نصر وهزيمة

 


 

كمال الهدي
18 December, 2009

 

 hosamkam@hotmail.com

تأمُلات

 

كمال  الهدي

hosamkam@hotmail.com

       صحيح أن كامبوس صدق وعده بتحقيق الفوز على المريخ في نهائي كأس السودان.

      وصحيح أن مهاجم الهلال سادومبا الذي كثيراً ما انتقدناه كان هداف اللقاء  بعد أن تعامل مع التمريرتين المتقنتين بالهدوء المطلوب.

      وصحيح أيضاً أن اللعب كان مناصفة كعادة لقاءات الفريقين في الفترة الأخيرة، حيث سيطر الهلال على شوط اللعب الأول الذي وقع خلاله مدرب المريخ في نفس أخطاء كامبوس في المباراة السابقة، حيث لعب بدون صانع ألعاب معتمداً على ثلاثة لاعبي ارتكاز ولذلك كان طبيعياً أن يتفوق الهلال خلال هذا الشوط، بينما تفوق المريخ في معظم فترات الشوط الثاني.

      انتصر الهلال، لكن لم تتوقف الهزيمة على غريمه المريخ وحده، بل انهزمت القيم والأخلاق وثبت أن لقاءات الفريقين لا تستحق أن نطلق عليها لقاءات القمة.

      فقد استمرت حالات سوء السلوك والاعتداءات بين لاعبي الفريقين وهي أيضاً نتيجة طبيعية للعبث الذي يجري باسم الكرة في بلدنا.

      في المباراة السابقة اعتدى أسامة التعاون على سفاري بدون كرة وبطريقة قاسية وعنيفة، لكنه لم يجد العقوبة اللازمة، لذلك لم نستغرب عندما لكم علاء الدين يوسف بالأمس مصعب على وجهه بعد احتساب مخالفة على الهلال ، وكالعادة لم ير لا حكم المباراة ولا رجل الخط القريب من موقع الحادثة شيئاً.

      في كل بلدان الدنيا عندما تحدث اعتداءات من هذا النوع نسمع بعقوبات تطال اللاعب المعتدي حتى بعد انتهاء المباراة، أما عندنا فالمعتدي لا يجد ما يستحقه من عقوبة، بل على العكس تماماً فهو غالباً ما يوصف بأنه غيور ومقاتل، وهذا ما ينطبق تماماً على علاء الدين يوسف وهو ما يشجعه على مثل هذه السلوكيات القبيحة التي لا أرى أي علاقة بينها وبين كرة القدم.

      رددنا مراراً أننا ما لم نتخل عن تعاطفنا مع من لا يستحقون التعاطف من لاعبينا فلن ينصلح حالهم مطلقاً.

      اللاعب كلاتشي الذي تعجبني موهبته أصبح أيضاً كثير الشغب والعنف خلال لقاءات هلال مريخ وكأنه يحمل زملائه السابقين أخطاء مجلس إدارة فريقهم في حقه.. بلة جابر لا كورة لا أخلاق وقد رأيناه مراراً ينقض على الخصوم بعنف مبالغ فيه

      عموماً ما نشاهده في لقاءات هلال مريخ يحتاج لوقفة جادة وصرامة في التعامل مع لاعبين مستهترين ليس لديهم من الأخلاق ما يؤهلهم لارتداء شعاري أكبر فريقين في البلد.

      لكن أرجع وأقول أن التساهل الذي يجده هؤلاء من إداريين لا يعيرون مسألة السلوك القويم كثير اهتمام يشجعهم على مثل هذه التصرفات القبيحة، والمؤسف أن كل ذلك يتم تحت غطاء عبارات مستهلكة لا تحمل أية مضامين مثل " لقاءات القمة يشوبها التوتر". فأي توتر هذا الذي يدفع لاعباً للاعتداء على زميل له بالطريقة التي صرنا نراها في مباريات الفريقين.

      الأخلاق والانضباط قبل الكرة يا هؤلاء.. وما لم تعلموا لاعبيكم احترام الآخرين والتركيز على الكرة وإتباع السلوك الصحيح يصبح وجودكم في مجلسي الناديين الكبيرين مثل عدمه تماماً، هذا إن لم يكن عدمه أفضل.

      اتحاد الكرة ولجانه العديدة لا أدري أيضاً ما هو الدور الذي يقومون به ونحن نشاهد كل يوم ركل وضرب في كل مناطق الجسد دون أن يحركوا ساكناً.. ألهذه الدرجة هانت علينا القيم والأخلاق!

      أعود للنواحي الفنية لأقول أن مدربي الفريقين بدا لي وكأنهما يتناوبان في استنساخ أخطاء بعضهما البعض، فما وقع فيه كامبوس من أخطاء في شوط اللعب الثاني من المباراة السابقة ارتكبه مدرب المريخ رادان بالأمس في شوط اللعب الأول.

      وحتى التغييرات التي أجراها رادان على تشكيلته وطريقة لعبه في الشوط الثاني ما كان لها أن تؤثر كثيراً لو لا أخطاء كامبوس في شوط اللعب الثاني.

      فمنذ بداية الشوط الثاني ظل الهلال متراجعاً وفتح بذلك المجال للاعبي المريخ للتقدم وتهديد مرماهم باستمرار.

      بعد تقدم الهلال بهدفين قلت لمن معي إذا كان كامبوس ذكياً كما يجب فسوف يخرج المريخ اليوم بهزيمة ثقيلة.

