مع الرئيس في ربيع ثورة مصر (3/2) … بقلم: عادل الباز

 


 

عادل الباز
13 March, 2011

 


في الحلقة السابقة قلت: إن قراءة الثابت والمتحول بعد الثورة في مصر يستحق زيارة خاصة من القيادة السودانية للقاء الفاعلين في المجلس العسكري والسلطة الانتقالية والأطياف السياسية بمصر، وبالفعل جاءت الزيارة في وقتها، وقد سبق الرئيس البشير للقاهرة الرئيس التركي عبد الله غول. هكذا دائما الدبلوماسية التركية الفاعلة لا تعرف التردد في اتخاذ المواقف السياسية الصحيحة.
المحطة الأولى التي بدأ فيها قراءة المشهد السياسي كان المجلس العسكري الذي تولى السلطة في أعقاب الثورة. زهاء الساعة ونصف الساعة قضاها الفريق البشير في اجتماع مغلق مع قيادات المجلس، ولكن لم يتسرب شيء مما دار سوى تصريحات صحفية لا تفصح عن شيء.
 في لقاء مع الرئيس سألناه ـ أنا والأستاذ النور رئيس تحرير الصحافة ـ حول ما جرى في اجتماع المجلس، فقال: إنه استمع لتطورات الأوضاع في مصر في أعقاب الثورة، ولم يزد. ولكن يبدو أن المجلس استمع لنصائح البشير التي تقدم بها للمجلس، أهمها ـ بحسب الرئيس في المجال الأمني ـ إذ ذكَّر الرئيس بتجربة السودان في حل جهاز الأمن في أعقاب ثورة السادس من أبريل العام 1986، حينها أصبح السودان مكشوفا تماما جراء حل الجهاز دون تمييز. ولذا جاءت النصحية بالإبقاء  على الجهاز وتطهيره وإصلاح حاله بدلا عن كنسه، لأن ذلك من شأنة أن يعرض  الأمن القومي المصري للخطر. قدم السيد كرتي بعد وصولنا الخرطوم إفادات جديدة، إذ اتضح أن نقاشا جديا قد جرى حول الحريات الأربع، وتم الاتفاق حول تنشيط اللجان بأعجل ما يمكن، واتضح أيضا أن نقاشا قد حدث في موضوع الموقف من مياه النيل. ولا شك أن هذه القضايا  هي  على رأس الأجندة، ويبدو أن الدعوة التي وجهها السيد الطنطاوي للرئيس البشير بغرض مناقشة هذه الأجندة العاجلة لمصر. التحركات المقلقة لدول حوض النيل بعد توقيع بورندي  على الاتفاقية جاء في وقت تنشغل فيه مصر بتداعيات ثورتها، وهو موقف يحتاج لوقت وجهد للتعرف  على دقائق الملف والتوافق حوله, والدولة الوحيدة التي بإمكانها أن تقوم مقام مصر أو تنوب عنها لتعطيل أي خطوت متقدمة في هذا الملف ريثما تستعيد مصر عافيتها السياسية هي السودان.
مما يجدر الإشارة إليه هو البعد الاقتصادي للزيارة، وقد كان واضحا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين جمدت في عهد النظام السابق لأسباب كشف عنها البشير في لقائه بفعاليات الأحزاب  التي التقاها في منزل سفير السودان بمصر. قال البشير إن عرض السودان لمصر لزراعة  قمح في شمال السودان بمنطقة أرقين قد رفض بسبب فيتو أمريكي، وأن ذلك الموقف قد قيل لهم صراحة إن أمريكا ترفض مثل هذا الاستثمار. في هذه الزيارة يبدو أن التقدم الوحيد الذي أحرز هو إطلاق سراح اللجان المجمدة والتي كانت تناقش قضايا الحريات الأربع. دعا الرئيس البشير لعودة البورصة المصرية للتداول، وطرح الاهتداء  بالتجربة الماليزية والتي حين مرت بفترة اضطرابات اقتصادية قرر مهاتير منع إخراج الدولار من ماليزيا، وبذلك حافظت ماليزيا  على اقتصادها من الانهيار.
كان ملفتا لقاء الرئيس البشير بقادة الإخوان المصريين لوحدهم لاستطلاع رأيهم حول ما يجري بمصر، فما هي الرسالة التي ترمي لها القيادة السودانية من وراء الخطوة؟ لم أحصل  على إجابة مقنعة عن هذه الخطوة. رغم أن البشير التقى بالأحزاب الأخرى، ولكن لقاء مرشد الإخوان الأستاذ بديع يشي بأن هناك رسالة محددة ترى القيادة السودانية إبلاغها لواحد من أهم اللاعبين السياسين في مصر فما هي؟.  نفى الرئيس البشير في لقائنا معه أن للجيش المصري مرشحا محددا للرئاسة الجمهورية، بل قال إنهم لا يرغبون في الاستمرار في السلطة أكثر من ستة أشهر. هل سأل الرئيس البشير عن صحة حسني مبارك؟ وماذا قال طنطاوي؟.

 نلتقي

 

آراء