نسمات الربيع هبي على الوطن- لا أقول مثل العقاد “ربيع رياضنا ولى”
د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
14 November, 2021
14 November, 2021
شكراً لهذا اليوم السبت الثالث عشر من شهر نوفمبر 2021 - تضامنا مع ملايين شباب الشارع السوداني فى الداخل والخارج:
أقول ربيع رياضنا حي
ربيع رياضنا خالد موجود
ربيع رياضنا أرضه كلها زهر
وملايين من أجمل الورد
ربيع رياضنا الحياة و النور
في الليلة الظلماء ينير دنيانا
يبشرنا بطلوع الفجر والنصر
ربيع رياضنا الود والحب
تشهد به الأيام والعصر
هو جنتنا ودوحة الوجد والعشق
حدائقه غلبا فواكهها من حولنا ترقص
تشاركنا طرباً الفرحة بالحرية والنصر
وإذا جاز لك عزيزي القاريء أن تصحبني برهة فى عالمي فصبرك مقدر إن استطعت لأن دروب التفكير والترحال لصعبة وجداً شائكة. لكن تفاءل معي رغم هجوم لفحات الرياح الجليدية لأن من حسن الطالع سيحين عن قريب وقت انحسار الشتاء القارس عندما تهب رويداً رويداً النسمات الربيعية الدافئة ثم تبلغ ذروتها نهاية شهر كل أبريل، فتبتهج الدنيا وتنتشي الحياة كلها فرحة لأن بعد الصبر الشديد ومعاناة حمل أشهر قاسية من شدة الصقيع والظلام الحالك لا فرق بين نهاراتها ولياليها يطل المولود الجديد المرتقب ، أملاً أخضراً وتفاولاً مزهراً ، يفوح عطراً يداوي إكتئابات وأحزان تمكنت فى أعماق نفوس كادت تنتحر تموت لكنها لم تفقد الأمل من نزول الرحمة من رب السماء. وكذا للأشجار كما للإنسان نفوساً تحس فإن لها احساس وتعبير، تبدأ ترقص طرباً بعودة الحياة لها من جديد، تتمدد رقيقة وطرية شعيرات أغصانها وتتزين بحلة زاهية من الجمال. منها ما كان حظه أوراقاً رقيقة شبه شفافة يغلب عليها اللون الأخضر الليموني الفاتح والأخريات منها تكسوها أثواب مزركشة بشتى ألوان الطيف ممثلة في مختلف أنواع الزهر البديع الجذاب. وما كل تلك الإحتفالية السنوية إلا رحمة من السماء تتنزل على العباد وكل المخلوقات، ترفع الروح المعنوية ولكن سرعان ما ينقضي ذلك المشهد الرائع الجميل.
لكن إنحسار موسم الربيع قصير الأجل لا يعني فقدان الأمل ونهاية الحياة بل يعني تجددها ويعني مزيداً من التفاول والأمل انتظاراً لظهور الثمار ثم نضجها ومن بعد جني محصولها، فهي الغذاء الحقيقي وهي طاقة تحريك عجلة النمو الإقتصادي و تحقيق كل ما يصب إيجاباً فى مواعين سبل التنمية المستدامة وضمان استقرار الإنسان الآمن كل فى بيئته وموطنه.
للأسف الشديد يا صاحبي أن يكون حظ السودان هذه السنة وقبل حلول الربيع حظ شتاء قاسي مظلمة نهاراته ولياليه لأن الشمس التى كانت المشرقة دوماً قد اختفت حسرة منذ الخامس والعشرين من اكتوبر ، تبكي على جناز حكومته المدنية وعلى ديمقراطيته المسلوبة غدراً وفى أقبح سيناريو إخراج ، بل الشمس حسرة تصلي على جناز كل شعبه "المغلوب على أمره الصابر صبر أيوب طيلة ثلاثة و ثلاثين عام عجاف " فقد وقع الوطن كله "غدراً " فريسة في فخ كمين الجيش الغادر علي يد الفريق البرهان. هذا الانقلاب ما هو إلا بيع للذمم وتراب الوطن وشعب الوطن كله وفى نظري هو باب عريض مفتوح على مصراعيه لإستعمار جديد ( ليس حلايب وحدها بل كل تراب الوطن). . شهد العالم ان الإنقلاب المشؤم تم مدعوماً بنصح بل رغبة أكيدة من الذين سماهم المصلح السيدالبرهان "بالأصدقاء من دول الجوار" والغريب أنه قد شكرهم فى خطاب يوم الإثنين المشؤم . البرهان ومن يقفون حوله، سواءً كانوا سودانين أو غير ،فهم إما يعانون من قصور ذهني او الأدهى وأمر إن كان العكس صحيحاً فسيكون الحال انهم بدون استحياء يريدون حقيقة إطفاء ذلك النور الذي جاء من السماء يبسم لنا مبشراً بقدوم فجر صبح جديد وسودان حر وجديد مرفوع الرأس بين الأمم، ستزهر في كل أرجائه الورود الربيعية تعطر سموات الوطن شرقا وغربا جنوبا وشمالا وسيفيق العالم الحي ويغني كله مجتمعا أجمل أغاني الحياة حراً فى عالمه الجديد وفرحاً بقدوم ربيع الدنيا الذي كان حلما فصار حقيقةً . فيا صاحب السفر لا أعتقد أن هناك فرق بين كآبة طول وسواد ظلمة ليالي شتاء بلاد شمال أوروبا وكابة سواد ظلمة أيام وليالي إنقلاب البرهان على الحكومة المدنية والرمي بشعارات الثورة المجيدة وبنود وثيقتها الدستورية عرض الحائط. إنه علناً تمرد على كل أسس بنيان الديمقراطية الوليدة فى السودان ، ليس خجلا ولا وجلاً هكذا تصرف بل معتمداً على قوة السلاح (المدفوع ثمنه من جيب المواطن) ومعتمداً داخلياً على دعم قلة من مواطنين لا يستحيون من إعلان نفاقهم علناً وهم يتأتؤون متثاقلين على شاشات التلفزيون العالمية، لقد فعل بالوطن البرهان ما لا يحمد عقباه، فعل ما لا يقدم على فعله عاقل بل نفذ كل ما طلبه أعداء وحدة ونهضة الوطن السودان (فهم أصدقاء السوء).