" غرد" أحد الانقاذيين دون الاشارة لاسمه ـ وقيل أنه أحد الاستشاريين الذين تم فصلهم مؤخراً ـ عبر كلمة مسجلة تناول فيها جملة من قضايا الراهن السياسي من التي تشغل ذهنه.
وجاء خطابه كعادة " أخوته في الله "مأزوماً معطوباً مغالياً في العداء تجاه الآخر المختلف، حيث كال السباب بأقذع الألفاظ للبعض وهاجم بسخرية البعض الأخر من شخصيات ومؤسسات الدولة الانتقالية. وهو ما يجعلنا نطرح تساؤلاً مشروعاً حيال ظاهرة الخطاب عند أهل الحركة الاسلامية، حيث لمً لا تخلو قوائم قادتهم من أي شخصية تنأى عن فاحش القول في خطابها السياسي، خاصة وهم يتمسحون بالاسلام وسماحته وحلو أحاديثه، ولقد خبر أهل السودان أسماءاً كنافع علي نافع والطيب مصطفى وعلي عثمان وأحمد هارون، إضافة لتوابعهم من الذين ظهروا بلايفات ما أنزل الله بها من سلطان، والذين تصاب وأنت تتابع أحاديثهم جميعاً بالعجب من سواقط الحديث والشتيمة والبذاءة والغلو دون القدرة على تقديم خطاب موزون مترفع في الجمل والمقاصد والمعاني بغض النظر عن المحتوى. هذا من حيث الشكل في ما جاء بحديث المشار إليه.
وأما من حيث المتن، فقد كان في خطابه تشفي بغيض عبر عنه بقلب محروق وحشى مجروح، مما فوت عليه فرصة الانتباه للتناقضات التي احتواها حديثه.
حيث تبرع بالدفاع عن الجيش والقوات المسلحة بتحميله لحكومة الثورة أمر "زعزعة وتشويه سمعتها" وهذا في حد ذاته تعبير من أهل الحركة الاسلامية والانقاذ في رفعهم ودون أدنى حرج لمقولة "رمتني بدائها وانسلت" في كل أحاديثهم بعد الثورة، حيث أن الغاشي والماشي في هذه البلاد يعلم "الزعزعة والتشويه" الحقيقي الذي الحقه أهل الاسلام السياسي بالقوات المسلحة طيلة ثلاثين عاماً غيروا وبدلوا فيها من عقيدة الجيش وحولوه من قوات "قومية" مهمتها الأساسية الدفاع عن وحدة التراب السوداني وصون سيادتة الوطنية، إلى جيش حزبي يتبع لعقيدتهم وأيدولوجيتهم وإلى شعبة من شعب تنظيمهم السياسي، هدموا فيه كل القيم والمثل و"الضبط والربط" عن طريق إنهاء خدمة الآلاف من كافة الرتب العسكرية لما يسمى بالصالح العام، وترفيع رتب صغيرة مكانهم إلى رتب أعلى وهي لا تستحق ذلك، من أمثال الراحل إبراهيم شمس الدين الذي يتم تعيينه كوزير للدفاع فيفعل بالجيش العجائب، ثم إلحاق كوادرهم الحزبية المدنية إلى القوات النظامية لتدير بعض الأفرع والأسلحة الهامة!، وكان على المتحدث أن يتبصر رويداً "بإخوة له في الله" قدموا من خارج هذه المؤسسة ليمنحوا رتباً عسكرية أعلى دون أن تربطهم أي رابطة بهذه المؤسسة سوى الانتماء الحزبي الذي أتاح لهم ذلك، فما هي إذن الجهة التي قوضت سمعة القوات المسلحة وعملت على زعزعتها وتشويهها يا قوم؟!.
