هل تلاقت المصالح الإقليمية والدولية على تقاطع استمرار حرب السودان
محمد خالد
8 November, 2024
8 November, 2024
إندلعت الحرب في السودان في أبريل ٢٠٢٣ واستمرت في شهورها القليلة الأولى كحرب سلطة بين قيادة الجيش والدعم السريع والإسلاميين، ومع استمرارها تحولت إلى فرصة للأطراف الخارجية الإقليمية والدولية لتحقيق مصالحها في السودان والمنطقة. يُلقي هذا المقال الضؤ على مصالح الأطراف الإقليمية والدولية في الحرب واستخدامها للأطراف الداخلية وتفاعل هذه الأطراف الداخلية معها، ثم يطرح سؤال هل تلاقت المصالح الإقليمية والدولية للفاعلين الرئيسيين على استمرار الحرب والتلاعب بديناميكياتها لتحقيق مصالحهم؟.
الإمارات نفوذ متنامي
تدعم الإمارات قوات الدعم السريع، وهو دعم يعزز قوة هذه القوات في مواجهة الجيش السوداني. رغم ذلك، فإن الإمارات تحافظ أيضاً على علاقات مع الجيش وبعض القوى السياسية كما سنبين لاحقاً، مما يمنحها نفوذاً متعدد الجوانب يُمَكنها من التأثير في جميع أطراف النزاع. هذا التوازن الدقيق يخدم المصالح الإماراتية، حيث يمكنها التحكم بمسار النزاع حسبما تقتضي مصالحها. أيضاً تُعد الإمارات شريكاً استراتيجياً لإسرائيل، ليس فقط في الجوانب الاقتصادية، بل أيضاً في شؤون الأمن الإقليمي، مما يرجح نوعاً من التعاون لتحقيق الأهداف. هذا التحالف يعزز قدرة الدولتين على التأثير في الأوضاع السياسية في الدول العربية الأخرى، ويعكس رؤية مشتركة لتوجيه النزاعات بما يخدم المصالح المشتركة. للإمارات مصالحها الخاصة في السودان وربما ترى أن وصول شخصية مثل حميدتي للسلطة، تعتقد أن بإمكانها السيطرة عليها بالكامل، تضمن لها تحقيق مصالحها بصورة أفضل، فالدعم السريع يقاتل بدلاً عنها في اليمن، ويورد لها النسبة الأكبر من الذهب السوداني، وفي حال سيطرته على الوضع سيحقق لها السيطرة على مؤاني السودان على البحر الأحمر وألأراضي الزراعية، بإختصار هو أداة لتحقيق كل مصالحها في السودان، إلا أنها كذلك تحتفظ بعلاقات مع غالبية الفاعلين العسكريين والسياسيين في المشهد السوداني مما يسمح لها بتأثير أكبر في ديناميكيات المشهد لتحقيق مصالحها المختلفة خصوصاً مع الإنتهاكات الواسعة للدعم السريع التي تجعل منه أداة عالية الكلفة السياسية. كان من نتائج تدخل الإمارات ودعمها لخليفة حفتر في ليبيا أن أصبحت ليبيا جزئين شرقي وغربي شبه مستقلين، وهي بالطبع ليست وحدها المسوؤلة عن ذلك. أما في اليمن فقد تدخلت الإمارات ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويدعم حكومة عبد ربه منصور هادي، ثم لاحقاً دعمت المجلس الإنتقالي الجنوبي وهو فصيل يطالب بانفصال الجنوب ويعارض حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي مما حول اليمن إلى أجزاء متنازَعة السيطرة، وأيضاً ليست وحدها المسؤولة عن ذلك فهناك أطراف أخرى تدخلت في اليمن. الجدير بالذكر أن هناك وثائقي لبي بي سي استقصى حول أن الإمارات بتعاون من المجلس الإنتقالي الجنوبي استخدمت مرتزقة أمريكيين وسجناء لداعش في اليمن أطلقت سراحهم لإغتيال نشطاء مدنيين ديمقراطيين وحقوقيين جنوبيين، بما يوضح معارضتها الشديدة للأصوات المنادية بالمدنية والديمقراطية في المنطقة بل والقضاء عليها.
