هل التاريخ يعيد نفسه ؟!
خالد البلولة
15 June, 2023
15 June, 2023
فى ذاك الصباح وايام الرحمة ترحل وتجيء ايام المغفرة وبدات الناس تستبشر وتحس فرحة العيد رغم أن الخرطوم كانت تعيش واقعا مغايرا،فى ظاهره الرحمة وباطنه ينم عن شىء دفين، كانت الناس تغدو وتروح تبحث عن رزقها و بين غمضة عين وانتباهتها تغير الحال ،تفور ارض ملتقى النيلين وتغلي كالمرجل وترى الناس سكارى وماهم بسكارى لكن مكر الحاقدين شديد.
*الدرويش الملازم للمسجد العتيق بضاحية بري يهزيء ويتمتم لحظات وعيون (الدرويش) أُغمضن والقلب يتلفت وروحه تنير ويري كما يري النائم رؤيا عجيبة اقلقت المضجع وادمعت المآقيء، فرأى مارأى( عمارات الخرطوم خربت شديد خلاص) كانت رؤيته قبيل ايام قليلة من زلزال الخرطوم .
*يرى ليولولد لوغونس:(السياسيون إنهم كارثة وطنية.كل شيء يمثل التخلف والفقر والظلم،إما ناتج عن هذه الكارثة أو مستثمر من قبلها):-
و تقول عبير سليمان فى ذات السياق :-
في المضمار الطويل للماراتون
يركض الوطن هاربا
وبسرعة يجري خلفه ،صائدو الجوائز..
واللاعبون الهواة ،أفسدوا اللعبة؛
الفريق الأول شد الحبل إليه بكل قوته
الفريق الثاني رد بكل قوته
الصخرة المدببة الموجوعة
على خصرها
حذرتهما
من انقطاع الحبل
*هذا هو التاريخ يعيد نفسه، تتكرر أحداثه بنفس قوتها وعنفها وظلمها وجبروتها تزلزل الأنظمة وتظهر العمالة والخيانة وتصنع في ذات الوقت البطولات الخارقة التي لا يصدقها عقل إنسان عادي ،يحكي التاريخ أن هولاكو،إشترى وزير الخليفة العباسي مؤيد الدين بن العلقمي ليضمن تسليم كل من في القصر من أموال ونساء وعدم هروب أحد منهم.لم يتوقف دور ابن العلقمي في تسليم من في القصر، وإنما تمثل دوره في صناعة الإعلام المرجف،الإعلام السلبي الذي يمهد الناس لاستقبال العدو،ويظهره بمظهر الجيش الذي لا يقهر،وهناك تظهر خطورة المنافقين والخائنين والخانعين وتتمثل خطورتهم بكونهم ينزعون الثقة من نفوس البسطاءويشعرونهم أنهم مهزومون على كل حال،فيصيب الوهن النفوس،وتغيب العزيمة،وتسقط النفوس المهيأة للسقوط.
*فى تلك الفترة صعد الأمير قطز لحكم البلاد،فأرسل إليه قائد التتار رسالة تأمره بالاستسلام وتسليم مصر بدون حرب.وحقناً للدماء،مزق قطز الرسالة،وتوجه للشيخ العز بن عبد السلام يستشيره في الجهاد،والذود عن البلاد ومحاربة التتار قبل قدومهم البلاد ومطاردتهم خارج بلاد المسلمين فقال:-،(النصر لم يكن حليف دولة ظالمة يوماً،ولا يكون حليفاً لأصحاب حق يقعدون في انتظاره،ولا يكون حليف قوم لا يصنعونه بقوتي العتاد والإيمان).
*فكان العز بن عبد السلام ممثلاً لميزان العدالة،وتحقيقها بين الناس،فأمر بعدم فرض الضرائب على الفقراء للتجهيز للمعركة بينما هناك أمراء خزائنهم ملأى بالمال والذهب ما يكفي للمعركة ويزيد،صودرت أموال الأمراء،وبيع البعض منهم لأجل تجهيز الجيش،بدأ قطز حكمه بالعدل والمساواة بين الناس، وجهز الجيش وحفّزه بحافز الإيمان وحب الشهادة، ثم انطلق ليلاقي العدو في عين جالوت بفلسطين في رمضان 658 هـ، وهنا توحد المسلمون ولم يسمع للتتار ذكر بعد بعد ذلك.
يكتب الفيتوري:
لا تحفروا لي قبرا
سأرقد في كل شبر من الأرض
سأرقد كالماء في جسد النيل
أرقد كالشمس فوق حقول بلادي
مثلي أنا ليس يسكن قبرا
لقد وقفوا... وقفت
لماذا يظن الطغاة الصغار
و تشحب ألوانهم
أن موت المناضل
موت قضية؟؟!
