نائب رئيس الحزب الاتحادي السوداني: البشير سيحتل آبار النفط في الجنوب

 


 

 

قال: إن السودان مهدد بالغرق في حروب

الشرق الاوسط: محمد علي صالح
شن المعارض السياسي علي محمود حسنين، نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، من أكبر الأحزاب السياسية في السودان، وهو يزور الولايات المتحدة حاليا، هجوما عنيفا على الرئيس السوداني عمر البشير، وقال إن إسقاط نظامه أهم من أي شيء آخر. لكنه قال إنه لا يريد التعاون مع الحكومة الأميركية أو منظمات أميركية لإسقاط البشير.

وبدا حسنين متشائما جدا حول مستقبل السودان، وخاصة العلاقة بين الشمال والجنوب، وقال إن الجنوب سيصوت مع الانفصال في الاستفتاء المقرر له يناير (كانون الثاني) المقبل، وإن البشير «سيخلق حيلا وألاعيب» لتستمر آبار النفط القريبة من الحدود بين الشمال والجنوب تحت سيطرة حكومة الخرطوم. ولهذا، سيأمر القوات السودانية المسلحة بالاستيلاء على الآبار «بحجة أنها تتعرض للمخاطر، وأن الأمن الوطني السوداني يستوجب حراستها». وقال حسنين في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» إن الحركة الشعبية التي تحكم جنوب السودان «جهزت نفسها من الآن، واشترت طائرات ودبابات، ووضعت خطة كاملة لمواجهة القوات السودانية إذا احتلت آبار النفط». وإلى نص المقابلة:

* ما هو الهدف من زيارتكم للولايات المتحدة؟

- أنا أعيش الآن في بريطانيا، ومن هناك بدأت حملة لتأسيس جبهة عريضة هدفها الأول هو إسقاط حكومة البشير. نحن نرى أن البشير دكتاتور ومجرم. هذه جبهة تجمع كل السودانيين، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية السابقة أو الحالية. في الأسبوع الثالث من هذا الشهر، سنعقد مؤتمرا شاملا في لندن لوضع برنامج محدد وأهداف محددة. وأنا قمت بجولة في بريطانيا، وجئت إلى الولايات المتحدة لكسب التأييد والدعم لهذه الجبهة الجديدة.

* هل تريد مساعدة من الحكومة الأميركية أو منظمات أميركية؟

- لا، نحن نعتمد على سواعد السودانيين، هذه حركة سودانية، ونريدها أن تكون بعيدة عن أي تأثيرات أجنبية.

* توجد منظمات أميركية تعادي البشير، وتطالب باعتقاله ليقف أمام محكمة الجنايات الدولية بتهم الإبادة وجرائم الحرب في دارفور، وأيضا، أنتم تريدون ذلك. هل ستتعاونون مع هذه المنظمات، في هذا المجال على الأقل؟

- طبعا، ما دمنا نريد أن يقف البشير أمام المحكمة، نؤيد الذين يؤيدون ذلك. لكن هذه تفاصيل سيحددها المؤتمر العام الذي سيعقد في لندن. سيبدأ المؤتمر بوضع اسم لحركتنا، ثم يضع الأهداف والوسائل والتفاصيل.

* لكن، يتعايش مع البشير السيد محمد عثمان الميرغني، الراعي الديني والزعيم السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، وأنت نائب رئيس الحزب! - عارضت الميرغني في هذا الموضوع، وأعارضه الآن، وأقول ذلك علنا. وعارضت الحالة المؤسفة التي وصلت إليها الأحزاب السياسية في السودان، حزبنا، وغير حزبنا، كلها ليست فيها ديمقراطية، وتسيطر قيادات عقيمة عليها، وتتوارث السيطرة جيلا بعد جيل.

* طلب قادة في حزبك في السودان منك أن تستقيل ما دمت تعارض تقارب حزبك مع البشير؟

- لماذا أستقيل من حزب ظللت عضوا فيه منذ نعومة أظافري؟ لماذا أترك أول وأهم حزب في تاريخ السودان؟ أنا اتحادي وسأموت اتحاديا.