المصالح المصرية واحتمال توريط الجيش المصري في النزاع لاستنزاف مصر
دائماً ما دعمت الأنظمة العسكرية المصرية نظيراتها في السودان واخترقتها وساعدت بعضها للوصول للسلطة واستمرارها فيها وابتزتها، تم إغراق حلفا بمياه السد العالي وإتفاقية مياه النيل لسنة ٥٩ وإحتلال حلايب وشلاتين وغيرها من مصالح الأنظمة المصرية خلال عهود عسكرية. حالياً يدعم النظام المصري الجيش السوداني بالسلاح والاستشارات، لكن ربما تشير تصريحات الرئيس المصري الأخيرة حول "اقتصاد الحرب" إلى حساسية الوضع في السودان بالنسبة لمصر، إلا أن تدخل مصر المباشر قد يشكل خطراً على الجيش المصري ذاته. إذا قررت الإمارات التي أصبحت تتحكم بشكل كبير في القرار السياسي للنظام المصري عبر لعبة الدعم الإقتصادي تحفيز مصر على التدخل لدعم الجيش السوداني بإتفاقٍ بينهما مع الأخذ في الحسبان سيطرة الإمارات على الدعم السريع، فقد يؤدي مثل هذا التدخل إلى إضعاف الجيش المصري عبر استنزاف قدراته في صراع طويل ومعقد. هذا الاستنزاف يخدم مصلحة إسرائيل، التي ترى أن إضعاف الجيوش العربية بشكل عام، بما فيها الجيش المصري الأكبر والأقوى، يصب في صالح أمنها الإقليمي. كذلك من دون أي دفع أو تحفيز إماراتي فقد يحاول النظام المصري، الذي تحاصره الأزمات الإقتصادية وأزمة المياه، في محاولة يائسة التدخل العسكري في السودان على أمل الحصول على مزايا إقتصادية كالأراضي وعقود إعادة الإعمار وغيرها كما يحصل حالياً في شرق ليبيا، وتحسين صورته الداخلية لدى الشعب المصري وقمع الأصوات الداخلية المعارضة له والمتصاعدة بذريعة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، خصوصاً وقد وجه حميدتي إتهامات مباشرة لمصر ومن ثم منع الدعم السريع تصدير موارد سودانية إلى مصر. يبدو التدخل المصري العسكري المباشر على الأرض مستبعداً بحسب تجربة مصر المؤلمة في حرب اليمن في الستينات، إلا أنه سيناريو لا يمكن استبعاده من نظام مترنح إذا وصل لحافة اليأس. لا يبدو أن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان والاسلاميين قد يمانعون هذا التدخل إن حدث، والحقيقة هي أن الإسلاميين وقادة الجيش لهم سابقة التخلي عن حلايب شلاتين وأبو رماد وهم لا يتورعون في فعل أي شئ ضد السيادة السودانية ومصالح السودانيين مقابل السلطة، وهناك قيادات إسلامية أمنية سابقة كبيرة تعيش الآن في مصر.
أمن إسرائيل والتاريخ
لطالما اتبعت إسرائيل سياسة تسعى لإضعاف الدول العربية وخصوصاً الجيوش، وذلك لتحقيق توازنات أمنية تضمن تفوقها العسكري والتكنولوجي والإقتصادي وغيرها في المنطقة. كذلك من ضمن استراتيجياتها إبقاء هذه الدول منغمسة في صراعات داخلية تدميرية تضعفها عسكرياً وأمنياً وإقتصادياً وتقسيمها فعلياً أو رسمياً، خصوصاً تلك الدول التي تعدها مصدر خطر وكانت أنظمتها الحاكمة سابقاً مصدر خطر مباشر أو غير مباشر. حتى من دون تدخل إسرائيلي واضح يبقى من مصلحتها استمرار هذه الأشكال المشوهة من الدول فمثلاً سوريا واليمن وليبيا ثلاثتها تمثل شكل مشوه للدولة، لا تحتفظ فيه حكوماتها الشرعية أو حكومات الأمر الواقع بالسيادة الكاملة على أراضيها، ولا تحتكر السلاح والسلطة وتنازعها أطراف داخلية أخرى على السلطة والسيطرة. هذه السياسة الإسرائيلية تميل إلى استراتيجيات غير مباشرة، خصوصاً مع التهديدات غير المباشرة، تعمل هذه السياسة على زعزعة استقرار الدول من خلال دعم النزاعات الداخلية أو التحالف مع قوى إقليمية كالإمارات ذات توجهات مماثلة. وربما أصبح السودان مسرحاً لهذا التوجه في وضعه الراهن، حيث يعتبر انشغال السودان بالصراعات الداخلية مدخلاً يُبقيه في حالة ضعف، ويحد من إمكانية توجيه أي خطر نحو المصالح الإسرائيلية. إسرائيل لم تنسى لاءات الخرطوم الثلاثة ١٩٦٧ صرح بذلك سابقاً مسؤوليها، أيضاً كان نظام الإنقاذ يدعم حركة حماس وسمح بتهريب الأسلحة الإيرانية إلى غزة عبر مصر، ويتزكر السودانيون الضربات الجوية الإسرائيلية لمصنع اليرموك ولقافلة تهريب سلاح بالقرب من بورتسودان وأحداث أخرى مماثلة. للمفارقة فالأطراف العسكرية السودانية كانت ضالعة وربما ما زالت في فتح منافذ للتدخلات الإسرائيلية، فقد قابل البرهان نتنياهو في يوغندا، وتبودلت زيارات للخارجية الإسرائيلية والأجهزة الأمنية مع نظيراتها السودانية، كما قامت وفود من الجيش والدعم السريع بزيارات إلى إسرائيل في أوقات سابقة. ووصل الأمر خلال أزمة كورونا أن وفداً طبياً على متن طائرة خاصة إسرائيلية وصل للخرطوم لإجلاء مستشارة للبرهان، كانت سابقاً مستشارة للبشير، إلى إسرائيل للعلاج إلا أنها توفيت عند وصول هذا الوفد للسودان. في مثل الصراع السوداني تكون التدخلات الاسرائيلية غالباً استخباراتية وغير مرئية وعدم رؤيتها للمراقب لا يعني أنها غير موجودة، كذلك لا يمكن الجزم بمدى تأثيرها على الصراع واستدامته.
