مناظرة حول: (السودان ما بعد الانفصال: رؤية مستقبلية) .. كلمة الامام الصادق المهدي
رئيس التحرير: طارق الجزولي
7 August, 2011
7 August, 2011
الأخوة والأخوات
رمضان مبارك وتصوموا وتفطروا على خير
مرفق لكم كلمة الحبيب الإمام في المناظرة التي أجريت بمركز العز بن عبد السلام في يوم 4 رمضان/4 أغسطس الجاريين وقد كانت ضمن العديد من الرؤى شملت كل من البروفسر الطيب زين العابدين ودكتور بخاري الجعلي ود. إبراهيم ميرغني وقد أدار المناظرة بروفسر عزالدين عمر موسى مدير المركز.
سبق وأرسلنا الكلمة غير مصححة وبدون الرجوع لتسجيل الفيديو، فعذرا عن الأخطاء ونرجو اعتماد هذه النسخة الأخيرة
مكتب الحبيب الإمام الصادق المهدي الخاص
بسم الله الرحمن الرحيم
مركز العز بن عبد السلام الثقافي
مناظرة حول: (السودان ما بعد الانفصال: رؤية مستقبلية)
4 رمضان 1432هـ الموافق4أغسطس2011م
كلمة الامام الصادق المهدي
أخواني وأخواتي أبنائي وبناتي،
السلام عليكم ورحمة الله،
كم يسرني الاستجابة للدعوة المقدمة من مركز العز بن عبد السلام لمخاطبتكم في هذا اليوم المبارك في هذه القاعة الرائعة في هذا الموضوع الهام، كما أرجو للمركز كل تقدم وازدهار.
عندما يطلب مني التحدث في موضوع أتساءل عن القيمة المضافة التي يمكن أن أساهم بها أم سيكون مجرد تكرار لكلام سبق. ويهمني جدا أن أساهم برأي فيما يطرح.
السودان في أزمة يشيب لها الولدان، ومع ذلك توجد فرصة مع الأزمة، لكن هذه الفرصة لا يمكن الاستفادة منها وغير متاحة الا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
من هذا المنطلق أتحدث عن الأزمة التي نحن فيها، وما يمكن أن نحتمل من فرصة.
سأتحدث في مقدمة تشيد بأن السودان وطن رسالي وليس مجرد حجر ونهر وشجر. ثم أبين أن ثم أفصل حديثي في سبع نقاط:
النقطة الأولى: تبين أن أعداء السودان ضد دوره الرسالي ولهم تدابير في سبيل ذلك.
النقطة الثانية: غفلة بعض أبناء السودان فكانوا دون علمهم مخالب قط لذلك.
النقطة الثالثة: دولة الجنوب ضعيفة في بداية عهدها وهي في مرحلة (جانوسية) أي برأسين كما إله الرومان، وأمام الجنوب الآن النظر في اتجاهين شمالا أو جنوبا.
النقطة الرابعة: السودان دولة دروة (أي هدف) لأكثر من قناص.
النقطة الخامسة: خيارات السلطة العودة لأدلجة إقصائية مما يعني إتاحة فرصة واسعة للأعداء، أو استباق السهام الآتية بنظام جديد يناسب المرحلة.
النقطة السادسة: خيارا المعارضة هما: تنسيق السهام للاطاحة بالنظام أو هندسة النظام الجديد.
النقطة السابعة: تمترس النظام في المربع الأول وخطة الإطاحة كلاهما يفتح باب مغامرات ويؤذن بتمزيق وتدويل الشأن السوداني.
المقدمة:
انفصال الجنوب ليس أول ولن يكون آخر انفصال في تاريخ العالم الحديث. ولكن في كل حالاته الانفصال هو نتيجة للتفريط في ادارة التنوع. ما يميز السودان ويعطي انفصال الجنوب معان خاصة هو أن السودان وطن رسالي.
شهد عالم الآثار بروفسر هرمان بل في مؤتمر صحافي في الخرطوم أن حضارة وادي النيل مهدها السودان. وقال بروفسور براين هيكوك الاسكتلندي: إن علم الآثار يؤكد أن الحضارة انتقلت من جنوب لشمال الوادي. وتناول عالم الآثار وليام آدامز في كتابه "النوبة رواق أفريقيا" ما لهذه الحضارة من وزن، وما فيها من ربط بين شعوب شمال الصحراء الكبرى وجنوبها.
والسودان هو التجسيد المصغر للقارة الأفريقية قبل انفصال الجنوب.
