هل هانت روح الانسان الى هذا الحد؟
حسن ابوزينب عمر
3 September, 2022
3 September, 2022
أيتها العرافة المقدسة
جئت اليك مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلى وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف.. مغبر الجبين والأعضاء
أسأل يا زرقاء
عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء فيثقب الرصاص رأسه في لحظة الملامسة
أمل دنقل
استيقظت بورتسودان (عروس المدن السودانية) في صباح السادس والعشرين من شهر أغسطس الى فاجعة اهتزت لها اركان المدينة حينما عثر بعض المارة في حي الميرغنية (احد الاحياء الجنوبية) للمدينة صدفة على جثة مهندس المياه (ط ع ج) غارقة في الدم وممزقة بست طعنات غائرة أصابت منه مقتلا في الحال لتحول في غمضة عين وانتباهتها زوجة مستورة وأطفال. ابرياء الى ارملة مهيضة الجناح مكسورة النفس وأيتام نسأل الله أن لا تنتهي أحلامهم الغضة البيضاء أمام مكاتب ديوان الزكاة .. طعنة واحدة كانت كافية لإزهاق الروح من السكين الحادة التي تم عرضها لاحقا ولكن يبدو ان الضحية قاومت القتلة المجردة من الرحمة حتى الرمق الأخير دفاعا عن الجوال فجاء القتل سبقا إصرار وترصد.
(2)
تشكر الشرطة التي تمكنت في سرعة وجيزة لا تتجاوز الأربعة وعشرين ساعة من القبض على الجناة. جاء تقرير الشرطة يقول انها صادرت أدوات الجريمة المستخدمة في السكين والدراجة النارية .. وأوضحت هيئة الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية أنها أولت البلاغ أهمية قصوى لأخذه رواجا من قبل وسائل التواصل الاجتماعي ..هنا حقيقة يجب أن لا تفوت على أحد وهي ان هذه الجرائم المروعة ليست الأولى فهي تمثل الجزء البارز من جبل ثلج يسبح فوق بحر المحيط والسبب دائما هو نفس السبب وهي نهب وسلب الناس في الشارع العام بالتهديد بسكين
At knife point
(3)
انما الفارق هنا هو في الضحية فاما ان تقاوم بما تيسر وهي عادة عارية اليدين وتدافع عن نفسها أمام رجل يداهم ملوحا بسلاح خطير وآخر على ظهر دراجة نارية لا تحمل لوحات جاهزة للهروب بما حصل عليه مالا أو موبايلا وغالبا وحتى لو قاومت الضحية فتنتهي المعركة غير المتكافئة عادة لصالح العصابة .. الصيد المغري والربح المضمون للمجرم هو حينما تكون الضحية أنثى وهي التي يسيل لها لعاب هؤلاء السفلة ..فالنساء وهن أكثر شرائح المجتمع ضعفا ليست لهن الشجاعة والقدرة الجسمانية يتخارجن بسرعة من الورطة بالتخلى عن ممتلكاتهن ولو استدعى الحال تسليمها للمجرم ومعها (بوكيه ورد) لو ضمنت خروجها سالمة من نصل السكين اللامع .
أنهن بناتنا وأخواتنا وامهاتنا وقد أنتهى بهن الزمن الأغبر منسيات يذرفن الدمع ويبكين في صمت في عصر الذل والهوان.
(4)
تناسلت وتضاعفت هذه الجرائم كثيرا في الفترة الأخيرة دون أن يلتفت اليها أحد فهل هذا تأكيد لما قالته الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية في بورتسودان بأنها أولت بلاغ جريمة قتل المهندس أهمية قصوى لأخذه رواجا في وسائل التواصل الاجتماعي ؟ السؤال هنا هل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مبررا وحيدا لتحرك هذه الأجهزة ؟ ولماذا لا تتحرك مسبقا ضمن جهود لمنع الجريمة بدلا من التحرك بعد وقوع الفاس في الراس وخاصة فان الملفت هنا ان فريق التحقيق قام بحسب بيان الشرطة بمداهمة معتادي الاجرام بالقطاع الجنوبي للمدينة غي الأوكار المعروفة التي تنطلق منها هذه العصابات flash point؟
(5)
ويتواصل سيل الأسئلة هل هناك أماكن محددة مصنفة في سجلات الشرطة بالأقل أمنا حتى يتجنبها المواطن وهل هناك ثمة أساليب لحماية المواطن لنفسه اذا وجد نفسه في مثل هذه المواقف وهل هناك بؤر محددة تلجأ اليها هذه العصابات لبيع مسروقاتهم التي نهبوها من الناس ؟ أسئلة كثيرة واجابات شحيحة .. في الخرطوم تطورت الجريمة وتفننت فرق الاجرام التي تتقمص شخصيات رجال مكافحة للمخدرات ينقضون بالمسدسات على رجل قادم من المسجد بعد أداء صلاة الصبح ويقتادوه جبرا وتحت تهديد السلاح الناري الى بيته لأداء واجبات النهب تحت ذريعة البحث عن المخدرات وهناك يسلبون كل من خف وزنه وغلى ثمنه من المال والذهب والمجوهرات ثم يختفون من مسرح الجريمة على متن سياراتهم بسرعة البرق .