      قلت ذلك لأنني توقعت أن يستغل لاعبو الهلال الحالة النفسية التي وضعوا فيها رصفائهم في المريخ بعد التقدم عليهم بهدفين نظيفين، لكن كامبوس لم يفعل ما هو متوقع وبدا واضحاً أنه آثر التراجع في شوط اللعب الثاني.

      بعد ذلك التراجع المستمر من لاعبي الهلال والضغط المريخي المتواصل توقعت أن ينتهي اللقاء بثلاثة أهداف للمريخ مقابل هدفي الهلال وكانت تلك الحسابات تتوقف بشكل أساسي على قدرة المريخ على تسجيل هدفه الأول.

      والغريب أن المريخ تمكن فعلاً من تسجيل الهدف الأول من ضربة الجزاء التي نتجت عن غباء يتصف به مدافعونا دائماً، حيث لا يفرقون بين طريقة الانقضاض على الخصم داخل أو خارج الصندوق.

      لكن بعد ذلك الهدف - الذي توقعت أن يلهب حماس لاعبي المريخ ويدفعهم لتحقيق التعادل سريعاً ثم السعي لتسجيل الهدف الثالث- توقف لاعبو المريخ عن المحاولات الجادة.

      استغربت حقيقة لصراخ مدرب الهلال على مدى عشرين دقيقة كاملة بكل أسماء لاعبي الفريق.

         لا غبار على التوجيه المستمر للاعبينا تحديداً في البدايات والنهايات، لكن الأمر الذي فات على كامبوس هو أن التراجع المستمر لم يكن  يجدي معه الصراخ، لذلك بدلاً من كل ذلك لو أنه أعاد النظر قليلاً في طريقة لعب فريقه لتمكن لاعبوه من تسجيل الهدف الثالث قبل أن يسجل المريخ هدفه الوحيد، وقد أكد ما شاهدناه خلال العشر دقائق  الأخيرة أن الهلال كان بإمكانه أن يزيد غلة أهدافه لو أن لاعبيه سعوا لذلك.

         لكن صراخ كامبوس قابله في الجانب الآخر تهاون  من مواطنه رادان الذي لم يعرف كيف يوجه لاعبيه للاستفادة من ذلك التراجع الهلالي.

         في الدقائق الأخيرة أجرى كامبوس تغييراً صحيحاً بإدخال مهاجم حتى يجبر قلبي دفاع المريخ على عدم التقدم لمساندة الوسط الدفاع، لكن المؤسف أن أمبيلي لم يقم بالدور الذي كان يفترض أن يؤديه في تلك الدقائق.

         كما قلت سابقاً يضم كشفا الهلال والمريخ محترفين أجانب تدفع عليهم أموالاً طائلة لكي يجلسوا على دكة البدلاء وهذا وضع غريب وغير مفهوم اطلاقاً.

         يتكرم كامبوس على خصومه دائماً بترك ثغرة كبيرة في دفاع الفريق، فبعد أن حمدنا الله على عدم وجود أسامة التعاون فوجئنا بالمدعو كابوندي في خانة الظهير الأيسر مع أنه كان من الممكن جداً أن يلعب فيها خليفة ليحل مكانه في الظهير الأيمن حمودة أو مساوي، لكن يبدو أن كامبوس ما زال يعتقد مخطئاً أن كابوندي لاعب كرة قدم!

         بالأمس لاحظت أن أي لاعب مريخ لم يجد أدنى صعوبة في المرور من هذا الكابوندي.

         كاريكا أثناء خروجه في الدقائق الأخيرة حاول قتل الوقت، لكنه فعل ذلك بطريقة ليس فيها أي احترافية، فمن غير المعقول أن تستغرق كل ذلك الوقت يا كابتن لإخراج ( الشنكار) من ساقيك،  فهذا أمر غير مسموح به ولو أنك تظاهرت بإصابة وتحركت ببط باتجاه الخط لقبلنا ذلك.

         فرحت جداً بالهدفين في شباك أكرم لأنه فتى متبجح يبطره النصر ولا يحتمل الفرح ، وقد حاول بالأمس أن يمارس عنترياته الزائفة ويوهم الناس بأنه بطل لقاءات هلال مريخ عندما خرج لمواجهة سادومبا فكان الهدف الأول.. وكل ما في الأمر أن الصدفة وحسن الحظ يلعب دوراً كبيراً في مثل هذه اللقاءات.

         وجد سادومبا تمريرتين ولا أحلى ولم يتوان في هز الشباك، لكنني ما زلت عند رأيي بأنه ليس بالمهاجم الذي كنا نتوقع أن يتعاقد معه مجلس الهلال بعد تجربة كلاتشي أو حتى قودوين.

         طبعاً سيقول البعض أن قودوين نفسه بدأ متعثراً، لكننا نسأل إلى متى سنأتي بمحترفين أجانب لنصبر عليهم وننتظر تطورهم التدريجي،  فما دمنا نتمتع بكل هذا الصبر لماذا لا نفيد به صغار الناديين من لاعبينا المحليين؟ فالطبيعي هو أن تسعي للاعبين أفضل ممن كانوا لديك في فترات سابقة وليس العكس.

         مرة أخرى أؤكد على أن سلوكيات لاعبي الفريقين خلال اللقاءات التي تجمعهما لم تعد محتملة.

 

آراء