ملاحظات فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان أمام مجلس الأمن
رئيس التحرير: طارق الجزولي
26 April, 2023
26 April, 2023
ملاحظات السيد فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة – بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان أمام مجلس الأمن
شكراً سيدتي الرئيسة، وشكراً الأمين العام. إنني ممتن لكلماتكما ودعمكما لنا على الأرض هنا.
قبل أن أبدأ بإحاطتي بشأن الوقائع، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأشيد بجميع السودانيين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة والعاملون في المجال الإنساني، الذين فقدوا أرواحهم أو أصيبوا في القتال الدائر في السودان.
ومنذ الإحاطة الأخيرة التي قدمتها في 17 نيسان/أبريل، تركزت جميع جهودي، إلى جانب جهود الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، على تأمين فترات توقف أو وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وقوبلت هذه الجهود بنجاح محدود حتى الآن، وشهدت الحالة على الأرض تصعيداً كبيراً.
وفي خطوة إيجابية – ذكرها الأمين العام للتو – توسطت الولايات المتحدة في وقف لإطلاق النار في 24 نيسان/أبريل. ويبدو أنه مستمر في بعض الأجزاء، لغاية الآن. ومع ذلك، نسمع أيضاً تقارير ترد باستمرار عن قتال وتحركات للقوات. وتبادلت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الاتهامات بشأن انتهاك وقف إطلاق النار.
وفي الخرطوم، استمر القتال، أو اشتد في بعض الحالات، حول القصر الجمهوري ومطار الخرطوم الدولي ومقر الجيش وقواعد قوات الدعم السريع ومواقع استراتيجية أخرى. كما تواصلت الغارات الجوية والقصف العنيف، وعلى وجه الخصوص في بحري وأم درمان – المدينتان الشريكتان المحيطتان بالخرطوم. وتفيد تقارير بأن مطار الخرطوم قادر على العمل الآن، غير أن أضراراً قد لحقت بممراته.
وتعرضت المناطق السكنية القريبة من مقر الجيش ومنشآت قوات الدعم السريع والمطار إلى هجمات مستمرة. كما تضررت المنازل والمتاجر والمدارس ومنشآت المياه والكهرباء والمساجد والمستشفيات وغيرها من المرافق الصحية أو دُمرت بالكامل الآن. وانتشرت تقارير بشأن اقتحام المنازل ونهب المنازل والمتاجر والسيارات عند نقاط التفتيش. وشملت هذه منازل وسيارات المواطنين السودانيين وموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني والمجتمع الدبلوماسي.
كما تلقينا تقارير مقلقة بشأن محاولات اعتداء جنسي. ومع نفاد خطوط الإمداد وتدميرها، هناك خوف متزايد من تصاعد الأعمال الإجرامية. وضاعفت من هذه المخاوف تقارير تفيد بإطلاق سراح سجناء من مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء الخرطوم.
وفي الولاية الشمالية، لا تزال السيطرة على مطار مروي محل نزاع. وتم تسليم مجموعة القوات المصرية التي احتجزتها قوات الدعم السريع – والتي قمت بإحاطة مجلس الأمن بشأنها الإثنين الماضي – بأمان إلى مصر.
ولا تزال الحال في دارفور متقلبة.
وفي شمال دارفور، وبفضل وقف إطلاق النار المحلي الذي توسطت فيه سلطات الولاية والإدارة الأهلية، بدعم من لجنة وقف إطلاق النار الدائم التي ترأسها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، انخفض العنف خلال فترة عيد الفطر. وتم تجديد وقف إطلاق النار ولا يزال قائماً.
ولكن في غرب دارفور، وعلى وجه الخصوص في الجنينة بالقرب من الحدود التشادية، تم استئناف القتال مع ورود تقارير متزايدة ومقلقة بشأن قيام القبائل بتسليح نفسها والانضمام إلى القتال. ولا تزال نيالا في جنوب دارفور تشهد قتالاً، على الرغم من أن المبادرات المحلية الرامية إلى الحوار أدت إلى هدوء نسبي في بعض المحليات.
