مع النائب الأول فى المحروسة (4-4)
عادل الباز
20 October, 2011
20 October, 2011
كل خيرات الأرض...ومصر هناك.... ومع ذلك.!ّّّ!
20/10/2011
اليوم نطوي ملف زيارة النائب الأول لمصر. تأملت مجريات الزيارة بعد العودة للخرطوم وحاولت أن أرى ما يمكن أن تتمخض عنه على أرض الواقع في مقبل الأيام. إذ إن هذه الزيارة الثالثة لمسئول سوداني رفيع إلى مصر بعد الثورة، فما الجديد؟. هل يمكن أن تتمخض هذه الزيارة بالفعل عن نتائج ملموسة ولماذا؟.
في تقديري أن بإمكان الزيارة أن تصنع واقعا مغايرا، فمصر ما قبل الثورة ليست هي مصر الآن. الأجواء الآن بالقاهرة مختلفة وإيقاع الحياة نفسه والآمال والمطامح غير. مصر تضج الآن بحراك سياسي حر طليق وتتنفس هواءً نقياً غير ملوث بالوساوس والدسائس ولا تتحكم فيه فئات تعلي مصالحها الخاصة على مصالح الشعب. الآن تحاول مصر النهوض لصنع تاريخ جديد لا يخصها فحسب بل يخص المنطقة كلها. ذكر النائب الأول في حديثه للنخب أن ما يجري في مصر تتأثر به الأمة فإذا ما نهضت مصر سينهض العالم العربي من ورائها. فمصر كانت تصنع ثقافة المشرق والمغرب العربي وتحدِّد خياري الحرب والسلام في المنطقة وبيديها كل المفاتيح الاستراتجية. عودة الوعي لمصر في هذا الزمان يعني أن الأمة كلها استعادت وعيها. مصر اليوم مفتوحة لشكل جديد من أشكال العلاقات وإذا سعى الآن السودان لاستغلال الأجواء الإيجابية وصنع علاقات مع القوى الناهضة والجديدة في مصر ما بعد الثورة فذلك من شأنه أن يحقق المصالح المشتركة على رؤى وتفاهمات جديدة تتجاوز ما كان يجري من (لت وعجن) عبر السنين، وخاصة في ماعرف بملف الحريات الأربع التي طبقها السودان بنسبة 90 % ولا زالت مصر تتلكأ في إنفاذ تلك الحريات.
استغلال المناخ العام في مصر الآن ليس لتحقيق إنجازات كبرى إنما لوضع أسس مستقبلية. فمصر الآن مشغولة خلال ثلاثة أو أربعة الأشهر القادمة بترتيب بيتها من الداخل. فالانتخابات على الأبواب ولا يزال الجدل السياسي محتدما حول كثير من القضايا غير ما يجري من تفجيرات لبؤر وملفات قابلة للاشتعال مثل ملف الأقباط. مشاغل مصر الآن ينبغي ألا توقفنا عن متابعة وضع اللبنات اللازمة، فمتى ما استقرت الأحوال السياسية فبإمكاننا أن نبدأ العمل دون انتظار طويل لوضع الدراسات والخطط اللازمة التي يفترض أن تعد منذ الآن.
بعد عودتنا من القاهرة دعانا النائب الأول لتقييم الزيارة، وقد جمع الوفد الذي رافقه وتم تقييم الزيارة وحددت الملفات والتكليفات المنوطة بكل جهة بمواقيت يتابعها فريق مكتب النائب الأول الذي يتكون من طراز رفيع من الإداريين. هذا ما يجعل المرء يطمئن على أن النتائج التي أسفرت عنها تلك الزيارة لن تذهب أدراج الرياح بل إن العمل لإنفاذها قد بدأ بتلك المتابعة اللصيقة من مكتب النائب الأول. وستشهد الأسابيع القادمة وصول وفود من المستثمرين المصريين من القطاع الخاص ومسئولين حكوميين. سيبدأ السيد مدير البنك الأهلي المصري طارق عامر زيارته اليوم للسودان لبدء إنشاء البنك الأهلي المصري.
حتى لا تضيع الملفات في زحمة التحركات الخارجية التي ينهض بها السيد النائب الأول لا بد من استحداث آلية للمتابعة متخصصة ومتفرغة بين البلدين لمعالجة الإشكالات التي تطرأ، ومقاتلة سوس البرقراطية الذي سيأكل كل الجهود إذا ما ترك أن يعمل دون رقابة ومتابعة من الطرفين. الرهان الأكثر جدوى في تقديري أن ينهض القطاع الخاص بالدور الأساسي في دفع حركة التنمية بين البلدين فالحكومات دائما يقتلها الكسل، ومشاغلها السياسية غالبا ما تأخذها بعيدا عن متابعة الحركة الاقتصادية بمثل ما يمكن أن يفعل القطاع الخاص.
هناك بعدان يحتاجان لتعزيز في العلاقات الثنائية حالياً هما الثقافة والرياضة. هذان الملفان مهمان لوضع العلاقات في أفق مستقبلي لا نجعلها ماضوية محنطة. فتفاعل الشعبين من خلال التواصل عبر إدارتين كالرياضة والثقافة تمتازان بأبعاد شعبية وجماهيرية مهمة لحشد قوى دافعة للعلاقات بين البلدين وبإمكانهما أن يوفرا عمقا شعبيا لأي علاقات متطورة بين البلدين، الآن وفي المستقبل.