تصرف على كيفه فى حق وطن حدادي مدادي، فى حاضره ومستقبله، وفى مصير أكثر من أربعين مليوناً من المواطنين ، من غير رغيب أو حسيب لأنه هو الآمر والناهي بدون شرعية دستورية . هذه هي عين الدكتاتورية التي يمقتها العالم الحر . الدكتاتور هو دائماً وحده يكون متخبطا فى أفكاره الهشة وأفعال ظالمة لا يرضاها الله، فيظل حاقداً شكوكا ً ومجنوناً فى كل تصرفاته ويصير عبثياً كالثور يعربد في مستودع الخزف, فيخرب كل شيء. لم يستفد السيد البرهان من وجود الكم الهائل من خلصائه الاستراتيجيين الذين شغلهم الشاغل كان الظهور والتخريف على شاشات التليفزيونات لأن الدهر قد أكل منهم وشرب. هكذا للأسف رجع الفريق البرهان بالسودان وكل شعبه وأمانيهم الي المربع الأول. وإن تحقق له أن يقوم صباح الغد بفتح سفارة فى تل ابيب فهو الخاسر دنياه وأخراه لأن لشعبه رأي آخر و سيسجلها التاريخ له منقصة فى حقه.
من طبيعة البشر التأثر بما يدور حولهم من أحداث بما في ذلك المناخ والتاقلم على تقلباته. وفي كل مناسبة تحدث نج كل إنسان بمعزل عن مستوى فهمه أو ثقافته يستخدم موهبته الفطرية فى التعبير عن ما يحس به وأهلنا الكرام السودانيين حتى الأميين منهم فى البوادي والحضر يحكي تأريخهم أن أشعارهم وأمثالهم الشعبية ونكاتهم من حسن دقتها تصويراً وروعتها معنى ومقصداً قد تفوق مستوى ما جاء فى أشعار وروايات شكسبير وملاحم الإلياذة والأوديسة لهوميروس . تعيد لنا هذه الأيام المعطرة بالهتافات الثورية وأفواج تماسك السودانيين الراقي ، الصور الزاهية من سير أبطال هذا الوطن الذين قوموا المستعمر وضحوا من أجله وحتى اليوم بقوا أحياء بيننا. والملاحم الموجودة تمجد ذكرهم لكثيرة تنعش نبض كل شارع ، من أجملها وأعظمها ملحمة الشاعرة رقية بنت حبوبة ترثي أخاها البطل عبدالقادر:
" الإعلان صدر و اتجمع المخلوق
بى عينى بشوف اب رسوة طامح فوق
كان جات بالمراد و اليمين مطلوق
ما كان بنشنق ود اب كريق فى السوق".
اليوم لكأني بكل أم شهيد تقول للفريق البرهان " بي عيني بشوف ولدي مبتسم فى الفردوس طالع فوق" ، فيا شباب السودان الصامد لا ازكي نفسي ولا انتم ، كل ابن أنثى خطاء فكلنا نحتاج إلي إصلاح من الالف الى الياء ، فى البيت ، فى الشارع، فى المدارس، فى الاسواق وأماكن العمل ، إصلاح الدساتير وسياسة الحكومة. ايها الشباب اليوم دقت ساعة الإصلاح والعمل فلا تهنوا تنهزموا يا أبطال، يا عظماء أحفاد وحفيدات بت حبوبة وودحبوبة وعلي عبداللطيف وعثمان دفنة والسلطان عليّ دينار والمك نمر وعكير الدامر وحسن خليفة العطبراوي والأزهري والمحجوب ووو…. ، السودان هو حقكم الموروث ( ليكن شعار الثورة السودان للسودانيين، السودان لنا، السودان حقنا، السودان وطننا، السودان إرثنا وملكنا) تركه لكم أجداد و آباء كانوا شرفاء أوصوكم عليه وعلى ترابه تصونوها . السودان واستقلاله وعزته هو حاضركم ومستقبلكم المنتظر ، لا تنهزموا
ولا تستمعوا للمغرضين يقولون لكم ساخرون "ربيعكم ولى والرياح تهب فى صالح البرهان" بل هبوا وثوروا ، أثبتوا على مواقفكم كما خرجتم اليوم وغنوا بشعاراتكم الملهمة عنوان ملحمة نضالكم لتكون تاريخاً يذكر وللعالم النزيه درساً وفرصة يسمعكم فيها، قولوا لهم بكل فخر وإباء "ربيعنا باقي ….. ربيعنا مزهر …. ربيعنا مثمر …..أيامه كثر وطريقه يسر". بإذن الله النصر لكم وإن طال السفر والعزة والمجد للسودان وإن كره الكارهون
اللهم أرحم الشهداء ( اليوم ومن قبل) وموتانا وموتى المسلمين وتقبلهم فى أعلى الجنان والزم أهلهم الصبر والسلوان
هذه الديمقراطية التي نريد مثلها للسودان ليصير قوياً بين الأمم دستوره " مدنية ، حرية سلام وعدالة "
drabdelmoneim@gmail.com