(6)
كثرت مثل هذه الجرائم في الآونة وضاعت شكاوى المواطنين المغلوب على أمرهم ادراج الرياح ولكن كان أكثرها ألما ووجعا استغاثة سيدة قادمة من الاغتراب لم يكتفى اللصوص عديمو الرحمة بنهب ممتلكاتها بل بكسر رقبة طفلها أمامها فأطارت الفاجعة صوابها فأصبحت تحاور الناس بالدموع وتنظر بعين النقمة الى المجتمع .. كل المجتمع (ما تتفرجوا ساكت ساعدوني .. ما تخلوني براي ) ولكن يظل ما بثه مؤخرا شريط فيديو هو الأكثر استفزازا حتى الآن ..رجلان لم يقتحما منزلا بقوة السلاح بل دخلا بعد أن قفزا من فوق السور.. أحدهما وقف بعيدا يراقب والآخر دخل البيت بكل هدوء يبحث عن منفذ للدخول وحينما استيقظت الاسرة دخل معها في جدال محاولا اقناعها بأنهم مباحث قدموا للتفتيش عن مخدرات. كان المشهد لافتا للنظر فقد كان اللص يحاول الدخول وسيدة من البيت تصرخ فيه ملتاعة (ورينا هويتك ورينا اذن التفتيش). صدقوني هذه ليست سرقة يا جماعة الخير انما حقارة كاملة الدسم. فهل هانت حياة المواطن الى هذا الحد.
(7)
انتبهوا أيها السادة وتعلموا الدرس حتى من البرازيل التي سمحت بعد تزايد هذه الجرائم في شوارع ريودي جانيرو وساوباولو مواطنيها بدهس أي سائق يقود دراجة نارية في الشارع العام بدون لوحات بالسيارة. ثمة سؤال يطرح نفسه هنا لماذا تتلكأ الأجهزة الأمنية المنوط بها حفظ الأمن ؟ رب قائل ان رقعة البلاد تزايدت ومن العسير تغطيتها كاملة ورب قائل ان هذه الأجهزة تفتقر الى آليات التحرك ولكن التجارب التي نعيشها تنفي ذلك جملة وتفصيلا فهي وقبل تعاملها مع أطفال الشارع ومظاهر الاحتجاجات تنبت لها قرون استشعار تحصي خلالها دبيب النمل فتبادر الى قفل الشوارع والكباري بالحاويات وتقطع أجهزة اتصالات الانترنت قبل تحرك الشارع ثم تلجأ لأقسى عقوبات الردع وليس واردا هنا ضعف الإمكانيات فجبريل وزير المالية لا يبخل عليها فقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والرصاص الحي بدأت تزاحم حليب الأطفال وعقاقير الدواء كتفا بكتف ضمن قائمة واردات السودان .
النداء الأخير قبل الختام
دافعوا عن أنفسكم .. تدربوا حتى على استخدام السلاح الناري ..لا تعولوا كثيرا على أحد لحمايتكم ..تذكروا دائما الحديث الذي يقول ( من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد) فالسيولة الأمنية غير المسبوقة التي تروع أمن المواطن المسكين الذي يصارع سحابة يومه منغصات المعيشة هي نتاج طبيعي للأزمة الاقتصادية الخانقة فالبرهان جعل السودان معزولا عن العالم الخارجي كالبعير الأجرب وجبريل يواصل الضغط على الرقاب بتجنيب إيرادات البلاد من العملة الصعبة بل ترك دارفور بخيراتها الزراعية والحيوانية والمعدنية وأراضيها الخصبة واتجه للبحث عن مستثمرين في صحاري البحر الأحمر لتمويل اتفاقية جوبا المشؤومة .