والسودان هو القاسم المشترك بين دول حوض النيل.
والسودان هو الأنموذج للانتشار السلمي للاسلام وللتمدد السلمي للثقافة العربية.
وهو قبل انفصال الجنوب برهان حي على أن العوامل الجيوسياسية والاقتصادية يمكن أن تحتوي التنافر الثقافي.
النقطة الأولى: السودان مستهدفا:
هذه المضامين الرسالية جعلت السودان هدفا لقوى الهيمنة الدولية التي تريد تقويض هذه المعاني الرسالية لأسباب أهمها:
- هم يفترضون أن أفريقيا جنوب الصحراء خلاء حضاري ينبغي صد الحضارة الاسلامية عنه واحتكاره للمسيحية والثقافات الأوروبية، وهذا يوجب تدمير الرسالة السودانية.
- ويدركون أن أفريقيا جنوب الصحراء مستودع موارد طبيعية هائلة في عالم شحيح الموارد، وهم أولى باحتكارها.
- ومنذ قيام إسرائيل كان هم ديفيد بن غوريون كما أوضح موشي ترجي هو اختراق الحصار العربي في شمال أفريقيا وغرب آسيا بعلاقات خاصة مع الجوار غير العربي للعرب: إيران، وتركيا في آسيا ودول أفريقيا جنوب الصحراء. أي طوق للعرب.
وفي أواخر سبعينات القرن العشرين وإزاء ظاهرة الصحوة الاسلامية تدارست الوكالات الاستخبارية الغربية خطورة هذه الظاهرة وفكروا في وسائل ناعمة لاحتوائها، وبدا لهم أن أية مواجهة للإسلام من خارجه سوف تزيد من تمسك أهله به. ورأوا أن ثمة وسيلتان لهذا الاحتواء: الأولى صنع قيادة كاريزمية متبوعة للمسلمين واختراقها. والثانية إغراء قوى سياسية اسلاموية للاستيلاء على السلطة تحت شعار اسلامي، ما من شأنه في ظروف التنوع الديني والطائفي والثقافي والإثني في المنطقة العربية أن يخلق استقطابا حادا يودي بوحدة البلدان، وبما يصحبه من إخفاق يحرق الشعار الاسلامي نفسه كما حرقت التجربة الشعار القومي العربي قبل ذلك.
النقطة الثانية: بداية تمزيق رسالية السودان
ظل فصل جنوب السودان من شماله هدف إستراتيجي لسياسة تدمير الرسالة السودانية. جاء في بيان سياسة حكومة الاحتلال البريطاني للسودان نحو الجنوب في 1920 الآتي: إن سياسة حكومة السودان هي: العمل على إبعاد التأثير الاسلامي من الجنوب، واحتمال فصل هذا الجزء الزنجي من بقية السودان العربي وإلحاقه بمناطق أخرى في أواسط أفريقيا.
وفي محاضرة قدمها آفي ريختر وزير الأمن الداخلي في إسرائيل في عام 2008 قال: الخريطة الحالية لدول الشرق الأوسط غير واقعية لأنها تتجاوز هويات الشعوب. وتحدث عن حتمية تقسيم البلدان العربية ومنها السودان: العراق ثلاث دول، السعودية ثلاث دول، مصر ثلاث دول، والسودان خمس دويلات.
المواجهة بين هذه الرؤية والرؤية الوطنية السودانية المضادة لها مرت على مراحل مختلفة منذ مؤتمر جوبا 1947م الذي أجمع فيه الجنوبيون بعد تداول على مصير وحدوي مع الشمال. وعبر نظم حكم مختلفة إلى مؤتمر واشنطن في اكتوبر 1993 الذي أجمع فيه الجنوبيون على مطلب تقرير المصير.
حتى يونيو 1989 كانت الحركة القائدة للمقاومة الجنوبية تشترط للسلام الآتي فقط: المطالبة بنصيب في السلطة وفي الثروة وفي مؤسسات الدولة–وفي استثناء من الأحكام الاسلامية- وفي إلغاء أية اتفاقيات تمس السيادة السودانية (اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر).
وكان أول استخدام سياسي لفكرة تقرير المصير هو ما أقدم عليه د.علي الحاج باسم النظام الجديد في اتفاق فرانكفورت عام 1992 في مناورة بغرض تقسيم الحركة الشعبية.
ولكن منذ مؤتمر واشنطن صار تقرير المصير شرطا للتعامل مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، فقبلته المعارضة بالاجماع في 1995، ثم قبله النظام أساسا لاتفاقية السلام من الداخل في 1997 ثم صار أساسا لاتفاقية السلام المسمى شاملا في 2005.
حبل الوصل بين أيدولوجية انقلاب "الإنقاذ" ومطلب تقرير المصير ثم الانفصال واضح المعالم وقد بيناه في كتاب: ميزان المصير الوطني.
انفصال جنوب السودان ليس نهاية، بل بداية مشروع تمزيق السودان.
النقطة الثالثة: دولة الجنوب
دولة الجنوب الجديدة دولة هشة بلا خدمة مدنية وبلا مجتمع مدني، وتقودها الحركة الشعبية المحملة بالخلافات القبلية وتواجه عددا من حركات التمرد: ثلاث من الدينكا يقودها كل من: عبد الباقي أكول، جورج أطور، قبريال تانق، واثنتان من النوير يقودهما: بيتر قاديت، وقلواك قاي. وواحدة من المورلي بقيادة ياو ياو؛ هذا بالاضافة لاختراقات جيش الرب.
دولة الجنوب الجديدة سوف تكون عظمة نزاع كبيرة، وهي بحاجة لكل أنواع المساعدة لكيلا تتحول بسرعة لدولة فاشلة.
هنالك عناصر شمالية لعبت دورا كبيرا في تعزيز نظرة الجنوبيين الانفصالية وهي حريصة الآن في إشعال نيران العداوة مع دولة الجنوب والحرص على تركيعها كدولة فاشلة.
هذا النهج هو بالضبط ما تريده قوى الهيمنة الدولية وإسرائيل لأنه يدفع بدولة الجنوب أكثر فأكثر إلى أحضانهم.
إن منطقة القرن الأفريقي سوف تشهد أكبرمسرح لصراع الحضارات وربما حربا قارية.
النقطة الرابعة: حكومة السودان هدف لأكثر من قناص
بؤر النزاع بين دولتي السودان كثيرة عددنا عشرين بؤرة، منها بؤر أكثر التهابا: أبيي- والمراعي- والبترول- والتجارة وغيرها.
ولدولة السودان مشاكلها المأزومة التي توجه نحوها سهاما:
• ما قصرت دونه اتفاقية السلام فأورث البلاد مشاكل جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق – وأبيي. وهي مشاكل معلقة من اتفاقية السلام تشكل قنابل موقوتة.
• أزمة دارفور التي لن تحسمها وثيقة الدوحة الأقل طموحا من اتفاقية أبوجا التي اندثرت.
• تأزم الموقف الاقتصادي بسبب الاعتماد غير الرشيد على إيرادات النفط في الفترة منذ عام 2000م واستيلاء دولة الجنوب على نفطها.
• تفشي العطالة، والفساد، والتطلع للاقتداء بالثورات الشعبية في المناطق المحيطة في الشرق الأوسط.
• الانقسام الحاد في الجسم السياسي السوداني بين الحزب الحاكم ومعارضيه.
• المواجهات المحتملة مع الأسرة الدولية حول التعامل مع الحرب الجديدة في جنوب كردفان التي صارت تترسم خطى ما حدث في دارفور بالحديث عن جرائم حرب، وحول العدالة الجنائية الدولية.
• الثقة مفقودة تماما بين المؤتمر الوطني وعناصر متنفذة في دولة الجنوب وبين المؤتمر الوطني ولوبيات دولية مهمة.
هذا كله يطرح خيارا للمعارضة للعمل على توحيد أجندة هذه الضغوط في اتجاه إسقاط النظام. إسقاط النظام في ظروف السودان الحالية سيكون باهظ التكاليف ولا يخلو من خطر السقوط في أجندة تمزيق البلاد.
ونحن نرى الآن ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا ما يعني أن ما حدث في مصر وتونس لن يتكرر فالدول استعدت لمواجهة الشعوب.
