هل الجيش جاد في إدانته للنظام البائد؟
أحمد الملك
3 May, 2023
3 May, 2023
حسنا فعل الجيش بإعلانه النأي عن نفسه ضمنا من أية انتماء للنظام السابق، ذلك ما يُفهم من بيان الجيش الذي جاء فيه: ان البلاد دفعت ثمنا باهظا بسبب انشاء النظام البائد للدعم السريع!
وحتى يجد هذا البيان قبولا ومصداقية، لابد لقوات الشعب المسلحة من تنظيف صفوفها من منسوبي النظام السابق، والا فإنّ هذا الإعلان سيكون بلا معنى، بل مجرد حلقة أخرى في سلسلة (اذهب الى القصر رئيسا، واذهب الى السجن حبيسا)!
وإن كانت تلك الكذبة قد انكشفت في ذلك الزمان قبل ان يجف مدادها، رغم محدودية وسائط انتشار المعلومة كما هو واقع الان، أذكر ان صديقا يسكن في الخرطوم جنوب جوار نادي الأسرة، شاهد فجر يوم 30 يونيو 1989 الدبابات وهي تهدر باتجاه الخرطوم، دخل الى البيت وأعلن: لقد استولى الترابي على السلطة! قبل إذاعة بيان الانقلاب بساعات! وقبل أن يستولي الترابي على السلطة!
أما الان فمحاولة (خم) الناس او حتى خداع المجتمع الدولي، فلن يجدي ذلك نفعا في ظل الثورة المعلوماتية الهائلة التي تكشف حتى أدق الاسرار والمؤامرات.
الناس كلها تعلم علاقة القيادات الإسلاموية أمثال علي كرتي واسامة عبدالله بقيادات الجيش، كما كان واضحا من تصريحات البرهان وكباشي وغيرهم من القيادات المحسوبة على التيار الإسلامي عدم حماسهم لتوقيع اتفاق التسوية النهائي، وبدلا من ذلك اصبح الدمج الفوري للدعم السريع هو مطلب الساعة، رغم أنّ القوى الثورية هي التي كانت قد دفعت بهذا الطلب بإلحاح دون حماس يذكر من قيادات الجيش او النظام البائد، الا بعد أن تقاطعت المصالح أخيرا.
حديث بعض المحسوبين على التيار الاسلامي عن مسئولية البرهان حول تطور قوة الدعم السريع، محاولة أخرى في سلسلة محاولات الإسلاميين لتجميل صورة تنظيمهم والقاء اللوم على العسكر او جهات أخرى. الدعم السريع وغيره من الميلشيات أنشأتها الحركة الاسلاموية، التنظيم الحاكم طوال ثلاثة عقود، وبالتالي تتحمل تلك الحركة كل جرائم تلك الميلشيات، فهي لم تنشئها مثلا لمكافحة الزحف الصحراوي أو لمحو الأمية.
محاولات تجميل صورة التنظيم الإرهابي يتكشف ليس فقط في محاولات القاء تبعات جرائم فترة الانقاذ على آخرين، بل يندرج في ذلك انكار عمر البشير وبعض رموز التيار الإسلامي لمسئولية التنظيم في الانقلاب! وإظهار الانقلاب كمبادرة من العسكر! تلك مجرد نكتة فقد سبق لنفس هؤلاء الرموز وفي إعلانات موثقة الاعتراف بدورهم في الانقلاب بل أنّ عرّاب التنظيم نفسه حسن الترابي لم يترك مجالا لمن يشكك في مسئولية التنظيم الكاملة عن انقلاب الإنقاذ..
كذلك الحرب على لجنة تفكيك التمكين لدرجة تدبير انقلاب ثم دق الطبول والدفع باتجاه الحرب، وكل ذلك لوقف لجنة التفكيك من تفكيك وجودهم داخل مؤسسات مهمة مثل الأجهزة العدلية والتي قامت بعد انقلاب البرهان بتفكيك قرارات لجنة التفكيك واعادت للصوص أموالهم ومناصبهم، وكذلك وقف نشر فضائح سرقة المال العام التي لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيلا، فحين دانت السلطة لهؤلاء المتأسلمين ، اندفعوا مثل الاعصار لنهب كل شيء في هذه البلاد حتى تركوها قاعا صفصفا ولا زالت شركاتهم تمتص في دماء اقتصاد متهالك وبنية تحتية تركوها شبه مدمرة.
