مع الرئيس البشير بين العام والخاص (1-3)
خليفتي على الرئاسة سيكون من الرموز
لن نغير كل الوزراء في الحكومة الجديدة
هذه قصة بيت رجل الاعمال (...)
هذا ردي على من يتهمونني بالديكتاتورية (...)
إبعاد صلاح قوش أو غيره لا يعني تغيير التوجه
هذه ملاحظاتي على سلبيات الشخصية السودانية (...)
نقلا عن صحيفة السوداني
حوار/ ضياء الدين بلال
diaabilal@hotmail.com
تصوير/سعيد عباس
لفترة ليست بالقصيرة بدأت وتواصلت محاولتنا للفوز بحوار مع الرئيس المشير عمر البشير، كانت كلما صعدت مؤشرات الموافقة جاءت ظروف الطوارئ لتبدد فرحة الانتظار، كثير من القضايا تحتاج لإفادات الرئيس وكثير من الأسئلة العالقة تبحث عن إجابات لا توجد إلا لديه. والرجل لأكثر من أربعة أعوام لم يجرِ حواراً مع صحيفة سودانية. كنت والمصور سعيد عباس نتجاذب أطراف الحديث مع الأستاذ المحترم/عماد سيد أحمد السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية ، بحديقة بيت الضيافة بعد العاشرة مساء. قال عماد إن الرئيس اختار هذا المكان لإجراء الحوار، قلت في نفسي هذا بمثابة إذن بأن يكون الحوار في الهواء الطلق بلا حواجز خارج الغرف والصوالين المغلقة.
كان علي أن أتحمل مسؤولية طرح أهم الأسئلة التي تشغل مجالاً واسعاً في الرأي العام السوداني مهما كانت حساسيتها وما يمكن أن تضعني فيه من حرج. بعد انتظار لم يتجاوز الساعة جاء الرئيس البشير بعد أن أنهى زيارة اجتماعية وتواصلية للسيد /عبد المجيد منصور القيادي الرياضي المعروف، كان الرئيس وبتواضعه الرئاسي البهير وابتسامته المرحابة يصافح الحضور، وبذات بشاشة الاستقبال كانت ردوده على أسئلتنا، تلك الأسئلة التي خشينا أن تذهب بصبر مدير مكتب الرئيس الفريق/طه عثمان الذي كان ممسكاً بزمن الحوار ويرمقنا بطرف خفي، كانت البداية من الجمهورية الثانية.
* سيادة الرئيس البعض أبدى تخوفه من أن الجمهورية الثانية ملامحها تبدو كجمهورية طالبانية، متشددة في النواحي الدينية، وهنالك شواهد يمكن أن تؤكد ذلك؟
= أولا نحن كحركة إسلامية حركة وسطية، نتحدث عن وحدة أهل القبلة.. ونتحدث عن الفقه الواسع، نضع حدوده بين عزائم ابن عمر ورخص ابن عباس، فنحن حينما نتحدث عن السلفية نتحدث عن السلف الصالح فى الخلافة الراشدة ولم نتحدث عن فلسفة مذهبية.
* لكن التيارات السلفية باتت قوية بالداخل، لاسيما أنها باتت تؤثر على اتخاذ القرار؟
= التيار السلفي.. موجود ونشيط ولا خلاف بيننا في الجوهر.
* لا خلاف بينكم في الجوهر لكنكم تخضعون لابتزازه؟
= لا.. نحن الآن لدينا علاقات مع هذه التيارات، فهي الى الآن لا ينطبق عليها صفة (المتشددة).
* البعض يقول إنك كنت في السابق تنتهج الشورى داخل المؤتمر الوطني، لكن الآن بت تنتهج منهجاً شبه دكتاتوري؟
=ضحك=
شواهدهم شنو؟!.. فالبينة على من ادعى.
* الناس باتوا يرددون أن الرئيس أصبح أقوى من حزبه ومتجاوز له في اتخاذ القرارات؟
= غير صحيح، فالحزب حينما ناقش اتفاقية أديس أبابا الأخيرة كنت غير موجود، فهم أبلغوني بقرارهم بعد النظر في حيثيات الاتفاق.
*هل كان يمكن أن تقبل القرار إذا تمت الموافقة عليه من قبل الحزب؟
= إذا المكتب القيادي اتخذ القرار خلاص، فالاتفاقية نوقشت ورفضت وأنا كنت غير موجود، والذي أبلغني بما دار في اجتماع المكتب القيادي هو نافع شخصياً.
