نقد وكلمات إلى الإمام، مع التحية

 


 

 



........
مهما نختلف معك نجد أنفسنا ملزمين بإحترامك، أنا شخصيا بالنسبة لي سبب الإحترام أنك ملك الخيار الثالث بلا منازع..!
مهما يخطيء الإمام الصادق فهو الذي أكسب المعارضة بعدا تفاوضيا وعمقا عقلانيا، وهو منذ إتفاقية جيبوتي نوفمبر 1999 يراهن على العمل من الداخل، وما حدث مؤخرا إستثناء من قاعدة راسخة.
لقد كنت شاهدا على حمى الربيع العربي وفطور الصحفيين، ومنازعة التيار المتطرف في حزب الامة وفي الأحزاب و الحركات للإمام، ظل على طول الخط يرفض مبدأ "القفزة في الظلام"، إتهمه الناشطون ومناضلو الكيبورد بأن الحكومة إشترته وأنه يثبط الإنتفاضة لصالح الحكومة وظل يرد عليهم بأدب وإحترام ويعفو ويصفح كعادته، وفي فترة طغى التيار المتطرف وشارك بمسجد الإمام عبد الرحمن في ودنوباوي، ولكن كانت مجرد مغامرة من شخصيات في حزب الأمة، لم يستطع إيقافها، وانتهت المغامرة وانكشفت الحقيقة أن قواعد اليسار اختطفت مسجد الإمام عبد الرحمن لإسبوعين ثم اعتلى إمام المسجد المنبر وأعلن إنهاء الإختطاف، وتكشفت الحقيقة للتيار المتطرف في حزب الأمة أنه لم يشارك أي مسجد آخر في الإنتفاضة اليسارية. جائت أحداث سبتمبر و أدار الناشطون ذات الإسطوانة المشروخة في شتائم الإمام، وتكشفت الحقائق بعدها أن أحداث سبتمبر كانت خليطا بين غضبات شعبية متناثرة راح ضحيتها أبرياء و سيناريو موازي تقوده بعض الحركات، ولولا تماسك ووعي قيادة حزب الأمة حينها لكان عدد الأبرياء مهولا، ولاختطفت الحركات الشارع وأحالته إلى ميدان معركة دموية، وهاهنا خلاف حول موقف المؤتمر الشعبي ولكنني أرجح أنه لم يسع لتأجيج الشارع ودليلي على ذلك أن الترابي دعا الشارع للخروج وكلنا نعلم أن الترابي عندما يؤمن بالخروج، يخرج قبل الناس فهو لا يخاف أبدا، وقد فعلها من قبل في أكتوبر 1964 .
أود أن أنتقد الإمام، فهو ليس "الإمام المعصوم"، وهو أكبر المؤمنين بان السياسة جهد بشري يقبل الخطأ، وأريد أن أقول أن ما  حدث من سوء تفاهم بينكم وبين الحكومة السودانية كنت مخطئا فيه، وليقبل مني النقد لأنني من جيل احتل مكتبه في الديموقراطية الثالثة إبان المظاهرات، ونحن نثبت له فضيلة الديموقراطية والتسامح.
تصدير إتهامات لقوات الدعم السريع لم تكن معركة حزب الأمة من الأساس، لقد كانت معركته الحريات السياسية في الداخل، ولو كانت اتهاماته للحكومة إزاء الغاء ندوات او تعطيل النشاط السياسي هنا أو هناك ومصادرة الصحف لإنعقد لساننا ولما استطعنا توجيه أي نقد، ولكن قوات الدعم السريع كانت معركة الحركة الشعبية مئة بالمئة وهي غير مقصرة فيها أبدا ولا تحتاج لحزب الأمة، ولديها مئات الناشطين و الناشطات يوجهون الإتهامات يوميا، ويصلون بها للمنظمات الحقوقية في كل الدول الغربية، ويبقى السؤال، ما الذي جعل الإمام يخوض معركة لصالح الحركات و بالتحديد قطاع الشمال؟ هذه النقطة بداية سوء التفاهم، ولم يكن إعلان باريس ونداء السودان إلا ثمرات لسوء التفاهم والاعتقال، أما إعلان برلين فقد كان بداية التصحيح، والتي انتكست بمحاولة إجهاضه في أديس أبابا هذا الشهر، باختزاله في تأجيل الإنتخابات (لدي تحفظ على غياب المؤتمر الوطني ولكنها مجرد تقديرات سياسية)، وهو ما يؤكد أن الإمام لو بقي في معسكر نداء السودان سيكون دوره هو تحقيق الإنجازات ليتم إختطافها وتدميرها أول بأول، وسيكون حزب الأمة، الكيان التاريخي العريق، مجرد "ساقية جحا" يغرف من برلين ويفرغ في أديس، أو من عاصمة إلى عاصمة أو بلد إلى بلد، و الحال في حاله.
على الإمام العودة فقد بذل جهده وأعذر لله والشعب، ولم يعد محتملا أن تضيع مثل هذه الثروة القومية الوطنية المتمثلة في شخصه وحزبه، في متاهة لا قيمة لها، والله أعلم.
.....

makkimag@gmail.com

 

آراء