كما يمارس الكيزان هوايتهم في محاولة استغلال اية واقعة في التخلص من كل خصومهم، فمثلا في واقعة جريمة فض الاعتصام يعرف الجميع ان الكيزان هم من دبروا لتلك الجريمة وشاركوا في التنفيذ رغم محاولاتهم إلقاء اللوم بكامل المسئولية على الدعم السريع. ومنذ نجاح مسعاهم في الدفع للحرب الدائرة الان فهم دائما يشيرون الى الحرية والتغيير باعتبارها الجناح السياسي لحميدتي. كلام لا يمكن فهمه بعيدا عن قدرة هؤلاء الناس في لي عنق الحقائق واغراقها في الأكاذيب، فهم من أنشأ هذه المليشيات لقمع الشعب وتثبيت أركان حكمهم، وحين تقاطعت مصالحهم مع نفس المليشيات يريدون فرض حربهم على الشعب السوداني بل ومحاسبة من لا يرفع صوته مؤيدا لحرب ضحيتها هم الأبرياء، من أجل ان يعود اللصوص والانتهازيين وسماسرة الحروب لنهب وحكم هذه البلاد، ومتناسين القضية الحقيقية حول من أنشأ الدعم ويسّر له كل السبل ليصبح قوة موازية.
شيء آخر يكشف حقيقة علاقة الجيش بالنظام البائد، هو المجموعة التي تسمي نفسها بالخبراء الاستراتيجيين، وهم يجمعون بين مناصب سابقة في الجيش (وكيانات ومراكز بحوث لا يعرف لها دراسات أو بحوث تتبع في الغالب لجهاز الأمن الكيزاني) وانتماء للمؤتمر الوطني (ظهر بعضهم في أفلام قناة العربية التي وثقت لاجتماعات الحركة الإسلامية)، هؤلاء (الخبراء) لا يخفون عدائهم لثورة ديسمبر، ولقوى الحرية والتغيير، وهم بذلك يكشفون أنّ ولائهم الحقيقي هو للتنظيم وليس للجيش كمؤسسة قومية مستقلة، بل مجرد مؤسسة تابعة لتنظيمهم.
إنها حرب الاسلامويين لاستعادة سلطة النهب والاستبداد، حرب لا ناقة لأهل السودان فيها ولا جمل.
ortoot@gmail.com
وحتى يجد هذا البيان قبولا ومصداقية، لابد لقوات الشعب المسلحة من تنظيف صفوفها من منسوبي النظام السابق، والا فإنّ هذا الإعلان سيكون بلا معنى، بل مجرد حلقة أخرى في سلسلة (اذهب الى القصر رئيسا، واذهب الى السجن حبيسا)!
وإن كانت تلك الكذبة قد انكشفت في ذلك الزمان قبل ان يجف مدادها، رغم محدودية وسائط انتشار المعلومة كما هو واقع الان، أذكر ان صديقا يسكن في الخرطوم جنوب جوار نادي الأسرة، شاهد فجر يوم 30 يونيو 1989 الدبابات وهي تهدر باتجاه الخرطوم، دخل الى البيت وأعلن: لقد استولى الترابي على السلطة! قبل إذاعة بيان الانقلاب بساعات! وقبل أن يستولي الترابي على السلطة!
أما الان فمحاولة (خم) الناس او حتى خداع المجتمع الدولي، فلن يجدي ذلك نفعا في ظل الثورة المعلوماتية الهائلة التي تكشف حتى أدق الاسرار والمؤامرات.
الناس كلها تعلم علاقة القيادات الإسلاموية أمثال علي كرتي واسامة عبدالله بقيادات الجيش، كما كان واضحا من تصريحات البرهان وكباشي وغيرهم من القيادات المحسوبة على التيار الإسلامي عدم حماسهم لتوقيع اتفاق التسوية النهائي، وبدلا من ذلك اصبح الدمج الفوري للدعم السريع هو مطلب الساعة، رغم أنّ القوى الثورية هي التي كانت قد دفعت بهذا الطلب بإلحاح دون حماس يذكر من قيادات الجيش او النظام البائد، الا بعد أن تقاطعت المصالح أخيرا.