وفي شمال كردفان، كان هناك قتال متقطع في الأبيّض. وفي النيل الأزرق، اندلعت اشتباكات قبلية بين مجتمعي الهوسا والفونج في غياب قوات الأمن.
وعلى الرغم من أن مناطق أخرى في السودان قد سلمت من المواجهة المسلحة، فإنها تشعر بتأثير القتال. حيث تستضيف العديد منها الآن آلاف الأشخاص النازحين داخلياً، ومع ذلك، تعطلت طرق الإمداد مما أدى إلى نقص في الوقود.
ووردت تقارير من جميع أنحاء السودان بشأن زيادات كبيرة في أسعار السلع الرئيسية. كما أن هناك تقارير متزايدة بشأن قيام لصوص مسلحين عند نقاط التفتيش الموجودة على بعض الطرق، بنهب المدنيين الفارين من العنف.
سيدتي الرئيسة،
لقد خلق القتال في السودان كارثة إنسانية يرزح المدنيون تحت وطأتها.
وحتى صباح اليوم، لقي ما لا يقل عن 427 شخصاً مصرعهم فيما جُرح حوالي 000 4 شخص. وهذه الأرقام هي تقديرات متحفظة، كما أنها آخذة في الارتفاع مع استمرار القتال. وستقوم الأمينة العامة المساعدة مسويا بالحديث عن الحالة الإنسانية في إحاطتها بعد قليل، لذا فإنني لن أخوض في مزيد من التفاصيل.
وقام المجتمع المدني والشبكات الشعبية بالتعبئة لسد الفراغ في مجال الاستجابة. كما يقوم العديد من لجان المقاومة في الأحياء بتقديم الرعاية الصحية الأساسية، أو دعم تنسيق عمليات إجلاء المدنيين من المناطق الأكثر تضرراً. وفي خضم العنف، لا يزال السودانيون والسودانيات يظهرون قوة التضامن والتعاطف.
أصحاب السعادة،
قاتل كلا الطرفين المتحاربين دون اكتراث بقوانين الحرب وأعرافها، حيث هاجما مناطق مكتظة بالسكان دون إيلاء أي اعتبار يذكر للمدنيين أو المستشفيات أو حتى للمركبات التي تنقل الجرحى والمرضى.
أحث كلا الطرفين على التقيد بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي وضمان حماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية. يجب توفير ممر آمن للمدنيين لمغادرة المناطق التي تشهد أعمال قتال نشطة ويجب السماح لهم بالوصول إلى الإمدادات.
ويجب ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة ومبانيها وأصولها، وكذلك تلك المتعلقة بالعاملين في المجالين الإنساني والطبي.
لقد واصلت اتصالاتي المنتظمة مع الفريقين البرهان وحميدتي لحثهما على وقف القتال والسماح بفترات توقف لأغراض إنسانية.
وتمكنت الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الإيقاد) والرباعية من التفاوض مرتين على فترات توقف لأغراض إنسانية. واستمرت كلتا فترتي التوقف هاتين لبضعة ساعات فقط.
وبمناسبة عيد الفطر، وبدعم من الأمين العام للأمم المتحدة، تمكنّا من إقناع الفريقين البرهان وحميدتي بالالتزام بفترة توقف لمدة ثلاثة أيام، بدءاً من 21 نيسان/أبريل.
وسمحت فترة التوقف هذه ببعض الراحة القصيرة للسودانيين في أجزاء من العاصمة والبلاد. كما أنها مكنت الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني من نقل موظفيها بعيداً عن خطوط إطلاق النار المباشرة.
