موجة التغيير بأي اتجاه؟

 


 

عادل الباز
2 March, 2011

 


هنالك كثيرون ركبوا موجة التغيير، وخاصة من داخل الحزب الحاكم. ولكن إلى  الآن لم نسمع منهم ماهو التغيير المطلوب وكيف سيتم. نشاهد تحركات كثيرة في قطاع الشباب في المؤتمر الوطني تطالب بالتغيير، وهناك العديد من القيادات تتحدث جهرا عن ضرورة التغيير، ولكن لا أحد يقول لنا ماهو التغيير المطلوب؟. ما أسهل الحديث عن التغيير عندما تهب رياحه من الخارج، وما أصعب التغيير حين تكون مفرادتة مبهمة. لا أحد لديه الرغبة حتى لا نقول القدرة على طرح ملامح واضحة حول ما الذي يجب تغييره ومتى؟. أسوأ ما يدور في أحاديث التغيير أنها تدور في حلقة مفرغة فلا تنتج إلا مزيدا من الحديث عن التغيير.
الرأي العام في المؤتمر الوطني تملأ أشرعته آمال التغيير، ولكن تغيير «شنو» ومتى؟. جيد أن يصل الحزب الحاكم وقواه الفاعلة لقناعة راسخة بالحاجة للتغيير، وليس عيبا أن تحث رياح التغيير التي تحيط ببلادنا على التقاط الفكرة ومحاولة التفاعل إيجابا معها. التغيير في الحزب الحاكم ليس شأنا يهم عضوية الحزب فحسب، بل هو شأن عام يهم الساحة السياسية كافة، وكل من يعمل في العمل العام، لأن أقدار ومصائر الوطن  ذات علاقة وثيقة بأقدار ومصائر حزب المؤتمر الوطني. فالحزب تجذر في السلطة والدولة بعد أكثر من عشرين عاما قضاها مسيطرا على مقاليد السلطة. ما يجري في دهاليز المؤتمر الوطني يؤثر بشكل كبير على الساحة السياسية. ولذا فإن جاء التغيير داخل الحزب الحاكم في الاتجاه الصحيح فإن ذلك مؤشرا إيجابيا في اتجاه التغيير على مستوى الدولة. أما ما هو الاتجاه الصحيح فذلك ما سيجيب عنه الفاعلون داخل الحزب الحاكم. وما يهمني هو تسارع وتيرة التغيير داخل الحزب الحاكم، فالتغيير على مستوى الدولة يمكن أن يتسارع.
إذا تبلورت الآن فكرة التغيير وبانت ضرورته، فإن المطلوب الآن هو تحديد ملامح أجندته على مستوى الدولة، لم يعد كافيا أن يرفع شعار التغيير الذي قد يفرغ من مضمونه إذا ما انحسرت أمواج التغيير وخفتت أصوات الداعين له. المطلوب المضي أكثر في اتجاه إنجاز التغيير نفسه.
 الأجندة مطلوبة بصورة ملحة ولكن السؤال  المهم هو متى يمكن أن نحدث التغيير؟. مقتل الأنظمة التي عصفت بها رياح التغيير كمَن في أنها لم تسمع للنداء باكرا، وهرولت إليه مكرهة لتقدم التنازل تلو التنازل، ولكن لأنها لم تقدم عليه إلا في الزمن الضائع فلم تنفعها تنازلاتها التي إن فعلتها باكرا ربما أنجتها من الغرق، ولكنها تلكأت وهي ترى الأمواج  تتعالى حتى أتاها أمر الله. التغيير الساعة بحسب تعبير أمين حسن عمر ضرورة، ولذا على الداعين للتغيير أن يستصحبوا معهم أهمية عنصر الزمن.
معارضة الحكومة لا تنظر لدعوة التغيير إلا في إطار تغيير سلطة المؤتمر الوطني، ولا حديث داخلها عن تغيير نفسها، فإذا كان المؤتمر الوطني بحاجة لتجديد هياكله وكوارده القيادية وسياساته فإن حاجة الأحزاب المعارضة للتغيير أشد. لا معنى للحديث عن تغيير في الدولة والأحزاب نفسها عصية على التغيير. على الأحزاب أيضا أن تنظر لعبر رياح التغيير في المنطقة التي تجاوزت الأحزاب المتكلسة، فنهضت قوى جديدة متجاوزة للأحزاب لتصنع التغيير  المطلوب بعيدا عن القوى السياسية التي شاخت واهترأت.
أجمل ما في الحكاية اليوم ألا أحد يجادل في ضرورة التغيير وأهميته، وقضينا زمانا حين تتحدث عن التغيير كأنك تتآمر على النظام، بل تستحق أن تذهب إلى  محكمة أمن الدولة!!. الذين  طالما صمتوا طويلا وهم يرون الفساد وعدم الكفاءة والمحسوبية بالدولة  يجاهرون اليوم بدعوة التغيير. لا بأس (أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أصلا).
 

 

آراء