مفتاح مشاكل السودان الثقة بالنفس
بشير عبدالقادر
17 August, 2021
17 August, 2021
في يوم أمس الموافق 15/08/2021م و في اول مباراة ملاكمة محترفين يخوضها ابن روبرت والش وابن رشيدة محمد علي كلاي ؛ انتصر حفيد كلاي على منافسه جوردان ويكس بولاية اكلاهوما الامريكية في مباراة استغرقت اقل من دقيقتين .
طالعت الخبر في الانترنت و رغم انني لست من هواة الملاكمة وشدني اسم الملاكم لمشاهدة الفديو؛ رغم فوز حفيد كلاي او من اطلقت عليه "كلاي الصغير" ولعل تسميتي له بكلاي الصغير تثبت لي حق الملكية في التسمية، وتعود علي بالدعوات الطيبات الان وشوية كم مليون دولار من "الضحاكات" يوما ما!!!
لم يلفت نظري في تلك المباراة او"المضاربة بالبونية" سوى الكلمتين المكتوبتين باللغة العربية على الكتف الايمن من الصدر العاري لحفيد كلاي وتبينتها عن قرب فوجدت انه كتب "الثقة بالنفس"!!!شدتني تلك العبارة وتفكرت فيها مليا ووجدت ان أس او أصل مشكلة "مشاكل" السودان هي انعدام الثقة بالنفس، والثقة بالمواطن الاخر!!!
ولعل اول ما يولده او ينتجه عدم الثقة بالنفس هو عدم الثقة بالاخر،؛ ولذلك يحدث عدم الاتفاق وعدم التعاون من الامور فيحدث الاختلاف ثم التأمر، وخاصة في الجانب السياسي.
كل الوقائع السودانية المريرة ترجع لعدم الثقة بالاخر السوداني ، ويمكننا ان نأتي بإستدلالات كثيرة من التاريخ السوداني منذ بداياته مرورا بالفترة المهدية وغيرها ولكن يمكننا الاكتفاء بإدلة أكثر قربا لعل بعض اصحابها ما يزالون على قيد الحياة ويمكنهم ان يؤكدونها او على العكس ينفوها وبذلك نكون اكثر صدقا وواقعية.
لنأخذ مثال قريب جدا، عند اختلاف حزب الامة والاتحادي طلب السيد عبدالله خليل من الفريق عبود في 1958م ان يتدخل و يقوم بانقلاب عسكري ويستلم الحكم ، وهو أمر يوضح عدم الثقة في الاخر - من السياسيين- .
عندما حدث انقلاب نميري في 1969م، كان من ضمن أسبابه الرئيسية تعديل الدستور في البرلمان مرتين من اجل حل الحزب الشيوعي في 18/11/1965م و( وفي جلسة 16 ديسمبر تقدم حسن الترابي بمسألة مستعجلة تقول : إنه من رأي هذه الجمعية أن تقرر أنه بحكم الدستور والقانون قد سقطت العضوية من الأعضاء الشيوعيين الثمانية)، مما أدى الى تحالف الحزب الشيوعي بعدها مع تنظيم الضباط الاحرار مع الدعم المصري الناصري ، عندما وقع السيد محمد عثمان لميرغني اتفاقه مع جون قرنق في 1988م بأديس أبابا ورفض الصادق المهدي لتلك الاتفاقية من باب عدم الثقة في الاخر-الغيرة السياسية- ووصفوها بأنه اتفاقية استسلام ، ثم حدث انقلاب الانقاذ بقيادة الاخوان المسلمون والبشير في 1989م ، عاد الاستاذ على عثمان في 2005م وقام بتوقيع نفس الاتفاق مع جون قرنق "اتفاقية نيفاشا" بل إن اتفاق محمد عثمان الميرغني افضل لانه لم يتطرق لحق تقرير المصير لجنوب السودان عبر الاستفتاء مما قاد لانفصال جنوب السودان.
يمكننا القفز في الاستدلالات على ضعف ثقة السياسيين في انفسهم وفي الاخر ، لنستدل بأخر الاحداث السياسية الدالة على ضعف الثقة في النفس والثقة في الاخر!!! دعونا ننظر لتصريحين للسيد مني اركو مناوي والتي من بينها "أنا أكثر زول اتضررمن المؤتمر الوطني ومافي زول بقدر يزايدني خالص"!!!