ومع ذلك، لم يتم التقيد بفترة التوقف بشكل كامل بوجود هجمات على المقرات ومحاولات لتحقيق المكاسب وغارات جوية وانفجارات في مناطق مختلفة من العاصمة. وعلى النقيض من ذلك، فإن عمليات وقف إطلاق النار التي تمت بوساطة محلية في أجزاء من دارفور وأقاليم أخرى لا تزال قائمة، وإن كانت هشة.
إن التقارير بشأن التعبئة من قبل بعض القبائل وبعض الحركات المسلحة في دارفور المنحازة لأحد الطرفين تعد أمراً خطيراً، ويمكن أن يزج بالبلدان المجاورة للسودان في هذه الأزمة. وأجدد دعوتي لكل المجتمعات للحفاظ على حيادها والامتناع عن الانحياز إلى أي طرف.
أصحاب السعادة، أعضاء هذا المجلس،
لم يتمكن كلا القائدين من الالتزام بشكل كامل بوقف تام لإطلاق النار أو تنفيذه. ويواصل كلاهما تبادل الاتهامات وإعلان ادعاءات متضاربة بشأن السيطرة على منشآت رئيسية. ولا توجد حتى الآن إشارة قاطعة على أن أياً منهما مستعد للتفاوض بشكل جدي، مما يشير إلى أنّ كلا منهما يعتقد أن تحقيق انتصار عسكري على الآخر هو أمر ممكن. وهذا خطأ في التقدير.
ومع استمرار القتال، سيزداد انهيار القانون والنظام في جميع أنحاء البلاد، وستتبدد القيادة والسيطرة. ويمكن أن يصبح السودان مجزءاً أكثر فأكثر، الأمر الذي سيكون له تأثير مدمر على المنطقة. وحتى لو فاز أحد الطرفين، فإن السودان سيخسر.
وللأسف، وبسبب عدم قدرتنا على تأمين فترة وقف مستدامة أو وقف مستدام لإطلاق النار منذ بدء القتال، اتخذت الأمم المتحدة قراراً بإجلاء ونقل موظفي الأمم المتحدة من الخرطوم ودارفور وأماكن أخرى.
أتحدث إليكم اليوم من بورتسودان حيث وصل العديد من زملائي وشركائنا من المنظمات غير الحكومية أمس على متن، أو برفقة، قافلة للأمم المتحدة تضم حوالي 200 1 شخص، بمن فيهم 744 من موظفي الأمم المتحدة وعائلاتهم، وموظفي المنظمات غير الحكومية الدولية وعائلاتهم، وموظفين دبلوماسيين من عدة سفارات تم نقلهم من الخرطوم إلى بورتسودان. واليوم، بعد ظهر اليوم، ودّعت 450 منهم عندما صعدوا على متن فرقاطة فرنسية ستنقلهم إلى جدة في أثناء الليل. وسيتم إجلاء الباقين بواسطة سفن تجارية خلال اليومين المقبليْن. ولا يزال يوجد عدد قليل من الموظفين الدوليين وعائلاتهم في الخرطوم ولم يتم إجلاؤهم لأسباب مختلفة. كما نواصل التأكد من تمكن موظفينا الوطنيين من الانتقال عند الضرورة إلى مناطق آمنة.
وتم إجلاء أو نقل الموظفين في غرب ووسط دارفور. وهناك عمليات نقل وإجلاء أخرى مزمعة أو جارية. ولم يتم البدء بعد بإجلاء الموظفين من الفاشر في شمال دارفور، غير أنه يجري النظر في خيارات بدعم محتمل من الدول الأعضاء.
واسمحوا لي أن أقول إنني ممتن للغاية للدول الأعضاء التي تساعد في تسهيل هذه التحركات، ونحن نعتمد على التعاون المستمر في عمليات النقل والإجلاء المتبقية.