* البعض يقول إن الرئيس ذاهب في ذات خطى الرئيس الراحل النميري بالسعي للتخلص من الإسلاميين مثلما تخلص نميري من الشيوعيين؟
= رد متسائلاً:
من هو الإسلامي الذي أبعدته؟! تكوين الحكومة يتم عبر لجنة مكلفة من المكتب القيادي، وأيضا تجاز قرارات هذه اللجنة من المكتب القيادي.
* البعض يرى أن رفضك لاتفاق أديس وعزل الفريق صلاح قوش أضعف صورة القيادات الإسلامية لدى الرأي العام؟
= سيبك من صلاح قوش، نحن اختلفنا مع الترابي وأبعدناه بقرار من مجلس الشورى، فإبعاد شخص لا يعني غياب التوجه، فقوش كان مدير جهاز الأمن، فشيء طبيعي أن يذهب أو يبقى.
* لكن سيادة الرئيس هنالك مخاوف من انقسام جديد داخل المؤتمر الوطني؟
= (ما شايف حاجة زي دي).
* وماذا عن الحديث المتكرر عن التغيير، لاسيما نظرة البعض له بأنه سيكون مجرد تبديل في المواقع وإضافات طفيفة ليس إلا؟
= قطعا ما حنغير كل الحكومة، وهذا نهج كل حكومة جديدة، فيجب ألا يكون التغيير من أجل التبديل بل يجب أن يكون من أجل البحث عن الأفضل.
* هل سيحدد زمن لبقاء المسؤول في المنصب؟
= هذا ما نسعى لوضعه فى الدستور الجديد، مثلا يتم تحديد دورتين للرئيس ومن ثم يذهب.
* نفهم من ذلك أن التغيير لن يكون بنسبة كبيرة داخل التشكيل الوزاري القادم؟
= نعم، لأن الحكومة الحالية تم تشكيلها عقب الانتخابات الأخيرة فتم دفع عدد كبير من القيادات.
* بدأت أصوات تظهر داخل المؤتمر الوطني تنادي بالضغط عليك للاستمرار كرئيس؟
= فترتي الرئاسية تبقى لها اربع سنين فما معروف الذي يمكن أن يحدث في هذه الفترة، وسيبك من الناس ما تنسى إني أنا بعد اربع سنوات حأكون تميت ستة وعشرين سنة فى الحكم وهذا ليس ببسيط في حكم دولة كالسودان – السنة فيها بعشر سنوات-.
=ابتسم=
* حديثك لصحيفة الشرق القطرية بأنك ستخلف بعدك أحد الشباب، فتح الباب واسعاً للتكهنات والجدل؟
= اولا، هذا رأي الحزب. الدفع بالشباب، لأن بالحزب زمرة من الشباب المؤهلين، لكن في النهاية صاحب القرار الذي سيحدد الشخص الذي سيرشحه الحزب لرئاسة الجمهورية هو المؤتمر العام للمؤتمر الوطني – لا أنا ولا أي جهة تانية-.
* مفهومك للشباب هل من الزاوية العمرية أم ماذا؟
= أنا أتكلم عن صف ثاني، لأنه إذا قلنا شباب يعني من هم دون الأربعين. طبعا لا يمكن أن يوافق الناس على شخص عمره ثلاثين سنة كرئيس للجمهورية، فقطعا الشخص القادم سيكون من الرموز والقيادات داخل الحزب.
* هل ستتدخل في المسألة بغية ترجيح كفة شخص بعينه؟
= ابتسم=
= أبدا، لن أتدخل وستكون انتخابات حرة، أنا نفسي لن أقوم بتحديد من يخلفني، فأنا حكمت الناس كفاية.. ولا يمكن أن أحكمهم عبر شخص بزاوية أخرى أو عبر شخص آخر.
* هنالك شكوى من المواطنين جراء ارتفاع الأسعار وعدم تدخل الدولة للحد من تأثيرات ذلك؟
= ارتفاع الأسعار ارتفاع عالمي، فأضرب لك مثالا بالسكر قبل أربع سنين كان سعر الطن الواحد أقل من مائتي دولار الآن وصل سعره ألف دولار.
*هل تتابع أوضاع السوق عبر التقارير الرسمية أم بشكل شخصي ومباشر؟
= أنا عايش وسط المجتمع، وعندي أهلى فقراء، ولكن واحد من المشاكل التى نخشى وقوعها حديث البعض عن تدخل الدولة لدعم الأسعار، وهذا أسوأ حاجة يمكن أن تعملها الدولة وهذا يعني الدعم غير المباشر وأنا أعتبره ظلما للفقراء وظلما للدولة لأنك تدعم الاستهلاك والمستهلكين هم أصحاب الدخل العالي. أنا مثلا لو دعمت البنزين، فالذي يستخدمه هم أصحاب السيارات من المستطيعين على حساب الفقراء. وإذا دعمت السكر من الذي يستخدم السكر أكثر الفقير أم الغني.
