مُذَكِّرَات مُغتَرِب في دُوَلِ الخَلِيجِ العَرَبي (٤٧) الأخيرة
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
10 November, 2024
10 November, 2024
السنةُ الأكاديميةُ ٢٠١٩ - ٢٠٢٠م كانض سبقتها في كلية الجبيل الصناعية . فقد قمتُ خلالَها بتلميعِ وتنشيطِ غرفةِ الأرشيف اللُّغوي التعليمي/ التربوي pedagogical archive بعد رُكُود . ولذلك كان الانهماكُ في تدريسِ طلابِ السنةِ التحضيرية أكثرَ حَمِيَّةً واستعداداً . وكان لِتَغَيُّر هيئةِ التَّدريس بالكامل والتنسيقية الجديدة لشركة المدينة أثرٌ فعَّالٌ في ارتفاعِ الحماسِ وزيادةِ وتيرة التفاعل interaction مع المُحيطِ الطُّلابي والإداري . لم يخلُ أداءُ شركة الخليج في السنة الأكاديمية السابِقة من أوْجُه القُصُور shortcomings خاصةً فيما يتعلقُ بالمُنَسِّق أو المسئولِ عن المواردِ البشرية HR الذي كان يتعاملُ معنا بِرُدودِ الأفعالِ و " شَخْصَنةِ " المواقف .
على أيةِ حال ، سارتْ الأمورُ سيراً حسناً والشُّهورُ حثيثاً حتى بلَغنَا الضَّفةَ الأُخرَى بسلامٍ ومهنيةٍ عاليةٍ تَمثّلتْ في نتائجِ الامتحاناتِ النهائيةِ بالنسبة لدوراتِ اللغة الانجليزية والتي كانتْ محلَ إشادةٍ من قِبَل إدارةِ المعهد وعلى رأسِها الدكتور أنور الزهراني .
كانتْ الإجازةُ الصيفيةُ تبعاً لذلك مُمتِعةً وعامِرةً مع الأهلِ والأحبابِ في مَقرنِ النيلين والجزيرةِ الخضراء ، امتدتْ لأشهُر ثلاثة من أول يونيو حتى نهاية أغسطس .
قبل انتهاءِ العُطلة الصيفية وصلتني رسالةٌ من الأستاذ محمد القضاة مُنسِّق شركة المدينة التعليمية فحواها : تُفيدكُم شركةُ المدينة التعليمية أنَّ عَقدَها مع الهيئةِ الملكيةِ بالجبيل وكلية الجبيل الصناعية قد انتهى وذلك لأنَّ الهيئةَ قد قررتْ تخفيضَ القَبول لطلابِ السَّنة التحضيرية للسنة الأكاديمية القادمة ٢٠٢٠ - ٢٠٢١م وسوف تكتفي بالمُعلِّمين الدائمين التابِعين للهيئة الملكية . ولذلك ترجو منكم الشركة إحدى خَيارين : إما طلب خروج نهائي أو نقل كفالة . نرجو منكم الرَّد قبل عودِتكم من الإجازة .
وهكذا تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السُّفُن . وقد جاءتْ الرِّسالة في وقتٍ حَرِجٍ كنَّا نستَعدُّ فيه لإغلاقِ مِلف الإجازةِ وفتحِ ملف العودة . لكنْ لا بأسَ فقد تَعوَّدنا على هذه المُفارَقات . فقد كان ردِّي : دَعُونا نُنفِّذ العودةَ ثم بعد ذلك نبحثُ عن نقلِ الكفالة. عُدنا في بدايةِ سبتمبر ٢٠٢٠م إلى الجبيل بالمنطقة الشرقية ، وكان العَودُ ضَبابِيَّاً هذه المرَّة . ومع مُضَايَقةِ الشركة بضرورةِ الإسراعِ بنقلِ كفالتي ، شرعتُ في البحثِ والتَّقصّي عن جهةٍ أنتقلُ إليها دونما ضَرر . استغرقَ الأمرُ قُرابة الشَّهرين حتى اضْطُررتُ للتفكيرِ في عملٍ تجاري ليس بعيداُ عن التَّدريس . فكّرتُ في افتتاحِ مكتبةٍ قِرطاسيِّة يكونُ شأنُها بيعُ الأدواتِ المكتبيةِ ثم التصويرُ والتغليفُ والترجمةُ ، وبحثتُ عن شراكةٍ . قادَتني مُهاتفاتي المُتعدِّدة إلى أخٍ سوداني كنتُ قد تعَرَّفتُ عليه في حفرِ الباطن - التي تبعدُ عن الجبيل مسافة ٤٢٠ كم - عندما كنتُ أعملُ مُدرِّساً لِكتيبةٍ من الدّفاع الجَوي بمدينةِ الملك خالد العسكرية KKMC لمدة شهرٍ واحد . أقنَعني المدعو خالد أحمد موسى بأنَّ كفيلَه " أبو فيصل " قد وافقَ على الشَّراكة في مشروعِ الأعمالِ المكتبية مع الترجمة على أنْ تكونَ الشراكةُ مُناصفةً 50 - 50 بعد نقلِ الكفالة . ولما كان بَديهِيّاً أنْ يعودَ المرءُ من إجازةٍ طويلةٍ صِفرَ اليدين ، فقدَ لجأتُ إلى الدَّيْن واقترَضتُ من أحدِ أقاربي مبلغاً كبيراً على أساسِ أنَّ المشروعَ أرباحُه مَضمُونةٌ و " ما يخُرِّش المَيَّة".