الولايات المتحدة لاعب تكتيكي وليس استراتيجي
تتابع الولايات المتحدة الوضع في السودان بعناية، إذ أن استمرار النزاع يمنع روسيا من إقامة قاعدة عسكرية في بورتسودان، والتي كانت تعتبر جزءًا من خطط موسكو لتعزيز حضورها في البحر الأحمر أواخر حقبة البشير. هذا التواجد الروسي المحتمل يهدد النفوذ الأمريكي وحلفائه في المنطقة، لذلك قد يكون من مصلحة واشنطن إبقاء النزاع مشتعلاً للحيلولة دون سيطرة روسيا على أي موقع استراتيجي على سواحل السودان. يبدو للمتابع أن الولايات المتحدة على مدار السنوات ال٣٥ الماضية لم تحسم رأيها حول السودان، هل تدعم الديمقراطية فيه مثل كينيا، أم تريده دكتاتورياً كجيرانه، الغالب على سياسة الولايات المتحدة أنها كانت تكتيكية بخصوص السودان وتتعامل بردود الأفعال وليس لها رؤية استراتيجية حوله. مع إنتخاب ترمب قد تتغير النظرة الأمريكية للحرب السودانية وتسعى لإيقافها مقابل الوعود بتحقيق مصالحها وإنهاء أي مشروع لإقامة قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر، إلا أن النظرة لتفاعل إدارة ترمب السابقة مع السودان يرى أنها ركزت على تطبيع السودان مع إسرائيل، ولم تولي أي اهتمام جاد بمسألة التحول المدني الديمقراطي، كذلك أظهرت حسماً واضحاً مع الجماعات الإسلامية في المنطقة، مما يرجح تعاونها إن مالت لأحد الأطراف فغالباً سيكون لقادة الجيش، فالدعم السريع من الصعب التعاون معه يدلل على ذلك مساندة سيناتورات وقادة رأي جمهوريين لقرارات ضده في الكونغرس أبرزهم جيم ريتش العضو في لجنة العلاقات الخارجية، التعاون مع الدعم السريع يمثل فضيحة لأي إدارة ولا يمكن الإعتقاد بأنها يمكن أن تجازف بذلك.
مصلحة روسية على ساحل السودان
حالياً تدعم روسيا الجيش السوداني، ورغم عدم تمكُّن روسيا من إقامة قاعدة في السودان، فإن استمرار النزاع يشكل فرصة أمامها لإبقاء السودان في حالة من عدم الاستقرار، مما يمنع أي حكومة مؤقتة من إقامة تحالفات متينة مع الولايات المتحدة. بهذا الشكل، تتعامل روسيا مع النزاع كوسيلة لتقليص النفوذ الأمريكي في السودان، وتأخير أي ترتيبات طويلة الأمد قد تعزز وجود واشنطن فيه. كذلك فإن روسيا في مرحلة ما دعمت الجيش والدعم السريع معاً عبر علاقتها الرسمية مع الجيش وساعدت الدعم السريع عبر فاغنر، مما يلقي بالشك حول إمكانية تلاعبها بالطرفين لصالحها. أيضاً، في ظل حوجة الطرفين الدائمة للسلاح مع استمرار الحرب فربما هي تتعاون مع الطرفين بالاستحواذ على الذهب مقابل السلاح بأسعار تفضيلية، وهي قبل الحرب كانت تحصل على الذهب عبر شركات وعبر التهريب من خلال شراكتها مع الطرفين، إذاً ليس هذا بالجديد ويظل احتمالاً غير مستبعد.
إيران وسياسة الوكلاء
عبر دعم الجيش والإسلاميين تسعى إيران لاستعادة تواجدها في السودان وعلى ساحل البحر الأحمر، وهو ما يتماشي مع سياستها الرامية لخلق أذرع داخلية في محيطها تدافع عن مصالحها وتساندها، وتخوض حروبها عوضاً عنها كجدار صد أولي سواءاً عبر الحكومات كما هو الحال مع النظام السوري، أو عبر مليشيات كحزب الله والحوثيين.