واسمحوا لي أن أكون واضحا: إن انتقالنا وإجلاءنا لا يعني أن الأمم المتحدة تتخلى عن السودان. سنواصل الحفاظ على تواجدنا في السودان، رغم تقليصه، والتركيز على الأولويات العاجلة بالتنسيق مع شركائنا الدوليين. وتتمثل هذه الأولويات في ما يلي: وقف مستدام لإطلاق النار إلى جانب آلية للرصد، والعودة إلى المفاوضات السياسية، وتخفيف المعاناة الإنسانية. وفي ما يتعلق بوقف إطلاق النار، هناك مبادرة أطلقتها الولايات المتحدة في شراكة وثيقة مع الرباعية ومعنا في الآلية الثلاثية.
أصحاب السعادة،
تقوم الأمم المتحدة وشركاؤنا بمضاعفة جهودنا لضمان استمرار الوقف المؤقت لإطلاق النار لمدة 72 ساعة وتطوره إلى وقف دائم للأعمال العدائية، والعودة إلى المفاوضات السياسية. ويجب على كلا القائدين العسكريين الالتزام بوقف إطلاق النار والعمل على تعزيزه بحيث يصبح وقفاً دائماً للأعمال العدائية، يتم تيسيره من قبل آلية. والأمم المتحدة مستعدة لدعم ذلك. كما أنني أناشد الدول الأعضاء التي لها نفوذ لدى الأطراف المتحاربة دعم ذلك.
وتقوم شخصيات وطنية سودانية، من ضمنها رئيس الوزراء السابق حمدوك، وقادة أعمال، وأحزاب سياسية، والمجتمع المدني بالتعبئة ضد الحرب والحث على دعم وقف إطلاق النار والدعم الإنساني. وأنا أنسق معهم بشكل وثيق كذلك.
أصحاب السعادة،
لا تزال شجاعة وصمود أصدقائنا السودانيين وموظفينا وشركائنا الوطنيين تحفزنا. ستعمل أسرة الأمم المتحدة بأكملها بلا كلل من أجل إنهاء العنف في السودان واستعادة الأمل في مستقبل أفضل. ولا يزال التزام الأمم المتحدة تجاه السودان وشعبه ثابتاً.
شكراً.
شكراً سيدتي الرئيسة، وشكراً الأمين العام. إنني ممتن لكلماتكما ودعمكما لنا على الأرض هنا.
قبل أن أبدأ بإحاطتي بشأن الوقائع، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأشيد بجميع السودانيين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة والعاملون في المجال الإنساني، الذين فقدوا أرواحهم أو أصيبوا في القتال الدائر في السودان.
ومنذ الإحاطة الأخيرة التي قدمتها في 17 نيسان/أبريل، تركزت جميع جهودي، إلى جانب جهود الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، على تأمين فترات توقف أو وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وقوبلت هذه الجهود بنجاح محدود حتى الآن، وشهدت الحالة على الأرض تصعيداً كبيراً.
وفي خطوة إيجابية – ذكرها الأمين العام للتو – توسطت الولايات المتحدة في وقف لإطلاق النار في 24 نيسان/أبريل. ويبدو أنه مستمر في بعض الأجزاء، لغاية الآن. ومع ذلك، نسمع أيضاً تقارير ترد باستمرار عن قتال وتحركات للقوات. وتبادلت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الاتهامات بشأن انتهاك وقف إطلاق النار.
وفي الخرطوم، استمر القتال، أو اشتد في بعض الحالات، حول القصر الجمهوري ومطار الخرطوم الدولي ومقر الجيش وقواعد قوات الدعم السريع ومواقع استراتيجية أخرى. كما تواصلت الغارات الجوية والقصف العنيف، وعلى وجه الخصوص في بحري وأم درمان – المدينتان الشريكتان المحيطتان بالخرطوم. وتفيد تقارير بأن مطار الخرطوم قادر على العمل الآن، غير أن أضراراً قد لحقت بممراته.