جَلسْنا ثلاثَتُنا في خيمةٍ خارجَ البلدة : أبو فيصل وخالد موسى والعبدُ لله . ناقَشنا الإطارَ العام للشَّراكةِ وطبيعةِ النَّشاط التِّجاري ورأسِ المال . اتَّفَقنا على ٤٠ ألف ريال كَبِداية على أنْ يدفعَ كُلٌّ مِنّا ٢٠ ألف .
أبو فيصل : هل أنت جاهز يا أبا عمر ؟ ( يقصُد المبلغ ) .
قلت : نعم وقد اشتريتُ ماكينة تصوير حديثة ماركة Canon بمبلغ خمسة آلاف ريال . وسوف أدفعُ الباقي cash وأنا جاهز .
قال : زين . خلونا نَروح المكتب ونَخلِّص الموضوع ع الكمبيوتر .
ذهبنا لِمكتبِه داخلَ البلدة والمُتخَصِّص في خدماتِ الإقامةِ وتخليصِ المُعاملات ، وقامَ مُوظفُه أبو سلامة بِتكمِلة
إجراءاتِ نقلِ الكفالة والعقدِ الصُّوَري . وقد طلبَ مِني المبلغَ حتى تَتِمَّ إضافُته للنِصف الآخَر ويُفتَح به حسابٌ خاص . قدَّمتُ المبلغ ( ١٥ألف ) بِحُسنِ نِيّة وفرحٍ غامِر . ثم بدأتُ البحثَ عن مكانٍ مناسب من ناحيةِ الموقع والايجار ، فأصَرَّ أبو فيصل على أنْ نَستأجِرَ محلاً خالياً مُجاوراً لمكتبه . بالمُناسبة أبو فيصل عسكري يُسافرُ بين الفينة والأخرى إلى الحُدودِ الجَنوبية مع اليمن ليُداوم هناك أسبوعاً أو أسبوعين ثم يَعود . تركَ الأمرَ كُلَّه للمدعو " أبو سلامة " - وهو سوري الأصل - ليقومَ بِكلِّ ما يلزمُ المكتبةَ القرطاسية من أجهزةٍ ومُعدَاتٍ ولوازمَ ، وقبل هذا إعدادِ المحل بالواجِهة الزُّجاجيةِ والأرفُف وما يلزمُ لاستيعابِ الأدواتِ المكتبية لمُتطلباتِ المدارسِ والتلاميذ .
وبعد شهرين بالتَّمام والكَمال قضَيتُها جيئةً وذهاباً بين مكتب أبو سلامة وسكني والمُماطَلة وعدمِ ظهور " أبو فيصل " في الصورة ، تعبتُ من الجري وراء السَّراب وأيقنتُ أنَّ القومَ يمكُرون " ويَمكُرون ويَمكُر الله والله خيرُ الماكِرين " ؛ بعد هذه القناعةِ تَشبَثتُ بالمدعو خالد موسى الذي أدخلني في هذه الورطة ، وأصررتُ عليه أنْ يجمَعني بِكفِيله . وصفَ لي خيمةً يجتمعُ فيها هو وأصحابُه
يُدخِّنون الشِّيشة ويَتغَدون فيها وأفضلُ وقتٍ لوجودِه هو الساعة الواحدة بعد الظُّهر .