السودان: حالة استثنائية ومحاولة إيقاف "عدوى الثورات الشعبية"
السودان يمثل تجربة استثنائية في المنطقة، إذ شهد ثلاث ثورات ضد الأنظمة الديكتاتورية الأخيرة كانت في ٢٠١٩ بعد إخماد الربيع العربي تماماً، مما يجعله نموذجاً مُلهماً للمطالبة بالحرية والتغيير نحو العدالة الإجتماعية، وهذا يشكل مصدر قلق كبير لدول المحيط الإقليمي وخصوصاً العربي التي تتبنى سياسات أكثر استبدادية وتخشى عدوى الإنتفاضات الشعبية. استمرار الصراع الحالي أو تقسيم السودان، سواء كان رسمياً أو على غرار الحالة الليبية واليمنية، يضمن بقاء البلد ضعيفاً، ويحطم معنويات شعبه ويجرف الطبقة الوسطى القليلة الثورية فيه ويشغلها بهموم الحدود الدنيا بالبحث عن الرزق والبقاء على قيد الحياة بعيداً عن المطالبة بالحكم المدني الرشيد والعدالة الإجتماعية والحرية، التي قد تشكل تهديداً فكرياً للنظم السياسية في المنطقة. كذلك تعالت أصوات مطالبة بما يعرف بدولة "البحر والنهر" ودولة "العطاوة"، فدولة العطاوة تنادي بها أصوات في الدعم السريع والبحر والنهر صوتها الأعلى في الأسافير يُقال أنه مقيم بالإمارات وهو بلد لا يسمح بالنشاط السياسي للأجانب، مما يلقي بشكوك منطقية حول أغراض هذه الدعوات.
تأثير الحرب على الإسلاميين في السودان
رغم سيطرة الإسلاميين الجزئية على السلطة الحالية وتحالفهم المرحلي مع قادة الجيش إلا أنه في ظل النزاع المستمر، تتعرض القوى الإسلامية السودانية لضغوط كبيرة تمنعها من الوصول إلى السلطة المطلقة، وهو ما يتوافق مع توجهات دول إقليمية عديدة تسعى لتقليص نفوذ الإسلاميين في السودان. استمرار النزاع يخدم مصلحة هذه الدول، إذ يؤدي إلى إنهاك القوى الإسلامية وتجريدها من النفوذ سياسي، وبالتالي يُبقي السودان بعيداً عن النفوذ الإسلامي الذي قد يشكل تهديداً لبعض الأنظمة الإقليمية التي ترى في الإسلاميين قوة غير مرغوب فيها. إنغلاق الاسلاميين حول فكرة استعادة سلطتهم وعدم تورعهم عن فعل أي شئ من أجلها، يعرض السودان لمخاطر كبيرة، رغم قدرتهم على الحشد الحالي تحت ظل الجيش والمقاومة، إلا أن خياراتهم الصفرية والعدمية هي قنبلة ضخمة قد تنفجر في وجوههم وفي السودانيين، هذا إن لم تكن قد انفجرت بالفعل. رغم أن الإسلاميين تعاونوا مع أمريكا أمنياً ضد الإرهاب ويتعاونون مع مصر قبل الحرب وبعدها وهناك قناعة مصرية وربما أمريكية أنهم يمكن السيطرة عليهم، إلا أن جهات كالامارات وإسرائيل سياستها التخلص من كل حركات الإسلام السياسي في المنطقة بوصفها الخطر الأكبر عليها.
العلاقة بين القوى المدنية الديمقراطية والدعم السريع والامارات
ترتبط بعض الشخصيات من القوى المدنية الديمقراطية السودانية بعلاقات مع الإمارات، كما ينفي بعضهم دعم الإمارات للدعم السريع أو يتجاهلونه، مما يعكس تأثيراً مزدوجاً على موقفهم السياسي. هذا الارتباط يُظهر بعض الأطراف المدنية كحلفاء لقوات الدعم السريع، الأمر الذي يُضعف من فرصهم في الحصول على دعم شعبي واسع بإعتبارهم مساندين للدعم السريع، كما يُنظر إليهم على أنهم لا يمثلون الشعب السوداني بالكامل، بل ربما يتبعون أجندات تخدم مصالح خارجية وهو من مصلحة الأطراف الإقليمية المناهضة للثورات الشعبية في المنطقة بما فيها الامارات. كذلك ربما يتم استخدامهم والتلاعب بهم لتحقيق مصالحها ومن ثم إخراجهم من اللعبة فكما قولنا غير مسموح بديمقراطية في المنطقة أو هبات شعبية معدية فهل هم واعون بهذا.
الجيش السوداني والعلاقة بالإمارات
على الرغم من الانتقادات التي توجهها قيادة الجيش السوداني للإمارات، إلا أن هناك تقارير تشير إلى أن بعض القادة ما زالوا يحتفظون بعلاقات معها. حيث وردت تقارير عن تعاون مع الامارات في تصدير الذهب واستيراد الأسلحة خلال هذه الحرب. هذا التناقض يؤثر سلباً على مصداقية قادة الجيش ويضعف فرصه في السيطرة على السلطة المطلقة في السودان، حيث يظهر وكأنه غير قادر على الالتزام بمواقف واضحة، بل يُوازن بين الانتقادات والاحتفاظ بالعلاقات، مما يُلقي بظلال من الشك على نوايا قادته، فهل فكر هؤلاء القادة لماذا تتعاون معهم الإمارات في مبيعات الذهب والأسلحة وهم يصرخون بدعمها للدعم السريع.
