لا أحد يعرف ماجرى لعزازيل بعد أن مضى القس هيبا حرا!! كما لا أحد يعرف ما سيجري للدكتور لام أكول بعد بيان الفتى ماثيو وتصريحات الفتى عقار!! لعله سيمضي هو الآخر حُرا مسجلا أهم انتصاراته السياسية بسجن الخرطوم شمال!!.
كنتُ قد رافقت أو رافقني عزازيل ثلاث ليالٍ أقلقني فيها أشد القلق، وأحال فيها أيامي الثلاثة بالشمالي الى ليالٍ ليلاء. عزازيل هو شيطان يوسف زيدان، الكاتب المصري الذي سمّى باسمه الراوية التي فازت الأسبوع الماضي بجائزة البوكر. سأقص عليكم قصص عزازيل وهيبا مع أوكتافيا وهيباتا ومرتا ونسطور، وهي شخصيات أبدع في تصويرها يوسف زيدان. سأقص عليكم ما أغوى به عزازيل القس هيبا فأنزله من سماوات الرهبان الى عوالم الجنس والجسد.
ولكن قبل ذلك أو لعله بين ذلك، سأسرد عليكم فى هذه الحلقة من هذه المقالات بعضا من تأملاتي ونظراتي، وأنا على بلاط صاحبة الجلالة بالقسم الشمالي.!!
تأملت فيما أغوى به عزازيل دكتور في قامة لام أكول ليهوي بالخصومة السياسية الى قاع سحيق من الأحقاد والمطامع المادية، مهدرا قيما راسخة بين السودانيين في التسامح والعفو والتجاوز.
أطلت التأمل أيضا فيما ما أغوى اتحاد الصحفيين، فسوّلت له نفسه الأمّارة بالسوء، ألا يعير (المجدوعين) من عضويته في السجن أدنى اهتمام لا بالزيارة وتفقد الأحوال، ولا حتى ببذل قيمة مكالمة هاتفية. وهو واجب تفرضه الزمالة الحقة قبل مسئولية الاتحاد الأخلاقية عن أحوال وأهوال عضويته.
نظرت في مضمون التضامن الشكلاني للقوى السياسية مع الصحفيين، بتقديم خدمات شفاهية تتوقف عند الدعم المعنوي دون أن تتجاوزه لأفعال بإمكانها أن تشكل شبكة حماية مادية وقانونية للصحفيين، خاصة وأن الصحف هي لسان حال لأحزاب كثيرة، كان سيصيبها الخرس لولا مجهودات الصحفيين في استنطاقها ونفخ الروح فى عظام بعضها، ويشهد الله أنها رميم.
تأملت في أحوال الصحفيين ومستوى تضامنهم مع بعضهم، ومقدراتهم ذاتها على التضامن, نظرت لأحوالهم كلها فرأيت عجبا!!. لاشيء يحميهم من غوائل الزمان فإذا أفلست مؤسساتهم تشردوا، وإذا اغتنت استبدّ بهم الفقر ولم يحصدوا شيئا. لامستقبل مضمون أو آمن ينتظرهم، ولابيئة صالحة تساهم في بناء قدراتهم المهنية!! أتمنى أن تكون الأخيرة، فليست لديّ أدنى رغبة في أن أصبح مناضلا آخر عمري سامع الكلام ده ياوراق؟.
لوراق قصص عجيبة سأحكي لكم منها الليلة قصة محمد لطيف صاحب ورئيس تحرير جريدة الأخبار الغراء. للحاج وراق تصنيفات عجيبة أستمتع بها جدا، فمثلا هو يصنفني أنا إسلامي مستنير ولكن غير ديمقراطي. ولم أعرف الفرق. وكنت أود أن أستثمر الثلاث ليالي فى بلاط السجن لأعرف كنه هذه التصنيفات العجيبة، على أنه بعد زيارة لمحمد لطيف لنا في القسم الشمالي اكتشفت أن الحاج يصنف محمد لطيف كمناضل ديمقراطي، فازدادت حيرتي من تصنيفات الحاج وراق “القاطعا من راسو”!!. قلت في نفسي ياربي محمد لطيف ده ديمقراطي كيف، وكل الأخبار تؤكد عكس ذلك.!! ثم أين ناضل محمد لطيف وضد منو؟ ياربي ناضل ضد نسيبو ولاضد قريبو عبد الرحيم؟. والله ياوراق عندك محن. أسال الله أن يمتعني بإسلاميتي واستنارتي ويبعدني عن الديمقراطيين المناضلين الغاوين، أمثال محمد لطيف الذي من المؤكد أنه “سيطربق الأخبار فوق راسي”!! قولوا يالطيف.
غدا أواصل حكايتي مع عزازيل