نحو دولة مدنية

 


 

 

يكثر الحديث هذه الأيام عن الدستور الانتقالي والتساؤل السائد , وهل هو ما يفضي إلى الانتقال الديمقراطي وقيام دولة مدنية ,هنالك من يرى أنه ذا صبغة علمانية وآخرون لا يحفلون به لأنه جاء صادر دون تشاور واسع وكذلك عدم معرفة كل أهل السودان و بنوده وقال لي مواطن بسيط أنه هذا الدستور الانتقالي يمثل أشواق النخب والمثقفين أين نحن من هذا الطرح,وجماعة الإسلام السياسي ترى هذا الدستور الانتقالي يمت صيغته خارج السودان وهو بالحق يمثل أحلام الديمقراطيين في بناء دولة تسعى لما يرون لكي يحققوا مآربهم لقيام سلطة انتقالية تدوم عامين وتأسيس كل مؤسسات السلطة الانتقالية وذلك للذهاب للانتخابات وبعدها ندلف لدولتنا الحلم وهي الدولة المدنية
قد لا تعرف جماعات الإسلام السياسي أن كل اهل السودان الذين عرفوا تفاصيل الدستور الانتقالي المقترح يناصرون هذا الاتجاه الذي فيه الأمل العظيم في قيام دولة مدنية حقيقة ,بل يقولون لا للدولة الدينية بسبب تجربتهم مع حكم الإسلام السياسي وأنتم تعلمون لقد ثمن الانعتاق من هذا الاتجاه كوكبة من الشهداء منذ بواكير الحراك الثوري ضد دولة الاخوان والعهد البائد ,وهم الذين يسوقون لخديعة كبرى هي أن الاعتلال الأساسي في حياتنا الفكرية والسياسية الذين ينادون بالدولة المدنية و يرموا كل من يعمل على تحقيق الدولة المدنية بأنه علماني شيوعي وتغريبي لا يريدون حكم الشورى ولا تعميم الثقافة الاسلامية ولا أن تسود
أقول لهم كان شعارهم الإسلام هو الحل , أين أنتم من الإسلام القويم خلال فترة حكم استمرت لثلاثة عقود ما فيها غير التمكين ونهب المال العام وتسخير موارد البلاد لخدمة أجندتهم
عليهم تقييم تجربتهم وتطوير فكرة دولة المدينة المنورة في أذهان مفكريهم ,و يراجعوا كيف حشوا عقول البسطاء بالأفكار المعادية للعلم والاستقرار والاجتماع على نظام حكم يرضي الجميع وهم يحتكمون للماضي في تفاصيل فكرتهم السياسية وطرهم عن المستقبل السياسي للوطن لقد هزموا فكرة الدولة الحديثة باسم الحكم الإسلامي قاموا بتأسيس ثقافة العنف السياسي والمجتمعي إمعانا في تمزيق الأمة لمصالح محددة
أعلم ويري معي كل أهل السودان أن الدولة المدنية العلمانية هي نتاج التقدم الحضاري والتجربة الإنسانية منذ بدء الخليقة ,وقد لا يعرف هؤلاء أن الدين يحتل في الدولة المدنية العلمانية مكانة محترمة باعتباره شأن شخصي وضرورة وحوجة للإنسان أعلموا شباب الثورة أن الاسلاميين يرون الديمقراطية صنو للالحاد ويدري دعاة الدولة الدينية أنهم بهذا المسار أقرب للدولة الصهيونية , لا اريد الخوض في الأمر هو بديهي وواضح
تعالوا نقول أن تعريف أن تعريف الدولة العلمانية والدولة المدنية ليس عليهما اتفاق بين أهل العلم السياسي و جمهرة المثقفين وحتى رجال الدين سواء من الناحية النظرية أو من حيث الواقع العملي , يقال أن العلمانيون هم الرجال والنساء المدنيون وهذا هو التعريف الكنسي وعند علماء المسلمين أعداء الدين وهم التغريبيين وعشاق الثقافة الغربية وغالوا في ذلك بل قالوا إنه النموذج المضاد للدين والتدين وهي دعوة للعمل بأحكام وثقافة الآخر الفرد الغير ديني
أننا عندما ننادي بقيام دولة مدنية ونقول توصيفها أنها دولة التي يحكم فيها أهل الاختصاص وتقوم علي دستور يمثل الجميع كمواطنين ليس معني بما تؤمن من دين غير أنها دولة المواطنة وحكم القانون فيها يحكم رجال ونساء مدنيون متخصصون في الحكم بالقانون واحترام المؤسسات من منطلق الدور المتناغم للدولة من خلال المؤسسية نعم ليسوا فقهاء أو مشايخ او قساوسة أو زعماء قبائل ولا أصحاب عقائد كريمة
وأكد للجميع أن فكرة الدولة المدنية ليس فيها عداء للأديان وليس هناك تناقض بينها وركائز ما جاءت به الأديان والكتب السماوية بل دورها هو تحديد المسار الحيوي للدين بحيث لا يطغي علي كل مجالات الحياة حتى يصبح قوة جاذبة ودافع للاعمار والمشاركة بين كل أهل الوطن في الحياة العامة
أن للدولة المدنية ثلاثة عناصر هامة تؤسس عليها تبدأ بالحرية كمبدأ لا جدال عليه والمسألة الثاني المعرفة بالدولة المدنية مدخل لعقلانية القانون والتخطيط للتنمية المستدامة وفهم المواطنين والساسة لها بل العسكر كذلك للتعاطي الإيجابي مع الأمر , ومن العناصر التي تسرع بالتفاعل مع واقع الدولة المدنية المواطنة وتأسيس المواطنة على مبدأ الوطن للجميع والدين لله والكل له الحرية في اختيار ما يعتقد ويمارس طقوسه
والآن حان الوقت لحسم السجال في مسألة شكل وملامح الدولة السودانية وكيف نحكم فلا يعقل أن نظل في حالة صراع سياسي وجدل وأطروحات كثيرة تزيد من تمزيق الوحدة الوطنية , علينا في البداية الاعتراف بأن لهذا الوطن قيمة ونحن شركاء مع المكونات فبه ولابد لنا من الاتفاق على تأسيس دولة مركزية موحدة لا يستطيع أحد فصم عرها
أني علي يقين راسخ أن الدولة المدنية هي ضد التعصب والقبلية ولن تقصي أحد بل تجسيد لأرادة الشعب الساعي للوحدة و النهضة وفي النهاية المسار الديمقراطي هو الضامن لميلاد الدولة المدنية التي يحلم بها أهل السودان

zuhairosman9@gmail.com

 

آراء