hassan.abozinab4@gmail.com
جئت اليك مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلى وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف.. مغبر الجبين والأعضاء
أسأل يا زرقاء
عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء فيثقب الرصاص رأسه في لحظة الملامسة
أمل دنقل
استيقظت بورتسودان (عروس المدن السودانية) في صباح السادس والعشرين من شهر أغسطس الى فاجعة اهتزت لها اركان المدينة حينما عثر بعض المارة في حي الميرغنية (احد الاحياء الجنوبية) للمدينة صدفة على جثة مهندس المياه (ط ع ج) غارقة في الدم وممزقة بست طعنات غائرة أصابت منه مقتلا في الحال لتحول في غمضة عين وانتباهتها زوجة مستورة وأطفال. ابرياء الى ارملة مهيضة الجناح مكسورة النفس وأيتام نسأل الله أن لا تنتهي أحلامهم الغضة البيضاء أمام مكاتب ديوان الزكاة .. طعنة واحدة كانت كافية لإزهاق الروح من السكين الحادة التي تم عرضها لاحقا ولكن يبدو ان الضحية قاومت القتلة المجردة من الرحمة حتى الرمق الأخير دفاعا عن الجوال فجاء القتل سبقا إصرار وترصد.
(2)
تشكر الشرطة التي تمكنت في سرعة وجيزة لا تتجاوز الأربعة وعشرين ساعة من القبض على الجناة. جاء تقرير الشرطة يقول انها صادرت أدوات الجريمة المستخدمة في السكين والدراجة النارية .. وأوضحت هيئة الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية أنها أولت البلاغ أهمية قصوى لأخذه رواجا من قبل وسائل التواصل الاجتماعي ..هنا حقيقة يجب أن لا تفوت على أحد وهي ان هذه الجرائم المروعة ليست الأولى فهي تمثل الجزء البارز من جبل ثلج يسبح فوق بحر المحيط والسبب دائما هو نفس السبب وهي نهب وسلب الناس في الشارع العام بالتهديد بسكين
At knife point
(3)
انما الفارق هنا هو في الضحية فاما ان تقاوم بما تيسر وهي عادة عارية اليدين وتدافع عن نفسها أمام رجل يداهم ملوحا بسلاح خطير وآخر على ظهر دراجة نارية لا تحمل لوحات جاهزة للهروب بما حصل عليه مالا أو موبايلا وغالبا وحتى لو قاومت الضحية فتنتهي المعركة غير المتكافئة عادة لصالح العصابة .. الصيد المغري والربح المضمون للمجرم هو حينما تكون الضحية أنثى وهي التي يسيل لها لعاب هؤلاء السفلة ..فالنساء وهن أكثر شرائح المجتمع ضعفا ليست لهن الشجاعة والقدرة الجسمانية يتخارجن بسرعة من الورطة بالتخلى عن ممتلكاتهن ولو استدعى الحال تسليمها للمجرم ومعها (بوكيه ورد) لو ضمنت خروجها سالمة من نصل السكين اللامع .
أنهن بناتنا وأخواتنا وامهاتنا وقد أنتهى بهن الزمن الأغبر منسيات يذرفن الدمع ويبكين في صمت في عصر الذل والهوان.
(4)
تناسلت وتضاعفت هذه الجرائم كثيرا في الفترة الأخيرة دون أن يلتفت اليها أحد فهل هذا تأكيد لما قالته الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية في بورتسودان بأنها أولت بلاغ جريمة قتل المهندس أهمية قصوى لأخذه رواجا في وسائل التواصل الاجتماعي ؟ السؤال هنا هل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مبررا وحيدا لتحرك هذه الأجهزة ؟ ولماذا لا تتحرك مسبقا ضمن جهود لمنع الجريمة بدلا من التحرك بعد وقوع الفاس في الراس وخاصة فان الملفت هنا ان فريق التحقيق قام بحسب بيان الشرطة بمداهمة معتادي الاجرام بالقطاع الجنوبي للمدينة غي الأوكار المعروفة التي تنطلق منها هذه العصابات flash point؟
(5)
ويتواصل سيل الأسئلة هل هناك أماكن محددة مصنفة في سجلات الشرطة بالأقل أمنا حتى يتجنبها المواطن وهل هناك ثمة أساليب لحماية المواطن لنفسه اذا وجد نفسه في مثل هذه المواقف وهل هناك بؤر محددة تلجأ اليها هذه العصابات لبيع مسروقاتهم التي نهبوها من الناس ؟ أسئلة كثيرة واجابات شحيحة .. في الخرطوم تطورت الجريمة وتفننت فرق الاجرام التي تتقمص شخصيات رجال مكافحة للمخدرات ينقضون بالمسدسات على رجل قادم من المسجد بعد أداء صلاة الصبح ويقتادوه جبرا وتحت تهديد السلاح الناري الى بيته لأداء واجبات النهب تحت ذريعة البحث عن المخدرات وهناك يسلبون كل من خف وزنه وغلى ثمنه من المال والذهب والمجوهرات ثم يختفون من مسرح الجريمة على متن سياراتهم بسرعة البرق .
