أصل الحكاية
أول لقاء جمعني مع الراحل عبدالمجيد منصور كان بعد حوار شهير أجريته بصحيفة (المشاهد) مع نهايات القرن الماضي ( 1998تقريبا) مع نجم فريق الهلال السابق هاشم تيه الشهير (بكندورة) وقد ألقي الحوار بظلال علي فترة هلال 1987وتفاصيل دقيقة عن تلك الفترة وأحدث الحوار وقتها ردود فعل واسعة وإرتبطت هذه الفترة بمجلس عبدالمجيد منصور وبعد إكتمال حلقات الحوار ( كان عدد من الحلقات) جاءني بمقر الصحيفة (القديم) من يخبرني أن السيد عبد المجيد منصور يرغب في مقابلتي بمكتبه بالبنك الأهلي السوداني وكان وقتها المدير العام للبنك وبعد أخذ ورد عن السبب وراء هذا الطلب جاءني الرد أنه يريد توضيح بعض الحقائق حول ماورد في الحوار .. فذهبت وقابلته ومن أول وهلة وكنت وقتها في البدايات كما يقولون مع مهنة المتاعب أزال عني رهبة اللقاء الأول ودخل معي في نقاش مفتوح مقدما شخصية مرتبة للغاية (فكريا) إسمتعت كثيرا وتحدثت قليلا وغادرت دون أن نتفق علي شيء وتوالت اللقاءات بيننا حول الحوار وماجاء فيه ..
وإتفقنا في أكثر من موعد علي حوار يفند فيه ماجاء في حوار (كندورة) ولكن لأسباب مختلفة لم تكتمل ترتيبات الحوار .. ومن الأشياء التي إحترمتها في الراحل المقيم وتعلمتها منه إحترام الموعد والإعتذار في حال حدث مايحول دون الإلتزام به وأذكر أن الرجل حضر إلي الصحيفة أكثر من مرة ليعتذر بنفسه عن موعد إتفقنا عليه مسبقا.
ومن هنا توثقت علاقتي مع الرجل وإتفقنا وإختلفنا كثيرا ولكن بعقل وإحترام كامل للرأي والرأي الآخر رغم ماكان يتردد عن صرامته إلا أن تجربتي الشخصية معه كانت ثرة للغاية وأجريت معه عدد كبير من الحوارات الصحفية في معظم الصحف التي عملت بها رياضية وسياسية منها حوارات مشتركة مع أساتذة شغلوا منصب رئيس التحرير منهم الأستاذ عبدالمنعم شجرابي والاستاذ محمد أحمد دسوقي ..
كانت للراحل آراء واضحة وجريئة (نظريا) حول المؤسسية والمنهج في العمل الإداري سواء كان في الأندية أو الإتحاد العام ( المسؤول الأول عن إدارة النشاط) ..وكانت مواقفه مباشره في كثير من القضايا التي تعتبر جزء من ثقافتنا الكروية ألا يمر موسم دون الدخول في صراعات ومعارك (معظمها مفتعل) ..
كان من أحلامه أن تدار المؤسسات الرياضية (بفكر) ومؤسسية وأن ينعتق الوسط الرياضي من جيوب الأفراد وهيمنتهم وفكرهم الآحادي ونشر رؤاه حول هذه الموضوعات من خلال المقابلات والكتابات في الصحافة الرياضية ولكنه غادر قبل أن يتحقق هذا الحلم فمازالت العقلية الفردية هي المسيطرة علي العمل الإداري في مؤسساتنا الرياضية ومازلنا نعاني من تخلف المفاهيم والنظرة للرياضة كأهداف ومباديء وقوانين ولوائح .
فقد الوسط الرياضي برحيل عبدالمجيد منصور رجل محترم بكل ماتحمل هذه الكلمة من معني إتفقت أو إختلفت معه رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء .
أتمني الإستفادة من الإرث الذي يتركه لنا مثل هؤلاء الرجال من القيادات الرياضية بتطوير الإيجابيات ودعمها وأن نستفيد من السلبيات بالتعمق فيها بالبحث والتحليل .
وأتمني أن يصفو الوسط الرياضي وأن تزال كل الرواسب والخلافات السطحية وألا تتم المتاجرة بالخلافات الشخصية بإلباسها ثوب الكيانات العامة وأتمني أن يكون الإعلام بمستوي المهنة ويترفع عن تبني أجندة الأفراد والدفاع عنها فماقرأته من الأمس لليوم بعد البيان الفضيحة للهلال والمريخ جعلني أرثي لواقع بعض الأقلام اكدت وبما لايدع مجالا للشك أنها تقوم بأمر وتجلس بتوجيه .
ورحم الله عبدالمجيد منصور
hassan faroog [hassanfaroog@hotmail.com]