* ينتقدك قادة في حزب المؤتمر الوطني (الحاكم في السودان) بأنك تعارض من خارج السودان، من فنادق بريطانيا وأميركا؟

- في السنة الماضية، اعتقلتني حكومة البشير لأني أعارضها طبعا، وأيضا لأني أيدت قرر محكمة الجنايات الدولية باعتقال البشير. وخلال اعتقالي، هددني قادة جهاز الأمن الوطني السوداني، هددوني شخصيا ومباشرة بأنهم سيقتلونني. ونصحني إخوان وزملاء أن أترك السودان. ولهذا الآن أعيش في لندن.

* لماذا تؤيدون مثول البشير أمام المحكمة؟

- أولا: ارتكب جرائم حرب وإبادة في دارفور هي سبب قتل أكثر من ثلاثمائة ألف، وربما أربعمائة ألف شخص. وهي سبب فرار أكثر من ثلاثة ملايين شخص من ديارهم، بعضهم إلى داخل السودان وبعضهم إلى دول مجاورة. ولا يزال البشير يواصل ارتكاب جرائمه.

ثانيا: يقع القضاء السوداني تحت سيطرة البشير، فكيف يحاكم البشير، ناهيك عن أن يحاكمه محاكمة عادلة؟

ثالثا: تسيطر أجهزة الأمن والاستخبارات السودانية على السودان، مهما تعددت التسميات والتقسيمات، مثل: الجهاز التشريعي والجهاز التنفيذي والجهاز القضائي.

رابعا: لأن دستور السودان يسمح بمحاكمة رئيس الجمهورية فقط في حالة الخيانة العظمى، وليس في حالات إبادة أو جرائم حرب. هذا إذا اقتنعنا بأنهم يحترمون الدستور، الذي كتبوه هم.

* مؤخرا، خففت الحكومة الأميركية الضغط على حكومة البشير، وفي الأسبوع الماضي، في الأمم المتحدة، قال الرئيس أوباما إنه سيقدم حوافز، منها رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية، وبدء الصادرات الأميركية إلى السودان، واحتمال مساعدة السودان في تخفيض ديونه الخارجية، وربما، في وقت لاحق، رفع السودان من قائمة الإرهاب؟

- كيف تقدم أميركا إغراءات للبشير والبشير سجين أميركا؟ أميركا هي التي عاقبت البشير، وليس العكس. وأميركا هي التي ضيقت الخناق على البشير منذ البداية، منذ أن أعلن ما سماه «المشروع الحضاري الإسلامي» الذي هدد المصالح الأميركية في المنطقة وفي العالم. وبعد اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب (سنة 2005)، صار واضحا أن أميركا تريد فصل الجنوب. ولهذا، تفعل كل ما تقدر لضمان تحقيق هذا الهدف، ومن ذلك ضمان تأييد البشير للانفصال، ويشمل ذلك تقديم إغراءات له. لكنها إغراءات مؤقتة.

ولا تنس أن أميركا لم تعارض الانتخابات العامة التي أجريت في أبريل (نيسان) الماضي. قالت إنها لم تكن حرة ونزيهة، لكنها لم تعارضها. لماذا؟ لأنها تركز على الاستفتاء في الجنوب، ليصوت الجنوب مع الانفصال.

* هل يريد الإسلاميون في السودان فصل الجنوب؟

- أعطيك مثالين فقط:

المثال الأول: أصدرت رابطة علماء السودان بيانا، هل تحدثوا فيه عن فصل الجنوب، أو عدم فصله؟ لا، تحدثوا عن أن قادة الحركة الشعبية كفار. وقالوا إن كل من يتعامل معهم كافر مثلهم، كل من يأكل معهم، وكل من يشتري أو يبيع منهم، وكل من يؤجر لهم منزلا.

