صديقي المحامي الألمعي A.A من المحامين الشباب الناضجين تدرب بعد التخرج في واحد من أفضل مكاتب المحاماة في الخرطوم وعمل بالمحاماة فترة طيبة ثم قادته الظروف للوصول لأوربا!!! وكان يومها من بين أشد السودانيين كرها لنظام الإنقاذ بحاضنته السياسية حزبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، حتى انه كان يقول لن ينفع ضد نظام الإنقاذ إلا التصفيات الفردية لشخصياته لأنهم لا يمارسون إلا بالعنف ولا يخافون إلا العنف المضاد على كبار رؤسائهم!!! بعد أن استقر به المقام ونال الجنسية الأوربية أصبح من المدافعين عن نظام الإنقاذ!!! و منذ ثورة ديسمبر 2018م وهو يعلن عدائه لنظام الحكم المدني مدعيا بأن الحكومة ومن خلفها هم "شيوعيين" يجب محاربتهم!!! وهو يصر على أن حل قضايا السودان كلها تتلخص في عدم وجود دستور دائم فقط!!!
أما صديقي د. الضوء .ا.ع. وهو أستاذ جامعي في علم المختبرات فهو يصر على انه خبير في السياسة والاقتصاد و"يشتم" كل من يناصر الحكومة الانتقالية الحالية ويصفهم بالقطيع! صديقي القديم الجديد د.ع .ف ع. وهو احد أهم الخبراء في المجال البنكي خلال قرابة 30 عاما ولم ينتقد نظام حكومة الإنقاذ يوما ما! ولكنه "أمسى" من أشد أعداء ثورة شباب السودان! وهو يصر على أن الحكومة الانتقالية هي حكومة اليساريين وهي ضد الدين وان من قاموا بالثورة خرجوا على الحاكم الشرعي، أي البشير وهو أمر لا يجوز البتة!
جاري المغترب بإحدى دول الخليج وهو من أميز السودانيين في مهنته التي بينها وبين علوم السياسة مابين المشرقين! لم ينبس ببنت شفة في أمور السياسة طيلة ثلاثين عاماً، ولكن بعد مجيء الحكومة الانتقالية، أفصح عن عدائه الكبير للحكم المدني.
تلك كانت عينات من بعض ممن هم حولي ممن يعلنون عن عدائهم الواضح لحكومة حمدوك بحجة انها يسارية!!! أما الآلاف المؤلفة من بين الشعب ممن ينتقدون حكومة حمدوك بحجة انفراط الأمن ولكنهم لا يتجرؤون بإلقاء أي لأئمة على "المكون العسكري" ضمن مجلس السيادة والقوات النظامية وأجهزة الأمن أو حتى قوات الدعم السريع؟؟؟ وهي الجهات التي بررت ضرورة وجودها في سدة الحكم بأنه لحفظ الأمن !!!
هؤلاء الآلآف المؤلفة هم من ألف نظام الإنقاذ "جيوبهم" وقلوبهم ووضعهم في أماكن "مفتاحية" في الدولة وفتح لهم أبواب الفساد. فاستمرأوا الفساد وتعايشوا معه وبه، وأنتشر الفساد حتى أصبح ثقافة عامة في التعامل! حتى أن المواطن العادي أصبح يرى أن الرشوة هي تسهيلات وأن المحسوبية شيء عادي وأن رمي الأوساخ خارج بيته في الطرقات أو في الساحات هو تصرف طبيعي!
من المعلوم بأن البناء عملية طويلة وتحتاج وقت وترتيب وعمل وتكاليف في حين أن عملية الهدم والخراب سهلة حتى للآكلة "السوس" التي تجرأت حتى على عصى النبي والملك سليمان "فنخرتها"! وهذا الخراب التام والإفساد للمواطنين هو ما قامت به الإنقاذ خلال ثلاثين عاما لقناعتها بأنها إن استطاعت إفساد الشعب فستبقى إلى أبد الآبدين كما قال د. نافع علي نافع "سنسلمها للمسيح " !
كذلك حاربت الإنقاذ الشرفاء في أرزاقهم فأحالت الكثيرين للصالح العام وسجنت وشردت وعذبت كل من قاوم الفساد والإفساد
قام الشباب والشابات الذين رأوا كيف تذل الإنقاذ أبائهم وأمهاتهم وأخواتهم بالمقاومة السلمية حتى استطاعوا الانتصار على الاستبداد ومعارك كسر العظم التي مارستها ضدهم حكومة الإنقاذ منذ 2013م فاستهدفت الشباب بالقتل المباشر بالرصاص الحي والرصاص المطاطي او التغييب في السجون الرسمية او غير الرسمية او الملاحقة والتشريد.
