كلام الناس
الندوة الأسفيرية الدورية لمنبر سوداناب الثقافي بسدني كانت يوم الجمعة 12 مارس حول العلمانية وما يثار حولها من إفتراءات تناولها الأستاذ عادل فيصل راسخ.
إستطاع عادل تعريف العلمانية بأسلوب بسيط وسلس وموضوعي بعيداً عن الإتهامات الجائرة التي يروج لها أعداء الديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية.
لن أشغلكم بالتفاصيل القانونية والتاريخية التي سردها راسخ، فقط أركز على علاقة العلمانية بأنظمة الحكم المختلفة حتى أصبحت سمة مشتركة لأنظمة الحكم التي أقامت نظماً سياسية لدولة المواطنة والحقوق وسيادة حكم القانون.
أوضح راسخ كيف أن العلمانية وليدة تنامي العقل التنويري العلمي في مواجهة سلطة الكنيسة إبان سطوة العقلية المسيحية التي كانت تدعي الحكم الإلهي وتصدر صكوك الغفران، وأسست لصيغة حكم متوازنة ترعى الأديان والحريات وتحفظ حقوق المواطنين بلا تمييز بينهم بسبب الدين أو العرق او التوجه الفكري والسياسي.
بين كيف أن العلمانية لاتعني الإلحاد ولا نفي وجود الإله بل إنها تحصن الدول من الإستغلال السئ للدين في التمكين لسلطة الحكم الدنيوية.
أشار راسخ للتطورات التاريخية في المجتمعات البشرية إلى أن وصلت لمرحلة ما بعد الحداثة واتساع نطاق العولمة وقيام الشركات العابرة للقارات والمنظمات المجتمعية غير الحكومية التي أسهمت في بناء وتعزيز أنظمة الحكم المدنية الديمقراطية.
دعوني أتحفظ عن محاولة راسخ التفريق بين العلمانية والدولة المدنية ومخاوفه من إستغلال الديمقراطية والحريات لإسترداد المتاجرين باسم الدين للسلطة عبر صناديق الإقتراع، وأرى ضرورة نشر الوعي السياسي والمجتمعي بحيدة الأنظمة العلمانية والديمقراطية تجاه كل الأديان وأنها توفر لهم حقوقهم العقدية والسياسية والفكرية بلاتمييز.
سرد عادل راسخ كيف أثرت الانظمة التي حكمت باسم الدين سلباً في المجتمعات التي حكمتها مثل حكم الإنقاذ الذي أجج النزاعات والحروب الأهلية وتسبب في دفع السودانيين بالجنوب لخيار الإنفصال.
أكد ضرورة عدم تلبيس السياسة بالدين، وأشار إلى المحاولات الأولى في السودان لقيام نظم حكم مدنية حين رفعت الجماهير شعارات "الكهنوت مصيره الموت" و"لاقداسة في السياسة".
أوضح كيف تم إستغلال الفتاوي الدينية المسيسة في تكفير المخالفين لهم في الرأي ومحاكمتهم وإعدام شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه عليه رحمة الله ورضوانه، وقبام محاكم العدالة الناجزة الشائهة والقوانين الجائرة مقل قنون النظام العام وقانون الأحوال الشخصية المعيب، وأكد راسخ مجدداً ضرورة قيام حكم مدني ديمقراطي بعيداً عن التمييز الديني والعرقي والسياسي والفكري .. يحفظ حقوق المواطنين خاصة حقوق الأقليات ويحسم جدل الهوية السودانية بعيداً عن التصنيفات العقدية والعرقية والجهوية و دون فرض أي أيديوجية دينية أو سياسية بالقوة، وبناء دولة المواطنة والديمقراطية الخالية من كل صنوف التمييز والهيمنة والإستبداد.
///////////////////