(6)
كثرت مثل هذه الجرائم في الآونة وضاعت شكاوى المواطنين المغلوب على أمرهم ادراج الرياح ولكن كان أكثرها ألما ووجعا استغاثة سيدة قادمة من الاغتراب لم يكتفى اللصوص عديمو الرحمة بنهب ممتلكاتها بل بكسر رقبة طفلها أمامها فأطارت الفاجعة صوابها فأصبحت تحاور الناس بالدموع وتنظر بعين النقمة الى المجتمع .. كل المجتمع (ما تتفرجوا ساكت ساعدوني .. ما تخلوني براي ) ولكن يظل ما بثه مؤخرا شريط فيديو هو الأكثر استفزازا حتى الآن ..رجلان لم يقتحما منزلا بقوة السلاح بل دخلا بعد أن قفزا من فوق السور.. أحدهما وقف بعيدا يراقب والآخر دخل البيت بكل هدوء يبحث عن منفذ للدخول وحينما استيقظت الاسرة دخل معها في جدال محاولا اقناعها بأنهم مباحث قدموا للتفتيش عن مخدرات. كان المشهد لافتا للنظر فقد كان اللص يحاول الدخول وسيدة من البيت تصرخ فيه ملتاعة (ورينا هويتك ورينا اذن التفتيش). صدقوني هذه ليست سرقة يا جماعة الخير انما حقارة كاملة الدسم. فهل هانت حياة المواطن الى هذا الحد.
(7)
انتبهوا أيها السادة وتعلموا الدرس حتى من البرازيل التي سمحت بعد تزايد هذه الجرائم في شوارع ريودي جانيرو وساوباولو مواطنيها بدهس أي سائق يقود دراجة نارية في الشارع العام بدون لوحات بالسيارة. ثمة سؤال يطرح نفسه هنا لماذا تتلكأ الأجهزة الأمنية المنوط بها حفظ الأمن ؟ رب قائل ان رقعة البلاد تزايدت ومن العسير تغطيتها كاملة ورب قائل ان هذه الأجهزة تفتقر الى آليات التحرك ولكن التجارب التي نعيشها تنفي ذلك جملة وتفصيلا فهي وقبل تعاملها مع أطفال الشارع ومظاهر الاحتجاجات تنبت لها قرون استشعار تحصي خلالها دبيب النمل فتبادر الى قفل الشوارع والكباري بالحاويات وتقطع أجهزة اتصالات الانترنت قبل تحرك الشارع ثم تلجأ لأقسى عقوبات الردع وليس واردا هنا ضعف الإمكانيات فجبريل وزير المالية لا يبخل عليها فقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والرصاص الحي بدأت تزاحم حليب الأطفال وعقاقير الدواء كتفا بكتف ضمن قائمة واردات السودان .
النداء الأخير قبل الختام
دافعوا عن أنفسكم .. تدربوا حتى على استخدام السلاح الناري ..لا تعولوا كثيرا على أحد لحمايتكم ..تذكروا دائما الحديث الذي يقول ( من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد) فالسيولة الأمنية غير المسبوقة التي تروع أمن المواطن المسكين الذي يصارع سحابة يومه منغصات المعيشة هي نتاج طبيعي للأزمة الاقتصادية الخانقة فالبرهان جعل السودان معزولا عن العالم الخارجي كالبعير الأجرب وجبريل يواصل الضغط على الرقاب بتجنيب إيرادات البلاد من العملة الصعبة بل ترك دارفور بخيراتها الزراعية والحيوانية والمعدنية وأراضيها الخصبة واتجه للبحث عن مستثمرين في صحاري البحر الأحمر لتمويل اتفاقية جوبا المشؤومة .
hassan.abozinab4@gmail.com