الخاتمة
النزاع السوداني الحالي يشكل نموذجاً معقداً لتشابك المصالح الإقليمية والدولية، إذ تلعب دول مختلفة أدواراً مباشرة وغير مباشرة في توجيه مسار الأحداث. تستفيد كل هذه الأطراف من استمرار النزاع بما يخدم مصالحها، سواء عبر تقسيم السودان او اضعافه وتدمير جيشه، أو إضعاف القوى الإسلامية، أو منع الخصوم من إقامة قواعد عسكرية إلى إعاقة إنتقال مدني ديمقراطي يشكل إلهاماً لجيرانه.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد
الإمارات نفوذ متنامي
تدعم الإمارات قوات الدعم السريع، وهو دعم يعزز قوة هذه القوات في مواجهة الجيش السوداني. رغم ذلك، فإن الإمارات تحافظ أيضاً على علاقات مع الجيش وبعض القوى السياسية كما سنبين لاحقاً، مما يمنحها نفوذاً متعدد الجوانب يُمَكنها من التأثير في جميع أطراف النزاع. هذا التوازن الدقيق يخدم المصالح الإماراتية، حيث يمكنها التحكم بمسار النزاع حسبما تقتضي مصالحها. أيضاً تُعد الإمارات شريكاً استراتيجياً لإسرائيل، ليس فقط في الجوانب الاقتصادية، بل أيضاً في شؤون الأمن الإقليمي، مما يرجح نوعاً من التعاون لتحقيق الأهداف. هذا التحالف يعزز قدرة الدولتين على التأثير في الأوضاع السياسية في الدول العربية الأخرى، ويعكس رؤية مشتركة لتوجيه النزاعات بما يخدم المصالح المشتركة. للإمارات مصالحها الخاصة في السودان وربما ترى أن وصول شخصية مثل حميدتي للسلطة، تعتقد أن بإمكانها السيطرة عليها بالكامل، تضمن لها تحقيق مصالحها بصورة أفضل، فالدعم السريع يقاتل بدلاً عنها في اليمن، ويورد لها النسبة الأكبر من الذهب السوداني، وفي حال سيطرته على الوضع سيحقق لها السيطرة على مؤاني السودان على البحر الأحمر وألأراضي الزراعية، بإختصار هو أداة لتحقيق كل مصالحها في السودان، إلا أنها كذلك تحتفظ بعلاقات مع غالبية الفاعلين العسكريين والسياسيين في المشهد السوداني مما يسمح لها بتأثير أكبر في ديناميكيات المشهد لتحقيق مصالحها المختلفة خصوصاً مع الإنتهاكات الواسعة للدعم السريع التي تجعل منه أداة عالية الكلفة السياسية. كان من نتائج تدخل الإمارات ودعمها لخليفة حفتر في ليبيا أن أصبحت ليبيا جزئين شرقي وغربي شبه مستقلين، وهي بالطبع ليست وحدها المسوؤلة عن ذلك. أما في اليمن فقد تدخلت الإمارات ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويدعم حكومة عبد ربه منصور هادي، ثم لاحقاً دعمت المجلس الإنتقالي الجنوبي وهو فصيل يطالب بانفصال الجنوب ويعارض حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي مما حول اليمن إلى أجزاء متنازَعة السيطرة، وأيضاً ليست وحدها المسؤولة عن ذلك فهناك أطراف أخرى تدخلت في اليمن. الجدير بالذكر أن هناك وثائقي لبي بي سي استقصى حول أن الإمارات بتعاون من المجلس الإنتقالي الجنوبي استخدمت مرتزقة أمريكيين وسجناء لداعش في اليمن أطلقت سراحهم لإغتيال نشطاء مدنيين ديمقراطيين وحقوقيين جنوبيين، بما يوضح معارضتها الشديدة للأصوات المنادية بالمدنية والديمقراطية في المنطقة بل والقضاء عليها.