بعد أن نجح الشباب في ثورتهم، لم يجد سارقي الثورات الذين لهم باع طويل وخبرة تراكمت منذ 1964م، بد من العودة لأساليبهم القديمة المعهودة والمتمثلة في التسبب في الإفراط في الأمن والتضييق في العيش على المواطنين! وكما تم رمي الدقيق في النيل الأبيض في سنوات الثمانينات وإشعال الفتن القبلية ونشر الجريمة والفوضى! عاد سارقي الثورات لإشعال نار الحرب القبلية في المدن الآمنة هذه المرة مثل كسلا و القضارف وبور تسودان وحلفا الجديدة وكاس، بل نشروا الجريمة المنظمة والاعتداء على المواطنين حتى داخل الخرطوم. وقاموا بالمضاربة في أسعار الدولار وتهرببه وتجفيف السوق من المواد الغذائية والدقيق والأدوية بإخفائها أو تهريبها. ورفع الأسعار بصورة تؤدي لإفقار المواطن وإحباطه وفقدان أمله في الحكومة الانتقالية وفي إمكانية الإصلاح.
يأتي ندائي للمخلصين من أبناء السودان بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والعدلية لأنهم هم الركيزة الأساسية لنشر الأمن والطمأنينة وإقامة العدل، فلتعلموا يا أبناء الوطن أن الكثيرين ممن هم حولكم من الفاسدين أو ممن يغمضون أعينهم عن الفساد مقابل مصالح شخصية ومناصب وأموال، وأن الكثيرين منهم أيضا يترأسون شركات قابضة ويتربحون من خلف الفساد مزايا مالية ضخمة قد تعادل مرتب ألف جندي وموظف شهريا!!!
لقد رأيتم بأعينكم عبر لجان تفكيك الفساد إن هناك من يمتلك المئات بل الآلاف القطع السكنية في حين أن أغلبكم يسكن بالإيجار، وهذا هو فقط الجزء الظاهر من جبل فساد الإنقاذ الجليدي، أما ما لم يكشف بعد فهو مما لا يعقله عاقل. ولكنكم رأيتم وعرفتم أن اغلب المنظومة الفاسدة لهم علاقات أسرية تزاوجية واجتماعية ومهنية وتجارية مشتركة!!! فما الذي يجبركم على التماهي وسماع الأوامر من هؤلاء الفاسدين!!!
ندائي لضمير كل مخلص من أبناء الوطن وخاصة العاملين بالأجهزة العدلية والقوات النظامية والأجهزة الأمنية، أن يعلموا أن المواطن الأخر ليس عدو لهم ولا منافس لهم في الرزق أو المال أو المنصب وانه مثلهم منهوب الحقوق من قبل كبار المسئولين الفاسدين في تلك الأجهزة التي أوجب واجباتها نشر العدل وبسط الأمن.
إن الشعب الصابر العفيف هم أبائكم وأمهاتكم وإخوانكم وأخواتكم وجيرانكم وأهل زوجاتكم وأهل أصدقائكم وزملائكم. فيجب أن تقفوا مع هذا الشعب وتكشفون الفاسدين من رؤسائكم، وثقوا بأن أكبر دليل على وطنيتكم وصدقكم هو الانحياز للشعب ورفض الفاسدين خاصة بين كبار المسئولين في كل تلك المؤسسات العسكرية والشرطية والأمنية والعدلية. وبذلك سيتشجع الجميع على كشف الفساد بل سيهرب الفاسدين مثل الجرزان! فاذا انتشر الامن وفضح الفساد ستتحقق أهداف الثورة واحلام الشهداء و الثوار بحرية وسلام وعدالة وحينها ستعود القماري للغناء و يعم الخير والبركة والأمن ربوع السودان وتبدأ حركة النماء والتعمير.
كتب الأستاذ عمران البدوي "
عندما تكون الأخلاق فعل ماضي والعنف فعل أمر والحرب فعل مضارع والسياسيون فاعل والشعب مفعول به...والفساد صفة...والضمير غائب والمصلحة مبتدأ والوطنية خبر..والانتهازية مفعول مطلق والوظيفة أداة نصب...عندها يصبح الفقر حال ظرف...فلا عجب ان يكون المستقبل مبني للمجهول"