هل نحن على أعتاب بؤرة صراع عربي جديدة !

 


 

 




واصلت القوات الجوية المصرية طلعاتها وغاراتها على مواقع عسكرية في منطقة درنة شرقي ليبيا مستهدفة - حسبما تقول مصر- ميليشيات إرهابية اتخذت من درنة مركزاً لها-
وتجيء الغارات المصرية رد فعل عاجل وحاسم من جانب مصر على هجمات إرهابية استهدفت بعض الأقباط المصريين في منطقة المنيا، وتقول تقارير استخباراتية مصرية إن الإرهابيين الذين هاجموا قافلة الأقباط جاءوا من ليبيا متسللين عبر الحدود، وأعلنت مصر أنها ستظل تواصل هجماتها الجوية إلى أن تقضي على أية جماعات إرهابية تستهدف مصر، بل وستهاجم كل من يستهدف الأمن المصري أينما كان، وقد أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة بقرارها هذا.
هذه التطورات على الجبهة الليبية المصرية غطت على تطورات خطيرة طالت العلاقات المصرية السودانية، الأسبوع الماضي، إذ أعلنت الخرطوم، في نفس الوقت الذي انفجرت فيه مشكلة الهجمات على أقباط المنيا، اتهامها صراحة لمصر بالضلوع في تقديم الدعم العسكري والآليات والمعدات الحربية لجماعات دارفورية تحمل السلاح ضد الحكومة، وبهذا بلغت الأزمة بين البلدين ذروتها عندما وصلت درجة الاتهام بدعم أعمال عسكرية عدوانية ضد الحكومة، رغم نفي مصر ضلوعها في مثل هذا المخطط.
لقد كان من المقرر أن تناقش هذه الأزمة على مستوى وزراء الخارجية في البلدين، عبر اجتماعات بينهما، تنعقد يوم الاثنين الماضي، في العاصمة المصرية القاهرة، لكن الوزير السوداني أعلن في اللحظات الأخيرة أن انشغالات طارئة تحول دون سفره للقاهرة،
غير أن المراقبين رأوا في هذا التأجيل موقفاً سودانياً تعبيراً عن رفض السودان للنفي المصري الذي جاء في صيغة عمومية، ولم يحاول أن يجيب عن السؤال الذي طرحته الخرطوم عن الطريقة التي وصلت بها الأسلحة المصرية إلى حملة السلاح في دارفور، والتي هي الآن بحوزة قوات الحكومة، بعد أن استولت عليها في المعارك.
ولا يستبعد المراقبون أن يكون القصد من تأجيل الاجتماع المشترك بين الوزيرين تحاشي عقد الاجتماع في أجواء التوتر الحادة الحالية، لأن عقد اجتماع في مثل هذه الظروف قد يزيد المشكلة تعقيداً، وهناك احتمال -أيضاً- أن يعطي التأجيل فرصة لتدخل (طرف ثالث) في الأزمة في محاولة لرأب الصدع، باعتبار أن الخلاف قد دخل مرحلة خطيرة، وأن آخر ما تريده دول الخليج - التي ترعى تحالفاً يشكل السودان أحد أطرافه - أن ينفجر مثل هذا الصراع المصري السوداني، في وقت يعاني فيه مجلس التعاون من تحديات داخلية، إضافة لمعاركه في اليمن.
الخلاف المصري السوداني الآن اكتسب أبعاداً جديدة، وستدخل فيه عناصر إقليمية إضافية، خاصة فيما يخص الوضع الليبي، إذ تؤيد مصر تأييداً كاملاً الجيش الذي يقوده الجنرال حفتر، بينما يتخذ السودان موقفاً ضد الجنرال حفتر وجماعته،
وسينضم هذا الخلاف الجديد بين مصر والسودان إلى قائمة متطاولة من عناصر الأزمة المحتدمة بين البلدين، وربما جعل هذا التطور الحل الشامل للأزمة أصعب وأكثر تعقيداً،
ويتحسب السودان للتطورات الأخيرة، ليس بسبب الغارات التي يشنّها سلاح الطيران المصري على درنة فحسب، بل وبسبب سيطرة القوات المصرية على منطقة جبل العوينات الحدودية بين مصر والسودان وليبيا، وهي منطقة مغرية للمتسللين عبر الحدود الثلاثية لأي من الدول الثلاث،
ويبدو أنه ما لم يتم احتواء الصراع السوداني المصري سريعاً،
فإن العالم العربي موعود ببؤرة صراع جديدة،
وسط أزماته القديمة العديدة والمتشعبة !!
--

 

آراء