هل كان يتحدث عن دولة المشروع الحضاري؟!
تأملات
hosamkam@hotmail.com
• في واحدة من المرات النادرة خلال شهر رمضان المعظم استوقفتني بالأمس سهرة قناة النيل الأزرق طويلاً.
• ومرد ذلك إلى أنني لمحت فيها ضيفاً يستحق أن تصغي إليه هو الدكتور عصام أحمد البشير.
• تسمرت هناك وما هي إلا لحظات قليلة حتى حمدت الله على أنني عرجت على القناة في تلك اللحظات.
• فقد قال الدكتور والعالم الجليل عصام البشير الكثير جداً من الكلام الطيب الجيد المفيد.
• ويبدو أن وجود سعد الدين كمقدم وحيد في سهرات النيل الأزرق أفضل من جلوس المتأنقات والمتراشقات والمتراشقين من بقية مذيعات ومذيعي القناة بجواره.
• فعندما يتواجد بجواره أحدهم أو إحداهن يتشتت تركيز سعد الدين بين توجيه الأسئلة العميقة التي تعين الضيف على إخراج أفضل ما لديه من معرفة وبين تصحيح زملائه أو زميلاته.
• مثل تلك التي جلست بجانب سعد الدين في سهرة قبل أيام وأرادت أن تطلب من مطرب رائعة الراحل مصطفى سيد أحمد " لمحتِك" فقالت له " لمحتَك" بفتح التاء بدلاً عن كسرها، فأضطر سعد الدين إلى تصحيحها فـ ( كسر لها التا).
• لكن المذيعة المبجلة حاولت أن تتذاكى على مشاهدين جلهم من الأذكياء حين قالت لسعد الدين وهي تضحك " لمحتِك" النسبة لك أنت، أما بالنسبة لي أنا " لمحتَك ".. خلاص صدقناك يا هذي!
• بالأمس استفدنا واستمتعنا بالحلقة التي جاءت اسماً على مسمى " مؤانسة وإمتاع".
• طاف الدكتور الموسوعي على العديد من الموضوعات وقدم محاضرة قيمة، وفق تماماً أحد الأخوة الحضور حين وصفها ( بـ ) برنامج عمل للدولة والأسرة والمجتمع.
• عرف سعد الدين كعادته كيف يستثير الدكتور ويحفزه دونما مقاطعات و ( شلاقة ) كما تفعل بعض المذيعات، لذلك كانت الفائدة حاضرة.
• قال دكتور عصام كلاماً كثيراً عن العلاقة بين الجوهر والمظهر في الإسلام.
• وتحدث باسهاب عن ضرورة أن يلتزم المسلم بأدب الإسلام وألا يكتفي بمجرد أداء العبادات بطريقة ميكانيكية.
• أفاد المشاهدين كثيراً بحديثه الثر حول موضوع بالغ الأهمية هو " جوهر الإسلام المعاملة".
• فما أكثر المسلمين الذين يظنون أنهم متمسكون بالدين، لكنهم لا يأبهون كثيراً بالآخرين ولا يمنحونهم ولا حيز ضئيل من تفكيرهم.
• يتغطرس الواحد منهم ويتعالى على الآخرين ويفرط في الأنانية وفي ذات الوقت يعتقد واهماً بأنه لا يتمسك بدينه كما يجب.
• أكد الدكتور أكثر من مرة خلال السهرة الرائعة على الحديث الشريف " لا ضرر ولا ضرار"، موضحاً أن إلحاق الضرر بالآخرين ليس من الدين في شيء وأن من يريد الالتزام بتعاليم ديننا السمحة فلابد أن يحترم حقوق الآخرين ولا يتعدى عليها.
• تناول دكتور عصام دون مواراة الكثير جداً من السلوكيات الشائنة والقبيحة التي تمتلئ بها شوارعنا.
• انتقد الدكتور (الفاهم) الأشخاص الذين يقودون سياراتهم أو ركشاتهم بغباء وجهالة ودون أدنى احترام لحقوق الآخرين في الطريق.
• وأشار إلى من يسيئون فهم فكرتي التغشف والزهد، مؤكداً أن الزهد لا يعني التركيز على الرث من الملابس، بل يعني خفض الجناح وعدم التكبر على الآخرين.
• وما أكثر المتكبرين والمتعالين في سودان اليوم.
• شجب الدكتور فكرة دخول المساجد بثياب متسخة ودون تعطر ونوه إلى شخص يأتي لصلاة الجماعة بجوارب متسخة تنبعث منها رائحة نتنه تؤذي بقية المصلين.
• واستغرب ممن يتوقعون من زوجاتهم النظافة والطهر والتعطر، في حين أنهم يقصرون كثيراً في هذه الجوانب ظناً منهم أن الأمر يقتصر على النساء دون الرجال، مع أن الإسلام دين النظافة والطهارة.
• لم يترك الدكتور عصام شاردة ولا واردة إلا وطرقها ولو على خفيف.
• تحدث عن نبذ الإسلام للجهوية والقبيلة وعن تركيز ديننا الحنيف على التقوى كمعيار للتفريق بين البشر.
• ونوه إلى ضرورة تأهيل أئمتنا حتى يواكبوا فكرة " الدين الحياة " ليركزوا على ترغيب الناس بدلاً من ترهيبهم لأن نبي الرحمة ( ص ) ما كان متشدداً.
• كلام جميل ولو أنني أرى أن تدريب الإئمة وتأهيلهم في هذا الجانب يفترض أن يأتي بعد تناول الكيفية التي يعالج لها ولاة أمورنا مشاكل البلد المختلفة.
• فلو وجد هؤلاء الأئمة المسئولين متفهمين للتنوع وراغبين في الترويج لفكرة ألا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى لما سعوا لترهيب الناس بدلاً من ترغيبهم.
• ولهذا أرى أن الأولى بالدروس والتدريب والتأهيل في هذا الجانب هم المسئولين، ثم بعد ذلك يكون التفكير في تأهيل الإئمة.
• فالمؤسف في عصرنا هذا أن الكثير من رجال الدين داخل وخارج السودان تعودوا أن يسايروا الحكام ولا يواجهونهم.
• كلما استطرد الدكتور عصام في حديث التسامح والوسطية كنت أتساءل في نفسي " كيف يعيش هذا العالم الجليل بأفكاره هذه في بلد كالسودان الذي يتحفنا فيه ساستنا كل يوم بأحدث أساليب العنجهية والتعالي والغطرسة غير المبررة!
• استنكر الدكتور تصرفات بعض موظفي الدولة الذين يتركون المواطنين في في صفوف الانتظار ويذهبون لأداء صلاة الظهر ويتبعونها بأوراد ونوافل، موضحاً أن ذلك يخالف تعاليم الدين ومؤكداً أن قضاء حوائج الناس من صميم العبادة
• وهذه أيضاً يفترض أن تكون مسئولية الدولة التي لو أرادت أن تضع حداً لاستغلال البعض للدين لفعلت.
• حينما وصف الدكتور الوساخة والأنانية وعدم النظام والإفراط في الفوضى و التجني على حقوق الغير بأنها ليست من صفات المسلم ( وهو شيء أكيد) ،قلت لنفسي تٌرى الرجل يتكلم عن " دولة المشروع الحضاري" أم بلد لكفار!
• فكل ما سبق ذكره متوفر بكثرة في مدننا السودانية للأسف الشديد.
• وختم الدكتور حديثه برأي مؤيد للفنون طالما أن المضمون سليم والتعبير صحيح.
• كانت سهرة رائعة بحق أضفى عليها المزيد من الجمال المادح الفنان خالد الصحافة.