المصالح المصرية واحتمال توريط الجيش المصري في النزاع لاستنزاف مصر
دائماً ما دعمت الأنظمة العسكرية المصرية نظيراتها في السودان واخترقتها وساعدت بعضها للوصول للسلطة واستمرارها فيها وابتزتها، تم إغراق حلفا بمياه السد العالي وإتفاقية مياه النيل لسنة ٥٩ وإحتلال حلايب وشلاتين وغيرها من مصالح الأنظمة المصرية خلال عهود عسكرية. حالياً يدعم النظام المصري الجيش السوداني بالسلاح والاستشارات، لكن ربما تشير تصريحات الرئيس المصري الأخيرة حول "اقتصاد الحرب" إلى حساسية الوضع في السودان بالنسبة لمصر، إلا أن تدخل مصر المباشر قد يشكل خطراً على الجيش المصري ذاته. إذا قررت الإمارات التي أصبحت تتحكم بشكل كبير في القرار السياسي للنظام المصري عبر لعبة الدعم الإقتصادي تحفيز مصر على التدخل لدعم الجيش السوداني بإتفاقٍ بينهما مع الأخذ في الحسبان سيطرة الإمارات على الدعم السريع، فقد يؤدي مثل هذا التدخل إلى إضعاف الجيش المصري عبر استنزاف قدراته في صراع طويل ومعقد. هذا الاستنزاف يخدم مصلحة إسرائيل، التي ترى أن إضعاف الجيوش العربية بشكل عام، بما فيها الجيش المصري الأكبر والأقوى، يصب في صالح أمنها الإقليمي. كذلك من دون أي دفع أو تحفيز إماراتي فقد يحاول النظام المصري، الذي تحاصره الأزمات الإقتصادية وأزمة المياه، في محاولة يائسة التدخل العسكري في السودان على أمل الحصول على مزايا إقتصادية كالأراضي وعقود إعادة الإعمار وغيرها كما يحصل حالياً في شرق ليبيا، وتحسين صورته الداخلية لدى الشعب المصري وقمع الأصوات الداخلية المعارضة له والمتصاعدة بذريعة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، خصوصاً وقد وجه حميدتي إتهامات مباشرة لمصر ومن ثم منع الدعم السريع تصدير موارد سودانية إلى مصر. يبدو التدخل المصري العسكري المباشر على الأرض مستبعداً بحسب تجربة مصر المؤلمة في حرب اليمن في الستينات، إلا أنه سيناريو لا يمكن استبعاده من نظام مترنح إذا وصل لحافة اليأس. لا يبدو أن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان والاسلاميين قد يمانعون هذا التدخل إن حدث، والحقيقة هي أن الإسلاميين وقادة الجيش لهم سابقة التخلي عن حلايب شلاتين وأبو رماد وهم لا يتورعون في فعل أي شئ ضد السيادة السودانية ومصالح السودانيين مقابل السلطة، وهناك قيادات إسلامية أمنية سابقة كبيرة تعيش الآن في مصر.
أمن إسرائيل والتاريخ
لطالما اتبعت إسرائيل سياسة تسعى لإضعاف الدول العربية وخصوصاً الجيوش، وذلك لتحقيق توازنات أمنية تضمن تفوقها العسكري والتكنولوجي والإقتصادي وغيرها في المنطقة. كذلك من ضمن استراتيجياتها إبقاء هذه الدول منغمسة في صراعات داخلية تدميرية تضعفها عسكرياً وأمنياً وإقتصادياً وتقسيمها فعلياً أو رسمياً، خصوصاً تلك الدول التي تعدها مصدر خطر وكانت أنظمتها الحاكمة سابقاً مصدر خطر مباشر أو غير مباشر. حتى من دون تدخل إسرائيلي واضح يبقى من مصلحتها استمرار هذه الأشكال المشوهة من الدول فمثلاً سوريا واليمن وليبيا ثلاثتها تمثل شكل مشوه للدولة، لا تحتفظ فيه حكوماتها الشرعية أو حكومات الأمر الواقع بالسيادة الكاملة على أراضيها، ولا تحتكر السلاح والسلطة وتنازعها أطراف داخلية أخرى على السلطة والسيطرة. هذه السياسة الإسرائيلية تميل إلى استراتيجيات غير مباشرة، خصوصاً مع التهديدات غير المباشرة، تعمل هذه السياسة على زعزعة استقرار الدول من خلال دعم النزاعات الداخلية أو التحالف مع قوى إقليمية كالإمارات ذات توجهات مماثلة. وربما أصبح السودان مسرحاً لهذا التوجه في وضعه الراهن، حيث يعتبر انشغال السودان بالصراعات الداخلية مدخلاً يُبقيه في حالة ضعف، ويحد من إمكانية توجيه أي خطر نحو المصالح الإسرائيلية. إسرائيل لم تنسى لاءات الخرطوم الثلاثة ١٩٦٧ صرح بذلك سابقاً مسؤوليها، أيضاً كان نظام الإنقاذ يدعم حركة حماس وسمح بتهريب الأسلحة الإيرانية إلى غزة عبر مصر، ويتزكر السودانيون الضربات الجوية الإسرائيلية لمصنع اليرموك ولقافلة تهريب سلاح بالقرب من بورتسودان وأحداث أخرى مماثلة. للمفارقة فالأطراف العسكرية السودانية كانت ضالعة وربما ما زالت في فتح منافذ للتدخلات الإسرائيلية، فقد قابل البرهان نتنياهو في يوغندا، وتبودلت زيارات للخارجية الإسرائيلية والأجهزة الأمنية مع نظيراتها السودانية، كما قامت وفود من الجيش والدعم السريع بزيارات إلى إسرائيل في أوقات سابقة. ووصل الأمر خلال أزمة كورونا أن وفداً طبياً على متن طائرة خاصة إسرائيلية وصل للخرطوم لإجلاء مستشارة للبرهان، كانت سابقاً مستشارة للبشير، إلى إسرائيل للعلاج إلا أنها توفيت عند وصول هذا الوفد للسودان. في مثل الصراع السوداني تكون التدخلات الاسرائيلية غالباً استخباراتية وغير مرئية وعدم رؤيتها للمراقب لا يعني أنها غير موجودة، كذلك لا يمكن الجزم بمدى تأثيرها على الصراع واستدامته.