وتعرضت المناطق السكنية القريبة من مقر الجيش ومنشآت قوات الدعم السريع والمطار إلى هجمات مستمرة. كما تضررت المنازل والمتاجر والمدارس ومنشآت المياه والكهرباء والمساجد والمستشفيات وغيرها من المرافق الصحية أو دُمرت بالكامل الآن. وانتشرت تقارير بشأن اقتحام المنازل ونهب المنازل والمتاجر والسيارات عند نقاط التفتيش. وشملت هذه منازل وسيارات المواطنين السودانيين وموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني والمجتمع الدبلوماسي.
كما تلقينا تقارير مقلقة بشأن محاولات اعتداء جنسي. ومع نفاد خطوط الإمداد وتدميرها، هناك خوف متزايد من تصاعد الأعمال الإجرامية. وضاعفت من هذه المخاوف تقارير تفيد بإطلاق سراح سجناء من مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء الخرطوم.
وفي الولاية الشمالية، لا تزال السيطرة على مطار مروي محل نزاع. وتم تسليم مجموعة القوات المصرية التي احتجزتها قوات الدعم السريع – والتي قمت بإحاطة مجلس الأمن بشأنها الإثنين الماضي – بأمان إلى مصر.
ولا تزال الحال في دارفور متقلبة.
وفي شمال دارفور، وبفضل وقف إطلاق النار المحلي الذي توسطت فيه سلطات الولاية والإدارة الأهلية، بدعم من لجنة وقف إطلاق النار الدائم التي ترأسها بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، انخفض العنف خلال فترة عيد الفطر. وتم تجديد وقف إطلاق النار ولا يزال قائماً.
ولكن في غرب دارفور، وعلى وجه الخصوص في الجنينة بالقرب من الحدود التشادية، تم استئناف القتال مع ورود تقارير متزايدة ومقلقة بشأن قيام القبائل بتسليح نفسها والانضمام إلى القتال. ولا تزال نيالا في جنوب دارفور تشهد قتالاً، على الرغم من أن المبادرات المحلية الرامية إلى الحوار أدت إلى هدوء نسبي في بعض المحليات.
وفي شمال كردفان، كان هناك قتال متقطع في الأبيّض. وفي النيل الأزرق، اندلعت اشتباكات قبلية بين مجتمعي الهوسا والفونج في غياب قوات الأمن.
وعلى الرغم من أن مناطق أخرى في السودان قد سلمت من المواجهة المسلحة، فإنها تشعر بتأثير القتال. حيث تستضيف العديد منها الآن آلاف الأشخاص النازحين داخلياً، ومع ذلك، تعطلت طرق الإمداد مما أدى إلى نقص في الوقود.
ووردت تقارير من جميع أنحاء السودان بشأن زيادات كبيرة في أسعار السلع الرئيسية. كما أن هناك تقارير متزايدة بشأن قيام لصوص مسلحين عند نقاط التفتيش الموجودة على بعض الطرق، بنهب المدنيين الفارين من العنف.
سيدتي الرئيسة،
لقد خلق القتال في السودان كارثة إنسانية يرزح المدنيون تحت وطأتها.
وحتى صباح اليوم، لقي ما لا يقل عن 427 شخصاً مصرعهم فيما جُرح حوالي 000 4 شخص. وهذه الأرقام هي تقديرات متحفظة، كما أنها آخذة في الارتفاع مع استمرار القتال. وستقوم الأمينة العامة المساعدة مسويا بالحديث عن الحالة الإنسانية في إحاطتها بعد قليل، لذا فإنني لن أخوض في مزيد من التفاصيل.
وقام المجتمع المدني والشبكات الشعبية بالتعبئة لسد الفراغ في مجال الاستجابة. كما يقوم العديد من لجان المقاومة في الأحياء بتقديم الرعاية الصحية الأساسية، أو دعم تنسيق عمليات إجلاء المدنيين من المناطق الأكثر تضرراً. وفي خضم العنف، لا يزال السودانيون والسودانيات يظهرون قوة التضامن والتعاطف.