* سيادة الرئيس كيف تتعامل مع الشائعات؟
= الشائعات أصلها مستمرة ولن تتوقف، في بعض المرات هنالك نوع من الإشاعات يصورها البعض وكأنها حقائق، في هذه الحالة أطالب الأجهزة المختصة بتأكيد المعلومة.
* وماذا عن الشائعات المتعلقة بشخصك؟
= أحتسب لله تعالى، وما حصل حاسبت شخص اتهمني أو اتهم أحد إخواني الذين كثر الحديث عنهم بجانب زوجتي، وآخر شائعة قالوا إن زوجتي اشترت منزل الأمين الشيخ مصطفى الأمين قلت لهم الزول عرف البيت ملك الأمين والأمين باع البيت بـ(6) ملايين دولار ما يكون عارف المشتري منو؟! بعد هذا يقال المشتري زوجة الرئيس.
* ملاحظاتك على الصحف ومواقع الانترنت؟
= الصحافة السودانية محتاجة الى مزيد من التجويد والمسؤولية بحيث ما يكون هدفها الترويج للصحيفة وتوزيعها، فالصحافة سلطة رابعة، والسلطات لابد أن تتكامل لدفع الدولة الى الأمام ويجب ألا يكون هنالك سلطة تهدم.
* هل تضيق بنقدها؟
= هنالك نقد موضوعي ونقد بناء ولا ندعي الكمال والناس دائما تتطلع الى تقديم الحكومة أفضل مما تقدمه الآن دون النظر الى الإمكانيات المتاحة.
* وماذا عن تأثيرات الثورات العربية، ألا يمكن أن تنتقل عدواها الى السودان؟
= لا توجد دولة محصنة من خروج المواطن للشارع، ولكن هنالك ظروف تضبط هذا، لكن حزبنا يمتلك قاعدة جماهيرية حقيقية وسط الشباب والطلاب.
* كيف تنظر للمصير الذي آل إليه مبارك وزين العابدين بن علي؟
= هؤلاء لم يكونوا يمتلكون قواعد جماهيرية حقيقية ولا أحزاب حقيقية مثل حزبنا، فحزبنا لديه شباب وطلاب وهؤلاء أهم فئتين.
* تابعت محاكمة مبارك؟
= نعم.
* ما رأيك فيها؟
=( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
* كيف يتم التواصل بينك والشباب ؟
= من خلال تنظيماتهم، وفعالياتهم، وأنا غير منعزل.
* من وحي تجربتك في الحكم ما هي ملاحظاتك على الشخصية السودانية؟
= طبعاً الشعب السوداني شعب طيب، به صفات ممتازة كثيرة جدا، لكن أقول إن الاجتماعيات رغم محاسنها الكثيرة جدا التي تميز الشعب السوداني عن بقية الشعوب، لكنها تحوي كذلك على كثير من المساوئ لأنها تعطل العمل والإنتاج ومكلفة، فالمدن العالمية بعد ساعات العمل بساعة لا تجد حركة، وساعات الذروة معلومة (وقت الذهاب والعودة)، لكن هنا ساعة الذروة بعد المغرب، وكل المواطنين المتحركين في الشارع تجدهم ذاهبين الى قضاء مجاملات، حقيقة هذه المجاملات تستهلك جهد وزمن ومال.
* أنت شخصيا سيادة الرئيس هل تشعر أن كثرة المجاملات مؤثرة على عملك؟
= طبعا هي جزء من الأعباء، لكن هي من أهم قيم الشعب السوداني وهي تمنحه طعم ورائحة غير موجودة في أي دولة أخرى، وأنا عايشت تجربة حياة خارج السودان فقدت فيها التواصل الموجود هنا.
* كيف تنظر للسودان بعد عشرين عاما ؟
= سيكون في موقع متقدم جدا وفي طليعة الدول، لأن كل عناصر النهضة والقوة والتقدم هي الآن متوفرة وبكثرة.
في الحلقة القادمة:
(السوداني) مع الرئيس البشير بين العام والخاص (2-3)
لا يوجد مفسدين كبار في الدولة.
أنا راضٍ عن أداء الأجهزة في مكافحة الفساد.
الإعلام لا يتحدث عن محاكمات المعتدين عن المال العام.
في قضية سوداتيل (أتحدى من يقول إنو في زول شال قروش).