وفي اليومِ التَّالي - وكانَ الحَرُّ قائظاً - فاجأتُ أبا فيصل في الثانية ظهراً في الخيمةِ التي وصفَها لي خالد . بُهت الرجلُ عندما رآني وكادتْ عيناه تَخرُجان من مَحجَريهما . خُلاصةُ الأمر أنّني عبَّرتُ عن استيائي الشَّديد من الانتظار الذي ورَّطني فيه وعدمِ اهتمام " أبو سلامة " بما كلَّفه به بعد أنْ دفعتُ له المبلغ المطلوب . ذكرَ لي سبباً واهياً لعدمِ قيامِ المشروع وهو أنَّ وزارةَ الثَّقافة لم تمنَحه تصريحاً لأنَّ المكتباتِ والقرطاسيات في حفر الباطن مُتوفِرة أكثرَ من اللازم !!! وهذا هو العذرُ ال " أقبح من الذَّنْب " طيِّب لِمَ لَمْ تُخبِرني بذلك !!!؟ . قمتُ بِفَضِّ الشَّراكة في ذلك النَّهار وطلبتُ المبلغَ الذي دفَعتُه . أصَرَّ على خصمِ مبلغ ٧٠٠٠ ريال قيمة نقل الكفالة ورسوم مكتب العمل مع أنني قلتُ له لَمْ أستَفِدْ من كفالِتك شيئاً !!! وهذا مشهدٌ آخر مِن مسرحيةِ الكفيلِ الفرد. فَضَضتُ الشَّراكةَ المَزعُومة
واستلمتُ المبلغ المُتَبقي . حملتُ أحزاني وعُدتُ بها "مُتلفِّعاً بالليلِ والصَّمتِ " !!!
لَمْ أفكِّر بعدها في المشروعِ الذي رسمتُ نجاحَه في مُخَيِّلتي ووقعتُ في المكانِ الخطأ لتنفيذِه وشربتُ المزيدَ من مَقالِب الكُفلاء وأسألُ الله أنْ يُنَجِّي المُغتربين من شُرُورِهم ويفتحُ لهم أبوابَ الشركاتِ الكبيرةِ والمؤسساتِ الحُكُومية .
أخيراً وليس آخراً ، الشُّكرُ والتَّقدير لِكُلِّ من تابعَ مُذكِّراتي قراءةً وتأمُّلاً على صفحاتِ " سودانايل " الإلكترونية أو منقولةً على صفحاتِ الواتساب والشُّكر أجْزلُه للأستاذ طارق الجزولي المُِّحَرِّر والمُشرِف على مِنَصة سودانايل الغنية بالسياسةِ والثقافةِ والآدابِ شعراً ونثراً وعلماً وظُرفاً وطُرفة .
و ... أدْركَ شهرزاد الصَّباح فسكتتْ عن الكلامِ المُباح .
أستَودِعُكم اللهَ الذي لا تضيعُ ودائِعُه .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
m.omeralshrif114@gmail.com
على أيةِ حال ، سارتْ الأمورُ سيراً حسناً والشُّهورُ حثيثاً حتى بلَغنَا الضَّفةَ الأُخرَى بسلامٍ ومهنيةٍ عاليةٍ تَمثّلتْ في نتائجِ الامتحاناتِ النهائيةِ بالنسبة لدوراتِ اللغة الانجليزية والتي كانتْ محلَ إشادةٍ من قِبَل إدارةِ المعهد وعلى رأسِها الدكتور أنور الزهراني .
كانتْ الإجازةُ الصيفيةُ تبعاً لذلك مُمتِعةً وعامِرةً مع الأهلِ والأحبابِ في مَقرنِ النيلين والجزيرةِ الخضراء ، امتدتْ لأشهُر ثلاثة من أول يونيو حتى نهاية أغسطس .
قبل انتهاءِ العُطلة الصيفية وصلتني رسالةٌ من الأستاذ محمد القضاة مُنسِّق شركة المدينة التعليمية فحواها : تُفيدكُم شركةُ المدينة التعليمية أنَّ عَقدَها مع الهيئةِ الملكيةِ بالجبيل وكلية الجبيل الصناعية قد انتهى وذلك لأنَّ الهيئةَ قد قررتْ تخفيضَ القَبول لطلابِ السَّنة التحضيرية للسنة الأكاديمية القادمة ٢٠٢٠ - ٢٠٢١م وسوف تكتفي بالمُعلِّمين الدائمين التابِعين للهيئة الملكية . ولذلك ترجو منكم الشركة إحدى خَيارين : إما طلب خروج نهائي أو نقل كفالة . نرجو منكم الرَّد قبل عودِتكم من الإجازة .