أصحاب السعادة،
قاتل كلا الطرفين المتحاربين دون اكتراث بقوانين الحرب وأعرافها، حيث هاجما مناطق مكتظة بالسكان دون إيلاء أي اعتبار يذكر للمدنيين أو المستشفيات أو حتى للمركبات التي تنقل الجرحى والمرضى.
أحث كلا الطرفين على التقيد بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي وضمان حماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية. يجب توفير ممر آمن للمدنيين لمغادرة المناطق التي تشهد أعمال قتال نشطة ويجب السماح لهم بالوصول إلى الإمدادات.
ويجب ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة ومبانيها وأصولها، وكذلك تلك المتعلقة بالعاملين في المجالين الإنساني والطبي.
لقد واصلت اتصالاتي المنتظمة مع الفريقين البرهان وحميدتي لحثهما على وقف القتال والسماح بفترات توقف لأغراض إنسانية.
وتمكنت الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الإيقاد) والرباعية من التفاوض مرتين على فترات توقف لأغراض إنسانية. واستمرت كلتا فترتي التوقف هاتين لبضعة ساعات فقط.
وبمناسبة عيد الفطر، وبدعم من الأمين العام للأمم المتحدة، تمكنّا من إقناع الفريقين البرهان وحميدتي بالالتزام بفترة توقف لمدة ثلاثة أيام، بدءاً من 21 نيسان/أبريل.
وسمحت فترة التوقف هذه ببعض الراحة القصيرة للسودانيين في أجزاء من العاصمة والبلاد. كما أنها مكنت الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني من نقل موظفيها بعيداً عن خطوط إطلاق النار المباشرة.
ومع ذلك، لم يتم التقيد بفترة التوقف بشكل كامل بوجود هجمات على المقرات ومحاولات لتحقيق المكاسب وغارات جوية وانفجارات في مناطق مختلفة من العاصمة. وعلى النقيض من ذلك، فإن عمليات وقف إطلاق النار التي تمت بوساطة محلية في أجزاء من دارفور وأقاليم أخرى لا تزال قائمة، وإن كانت هشة.
إن التقارير بشأن التعبئة من قبل بعض القبائل وبعض الحركات المسلحة في دارفور المنحازة لأحد الطرفين تعد أمراً خطيراً، ويمكن أن يزج بالبلدان المجاورة للسودان في هذه الأزمة. وأجدد دعوتي لكل المجتمعات للحفاظ على حيادها والامتناع عن الانحياز إلى أي طرف.
أصحاب السعادة، أعضاء هذا المجلس،
لم يتمكن كلا القائدين من الالتزام بشكل كامل بوقف تام لإطلاق النار أو تنفيذه. ويواصل كلاهما تبادل الاتهامات وإعلان ادعاءات متضاربة بشأن السيطرة على منشآت رئيسية. ولا توجد حتى الآن إشارة قاطعة على أن أياً منهما مستعد للتفاوض بشكل جدي، مما يشير إلى أنّ كلا منهما يعتقد أن تحقيق انتصار عسكري على الآخر هو أمر ممكن. وهذا خطأ في التقدير.
ومع استمرار القتال، سيزداد انهيار القانون والنظام في جميع أنحاء البلاد، وستتبدد القيادة والسيطرة. ويمكن أن يصبح السودان مجزءاً أكثر فأكثر، الأمر الذي سيكون له تأثير مدمر على المنطقة. وحتى لو فاز أحد الطرفين، فإن السودان سيخسر.
وللأسف، وبسبب عدم قدرتنا على تأمين فترة وقف مستدامة أو وقف مستدام لإطلاق النار منذ بدء القتال، اتخذت الأمم المتحدة قراراً بإجلاء ونقل موظفي الأمم المتحدة من الخرطوم ودارفور وأماكن أخرى.