المثال الثاني: أصدرت جماعة أنصار السنة بيانا، هل تحدثوا فيه عن انتخابات حرة ونزيهة، أو استفتاء حر ونزيه؟ لا، تحدثوا عن أن الانتخابات والاستفتاءات أشياء علمانية وغربية. وحتى لو أجريت، يجب ألا تشمل العلمانيين، والنساء، وغير المسلمين. وكل من يخالف ذلك يصير كافرا ولا بد من إعلان الحرب عليه. بالله عليك، هل يوجد تطرف أكثر من هذا؟

* هل يريد البشير شخصيا فصل الجنوب؟

- منذ قبل أن يستولي البشير على الحكم (سنة 1989)، ومنذ أن تعاون فيلسوفه حسن الترابي مع حكومة جعفر نميري العسكرية (1969 - 1985)، أعلن الترابي صراحة أن هدفهم هو أن تحكم الشريعة الإسلامية السودان. والشريعة الإسلامية منهم براء. لكنهم فعلوا ذلك أيام نميري، وفعلوا ذلك خلال مفاوضات الديمقراطية الثانية (1985 - 1989) بين الشماليين والجنوبيين.

في سنة 1989، اتفقت كل الأحزاب الشمالية على عقد مؤتمر للشماليين والجنوبيين لحل المشكلة، يبدأ بوقف إطلاق النار. لكن، قبل موعد المؤتمر قاد البشير الانقلاب العسكري (سنة 1989)، وحل الأحزاب، وألغى الديمقراطية، وأعلن الجهاد ضد إخواننا وبني وطننا الجنوبيين. وفي سنة 1992، في فرانكفورت في ألمانيا، وقعوا على اتفاقية مع قادة جنوبيين لمنحهم حق تقرير المصير.

وهكذا، يبدو واضحا أنهم لا يرغبون في المحافظة على وحدة الوطن، وأن همهم الأساسي هو حكم الشريعة الإسلامية، إن لم يكن في كل السودان، ففي شماله.

* هل سيلتزم البشير بنتيجة الاستفتاء في الجنوب؟

- لا تنس عاملا هاما وجديدا في هذه التطورات، وهو اكتشاف النفط واستخراجه في الجنوب. تحول الإسلاميون من عقائديين إلى تجار نفط. نسوا الشريعة، وركزوا على صفقات النفط، والأنابيب والمصافي، وعلى شركات الاستثمار والتنقيب والتصفية والنقل. سيطروا على نفط الجنوب. حتى أجبرتهم اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب (سنة 2005) على تقسيم عادل لعائدات النفط. لكنهم قبلوا تقسيم عائدات النفط على مضض.

لهذا، الآن وهم يواجهون الاستفتاء في الجنوب، لا يخافون على حكم الشريعة، ولكن على فقدان ثروة النفط. 90 في المائة من عائدات صادرات السودان من النفط. من دون النفط، ستفلس حكومة البشير. وإذا أفلست، فستسقط. عندما يحدث الانهيار الاقتصادي، سيحدث الانهيار السياسي.

* ماذا تتوقع أن يحدث إذا صوت الجنوبيون مع الانفصال؟

- قبل التصويت، سيفعل البشير كل ما يقدر عليه لعرقلته أو إلغائه. طبعا، علنا هم يقولون إنهم مع الاستفتاء. لكن لا تصدقهم. أنا أعرفهم جيدا.

في الحالتين، إذا صوت الجنوبيون مع الانفصال، أو إذا لم يجر الاستفتاء وأعلن الجنوبيون الاستقلال من جانب واحد (من برلمانهم في جوبا)، سيعلن البشير أن البلاد تواجه خطرا كبيرا يهدد أمنها الوطني، وأن أمن آبار النفط جزء من أمن السودان الوطني. وسيخاطب الشعب السوداني في التلفزيون، ويعلن إرسال القوات السودانية المسلحة للسيطرة على آبار النفط.

في الجانب الآخر، ستعلن دولة الجنوب الجديدة أن آبار النفط جزء من أراضيها، وسترسل قواتها إلى هناك. ليس هذا سيناريو. هذا تخطيط عسكري جنوبي علني، وليس سريا. وبدأ مباشرة بعد اتفاقية السلام. اشتروا دبابات وطائرات لأنهم يعرفون أن البشير لن يتخلى عن آبار النفط.

* هل هذا سيناريو تشاؤمي؟

- هذا ما سيحدث، وسيغرق السودان، ليس في حرب في الجنوب فقط، ولكن، أيضا، في دارفور، وفي الشرق، وفي مناطق أخرى.
 

 

آراء