمر الذي يناقش قضايا الترشيح والإنتخاب هو المؤتمر الذي يسبق قيام الإنتخابات. ونحن تبقى لنا الآن على الإنتخابات المقبلة أكثر من ثلاث سنوات، وهذا المؤتمر تنشيطي، وبعد عامين إن شاء الله سينعقد المؤتمر العام الذي ينتخب أجهزة الحزب ومرشحيه للمستويات المختلفة بما في ذلك رئيس الجمهورية. أما هذا المؤتمر، فهو غير معني بهذه القضية.
* الآونة الأخيرة أصبح هناك كلام كثير عن توحيد وإدماج الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني في كيان واحد.. هل نتوقع حسم هذا الأمر في المؤتمر؟
- هذا الأمر غير مطروح للنقاش على مستوى المؤتمر العام، ولكن يدور النقاش عنه في مستويات المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية المختلفة كنقاش داخلي وليس نقاشا مؤسسيا. لكن معروف إن المؤتمر الأول بعد الإنقسام أكد أن الواجهة السياسية هى المؤتمر الوطني، وللحركة الإسلامية أهداف أخرى وهناك أدوار أصيلة وتكاملية لكل من الحزب والحركة.
* في ظل الأزمة الإقتصادية وما يحدث في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ألا تخشون في المؤتمر الوطني من هبوب رياح الربيع العربي؟
- أى حزب أو نظام أو حكومة لا يستجيب لكل ما يدور حوله، ولا يبحث عن حلول للمشاكل التي تواجه الدولة والحزب يجانب الصواب. فنحن ندرس كل ما يدور حولنا ونتجاوب معه ونعمل على إيجاد حلول للمشاكل، وبعد ذلك فإن الشعب الذي فوضنا يستطيع أن ينزع منا هذا التفويض عبر صناديق الإقتراع.
* هل اتعظتم بما حدث للأحزاب التي كانت حاكمة في مصر وتونس قبل الثورة عليها؟
- لا يستطيع عاقل أن يرى ما حدث في الربيع العربي ولا يتعظ. وربما يحاول البعض إستغلال ذلك في السودان لدواعي إزالة النظام وهم ربما يعملون على إزالة السودان الحالي من الخارطة، وأنا هنا لا أشير إلى الذين يعملون على التغيير بالوسائل السلمية، وإنما للذين يحملون السلاح وينتهجون وسائل لا علاقة لها بالديمقراطية وإنما القصد منها تحقيق أجندة ومآرب وطموحا شخصية لا يسندها واقع ولا منطق ولا جماهيرية مزعومة، وإن كان ذلك على جثث الأبرياء أو جثة الوطن.
وكثير من خطط التمرد تسندها دول أجنبية وأجهزة مخابرات وبعضها لا تخطئه العين سواء أكان ذلك في تكوينه أو أهدافه العنصرية البحتة. ولكن في النهاية نقول: نحن نعمل ما نستطيع من جهد للحفاظ على أمن الوطن والمواطن وتقديم ما هو مطلوب من خدمات ضرورية. وفي النهاية، الرأي للشعب، وفي النهاية الله سبحانه وتعالى هو الذي يُقدِر الأمور ويؤتي الملك وينزعه مِن من يشاء.
* أصبحتم قدريين فيما يبدو؟
- نحن واقعيون وقدريون.
* على ذكر الواقعية، يرى البعض إن المؤتمر الوطني بالنظر إلى تركيبته هو في الواقع (إتحاد إشتراكي تو)، أو ربما كان في طريقه لأن يكون ذلك الإتحاد؟
- تركيبة المؤتمر الوطني، والقيادات الفاعلة فيه، والبيئة التي تربت فيها تلك القيادات، لاتسمح بإتحاد إشتراكي آخر.. مع إحترامي للإتحاد الإشتراكي كتنظيم.
* ماهى أبرز أخطاء المؤتمر الوطني برأيك؟
- ثقة مفرطة في شريك ربما كان علينا التحسب أكثر لغدره وعدم إلتزامه بالعهود والمواثيق، وأنا هنا أعني الحركة الشعبية التي خانت العهد للعمل من أجل الوحدة، ثم بدأت الغدر من خلال إستهداف السودان وأمنه بدعمها للحركات المتمردة المسلحة التي تهدف إلى زعزعة الأمن وترويع المواطنيين.
* مما يخاف غندور على المؤتمر الوطني؟
- الإنشقاقات الداخلية في الحزب والخلافات حول الأمور الصغيرة.

 

آراء