من المسؤول عن تردي قطاع الكهرباء؟!
الطيب مصطفى
27 April, 2009
27 April, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
لن أفهم البتة ما يحدث في قطاع الكهرباء ولن يستطيع أحد كائناً من كان مهما دبَّج من الحجج والمبررات أن يقنعني أو يقنع غيري بسبب واحد لهذا الانهيار الذي أصاب الناس بخيبة أمل كبيرة بعد آمال عراض امتلأت بها النفوس وفرح غامر ردد الناس جراءه أهازيج الفرح بعد أن ربطوا بين سد مروي بكل البشائر التي زفها إلى الناس وبين الاستهداف الذي يتعرض له السودان في شخص رئيسه. لعل أكثر ما (يفقع المرارة) أن الهيئة القومية للكهرباء لاذت بالصمت غير الجميل ولم تتكرم بكلمة تهدئ بها من روع الناس وتطمئنهم بالرغم من أن الصحف ضجَّت بالشكوى معبِّرة عن الناس الذين طفح بهم الكيل ووجد الفنانون التشكيليون فرصتهم ليملأوا الصحف تهكماً وسخرية برسومهم الكاريكاتيرية التي أحسنوا من خلالها التعبير عن غيظهم وغيظ قرائهم لما يحدث من انقطاع أرجع الناس سنوات إلى الوراء بعد أن أحسوا بالعافية تدب في هذا القطاع الحيوي خلال السنتين الأخيرتين فإذا بقطاع الكهرباء يتراجع وبشكل أصاب الناس بالدهشة وأحال حياتهم إلى عذاب. لا أدري علاقة إدارة سد مروي بما حدث خاصة وأن أحد مهندسيها قد رد علينا خلال زيارتنا لدنقلا خلال الأسبوع الماضي احتفالاً بدخول كهرباء مروي إلى عاصمة الولاية الشمالية ومدنها وقراها... ردّ علينا بقوله »اسألوا الهيئة القومية للكهرباء!!« وليت الأمر اقتصر على الكهرباء فقد والله حدث شح مريع في الماء وعاد الناس إلى شرائه من جديد يحكون سيرة العير الظامئة رغم الماء المحمول على ظهورها!! حتى إدارة سد مروي قالت من البداية إن محطاتها ستكون في مرحلة تجريب حتى منتصف شهر مايو فلماذا ظلت الهيئة القومية للكهرباء تغط في نوم عميق ولم تنبِّه الناس قبل حلول فصل الصيف أنها ستواجه عجزاً كالذي نراه اليوم؟! لماذا صمتت الهيئة صمت القبور بعد أن منَّى الناس أنفسهم بصيف رائع فإذا بالجبل يتمخض فيلد فأراً صغيراً ويتلظى الناس بصيف لم يشهدوا مثله إلا قبل عدة سنوات. تحدث البعض عن أعطال طالت محطتي قري الحراريتين وهو أمر غريب بحق أن تحدث الأعطال في وقت كان ينبغي أن تكون فيه جميع المحطات قد خضعت للصيانة قبل حلول فصل الصيف!! الأسئلة كثيرة وقلة المعلومات عما حدث بالضبط تجعل الناس حيارى لأن من حقهم على إدارة الهيئة أن تعرِّفهم بما جرى ويجري من حولهم وليس أسوأ من أن يحلق الناس بآمالهم في السماء ثم ينهار كل شيء وليس أصعب على النفس من خيبة الأمل. أقولها بصراحة شديدة إنه ينبغي أن يدفع أحدهم أو بعضهم ثمن هذا الاخفاق فالشعب الذي التف حول رئيسه كما لم يحدث في تاريخ السودان الحديث ينبغي أن يحصل على إجابة وعلى قرار يحاسب المتسبِّب في هذا الضنك وهذه المعاناة التي يعيشها جراء انهيار الآمال التي علَّقها بعد أن تحول هتافه الرد الرد السد السد إلى رسوم ساخرة وكتابات تملأ الصحف والمواقع الالكترونية وأحاديث تلوكها مجالس المدن وبيوت الأفراح والأتراح فهلا تحمَّل أحدهم المسؤولية وهلا تقدم أحدهم باستقالته فداء وتكفيراً عن ذلك التقصير؟ مصر يا أخت بلادي يا شقيقة سعدتُ كثيراً بالخبر الذي أوردته صحيفة (الرائد) عن جهود كبيرة تبذلها الشقيقة مصر لتحريك سلام دارفور وعن دور إيجابي تنسق فيه مصر مع أمريكا لتسوية أزمة دارفور وقضية محكمة الجنايات الدولية. معلوم أن لمصر موقفاً محدداً من الجنائية يتلخص في أنها تدعو إلى تأجيل مذكرة التوقيف في حق الرئيس البشير لمدة عام من خلال إعمال المادة ٦١ من ميثاق روما وبعد صدور القرار من المحكمة الابتدائية أكدت مصر على موقفها من خلال تصريح وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط لكن مصر حضرت قمة الدوحة وشاركت بوفد رسمي في تلك القمة التي قررت بالإجماع رفض قرار محكمة الجنايات الدولية وبالتالي فإن مصر تصبح ملتزمة بذلك القرار الذي لم تشذ فيه من الإجماع العربي الأمر الذي يجعلني مطمئناً إلى حدٍ كبير بأن كل الجهود التي تبذلها مصر تنسجم وتتناغم مع موقفها الجديد المعبَّر عنه في قمة الدوحة. الشقيقة مصر تعلم أن هناك مبادرة من دولة قطر لحل مشكلة دارفور خاصة وأن مبادرة قطر مسنودة من الجامعة العربية وبالتالي فإنه من المفترض أن تصب كل المحاولات التي تبذلها مصر مع الفصائل الدارفورية أو مع أمريكا والدول الأوربية في دعم المبادرة القطرية ذلك أن تعدد المبادرات بدون أن يكون هناك انسجام وتناغم بينها يُحدِث تشويشاً في المواقف والنتائج ولذلك فإني أفترض أن الجهود المصرية لا تتعارض مع المبادرة القطرية خاصة وأن الأستاذ علي كرتي وزير الدولة بالخارجية على علم تام بالجهود التي تبذلها مصر التي يبدو لي أنها باتت أكثر حرصاً على اطلاع الحكومة السودانية بتحركاتها في الشأن السوداني خاصة بعد فكرة المؤتمر الدولي التي افترضت مصر أنها لا تحتاج إلى استئذان الحكومة السودانية قبل المضي قدماً في وضعه موضع التنفيذ باعتبار أن (الحالة واحدة). المهم في الأمر أن تصريحات سمير حسني الناطق الرسمي باسم الخارجية المصرية حول دور مصري (ينسق مع الإدارة الأمريكية لخلق موقف يساعد في إيجاد التسوية المطلوبة لقضايا السودان) على حد تعبيره وذلك من خلال رسائل يحملها مندوبون من أحمد أبوالغيط أو جهود يقوم بها سفراء مصر (لإيجاد مخرج من الجنائية ومشكلة دارفور) التي وصفها سمير حسني بأنها (تعيش وضعاً غير مريح)... المهم أن تلك التصريحات وتلك التحركات ينبغي أن تكون متسقة مع مركز القرار في السودان خاصة وأن الرئيس البشير أصبح يلعب دوراً محورياً ويمسك بملف دارفور والجنائية ويخوض بهما معارك الشرف والكرامة ضد البغاة الظالمين ممن بلغت غطرستهم وطغيانهم درجة ان يستهدفوا رئيس السودان دون غيره من رؤساء العالم فيا لها من (حقارة)... لذلك أقول إن على الشقيقة مصر أن تستصحب معها رؤية السودان قبل أي تحرك دولي ذلك أن الأمر يتعلق بالسودان ورئيسه ولا أزيد!!