وهكذا تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السُّفُن . وقد جاءتْ الرِّسالة في وقتٍ حَرِجٍ كنَّا نستَعدُّ فيه لإغلاقِ مِلف الإجازةِ وفتحِ ملف العودة . لكنْ لا بأسَ فقد تَعوَّدنا على هذه المُفارَقات . فقد كان ردِّي : دَعُونا نُنفِّذ العودةَ ثم بعد ذلك نبحثُ عن نقلِ الكفالة. عُدنا في بدايةِ سبتمبر ٢٠٢٠م إلى الجبيل بالمنطقة الشرقية ، وكان العَودُ ضَبابِيَّاً هذه المرَّة . ومع مُضَايَقةِ الشركة بضرورةِ الإسراعِ بنقلِ كفالتي ، شرعتُ في البحثِ والتَّقصّي عن جهةٍ أنتقلُ إليها دونما ضَرر . استغرقَ الأمرُ قُرابة الشَّهرين حتى اضْطُررتُ للتفكيرِ في عملٍ تجاري ليس بعيداُ عن التَّدريس . فكّرتُ في افتتاحِ مكتبةٍ قِرطاسيِّة يكونُ شأنُها بيعُ الأدواتِ المكتبيةِ ثم التصويرُ والتغليفُ والترجمةُ ، وبحثتُ عن شراكةٍ . قادَتني مُهاتفاتي المُتعدِّدة إلى أخٍ سوداني كنتُ قد تعَرَّفتُ عليه في حفرِ الباطن - التي تبعدُ عن الجبيل مسافة ٤٢٠ كم - عندما كنتُ أعملُ مُدرِّساً لِكتيبةٍ من الدّفاع الجَوي بمدينةِ الملك خالد العسكرية KKMC لمدة شهرٍ واحد . أقنَعني المدعو خالد أحمد موسى بأنَّ كفيلَه " أبو فيصل " قد وافقَ على الشَّراكة في مشروعِ الأعمالِ المكتبية مع الترجمة على أنْ تكونَ الشراكةُ مُناصفةً 50 - 50 بعد نقلِ الكفالة . ولما كان بَديهِيّاً أنْ يعودَ المرءُ من إجازةٍ طويلةٍ صِفرَ اليدين ، فقدَ لجأتُ إلى الدَّيْن واقترَضتُ من أحدِ أقاربي مبلغاً كبيراً على أساسِ أنَّ المشروعَ أرباحُه مَضمُونةٌ و " ما يخُرِّش المَيَّة".
جَلسْنا ثلاثَتُنا في خيمةٍ خارجَ البلدة : أبو فيصل وخالد موسى والعبدُ لله . ناقَشنا الإطارَ العام للشَّراكةِ وطبيعةِ النَّشاط التِّجاري ورأسِ المال . اتَّفَقنا على ٤٠ ألف ريال كَبِداية على أنْ يدفعَ كُلٌّ مِنّا ٢٠ ألف .
أبو فيصل : هل أنت جاهز يا أبا عمر ؟ ( يقصُد المبلغ ) .
قلت : نعم وقد اشتريتُ ماكينة تصوير حديثة ماركة Canon بمبلغ خمسة آلاف ريال . وسوف أدفعُ الباقي cash وأنا جاهز .
قال : زين . خلونا نَروح المكتب ونَخلِّص الموضوع ع الكمبيوتر .
ذهبنا لِمكتبِه داخلَ البلدة والمُتخَصِّص في خدماتِ الإقامةِ وتخليصِ المُعاملات ، وقامَ مُوظفُه أبو سلامة بِتكمِلة
إجراءاتِ نقلِ الكفالة والعقدِ الصُّوَري . وقد طلبَ مِني المبلغَ حتى تَتِمَّ إضافُته للنِصف الآخَر ويُفتَح به حسابٌ خاص . قدَّمتُ المبلغ ( ١٥ألف ) بِحُسنِ نِيّة وفرحٍ غامِر . ثم بدأتُ البحثَ عن مكانٍ مناسب من ناحيةِ الموقع والايجار ، فأصَرَّ أبو فيصل على أنْ نَستأجِرَ محلاً خالياً مُجاوراً لمكتبه . بالمُناسبة أبو فيصل عسكري يُسافرُ بين الفينة والأخرى إلى الحُدودِ الجَنوبية مع اليمن ليُداوم هناك أسبوعاً أو أسبوعين ثم يَعود . تركَ الأمرَ كُلَّه للمدعو " أبو سلامة " - وهو سوري الأصل - ليقومَ بِكلِّ ما يلزمُ المكتبةَ القرطاسية من أجهزةٍ ومُعدَاتٍ ولوازمَ ، وقبل هذا إعدادِ المحل بالواجِهة الزُّجاجيةِ والأرفُف وما يلزمُ لاستيعابِ الأدواتِ المكتبية لمُتطلباتِ المدارسِ والتلاميذ .