ثم نجده يخطب في دارفور خلال الايام الماضية وهو يخطب في دارفور قائلا" احنا دائرين سلام لكن انتو ما دايرين سلام....هذا التقسيم احنا وانتو ، احنا- دارفور-، وانتو - باقي السودان- ، تشتم منه عدم الثقة في الاخر وينحدر الى مستوى تجريم الاخر إن لم نقل كراهية الاخر.
لعل الطامة الكبرى كانت في تصريح مناوي امس الموافق15/08/2021م، ورفضه عضوية الآلية الوطنية التي اقترحها السيد رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك قائلا عبر تغريدة على حسابه بتويتر،" قبل قليل ورد إسمي ضمن آليات تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء التي دعمناها وعلقنا عليها أملنا في أن تكون مبادرة موطنية تنفتح على تمثيل حقيقي لمكونات الشعب السوداني...إلا أنها جاءت على هوى مستشاره السياسي. لذلك أشكر رئيس الوزراء على ثقته واعتذر أن أكون جزءا منها"، لانها توضح عدم الثقة في رئيس الوزراء بحجة ان خلف إقتراحه المستشار السياسي أي ياسر عرمان!!!
اعتقد ان وجود حركة مسلحة في اقليم دارفور وحوالي اكثر من جهة سياسية تتحدث باسم دارفور في حد ذاته يوضح عدم الثقة في الاخر ولو كان من ابناء الاقليم او من نفس القبيلة وعدم الثقة هذا يرجع ايضا لعدم الثقة في النفس وعدم الثقة في الأخر.
اذن من بين اهم آليات الاصلاح في السودان عامة وفي دارفور خاصة، هو اعادة زرع الثقة في النفس والثقة في الاخر والثقة في الشعب، وبالطبع كل تلك الثقة مردها وأساساها هو الثقة بالله.
أرجو ان يكون اعجابنا غير المحدود بالمرحوم الملاكم محمد علي كلاي دافعنا لأخذ الدرس من حفيده وشعاره "الثقة في النفس" وممارسة ذلك الشعار قولا وتطبيقه فعلا، فينتصر الشعب السودان في السنوات القادمة كما انتصر حفيد كلاي في معركته في دقيقتين.
أنشد د. عوض عثمان محمد سعيد.
"الشعب لازم
يكون محاذَّر.
ما يجيهوا زولاً
من فـوق متلِّب،
داير الكراسى،
يقعـد عليها
ويخدم مصالحوا.
###
بالله يلاّ
يلاّ... يلاّ
خلونا نبدأ
ونقلَّع حقوقنا.
فالدرب باين
والنصر قرّب".
wadrawda@hotmail.fr
/////////////////////////////////
طالعت الخبر في الانترنت و رغم انني لست من هواة الملاكمة وشدني اسم الملاكم لمشاهدة الفديو؛ رغم فوز حفيد كلاي او من اطلقت عليه "كلاي الصغير" ولعل تسميتي له بكلاي الصغير تثبت لي حق الملكية في التسمية، وتعود علي بالدعوات الطيبات الان وشوية كم مليون دولار من "الضحاكات" يوما ما!!!
لم يلفت نظري في تلك المباراة او"المضاربة بالبونية" سوى الكلمتين المكتوبتين باللغة العربية على الكتف الايمن من الصدر العاري لحفيد كلاي وتبينتها عن قرب فوجدت انه كتب "الثقة بالنفس"!!!شدتني تلك العبارة وتفكرت فيها مليا ووجدت ان أس او أصل مشكلة "مشاكل" السودان هي انعدام الثقة بالنفس، والثقة بالمواطن الاخر!!!
ولعل اول ما يولده او ينتجه عدم الثقة بالنفس هو عدم الثقة بالاخر،؛ ولذلك يحدث عدم الاتفاق وعدم التعاون من الامور فيحدث الاختلاف ثم التأمر، وخاصة في الجانب السياسي.
كل الوقائع السودانية المريرة ترجع لعدم الثقة بالاخر السوداني ، ويمكننا ان نأتي بإستدلالات كثيرة من التاريخ السوداني منذ بداياته مرورا بالفترة المهدية وغيرها ولكن يمكننا الاكتفاء بإدلة أكثر قربا لعل بعض اصحابها ما يزالون على قيد الحياة ويمكنهم ان يؤكدونها او على العكس ينفوها وبذلك نكون اكثر صدقا وواقعية.
لنأخذ مثال قريب جدا، عند اختلاف حزب الامة والاتحادي طلب السيد عبدالله خليل من الفريق عبود في 1958م ان يتدخل و يقوم بانقلاب عسكري ويستلم الحكم ، وهو أمر يوضح عدم الثقة في الاخر - من السياسيين- .