الولايات المتحدة لاعب تكتيكي وليس استراتيجي
تتابع الولايات المتحدة الوضع في السودان بعناية، إذ أن استمرار النزاع يمنع روسيا من إقامة قاعدة عسكرية في بورتسودان، والتي كانت تعتبر جزءًا من خطط موسكو لتعزيز حضورها في البحر الأحمر أواخر حقبة البشير. هذا التواجد الروسي المحتمل يهدد النفوذ الأمريكي وحلفائه في المنطقة، لذلك قد يكون من مصلحة واشنطن إبقاء النزاع مشتعلاً للحيلولة دون سيطرة روسيا على أي موقع استراتيجي على سواحل السودان. يبدو للمتابع أن الولايات المتحدة على مدار السنوات ال٣٥ الماضية لم تحسم رأيها حول السودان، هل تدعم الديمقراطية فيه مثل كينيا، أم تريده دكتاتورياً كجيرانه، الغالب على سياسة الولايات المتحدة أنها كانت تكتيكية بخصوص السودان وتتعامل بردود الأفعال وليس لها رؤية استراتيجية حوله. مع إنتخاب ترمب قد تتغير النظرة الأمريكية للحرب السودانية وتسعى لإيقافها مقابل الوعود بتحقيق مصالحها وإنهاء أي مشروع لإقامة قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر، إلا أن النظرة لتفاعل إدارة ترمب السابقة مع السودان يرى أنها ركزت على تطبيع السودان مع إسرائيل، ولم تولي أي اهتمام جاد بمسألة التحول المدني الديمقراطي، كذلك أظهرت حسماً واضحاً مع الجماعات الإسلامية في المنطقة، مما يرجح تعاونها إن مالت لأحد الأطراف فغالباً سيكون لقادة الجيش، فالدعم السريع من الصعب التعاون معه يدلل على ذلك مساندة سيناتورات وقادة رأي جمهوريين لقرارات ضده في الكونغرس أبرزهم جيم ريتش العضو في لجنة العلاقات الخارجية، التعاون مع الدعم السريع يمثل فضيحة لأي إدارة ولا يمكن الإعتقاد بأنها يمكن أن تجازف بذلك.
مصلحة روسية على ساحل السودان
حالياً تدعم روسيا الجيش السوداني، ورغم عدم تمكُّن روسيا من إقامة قاعدة في السودان، فإن استمرار النزاع يشكل فرصة أمامها لإبقاء السودان في حالة من عدم الاستقرار، مما يمنع أي حكومة مؤقتة من إقامة تحالفات متينة مع الولايات المتحدة. بهذا الشكل، تتعامل روسيا مع النزاع كوسيلة لتقليص النفوذ الأمريكي في السودان، وتأخير أي ترتيبات طويلة الأمد قد تعزز وجود واشنطن فيه. كذلك فإن روسيا في مرحلة ما دعمت الجيش والدعم السريع معاً عبر علاقتها الرسمية مع الجيش وساعدت الدعم السريع عبر فاغنر، مما يلقي بالشك حول إمكانية تلاعبها بالطرفين لصالحها. أيضاً، في ظل حوجة الطرفين الدائمة للسلاح مع استمرار الحرب فربما هي تتعاون مع الطرفين بالاستحواذ على الذهب مقابل السلاح بأسعار تفضيلية، وهي قبل الحرب كانت تحصل على الذهب عبر شركات وعبر التهريب من خلال شراكتها مع الطرفين، إذاً ليس هذا بالجديد ويظل احتمالاً غير مستبعد.
إيران وسياسة الوكلاء
عبر دعم الجيش والإسلاميين تسعى إيران لاستعادة تواجدها في السودان وعلى ساحل البحر الأحمر، وهو ما يتماشي مع سياستها الرامية لخلق أذرع داخلية في محيطها تدافع عن مصالحها وتساندها، وتخوض حروبها عوضاً عنها كجدار صد أولي سواءاً عبر الحكومات كما هو الحال مع النظام السوري، أو عبر مليشيات كحزب الله والحوثيين.
السودان: حالة استثنائية ومحاولة إيقاف "عدوى الثورات الشعبية"
السودان يمثل تجربة استثنائية في المنطقة، إذ شهد ثلاث ثورات ضد الأنظمة الديكتاتورية الأخيرة كانت في ٢٠١٩ بعد إخماد الربيع العربي تماماً، مما يجعله نموذجاً مُلهماً للمطالبة بالحرية والتغيير نحو العدالة الإجتماعية، وهذا يشكل مصدر قلق كبير لدول المحيط الإقليمي وخصوصاً العربي التي تتبنى سياسات أكثر استبدادية وتخشى عدوى الإنتفاضات الشعبية. استمرار الصراع الحالي أو تقسيم السودان، سواء كان رسمياً أو على غرار الحالة الليبية واليمنية، يضمن بقاء البلد ضعيفاً، ويحطم معنويات شعبه ويجرف الطبقة الوسطى القليلة الثورية فيه ويشغلها بهموم الحدود الدنيا بالبحث عن الرزق والبقاء على قيد الحياة بعيداً عن المطالبة بالحكم المدني الرشيد والعدالة الإجتماعية والحرية، التي قد تشكل تهديداً فكرياً للنظم السياسية في المنطقة. كذلك تعالت أصوات مطالبة بما يعرف بدولة "البحر والنهر" ودولة "العطاوة"، فدولة العطاوة تنادي بها أصوات في الدعم السريع والبحر والنهر صوتها الأعلى في الأسافير يُقال أنه مقيم بالإمارات وهو بلد لا يسمح بالنشاط السياسي للأجانب، مما يلقي بشكوك منطقية حول أغراض هذه الدعوات.
