منتدى الإعلام التركي- العربي (1 – 2)
عادل الباز
17 December, 2011
17 December, 2011
صورة تركيا في ربيع العرب!!
17/12/2011م
* (نحن هنا سنفكر بأشياء طازجة بسيطة جديدة جداً، وسنؤسس حياة جديدة من خلال عيشنا، حياة حرة لم يشهدها الشرق بعد، جنة العقل التي نزلت إلى الأرض، أقسم لك يا فاطمة أن هذا سيحدث، وسنفعل هذا بشكل أفضل مما فعله الذين في الغرب. رأينا أخطاءهم، ولن نأخذ نواقصهم وإذا لم نرَ أو يرَ أولادنا جنة العقل هذه، فإن أحفادنا سيعيشونها على هذه الأرض، وأقسم أن هذا سيحدث!) من رواية البيت الصامت
* اورهان باموق- الأديب التركي الفائز بجائزة نوبل 2006
* ليست المره الأولى تجذبني إليها اسطنبول، فقد كنت على شط البسفور مرات عديدة لا أذكر كم هي. جذبتي تلك الساحرة إلى أحضانها بعنف ولا أعرف مدينة بمثل جاذبيتها فيما زرت من مدن العالم، وهي كثيرة. هذه المرة لم أكن أبحث عن اسطنبول التاريخية، بل كنت أبحث عن اسطنبول اروهان باموق!!..في آخر مرة زرت اسطنبول لم أكن قد تعرفت على كاتبها الأشهر اروهان باموق، وكنت أتساءل هل تركيا بلا أدباء؟. هل يمكن أن تخلو هذه المدينة الجميلة من أديب؟. في عام 2006م حين أعلن عن فوز أديب تركي بجائزة نوبل بـ (البيت الصامت) تعرفت على اورهان باموق.. ولكن للأسف لم تكن رواياته التي ترجمت لـ 34 لغة بين أيدينا. انتظرت سنوات حتى أهداني صديقي الأديب المجنون مأمون التلب رواية (ثلج)، فانفتحت على عالم اروهان باموق الغرائبي، فالتهمت أكثر من أربع روايات هي (البيت الصامت) (الكتاب الأسود) و(الحياة الجديدة) و(اسمي أحمر). كانت اسطنبول ببهائها وسحرها حاضرة في أغلب رواياته. يقول باموق إنه رغب في كتابة رواية تعكس نسيج الحياة في اسنطبول، وقال النقاد (إنه نجح في ذلك على نحو بارع؛ لأن كتاباته، مثل مدينته، تتأرجح في توازن دقيق بين الشكل والفوضى، بين التخطيط وانعدام التناسق، بين سحر الماضي وغزو الأسمنت، بين وجهيها (الشرقي والغربي)
* في الرحلة الأخيرة لحضور منتدى الإعلام العربي التركي في نهاية الشهر الماضي كنت أبحث عن تلك المدينة التي حكى عنها باموق فوجدتها ولم أجدها وذلك حديث يطول.
* في المنتدى الذي دعت له وزارة الخارجية التركية قال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج إن بلاده تركت التاريخ وراءها، وانفتحت على المستقبل. بدا لي هذا هو السبب الذي دفع بتركيا لتنظيم المنتدى في محاولة لتسجيل حضور إعلامي في المشهد العربي. الأتراك حاضرون الآن في قلب الربيع العربي سياسيا واقتصاديا، ولكنهم غائبون إعلاميا. لاتكاد الأجيال الجديدة في العالم العربي تعرف عن تركيا سوى أنها بلد (نور ومهند)، اللذان سجلا حضورا لافتا في المنتدى!!.
تركيا تحاول أن ترى صورتها في الإعلام العربي من ناحية، ومن أخرى تتلمس إمكانية حضور أكثر فعالية في العالم العربي في أوان ربيعه. في مخيلة العرب الآن تركيا تكاد تكون نموذجا لدولة مزدهرة اقتصاديا، ومستقرة سياسيا، تجمع بين الإسلام والحداثة، وهذان البعدان هما ما شكلا صورة زاهية في مخيلة العرب لتركيا. أضف إليهما دعم الثورات العربية والمواقف الباهرة التي وقفها اردوغان في دعم النضال الفلسطيني بأكثر مما فعل القادة العرب أنفسهم لقضيتهم. كاد اردوغان أن يكون بطلا قوميا لدى العرب ولم ينافسه في تاريخهم سوى عبد الناصر. المؤسف أن استثمار تركيا لهذه الصورة والمكانة التي تحتلها لم تترجم على صعيد الاقتصاد. فحجم التبادل التجاري بين تركيا والبلدان العربية 33 مليار دولار فقط في العام، الشيء الذي اعتبره نهاد اجون وزير الصناعة التركي غير كافٍ، وقال "نخطط لرفع هذا الحجم إلى 100 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة".
الحضور السياسي لتركيا أكبر بكثير من المصالح المتبادلة بين الشعوب العربية وتركيا. يمكن تفهم الأسباب التاريخية لذلك، ولكن الآن تركت تركيا اللهث خلف أوروبا، وخاصة بعد تداعي اقتصادياتها، واتجهت للعب دور مركزي في منطقتها الجغرافية.. لم يعد هذا الوضع مقبولا. تحتاج الاستثمارات الاقتصادية لإعلام فاعل لترويجها، وتقديم النماذج وتقريب الشعوب لبعضها وتوعيتها، وهذا ما كان المنتدى يبحث فيه على مدى يومين. كيف يمكن للإعلام أن ينهض بدروه في تجسير العلاقات بين تركيا والعالم العربي لخدمة مصالحهما المشتركة؟. مارس المنتدون عصفا ذهنيا حول كيفية توظيف الإعلام للعب دوره المنتظر في مستقبل العلاقات في المنطقة. خلص المنتدى لنتائج مهمة نستعرضها في الحلقة القادمة.
عادل الباز