أتحدث إليكم اليوم من بورتسودان حيث وصل العديد من زملائي وشركائنا من المنظمات غير الحكومية أمس على متن، أو برفقة، قافلة للأمم المتحدة تضم حوالي 200 1 شخص، بمن فيهم 744 من موظفي الأمم المتحدة وعائلاتهم، وموظفي المنظمات غير الحكومية الدولية وعائلاتهم، وموظفين دبلوماسيين من عدة سفارات تم نقلهم من الخرطوم إلى بورتسودان. واليوم، بعد ظهر اليوم، ودّعت 450 منهم عندما صعدوا على متن فرقاطة فرنسية ستنقلهم إلى جدة في أثناء الليل. وسيتم إجلاء الباقين بواسطة سفن تجارية خلال اليومين المقبليْن. ولا يزال يوجد عدد قليل من الموظفين الدوليين وعائلاتهم في الخرطوم ولم يتم إجلاؤهم لأسباب مختلفة. كما نواصل التأكد من تمكن موظفينا الوطنيين من الانتقال عند الضرورة إلى مناطق آمنة.
وتم إجلاء أو نقل الموظفين في غرب ووسط دارفور. وهناك عمليات نقل وإجلاء أخرى مزمعة أو جارية. ولم يتم البدء بعد بإجلاء الموظفين من الفاشر في شمال دارفور، غير أنه يجري النظر في خيارات بدعم محتمل من الدول الأعضاء.
واسمحوا لي أن أقول إنني ممتن للغاية للدول الأعضاء التي تساعد في تسهيل هذه التحركات، ونحن نعتمد على التعاون المستمر في عمليات النقل والإجلاء المتبقية.
واسمحوا لي أن أكون واضحا: إن انتقالنا وإجلاءنا لا يعني أن الأمم المتحدة تتخلى عن السودان. سنواصل الحفاظ على تواجدنا في السودان، رغم تقليصه، والتركيز على الأولويات العاجلة بالتنسيق مع شركائنا الدوليين. وتتمثل هذه الأولويات في ما يلي: وقف مستدام لإطلاق النار إلى جانب آلية للرصد، والعودة إلى المفاوضات السياسية، وتخفيف المعاناة الإنسانية. وفي ما يتعلق بوقف إطلاق النار، هناك مبادرة أطلقتها الولايات المتحدة في شراكة وثيقة مع الرباعية ومعنا في الآلية الثلاثية.
أصحاب السعادة،
تقوم الأمم المتحدة وشركاؤنا بمضاعفة جهودنا لضمان استمرار الوقف المؤقت لإطلاق النار لمدة 72 ساعة وتطوره إلى وقف دائم للأعمال العدائية، والعودة إلى المفاوضات السياسية. ويجب على كلا القائدين العسكريين الالتزام بوقف إطلاق النار والعمل على تعزيزه بحيث يصبح وقفاً دائماً للأعمال العدائية، يتم تيسيره من قبل آلية. والأمم المتحدة مستعدة لدعم ذلك. كما أنني أناشد الدول الأعضاء التي لها نفوذ لدى الأطراف المتحاربة دعم ذلك.
وتقوم شخصيات وطنية سودانية، من ضمنها رئيس الوزراء السابق حمدوك، وقادة أعمال، وأحزاب سياسية، والمجتمع المدني بالتعبئة ضد الحرب والحث على دعم وقف إطلاق النار والدعم الإنساني. وأنا أنسق معهم بشكل وثيق كذلك.
أصحاب السعادة،
لا تزال شجاعة وصمود أصدقائنا السودانيين وموظفينا وشركائنا الوطنيين تحفزنا. ستعمل أسرة الأمم المتحدة بأكملها بلا كلل من أجل إنهاء العنف في السودان واستعادة الأمل في مستقبل أفضل. ولا يزال التزام الأمم المتحدة تجاه السودان وشعبه ثابتاً.
شكراً.