عندما حدث انقلاب نميري في 1969م، كان من ضمن أسبابه الرئيسية تعديل الدستور في البرلمان مرتين من اجل حل الحزب الشيوعي في 18/11/1965م و( وفي جلسة 16 ديسمبر تقدم حسن الترابي بمسألة مستعجلة تقول : إنه من رأي هذه الجمعية أن تقرر أنه بحكم الدستور والقانون قد سقطت العضوية من الأعضاء الشيوعيين الثمانية)، مما أدى الى تحالف الحزب الشيوعي بعدها مع تنظيم الضباط الاحرار مع الدعم المصري الناصري ، عندما وقع السيد محمد عثمان لميرغني اتفاقه مع جون قرنق في 1988م بأديس أبابا ورفض الصادق المهدي لتلك الاتفاقية من باب عدم الثقة في الاخر-الغيرة السياسية- ووصفوها بأنه اتفاقية استسلام ، ثم حدث انقلاب الانقاذ بقيادة الاخوان المسلمون والبشير في 1989م ، عاد الاستاذ على عثمان في 2005م وقام بتوقيع نفس الاتفاق مع جون قرنق "اتفاقية نيفاشا" بل إن اتفاق محمد عثمان الميرغني افضل لانه لم يتطرق لحق تقرير المصير لجنوب السودان عبر الاستفتاء مما قاد لانفصال جنوب السودان.
يمكننا القفز في الاستدلالات على ضعف ثقة السياسيين في انفسهم وفي الاخر ، لنستدل بأخر الاحداث السياسية الدالة على ضعف الثقة في النفس والثقة في الاخر!!! دعونا ننظر لتصريحين للسيد مني اركو مناوي والتي من بينها "أنا أكثر زول اتضررمن المؤتمر الوطني ومافي زول بقدر يزايدني خالص"!!!
ثم نجده يخطب في دارفور خلال الايام الماضية وهو يخطب في دارفور قائلا" احنا دائرين سلام لكن انتو ما دايرين سلام....هذا التقسيم احنا وانتو ، احنا- دارفور-، وانتو - باقي السودان- ، تشتم منه عدم الثقة في الاخر وينحدر الى مستوى تجريم الاخر إن لم نقل كراهية الاخر.
لعل الطامة الكبرى كانت في تصريح مناوي امس الموافق15/08/2021م، ورفضه عضوية الآلية الوطنية التي اقترحها السيد رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك قائلا عبر تغريدة على حسابه بتويتر،" قبل قليل ورد إسمي ضمن آليات تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء التي دعمناها وعلقنا عليها أملنا في أن تكون مبادرة موطنية تنفتح على تمثيل حقيقي لمكونات الشعب السوداني...إلا أنها جاءت على هوى مستشاره السياسي. لذلك أشكر رئيس الوزراء على ثقته واعتذر أن أكون جزءا منها"، لانها توضح عدم الثقة في رئيس الوزراء بحجة ان خلف إقتراحه المستشار السياسي أي ياسر عرمان!!!
اعتقد ان وجود حركة مسلحة في اقليم دارفور وحوالي اكثر من جهة سياسية تتحدث باسم دارفور في حد ذاته يوضح عدم الثقة في الاخر ولو كان من ابناء الاقليم او من نفس القبيلة وعدم الثقة هذا يرجع ايضا لعدم الثقة في النفس وعدم الثقة في الأخر.
اذن من بين اهم آليات الاصلاح في السودان عامة وفي دارفور خاصة، هو اعادة زرع الثقة في النفس والثقة في الاخر والثقة في الشعب، وبالطبع كل تلك الثقة مردها وأساساها هو الثقة بالله.
أرجو ان يكون اعجابنا غير المحدود بالمرحوم الملاكم محمد علي كلاي دافعنا لأخذ الدرس من حفيده وشعاره "الثقة في النفس" وممارسة ذلك الشعار قولا وتطبيقه فعلا، فينتصر الشعب السودان في السنوات القادمة كما انتصر حفيد كلاي في معركته في دقيقتين.
أنشد د. عوض عثمان محمد سعيد.
"الشعب لازم
يكون محاذَّر.
ما يجيهوا زولاً
من فـوق متلِّب،
داير الكراسى،
يقعـد عليها
ويخدم مصالحوا.
###
بالله يلاّ
يلاّ... يلاّ
خلونا نبدأ
ونقلَّع حقوقنا.
فالدرب باين
والنصر قرّب".
wadrawda@hotmail.fr
/////////////////////////////////