حديث بعض المحسوبين على التيار الاسلامي عن مسئولية البرهان حول تطور قوة الدعم السريع، محاولة أخرى في سلسلة محاولات الإسلاميين لتجميل صورة تنظيمهم والقاء اللوم على العسكر او جهات أخرى. الدعم السريع وغيره من الميلشيات أنشأتها الحركة الاسلاموية، التنظيم الحاكم طوال ثلاثة عقود، وبالتالي تتحمل تلك الحركة كل جرائم تلك الميلشيات، فهي لم تنشئها مثلا لمكافحة الزحف الصحراوي أو لمحو الأمية.
محاولات تجميل صورة التنظيم الإرهابي يتكشف ليس فقط في محاولات القاء تبعات جرائم فترة الانقاذ على آخرين، بل يندرج في ذلك انكار عمر البشير وبعض رموز التيار الإسلامي لمسئولية التنظيم في الانقلاب! وإظهار الانقلاب كمبادرة من العسكر! تلك مجرد نكتة فقد سبق لنفس هؤلاء الرموز وفي إعلانات موثقة الاعتراف بدورهم في الانقلاب بل أنّ عرّاب التنظيم نفسه حسن الترابي لم يترك مجالا لمن يشكك في مسئولية التنظيم الكاملة عن انقلاب الإنقاذ..
كذلك الحرب على لجنة تفكيك التمكين لدرجة تدبير انقلاب ثم دق الطبول والدفع باتجاه الحرب، وكل ذلك لوقف لجنة التفكيك من تفكيك وجودهم داخل مؤسسات مهمة مثل الأجهزة العدلية والتي قامت بعد انقلاب البرهان بتفكيك قرارات لجنة التفكيك واعادت للصوص أموالهم ومناصبهم، وكذلك وقف نشر فضائح سرقة المال العام التي لم يشهد لها تاريخ البشرية مثيلا، فحين دانت السلطة لهؤلاء المتأسلمين ، اندفعوا مثل الاعصار لنهب كل شيء في هذه البلاد حتى تركوها قاعا صفصفا ولا زالت شركاتهم تمتص في دماء اقتصاد متهالك وبنية تحتية تركوها شبه مدمرة.
كما يمارس الكيزان هوايتهم في محاولة استغلال اية واقعة في التخلص من كل خصومهم، فمثلا في واقعة جريمة فض الاعتصام يعرف الجميع ان الكيزان هم من دبروا لتلك الجريمة وشاركوا في التنفيذ رغم محاولاتهم إلقاء اللوم بكامل المسئولية على الدعم السريع. ومنذ نجاح مسعاهم في الدفع للحرب الدائرة الان فهم دائما يشيرون الى الحرية والتغيير باعتبارها الجناح السياسي لحميدتي. كلام لا يمكن فهمه بعيدا عن قدرة هؤلاء الناس في لي عنق الحقائق واغراقها في الأكاذيب، فهم من أنشأ هذه المليشيات لقمع الشعب وتثبيت أركان حكمهم، وحين تقاطعت مصالحهم مع نفس المليشيات يريدون فرض حربهم على الشعب السوداني بل ومحاسبة من لا يرفع صوته مؤيدا لحرب ضحيتها هم الأبرياء، من أجل ان يعود اللصوص والانتهازيين وسماسرة الحروب لنهب وحكم هذه البلاد، ومتناسين القضية الحقيقية حول من أنشأ الدعم ويسّر له كل السبل ليصبح قوة موازية.
شيء آخر يكشف حقيقة علاقة الجيش بالنظام البائد، هو المجموعة التي تسمي نفسها بالخبراء الاستراتيجيين، وهم يجمعون بين مناصب سابقة في الجيش (وكيانات ومراكز بحوث لا يعرف لها دراسات أو بحوث تتبع في الغالب لجهاز الأمن الكيزاني) وانتماء للمؤتمر الوطني (ظهر بعضهم في أفلام قناة العربية التي وثقت لاجتماعات الحركة الإسلامية)، هؤلاء (الخبراء) لا يخفون عدائهم لثورة ديسمبر، ولقوى الحرية والتغيير، وهم بذلك يكشفون أنّ ولائهم الحقيقي هو للتنظيم وليس للجيش كمؤسسة قومية مستقلة، بل مجرد مؤسسة تابعة لتنظيمهم.
إنها حرب الاسلامويين لاستعادة سلطة النهب والاستبداد، حرب لا ناقة لأهل السودان فيها ولا جمل.
ortoot@gmail.com