في لحظةٍ حرجة مشحونة مباغتة من هامات الشمال إلى جرف الجنوب من كل زاويةٍ ومن كل صوب عند حافة الحياة الزلقة لم يعد متسع للتراجع والهروب في ظهرك الموتُ الشنيع قبالةَ وجهك الهاوية كلٌ حسبما اكتنز من عتاد المباهج وما لديه للذة من عدةٍ فانية العالم صار ضيقاً وحده الخوف يتسع يزاحم الجبال الراسيات يزحم الأفق تبددت أحلام الصبايا الفاتنات امتقع الشباب بالقلق فقدت القلوب الطرية نبض الحب والفرح لم يعد للأباطرة الصغار سلطة إرسال المخلصين المدججين بالقيم إلى زنازين الحبس الإنفرادي الخاوية ومنافي التجويع الجماعي النائية عدوٌ فتاك يستهدف الجميع ذو سطوة مهول خفية حاصدة لا يستثني أحداً من كل المدارات أربك أرباب القرارات والأسلحة الذكية العالم كله أمسى مرتعداً فوق الجمر تحت خط الخوف رهن التشرزم والتشرنق تحت الصفر تحت الحجاب الحاجز يا لوعورة الدروب والمسالك لم تعد للنجاة طرق آمنة كل السبل تفضي حتماً للمهالك ساكنو القصور المترفة مثل ساكني اأكواخ الصفيح المهمشة أسرى الرعب والإستسلام الطوعي الذليل اعترفوا الآن علناً بينما يلفظ زفيره الأوان كم هو شاسع البون بين الحب والغواية المسافة بين الوله والغزل كم هو مكلف وباهظ الفارق بين فائض القيمة وفيض الثرثرة وكم هو موجع الإحساس المخادع بين العزلة والإستغراق بين الشح والعوز والطريق كم هوموحش وشاق من الوفرة إلى الندرة كائن هلامي شرس أيقظ فينا بغتة دفء ثروة الإلفة وثراء الجماعة شهوة الطعام المزوق بالنبيذ في الهواء الطلق ومتعة تانغو الهزيع الأخير المشرّب بالشغف والخدر قيمة كبح الغرائز وترويض اللغات المتوحشة واستبدال المديح بالهجاء الأن حتماً أدرك الجميع بعدما دفعنا من ذواتنا كلفة الخسارة الفادحة قيمة تبديد الحماقات العاصفة لقاءات الحب وباقات المواعيد مروج العلاقات الوارفة بعدما قايضنا تحت وقع الواقعة صدى الموسيقى والأغاني بنحيب المراثي والعويل أمام كائن هلامي هزيل نثر رائحة الموت في الأسواق والجثامين المهملة في ردهات المشافي وفوق الأرصفة يلتقطها جند ملثمون دون سابق معرفة لم يتلوا عليها صلوات الوداع وابتهالات المغفرة الآن لم يعد أحد منا قادراً منفرداً على التسلل عبر جدار المحنة المظلمة كلنا في بئر عميق سحيق عتمة نترقب دبيب ساعات أقدارنا البطيئة المعلقة