النقطة الخامسة: خيارات النظام
أمام هذه التحديات الحتمية فإن أمام النظام خياران استباقيان:
الأول: خيار العودة للمربع الأول. هو الأقرب لتصريحات القضارف والهلالية التي تنذر بالعودة للمربع الأول الذي انتج هذه الحالة بالإصرار على الأحادية الثقافية وإشهار السيف على المخالفين. هذا غاية ما تتمناه أجندة تمزيق الوطن وفتح أوسع النوافذ للتدويل،
والثاني هو التسليم بفشل التجربة الأحادية، والتحول سلميا لنظام قومي بديل. آن الأوان للمؤتمر الوطني أن يدعو لمؤتمر وقفة مع الذات. العز بن عبد السلام قال جاء بكلمة مفيدة جدا: كل عمل يحقق عكس مقاصده باطل. يقول المؤتمر الوطني لنفسه: كنا نريد سلاما ولا سلام، كنا نريد وحدة ولا وحدة، كنا نريد تحقيق تنمية فلم نحققها، كنا نريد جمع السودانيين ففرقناهم، كنا نريد الاستقلال بإرادتنا من الأسرة الدولية والمجتمع الدولي فوقعنا في يده وأصبحت أكبر بعثات دولية اليوم في بلادناظ. هذه كلها أهداف معروفة لم تتحقق، ولا يمكن للإنسان أن يكون كالجمل تطعنه شوكة في خفه فيدقه مرة وثانية وثالثة حتى تصعد الشوكة وتتعمق في خفه. لا بد للمؤتمر الوطني في تلك الجلسة مع الذات أن ينظر للمقاصد ولماذا تحقق عكسها ثم يفكر ماذا نفعل؟
ويمكن أن يفكروا بأن السودان محظي بالتسامح وبأن حلقة الوصل ما زالت قائمة بين كل القوى السياسية القائمة، فيصلوا لأن الحل هو التحول السلمي لنظام قومي بديل وليس رقيعا (أي مرقع).
النقطة السادسة: خيارات المعارضة
المعارضة أمامها خياران، خيار توحيد كل فصائل ووسائل الاطاحة في إطار شعار الشعب يريد إسقاط النظام وخيار آخر في إطار الشعب يريد نظام جديد.
الخيار الأول: هو القطب الآخر في مواجهة أجندة الأحادية الثقافية والمواجهة الحادة: ثوران يتناطحان.
الخيار الثاني: هو الوجه الآخر من الأجندة الاستباقية.
ويقوم هذا الخيار على نزول الحكومة والمعارضة واتفاقهما على النقاط الآتية:
أولا: الاتفاق على لجنة قومية حقا للدستور لصنع دستور ضمن موجهات محددة هي:
- دستور يجسد إرادة كافة أهل الوطن بمن فيهم الفصائل الدارفورية وأصحاب المشورة الشعبية بلا استثناء.
- ويكفل الديمقراطية بأركانها الأربعة: المشاركة- والمساءلة- والشفافية- وسيادة حكم القانون.
- ويحقق كذلك التوازنات الحيوية: التوازن الديني- والثقافي- والجهوي- والاجتماعي- والنوعي- والعمري.
- دستور مدني بمعنى أن السلطات الثلاث هي من إرادة الشعب، ويكفل معادلة توفيق بين المواطنة والمرجعية الإسلامية.
- دستور يكفل العدالة الاجتماعية.
- دستور يهتم بلبنات البناء الديمقراطي من أحزاب - ونقابات- ومنظمات مجتمع مدني.
- دستور يكفل حق الجنسية بالميلاد لكل مستحقيها ويسمح بالجنسية للجنوبيين المقمين في الشمال فهي حقهم بالميلاد.
هذا الدستور تضعه لجنة قومية واسعة المشاركة، ويعرض على مؤتمر قومي دستوري ويجاز بآلية ديمقراطية.
وإلى أن يجاز هذا الدستور يتفق بالتراضي على دستور انتقالي يخلف الدستور الثنائي الحالي.
ثانيا: هنالك عومل كثيرة تدل على أشواق الجنوبيين لأصل مشترك مع الشمال يمكن إذا وجدت الظروف المناسبة أن تهزم أجندة الأعداء، فهم قد ضمّنوا كوش الشمالية في نشيدهم الوطني، وانتسبوا للسودان في اسم دولتهم. ولكن المساجلات العدائية والسياسات الطاردة أدت لقيام دولة الجنوب المستقلة. هذه الدولة يمكن أن تصير مستقلة وعدائية ومخلب قط لكافة أعداء السودان، ويمكن كذلك أن يُحصر التباين في شكله الدستوري وتُؤسس علاقات مجتمعية قوية في كافة المجالات الاقتصادية، والثقافية والإعلامية، ويساعد السودان دولة الجنوب بإمكاناته وبإمكانات عربية وإسلامية واسعة مراهنة على أن تكون دولة جنوب السودان دولة جوار أخوي تربطنا بها اتفاقية توأمة، فهذا صراع حضاري يجب أن يدخل فيه الجميع بإمكانات كبيرة فالطرف الآخر يسعى أيضا بإمكانات واسعة، ويقع الطير حيث ينتثر الحب! على أن تكون أسس تعاملنا مع دولة الجنوب جاذبة لا طاردة. إن ما يجري الآن من سياسات المواطنة – وإنهاء خدمة الجنوبيين- ومزايدات البترول- والابتزاز التجاري- ينبغي أن نقلع عنها نهائيا، سياسات إقصائية كأنها صيغت في مطابخ الانتباهة، والانتباهة هذه في الحقيقة من أسماء الأضداد لأنها أكبر "دقسة" ممكن تكون، فسياساتها هي التي تنيل العدو أهدافه فينا. سياسات كأننا عبرها "نطبز عيننا بيدنا" وهي مسائل خطيرة ضررها علينا وعلى مستقبل العلاقة ووقوعها في يدي أعدائنا الاستراتيجيين خطر أكبر.
إنها تدعم أجندة أعداء الشمال من الجنوبيين وتدفع بهم لأحضان العدو الاستراتجي. سياسات صاغها قوم لم يسمعوا بفقه تأليف القلوب، ولم يسمعوا بالتوجيه النبوي "بشروا ولا تنفروا"، ولم يدركوا كيف انتشر الإسلام في أفريقيا السمراء جنوب الصحراء وفي جنوب شرقي آسيا، ولم يدركوا حقيقة ما آل إليه الإسلام اليوم في العالم رغم ضعف المسلمين فصار يشكل القوة الثقافية الأولى في العالم. انتشر الإسلام بالقوى الناعمة وليس هذه الخشونة وقولهم أنتم لا تشبهونا وأنتم سرطان، وأنتم مرض وغير ذلك. كيف يقولون هذا الكلام وهم حقيقة يشبهوننا، والجنوب في كل أسرة وكل بلد موجود. الكلام بهذه اللغة الطاردة أقبح الناس في الولايات المتحدة وغيرها لا يقولونه لأنهم أدركوا أن البشرية واحدة ونحن كمسليمن أولى الناس بلفظ جاهلية العنصرية هذه فكما قال الرسول (ص) لأبي ذر إنك امرؤ فيك جاهلية، قال تعالى (إنا خلقناكم من ذكر وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) كيف نسلم بمنطق أنهم لا يشبهونا، ألا يشبهونا؟ وكلنا أبناء آدم عليه السلام النبي وكلنا أشراف ولو كانت شفاهنا مثقوبة.
ثالثا: آن الآوان لحسم نهائي لأزمة السودان في دارفور على أساس وثيقة هايدلبرج والمبادئ العشرة المقترحة (في الأجندة الوطنية) والتي تتجاوز وثيقة الدوحة ويرجى أن تقبلها كافة فصائل دارفور.
رابعا: الإعلان الملزم بحقوق الإنسان كما في الوثائق العالمية الموقعة مع تكوين فوري لمفوضية مستقلة حقا لمتابعة الالتزام بها.
خامسا: الاتفاق على تنظيم مؤتمر قومي اقتصادي يشخص حالة البلاد الاقتصادية ويضع برنامج الإصلاح المنشود وفق التوجهات المقترحة.
سادسا: التعامل الواقعي مع المحكمة الجنائية الدولية بما يوفق بين العدالة والاستقرار.
سابعا: أن تنفذ هذا البرنامج حكومة قومية بدماء جديدة في كل مستوياتها، فإن أي استمرار بنفس الوجوه تنقصه المصداقية. حكومة بهيكلة جديدة تفصل القوات المسلحة من السلطة وترفع يد الحزبية من كافة مؤسسات الدولة.
إذا قبل المؤتمر الوطني هذه المبادئ التي سوف يشارك في تنفيذها فنحن مستعدون للعمل على تحقيق الإجماع حولها لتخرج السودان من الهاوية.
النقطة السابعة:
مربع النظام الأول وخطة الإطاحة به سوف يطيحان بالبلاد. وإذا رفض المؤتمر الوطني الخطة أعلاه، فإنه بذلك سوف يفتح المجال واسعا لأجندات المغامرة بكل أنواعها وكثيرة ما هي، بل ويمنح أصحاب أجندات التمزيق والتدويل مجالا واسعا.
أمامك فانظر أى نهجيك تنهجِ طريقان شتى مستقيم وأعوجِ
شكرا،،