منهج في الانتحال !!

 


 

منى أبو زيد
28 January, 2012

 



الداعية السعودي الشيخ الدكتور عائض القرني يواجه – هذه الأيام - محنة إعلامية كبرى بعد صدور حكم قضائي لصالح كاتبة سعودية تدعى سلوى العضيدان يقضي بتغريمه مبلغاً مالياً باهظاً كتعويض على حقوق ملكيتها الفكرية لكتاب أثبتت التحقيقات – على الأقل - سرقة الشيخ له وفقا لقرار صدر من لجنة النظر في مخالفات قانون حماية حقوق المؤلف بوزارة الثقافة والإعلام السعودية ..!

الحكم لصالح الكاتبة في تلك القضية شجع كتاب آخرين، فاتهم كاتب آخر الشيخ بسرقة مؤلفات والده من خلال برنامج تلفزيوني دونما استئذان أو ذكر للمصدر، وأعلن شاعر مصري عن عزمه على مقاضاة القرني بسبب سرقة كتابه "شعراء قتلهم شعرهم" الصادر عن مكتبة مدبولي في التسعينيات، مع تغيير طفيف بالعنوان ..!

وقد دافع الشيخ عن نفسه بأن أهل العلم والمعرفة والأدب استفاد بعضهم من بعض دون ذكر المرجع، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية الذي نقل عشرات الصفحات في كتبه لمؤلفين آخرين دون ذكر المرجع .. فالتأليف – بحسب رأيه – بنات أفكار أو نقل بالتنصيص، أو اشتراك في معنى ..!

الطريف أن هنالك  – في الجانب الآخر من العالم - من يرى أن هذا الضرب من السلوك ليس سطواً أو سرقة، بل إعادة تفكيك وبناء لا يقدر عليها إلا مبدع حقيقي، من زاوية أن إعادة البناء بنفس خامات الصرح القديم أصعب من تشييد الصروح الجديدة .. ومن هؤلاء الكاتب الأسباني برناردو أتشاغا صاحب رواية "أهالي أوبابا" الذي ضمنها فصلاً كاملاً بعنوان "منهج في الانتحال" لتعليم القراء فنون السرقة الأدبية التي يراها – المؤلف – علماً قائماً بذاته وله مبادئ وأصول ..!

وأفضل طريقة لانتحال أي عمل – بحسب أتشاغا – هي أن تسرق في وضح النهار.. أن تُضمِّن نصك تحية للمعلم الذي تنتحل منه .. أو أن تختار مقطعاً من نصه ليتصدر نصك.. عندها سيتعامل الجميع معك كتلميذ وفي ومعجب بأستاذه وليس لصا منتحلاً ..!

كثيرون قبل الشيخ القرني واجهوا ذات الدعاوى من المتنبي العظيم الذي اتهم بإعادة صياغة أفكار الآخرين، إلى طه حسين الذي اتهمه البعض بتضمين كتابات أحد المستشرقين في كتابه "الشعر الجاهلي" .. إلى ماركيز العظيم الذي اتهم بسرقة إحدى رواياته من كاتب ياباني .. ولكن عشاق إنتاجهم الغزير ظلوا ينظرون إلى النصف المملوء من كؤوسهم .. لذلك نقول لصاحب كتاب "لا تحزن" الذي ملأ الدنيا وشغل الناس: "لا تحزن" ..!



munaabuzaid2@gmail.com


 

آراء