هلال مريخ ..الجريمة قبل حدوثها!
22 October, 2009
عادل الباز
هل لي أن أبصّر الجهات المسئولة الغافل منها والمتابع. ستجرى يوم الجمعة القادم بإذن الله مباراة من أخطر المباريات التي ستُقام في هذا الموسم، وهي مباراة القمة الأفريقية هذه المرة، حيث يلتقي الهلال والمريخ باستاد الهلال. إلى هنا الخبر عادي أين الخطر؟. المتابعون للشأن الرياضي يعرفون أهمية هذه المباراة وحساسيتها لطرفي القمة، والمناخ الذي تجرى فيه، ومدى الشد العصبي الذي يتصاعد الآن قبيل المباراة.
أمس الأول سبقني الأستاذ والناقد الرياضي الرائع عبد المجيد عبد الرازق في التحذير من مخاطر الشحن الجاري الآن للجماهير. قال الأستاذ عبد المجيد إنه اندهش للتصريحات التي يدلي بها طرفا القمة، حتى اعتقد بأنها ستلعب في مسلخ غناوة الذي يملكه صلاح إدريس وليس استاد الهلال. ثم أورد عنوانا عريضا في إحدى الصحف الرياضية (الهلال يرفع التمام لمباراة تكسير العظام). هذه الصورة المروّعة التي رسمها في عموده المقروء (حروف كروية) يجري رسمها بصورة خطرة في الصحف الرياضية. من يقرأ الصحافة الرياضية هذه الأيام لايكاد يصدق بأننا مقبلون على مباراة كرة قدم وليس معركة حربية بين أعداء ألدّاء. لم أفهم لماذا يقود الإعلام الرياضي مسيرة التعصب والتشنج. هنالك احتمالان: إما أن تكون الصحافة الرياضية تسعى من خلال التنافس المحموم بينها لتفجير مسلمات وأخلاق الرياصة عمدا، وفي قمتها التسامح واحترام الخصم وقبول النتائج المترتبة على التنافس، أو أنها تجهل أثرها العميق في جماهير كرة القدم. إذا غابت قيم التسامح عن الصحافة الرياضية التي ظللنا ندافع عن حقها في الوجود والتعبير، فستصبح منشورات صفراء مثيرة للفتنة، وستمنح المتربصين بها ألف عذر لقمعها وسيخسر تجارها وصحفيوها على السواء. أما إذا كانت الصحافة الرياضية تجهل أثرها في جماهير الرياضة، ستكون غافلة عن معنى وجودها وإسهامها الفعّال في دفع العمل الرياضي. جماهير الرياضة التي تعشق كرة القدم بالذات تجد في الصحافة الرياضية صدىً لأفكارها، وتستجيب لمبادراتها وتتأثر بكُتابها، ولذا أصبحت الصحافة الرياضية أهم أداة لصناعة الرأي الرياضي سلبا أو إيجابا. الصحافة الرياضية هي الأكثر تأثيرا على جماهير الرياضة، وتشهد على ذلك أرقام التوزيع العالية جدا التي تتمتع بها الصحافة الرياضة بشكل لايقارن مع الصحافة السياسية التي تعاني في أغلبها من البوار. هذا التأثير الكبير ينبغي أن يُستخدم في خدمة قيم وأهداف الرياضة السامية لا في هدمها. الصحافة الرياضية يمكن أن تصبح أداة هامة لنشر قيم التسامح والإسهام فى ترقية وتطور الرياضة، ويمكن أيضا أن تصبح أداة خطرة على الرياضة وعلى السلام الاجتماعي على السواء.
الشحن الجاري لجماهير الهلال والمريخ وتصوير المباراة من قبل الكتاب والصحفيين الرياضيين كأنها نهاية العالم، وخسارتها تعني خسارة الكون، سيفضي لامحالة إلى كارثة. فطريقة تعبئة الجماهير للمباراة تذكي التعصب وتوتّر الأعصاب وتدفع الجمهور لحضور المباراة وهو مشحون وفي حالة هيجان مسبق مما سيؤدي لنتائج وخيمة.
المطلوب الآن من الجهات الأربع المسؤولة، الآتي:-
الصحف الرياضية:
على رؤساء التحرير وكتاب الأعمدة والصحفيين (تهدئة اللعب) وعدم التمادي في شحن الجمهور وكهربة الجو العام للمباراة، حفاظا على أرواح الجماهير، بل المطلوب هو تفريغ الشحنة السالبة للجمهور بنشر الروح الرياضي السمح، ولعب دور إيجابي في خروج المباراة دون خسائر لا في الممتلكات ولا في الأرواح.
اتحاد الكرة:
عمل أقصى التحوطات الأمنية الممكنة، وقد تفلح تجربة رفع قيمة التذاكر في الحد من التدافع الجماهيري ولكن لن تجدي في فرض النظام والانضباط في المدرجات. حضور قيادات الاتحاد للاستاد هام وضروري للتصرف وفق مقتضيات مجرى الأمور.
مجلس الصحافة:
أتمنى أن يدعو لاجتماع عاجل لرؤساء تحرير الصحف الرياضية للتشاور معهم حول كيفية تغطية المباراة دون تشنج، ومطالبة مثيري الفتن الإقلاع فورا عن كتاباتهم الخطرة، وللمجلس أن يستخدم القانون وميثاق الشرف الصحفي لرفع الشارة الحمراء.
الجماهير:
خيّبوا ظننا وكونوا فوق التعصب، ونموذجا للروح الرياضي السمح. ننتظر منكم تشجيعا راقيا وسلوكا منضبطا، تذكروا أنها مباراة كرة قدم وليس حربا أهلية بين الهلال والمريخ.