قتلوني وأنكرني قاتلي
وهو يلتف بردان في كفني
و أنا من سوي رجل
واقف خارج الزمن
كلما زيفوا بطلا
قلت قلبي على وطني".
*لقد مرت الأمة السودانية بمحن شديدة كادت أن تودي بها في كل مرة لولا أن قدر الله عليها ألا تفنى، وأن يظل هذا الوطن باقياً بلطف الله وإرادته وقوة وشكيمة انسانه ونقاء سريرته إلى قيام الساعة باذنه تعالى،ومع كل محنة نجده يغتسل من ضعفه ويتلمس طريقه ويبدا من جديد ليعود أقوى مما كان كما نظم الشاعر على شبيكة ولحّن السني الضوي وغنت حنان النيل :-
كلو بمضي وكلو بالايام بروح..
لاسعيد دامتلو فرحة
ولاحزين دايملو نوح...
لاهية بينا الدنيا لاعبة
فيها نتغرب نتوه
القلو ب بالشوق تحرق
والجروح تشفي الجروح..
ومهما تقسى مصيري انسى.
انت ماشفته الصباح
كيف بطل زي احلى همسة
يضوي بنورو الروابي
ويضيف في كل حسنى لمسة
وتنطلق اروحنا فيهو
بي شراع ماليهو مرسى..
وننسى انو كلو صباح لابد يمسى.
* الحرب التى دارت فى الخرطوم وفى مناطق اخرى عاش الناس ويلاتها وابتلاءاتها وخلفت عندهم ذكريات موجعة فقدان الاهل وجرائم الاغتصاب والسلب والنهب والاختطاف والتعذيب هنا تكون ثقافة الذكرى محرضة على الحرب، لأنها تذكرنا بأن الفواتير مازالت مفتوحة،لذلك على الناس ان تتجاوز مشاعر الاستياء والغضب والشعور بالحاجة إلى الانتقام،هناك اجراءات قانونية هي مهمة الدولةوان تعمل على انجازها لرد مظالم الناس،فالمرحلة القادمة تحتاج الى تعاضد وتكاتف كل افراد المجتمع والتسامي فوق كل الجراحات،كشفت الحرب عن عوارات كثيرة فى جسد المحتمع تحتاج الى علاج ناجع وفاعل وفق برامج ثقافية وتربوية توظف فيها كافة اشكال الفنون الانسانية،فالغد المشرق والمستقبل الواعد ينتظرنا باذن الله تعالى :-
وغدا ًنعود.....حتماً نعود
للقرية الغناء للكوخ
الموشح بالورود
ونسير فوق جماجم
الأسياد مرفوعي البنود
والأطفال ترقص و الصغار
والنخل و الصفصاف
والسيال زاهية الثمار
وسنابل القمح المنور في الحقول
وفى الديار
dr.khalidbalula@gmail.com
///////////////////////
*الدرويش الملازم للمسجد العتيق بضاحية بري يهزيء ويتمتم لحظات وعيون (الدرويش) أُغمضن والقلب يتلفت وروحه تنير ويري كما يري النائم رؤيا عجيبة اقلقت المضجع وادمعت المآقيء، فرأى مارأى( عمارات الخرطوم خربت شديد خلاص) كانت رؤيته قبيل ايام قليلة من زلزال الخرطوم .
*يرى ليولولد لوغونس:(السياسيون إنهم كارثة وطنية.كل شيء يمثل التخلف والفقر والظلم،إما ناتج عن هذه الكارثة أو مستثمر من قبلها):-
و تقول عبير سليمان فى ذات السياق :-
في المضمار الطويل للماراتون
يركض الوطن هاربا
وبسرعة يجري خلفه ،صائدو الجوائز..
واللاعبون الهواة ،أفسدوا اللعبة؛
الفريق الأول شد الحبل إليه بكل قوته
الفريق الثاني رد بكل قوته
الصخرة المدببة الموجوعة
على خصرها
حذرتهما
من انقطاع الحبل
*هذا هو التاريخ يعيد نفسه، تتكرر أحداثه بنفس قوتها وعنفها وظلمها وجبروتها تزلزل الأنظمة وتظهر العمالة والخيانة وتصنع في ذات الوقت البطولات الخارقة التي لا يصدقها عقل إنسان عادي ،يحكي التاريخ أن هولاكو،إشترى وزير الخليفة العباسي مؤيد الدين بن العلقمي ليضمن تسليم كل من في القصر من أموال ونساء وعدم هروب أحد منهم.لم يتوقف دور ابن العلقمي في تسليم من في القصر، وإنما تمثل دوره في صناعة الإعلام المرجف،الإعلام السلبي الذي يمهد الناس لاستقبال العدو،ويظهره بمظهر الجيش الذي لا يقهر،وهناك تظهر خطورة المنافقين والخائنين والخانعين وتتمثل خطورتهم بكونهم ينزعون الثقة من نفوس البسطاءويشعرونهم أنهم مهزومون على كل حال،فيصيب الوهن النفوس،وتغيب العزيمة،وتسقط النفوس المهيأة للسقوط.
