كلام الناس
لا أخفي عليك إنني لا أقراً "كلام الناس" إلا عندما تتناول القضايا الإجتماعية كلما أجد فرصة لذلك، كما أن الناس قد إنصرفوا عن قراءة الصحف ليس لأنها أصبحت بعيدة عن متناول أيديهم إنما لأنها أصبحت بعيدة عن واقعهم وهمومهم.
ليس هذا فحسب بل أصبحتُ مثل كثير من المواطنين لا أهتم بما يجري في السودان من خيبات سياسية واقتصادية وأمنية، ليس لأنني بعيد عن السودان إنما لأن مايجري بالفعل يدخل من يتابعه في دوامة لا أول لها ولا اخر وسط تكرار كربوني للتجارب السابقة بكل سلبياتها حتى بعد نجاح ثورة الوعي الشعبية السلمية.
لن أدخل معك في تفاصيل لم تعد تعنيني ولا حتى تعينني في فهم ما يجري من صراع عبثي على السلطة والحكم في السودان، فقط دعني أحكي لك معاناة شخصية عسى ان تعينني على تجاوزها بسلام خاصة وأنني في بداية حياتي العملية والأسرية.
لم أقل لك أنني أعمل طبيب في أحد مستشفيات الدوحة بدولة قطر وقد تزوجت ممرضة سودانية تعرفت عليها في ذات المستشفى، وجاءت جائحة كوفيد19 لتدخلنا سوياً في دوامة لا تنتهي من العمل للدرجة التي أصبحنا لانكاد نجد فيها فرصة لأخذ نفس في حياتنا الخاصة.
حضرت لنا الوالدة في أجازة قصيرة من السودان ولم يعجها حالنا ونحن لا نكاد نلتقي في البيت، واستمعت للكثير من الملاسنات بيننا وذات مرة حاولت تهدئة الموقف بيننا فاعتبرت زوجتي أن أمي إنحازت لي ضدها وتوتر الموقف أكثر.
أثناء هذا التوتر إنفعلت وطلقت زوجتي وعادت أمي للسودان هي تشعر بالذنب وكأنها هي التي تسببت في وقوع الطلاق رغم انها لم تكن السبب الحقيقي.
بصراحة ندمت على طلاقي من زوجتي التي كما قلت لك تزوجتها باختياري وشرعنا سويا في تأسيس حياة زوجية مستقرة رغم الضغوط العملية والمعيشية المزدادة.
الحمد لله قررت إرجاع زوجتي لكن الذي أحزنني سفر أمي في هذه الظروف الحرجة التي أشعرتها بالذنب ولم تكمل أجازتها معنا.
هكذا إنتهت رسالة الطبيب الذي لم يذكر لي إسمه، لكن لابعفيه من اللوم لأنه يتحمل مسؤولية خاصة بسببوقوع هذا الطلاق إبان وجود أمه معهم الأمر الذي فتح الباب أمام إتهامها بأنها سبب هذا الطلاق.
الحمد لله أنه تراجع عن قراره بالطلاق وإن كان من الأفضل إن تم ذلك بوجود أمه معهم، وإن شاء الله يعي هذا الدرس الأهم في الحياة الزوجية التي أصبحت أكثر تعقيداً في ظل سطوة الحياة المادية وتراجع المشاعر والأحاسيس الأهم لتعزيز المودة والرحمة بين الزوجين وتمتين التماسك الأسري.
أكيد ستسعد الأم بقرار إبنها بالرجوع لزوجته، ولعلها أيضاً إستوعبت الدرس المهم الذي تحتاجه كل الأمهات بعدم التدخل في الخلافات الداخلية في أسر أولادهن خاصة عند إشتداد التوتر والشد العصبي بين الزوجين.