وبعد شهرين بالتَّمام والكَمال قضَيتُها جيئةً وذهاباً بين مكتب أبو سلامة وسكني والمُماطَلة وعدمِ ظهور " أبو فيصل " في الصورة ، تعبتُ من الجري وراء السَّراب وأيقنتُ أنَّ القومَ يمكُرون " ويَمكُرون ويَمكُر الله والله خيرُ الماكِرين " ؛ بعد هذه القناعةِ تَشبَثتُ بالمدعو خالد موسى الذي أدخلني في هذه الورطة ، وأصررتُ عليه أنْ يجمَعني بِكفِيله . وصفَ لي خيمةً يجتمعُ فيها هو وأصحابُه
يُدخِّنون الشِّيشة ويَتغَدون فيها وأفضلُ وقتٍ لوجودِه هو الساعة الواحدة بعد الظُّهر .
وفي اليومِ التَّالي - وكانَ الحَرُّ قائظاً - فاجأتُ أبا فيصل في الثانية ظهراً في الخيمةِ التي وصفَها لي خالد . بُهت الرجلُ عندما رآني وكادتْ عيناه تَخرُجان من مَحجَريهما . خُلاصةُ الأمر أنّني عبَّرتُ عن استيائي الشَّديد من الانتظار الذي ورَّطني فيه وعدمِ اهتمام " أبو سلامة " بما كلَّفه به بعد أنْ دفعتُ له المبلغ المطلوب . ذكرَ لي سبباً واهياً لعدمِ قيامِ المشروع وهو أنَّ وزارةَ الثَّقافة لم تمنَحه تصريحاً لأنَّ المكتباتِ والقرطاسيات في حفر الباطن مُتوفِرة أكثرَ من اللازم !!! وهذا هو العذرُ ال " أقبح من الذَّنْب " طيِّب لِمَ لَمْ تُخبِرني بذلك !!!؟ . قمتُ بِفَضِّ الشَّراكة في ذلك النَّهار وطلبتُ المبلغَ الذي دفَعتُه . أصَرَّ على خصمِ مبلغ ٧٠٠٠ ريال قيمة نقل الكفالة ورسوم مكتب العمل مع أنني قلتُ له لَمْ أستَفِدْ من كفالِتك شيئاً !!! وهذا مشهدٌ آخر مِن مسرحيةِ الكفيلِ الفرد. فَضَضتُ الشَّراكةَ المَزعُومة
واستلمتُ المبلغ المُتَبقي . حملتُ أحزاني وعُدتُ بها "مُتلفِّعاً بالليلِ والصَّمتِ " !!!
لَمْ أفكِّر بعدها في المشروعِ الذي رسمتُ نجاحَه في مُخَيِّلتي ووقعتُ في المكانِ الخطأ لتنفيذِه وشربتُ المزيدَ من مَقالِب الكُفلاء وأسألُ الله أنْ يُنَجِّي المُغتربين من شُرُورِهم ويفتحُ لهم أبوابَ الشركاتِ الكبيرةِ والمؤسساتِ الحُكُومية .
أخيراً وليس آخراً ، الشُّكرُ والتَّقدير لِكُلِّ من تابعَ مُذكِّراتي قراءةً وتأمُّلاً على صفحاتِ " سودانايل " الإلكترونية أو منقولةً على صفحاتِ الواتساب والشُّكر أجْزلُه للأستاذ طارق الجزولي المُِّحَرِّر والمُشرِف على مِنَصة سودانايل الغنية بالسياسةِ والثقافةِ والآدابِ شعراً ونثراً وعلماً وظُرفاً وطُرفة .
و ... أدْركَ شهرزاد الصَّباح فسكتتْ عن الكلامِ المُباح .
أستَودِعُكم اللهَ الذي لا تضيعُ ودائِعُه .
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
m.omeralshrif114@gmail.com