*فى تلك الفترة صعد الأمير قطز لحكم البلاد،فأرسل إليه قائد التتار رسالة تأمره بالاستسلام وتسليم مصر بدون حرب.وحقناً للدماء،مزق قطز الرسالة،وتوجه للشيخ العز بن عبد السلام يستشيره في الجهاد،والذود عن البلاد ومحاربة التتار قبل قدومهم البلاد ومطاردتهم خارج بلاد المسلمين فقال:-،(النصر لم يكن حليف دولة ظالمة يوماً،ولا يكون حليفاً لأصحاب حق يقعدون في انتظاره،ولا يكون حليف قوم لا يصنعونه بقوتي العتاد والإيمان).
*فكان العز بن عبد السلام ممثلاً لميزان العدالة،وتحقيقها بين الناس،فأمر بعدم فرض الضرائب على الفقراء للتجهيز للمعركة بينما هناك أمراء خزائنهم ملأى بالمال والذهب ما يكفي للمعركة ويزيد،صودرت أموال الأمراء،وبيع البعض منهم لأجل تجهيز الجيش،بدأ قطز حكمه بالعدل والمساواة بين الناس، وجهز الجيش وحفّزه بحافز الإيمان وحب الشهادة، ثم انطلق ليلاقي العدو في عين جالوت بفلسطين في رمضان 658 هـ، وهنا توحد المسلمون ولم يسمع للتتار ذكر بعد بعد ذلك.
يكتب الفيتوري:
لا تحفروا لي قبرا
سأرقد في كل شبر من الأرض
سأرقد كالماء في جسد النيل
أرقد كالشمس فوق حقول بلادي
مثلي أنا ليس يسكن قبرا
لقد وقفوا... وقفت
لماذا يظن الطغاة الصغار
و تشحب ألوانهم
أن موت المناضل
موت قضية؟؟!
قتلوني وأنكرني قاتلي
وهو يلتف بردان في كفني
و أنا من سوي رجل
واقف خارج الزمن
كلما زيفوا بطلا
قلت قلبي على وطني".
*لقد مرت الأمة السودانية بمحن شديدة كادت أن تودي بها في كل مرة لولا أن قدر الله عليها ألا تفنى، وأن يظل هذا الوطن باقياً بلطف الله وإرادته وقوة وشكيمة انسانه ونقاء سريرته إلى قيام الساعة باذنه تعالى،ومع كل محنة نجده يغتسل من ضعفه ويتلمس طريقه ويبدا من جديد ليعود أقوى مما كان كما نظم الشاعر على شبيكة ولحّن السني الضوي وغنت حنان النيل :-
كلو بمضي وكلو بالايام بروح..
لاسعيد دامتلو فرحة
ولاحزين دايملو نوح...
لاهية بينا الدنيا لاعبة
فيها نتغرب نتوه
القلو ب بالشوق تحرق
والجروح تشفي الجروح..
ومهما تقسى مصيري انسى.
انت ماشفته الصباح
كيف بطل زي احلى همسة
يضوي بنورو الروابي
ويضيف في كل حسنى لمسة
وتنطلق اروحنا فيهو
بي شراع ماليهو مرسى..
وننسى انو كلو صباح لابد يمسى.
* الحرب التى دارت فى الخرطوم وفى مناطق اخرى عاش الناس ويلاتها وابتلاءاتها وخلفت عندهم ذكريات موجعة فقدان الاهل وجرائم الاغتصاب والسلب والنهب والاختطاف والتعذيب هنا تكون ثقافة الذكرى محرضة على الحرب، لأنها تذكرنا بأن الفواتير مازالت مفتوحة،لذلك على الناس ان تتجاوز مشاعر الاستياء والغضب والشعور بالحاجة إلى الانتقام،هناك اجراءات قانونية هي مهمة الدولةوان تعمل على انجازها لرد مظالم الناس،فالمرحلة القادمة تحتاج الى تعاضد وتكاتف كل افراد المجتمع والتسامي فوق كل الجراحات،كشفت الحرب عن عوارات كثيرة فى جسد المحتمع تحتاج الى علاج ناجع وفاعل وفق برامج ثقافية وتربوية توظف فيها كافة اشكال الفنون الانسانية،فالغد المشرق والمستقبل الواعد ينتظرنا باذن الله تعالى :-
وغدا ًنعود.....حتماً نعود
للقرية الغناء للكوخ
الموشح بالورود
ونسير فوق جماجم
الأسياد مرفوعي البنود
والأطفال ترقص و الصغار
والنخل و الصفصاف
والسيال زاهية الثمار
وسنابل القمح المنور في الحقول
وفى الديار
dr.khalidbalula@gmail.com
///////////////////////