ثم يتناول عبر حديثه المسجل " بحسرة والم ومغصة" قضية فصل 650 موظفاً من الخدمة المدنية بما فيهم 90 مستشاراً، ويتعجب كيف بموظفين مؤهلين بالخدمة المدنية يتم إقصائهم من وظائفهم هكذا بهذا العدد الكبير وهم من المؤهلين الذين "صرف عليهم شعب السودان من حر ماله لتأهيلهم" أو كما قال. ثم يضيف متسائلاً " يعني الكيزان ما سودانيين ،، ما يحق ليهم التوظيف والعمل؟" وقبل أن نجاوبه نستميحه عذراً لكي نلفت نظر القراء إلى أن خطاب هؤلاء الناس مأزوم درجة أنهم يتناسون أفعالهم المشابهة للفعل الذي ينتقدونه عن طريق مقولة "رمتني بدائها وانسلت! التي أشرنا إليها!. فيا عزيزنا المتسائل، هل تعتقد أنك في حوجة لنذكرك بالجيش الجرار في كافة مرافق الدولة من مدنيين وعسكريين والذين أقدمتم على إقصائهم من وظائفهم بدواعي الصالح العام ووضعتم كوادركم مكانهم، في عملية إحلال وإبدال كريهة لم يشهد السودان لها مثيلاً، وقد تسببتم جراء هذا الفعل المريض في تشريد آلاف الأسر البريئة وقطع أرزاق جيوش جرارة منهم والحقتم الأذى والوبال بهم وبأسرهم وعيالهم؟. وهم القوى العاملة المؤهلة تأهيلاً عالياً والذين استقطع الشعب السوداني من أجل ترقية تعليمهم حقيقة، وما يزيد من الكارثة أن الذين وضعتوهم في أماكنهم أكد آدائهم أنهم كوادر تتقاصر قامات "تأهيلهم" عن من اقصيتموهم من غالبية المرافق وتخصصاتها، ومن بينها مرفقاً حساساً كالعدل! ثم لا تتردد في الحديث مدافعاً عن 650 موظفاً منهم ،، يا راجل!. ونراك أيضاً تصف الاستغناء عن خدمات تسعين مستشاراً باعتباره مجزرة، مجزرة؟ مرة واحده كده؟!، فهل يا ترى بحسرتكم على 90 مستشاراً "عدلياً" إنما تتحسرون على ضياع فرصة التصدي بهم لاحقاً للمحاكمات التي "طال انتظارها"؟!. وعلى كل هذه هي بشريات الثورة وإنصافها تحمل إلينا خبر إعادة ٢٥ من القضاة الذين فصلتموهم تعسفيا وتعيينهم بالمحكمة العليا.
ثم تراه يخاطب البعض بأن لا ذمة لهم حيث خانوا العهود ولجأوا للغدرّ. وكأنه هنا قد تماهى مع الفرية القائلة بأن بعضهم "صنع الثورة" بفتحه لمعابر المرور للقيادة العامة، علماً بأن السيل الثوري الجارف ما كان في حوجة لمثل هكذا "مساعدات" وأن ثورة الجماهير الغاضبة لا تصنعها قرارات "إنتهازية" لجأت إليها في محاولة "للشعبطة" على مؤخرة القاطرة التي أطلقت صافرة التقدم نحو النصر المؤزر. وأما عن الغدر، فعلام الاشارة لهذه الكلمة تحديداً، وحزب الجبهة القومية الاسلامية كرافد من روافد "الحركة الاسلامية" قد مارس فعل الغدر الحقيقي بين أفراد الجيش والشعب معاً عندما "غدر" بهم عن طريق نسفه لكل التجربة الديمقراطية ولجأ لانقلابه في عام 1989!.
ثم لاك حديثاً ممجوجاً أكثر فيه من البسملة والحوقلة بإصرار غريب كعادتهم على استخدامهم آيات الله سبحانه وتعالى وإقحامهم السور والآيات القرآنية في أحاديثهم والاكثار من الاستشهاد بها، وكأن مثل هكذا ترديد مشروخ سيمحى "ممارسة" الثلاثين عاماً الماضية وسيعيد عافية الثقة والتصديق من قبل شعب السودان بأن هؤلاء قوم أتقياء ،، وهم يعلمون تمام العلم بأن الشعب خبر "صدقهم واستقامتهم" منذ مقولة " اذهب للقصر رئيساً" ،، فلا حولا ولا قوة إلا بالله!.
ــــــــــــــــــــ
* لجنة التفكيك تمثلني وإزاحة الكرونة واجب وطني.
hassanelgizuli@yahoo.com
///////////////////