تأثير الحرب على الإسلاميين في السودان
رغم سيطرة الإسلاميين الجزئية على السلطة الحالية وتحالفهم المرحلي مع قادة الجيش إلا أنه في ظل النزاع المستمر، تتعرض القوى الإسلامية السودانية لضغوط كبيرة تمنعها من الوصول إلى السلطة المطلقة، وهو ما يتوافق مع توجهات دول إقليمية عديدة تسعى لتقليص نفوذ الإسلاميين في السودان. استمرار النزاع يخدم مصلحة هذه الدول، إذ يؤدي إلى إنهاك القوى الإسلامية وتجريدها من النفوذ سياسي، وبالتالي يُبقي السودان بعيداً عن النفوذ الإسلامي الذي قد يشكل تهديداً لبعض الأنظمة الإقليمية التي ترى في الإسلاميين قوة غير مرغوب فيها. إنغلاق الاسلاميين حول فكرة استعادة سلطتهم وعدم تورعهم عن فعل أي شئ من أجلها، يعرض السودان لمخاطر كبيرة، رغم قدرتهم على الحشد الحالي تحت ظل الجيش والمقاومة، إلا أن خياراتهم الصفرية والعدمية هي قنبلة ضخمة قد تنفجر في وجوههم وفي السودانيين، هذا إن لم تكن قد انفجرت بالفعل. رغم أن الإسلاميين تعاونوا مع أمريكا أمنياً ضد الإرهاب ويتعاونون مع مصر قبل الحرب وبعدها وهناك قناعة مصرية وربما أمريكية أنهم يمكن السيطرة عليهم، إلا أن جهات كالامارات وإسرائيل سياستها التخلص من كل حركات الإسلام السياسي في المنطقة بوصفها الخطر الأكبر عليها.
العلاقة بين القوى المدنية الديمقراطية والدعم السريع والامارات
ترتبط بعض الشخصيات من القوى المدنية الديمقراطية السودانية بعلاقات مع الإمارات، كما ينفي بعضهم دعم الإمارات للدعم السريع أو يتجاهلونه، مما يعكس تأثيراً مزدوجاً على موقفهم السياسي. هذا الارتباط يُظهر بعض الأطراف المدنية كحلفاء لقوات الدعم السريع، الأمر الذي يُضعف من فرصهم في الحصول على دعم شعبي واسع بإعتبارهم مساندين للدعم السريع، كما يُنظر إليهم على أنهم لا يمثلون الشعب السوداني بالكامل، بل ربما يتبعون أجندات تخدم مصالح خارجية وهو من مصلحة الأطراف الإقليمية المناهضة للثورات الشعبية في المنطقة بما فيها الامارات. كذلك ربما يتم استخدامهم والتلاعب بهم لتحقيق مصالحها ومن ثم إخراجهم من اللعبة فكما قولنا غير مسموح بديمقراطية في المنطقة أو هبات شعبية معدية فهل هم واعون بهذا.
الجيش السوداني والعلاقة بالإمارات
على الرغم من الانتقادات التي توجهها قيادة الجيش السوداني للإمارات، إلا أن هناك تقارير تشير إلى أن بعض القادة ما زالوا يحتفظون بعلاقات معها. حيث وردت تقارير عن تعاون مع الامارات في تصدير الذهب واستيراد الأسلحة خلال هذه الحرب. هذا التناقض يؤثر سلباً على مصداقية قادة الجيش ويضعف فرصه في السيطرة على السلطة المطلقة في السودان، حيث يظهر وكأنه غير قادر على الالتزام بمواقف واضحة، بل يُوازن بين الانتقادات والاحتفاظ بالعلاقات، مما يُلقي بظلال من الشك على نوايا قادته، فهل فكر هؤلاء القادة لماذا تتعاون معهم الإمارات في مبيعات الذهب والأسلحة وهم يصرخون بدعمها للدعم السريع.
الخاتمة
النزاع السوداني الحالي يشكل نموذجاً معقداً لتشابك المصالح الإقليمية والدولية، إذ تلعب دول مختلفة أدواراً مباشرة وغير مباشرة في توجيه مسار الأحداث. تستفيد كل هذه الأطراف من استمرار النزاع بما يخدم مصالحها، سواء عبر تقسيم السودان او اضعافه وتدمير جيشه، أو إضعاف القوى الإسلامية، أو منع الخصوم من إقامة قواعد عسكرية إلى إعاقة إنتقال مدني ديمقراطي يشكل إلهاماً لجيرانه.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد