رب ضارة نافعة، هذا ما قاله لنا المسئولون المصريون بكل صراحة، ويقصدون بذلك الهزة التي تعرضت لها مصر في علاقتها بالإتحاد الأفريقي وكانت بمثابة جرس إنذار لتنتبه مصر إلى علاقاتها الأفريقية، ولحسن الحظ لم يكن رد فعل مصر إنفاعليا أو متعجرفا، لقد هدأت أنفاسها وتحدث بلغة معقولة ودرست وحللت الأسباب التي أدت إلى حدوث هذه النكسة.
لقد قضت مصر قرابة العام وعضويتها معلقة ولكن كانت ديبلوماسيتها نشطة للغاية وتحركت يمينا وشمالا مع أصدقائها في القارة ونجحت في تجاوز العقبات حتى استعادت عضويتها الكاملة والمؤثرة في الإتحاد الأفريقي وحضر الرئيس الجديد المنتخب حينها عبد الفتاح السيسي أول قمة بعد زوال الأزمة في مالابو عاصمة غينيا الإستوائية، وبعدها كانت أول محطاته هي الخرطوم بعد مالابو.
بعضهم كان يراهن على إستمرار الأزمة وتحولها إلى قطيعة مصرية أفريقية كاملة، ويقدمون في ذلك نموذج دولة عربية أخرى وهي المغرب التي غادرت الإتحاد الأفريقي تماما، وتحدث بعضهم عن خروج جماعي لدول شمال أفريقيا تضامنا مع مصر والمغرب، وإنحسار الإتحاد الأفريقي إلى جنوب الصحراء.
كل هذه اتضح أنها أساطير، ولم يحدث منها شيء، عادت مصر بهدوء وهنالك مراجعات حول علاقة المغرب بالإتحاد الأفريقي.
الفصل الجديد في السياسة الخارجية المصرية تجاه أفريقيا والعالم الثالث يبتديء بالصفحة الرائعة وهي الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي يشغل فيها موقع الأمين العام السفير الدكتور حازم فهمي، وقد قدم تنويرا ممتازا عن الوكالة للقيادات الإعلامية الأفريقية التي تزور مصر حاليا.
وتاتي الوكالة دمجا لمنظمتين أو وكالتين متشابهتين أحداهن كانت متخصصة في الدعم المصري لأفريقيا، كما توجد عدد من الجهود المتفرقة مثل المنح الدراسية والبعثات الطبية، وفرص التدريب، ولكن بعد قيام هذه الوكالة سيتم تجميع وتنسيق الكثير من الجهود التي كانت متفرقة.
كل الدول الكبيرة والمحترمة والتي تعي دورها ووزنها الدولي والإقليمي لديها وكالات عون متخصصة ومنها "المعونة الأمريكية" المشهورة للغاية، ومنها "جايكا" اليابانية وعدد من النماذج المشابهة لذلك. بل هنالك دول لديها وكالات متخصصة مثل "إم آي سي تي" الألمانية، والتي تأتي موازية لمنظمة "جي آي زيد" الألمانية أيضا.
ربما يكون قيام الوكالة المصرية متأخرا نوعا ما، ولكن هذا يمنحها فرصة لتفادي الأخطاء التي تشوب تجارب الوكالات الإقليمية أو الرسمية الأفريقية، وهي تحول بعضها إلى أذرع اخطبوطية للإتحاد الأوربي والمنظمات الأوربية والأمريكية، وصارت تنفذ برامج تلك المنظمات والوكالات دون أي مراعاة للأجندة الأفريقية.
تمنياتنا أن تقدم مصر نموذجا رائدا و جديدا.
.................
makkimag@gmail.com