هل هو رئيس المخابرات العامة أم هو المندوب السامي المصري
عبدالله الحاج القطي
19 January, 2023
19 January, 2023
الحكومات المصرية تصر على اعتبار السودان حديقة خلفية لمصر ولذلك أرسلوا إلينا في الأسبوع الماضي مدير المخابرات العامة وحسبما ورد في الأنباء الرسمية أنه قد أتى ليبارك الاتفاق الإطاري.
ويبدو أن هذا المدير قد عينته الحكومة المصرية في منصب المندوب السامي المصري ليواصل دس أنف مصر في كل شؤوننا وكأننا إحدى مديريات الوجه القبلي في مصر وهو الدور الذي كان يقوم به المندوب السامي البريطاني في مصر فما كانت أي حكومة مصرية تستطيع أن تبت في أي موضوع قبل موافقته ولذلك كان من ضمن أشعار شوقي: نيرون لو عاصرت عهد كرومر لعرفت كيف تنفذ الأحكام.
اعتبار السودان حديقة خلفية لمصر هو الفهم الذي ساد في مصر منذ عهد الخديوي محمد علي باشا واستمر خلال الحكم العسكري في عهد نجيب وعبد الناصر.
في عام1952م استدعى اللواء محمد نجيب الاتحاديين بمختلف مسمياتهم إلى القاهرة وقام بتوحيدهم في ما أسموه الحزب الوطني الاتحادي.
استعدادًا لانتخابات1953م التي أفضت إلى فترة الحكم الذاتي والذي سيفضي بدوره إلى الاستقلال أو الوحدة مع مصر وما تبع ذلك من وصول الصاغ صلاح سالم إلى أقاصي جنوب بلادنا والرقص عاريًا مع الجنوبيين مع تدفق الأموال المصرية على الاتحاديين وهو ما تناوله الحاج عبد الرحمن شعرًا:
"طالبنا الجلاء وللشعب نحن ولانا
فاروق تاجو اتقبلتوا انتو سوانا
مين في البرلمان ترك القوانين سايرة
مية وخمسة في أتفه كلام تجئ طايرة"
وهو يشير بذلك إلى المادة 105 من قانون العقوبات وهى من ضمن القوانين المقيدة للحريات وتعاقب بالسجن من يثير الكراهية ضد الدولة.
ثم يذكرهم بقتلهم 240 مزارعًا في جودة بعد شهرين فقط من الاستقلال:
"مين في جودة خلى الناس عيونهم غايرة
موت بالجملة هل واسيتوا أهل الدايرة"
ثم يوجه إلى الاتحاديين جملة أسئلة أخرى:
"ماذا فعلتوا يوم ود بشرى حاملا أيادي؟
هل احتجيتوا!
قطعًا كلا شفنا البشر فوقكم بادي
أشرحوا لينا كيف ايدتوا عبد الهادي
وأيضًا صدقي والنحاس كمان بي غادي"
وبعد الاستقلال في عهد الدكتاتورية العسكرية الأولى ولإزالة الجفوة المفتعلة مع مصر حسب ادعائهم عقدوا معها اتفاقية مياه النيل في عام 1959م والتي ويا للمهزلة نتج عنها أن قام السودان في الحقيقة بتشييد السد العالي وما ترتب عليه من طمس الحضارة النوبية وإغراق مدينة وادي حلفا وتهجير أهلها.
وكل ذلك لأنها حكومة ضعيفة وأولئك الحكام لم يتحلوا حتى باستقامة سلطان سنار حين خاطب محمد علي باشا بقوله: (ألا تعلم بان سنار محروسة ومحمية بصوارم قواطع هندية ورجال صابرين على القتال صباح وعشية).
أو قول أحد شعراء المهدية:
"يا كفرة اسمعوا طيعوهوا واتبعوا
قبالكم هكسي المهدي طرقعوا
طير شيطانوا ذاواتو اتفرزعوا
وزي الكلاب في الأرض اتجدعوا
وترك جبخانتو صاروخ ومدفعو
حضر باشتهم وفزيزهم أوجعو
قاليهم مالكم احكو بالواقعو
قالولو الأنصار قط مابصاقعوا
من طعن الكبسي فانوسنا نولعو
إن ما سلمت ريقك مابتبلعو
يأتوك في مصر وفى قصرك يطلعوا
وزي رأس غردونك قنبورك يصلعوا..
ثم كان تدخلهم الفظ في يوليو1971م والذي وصفه السادات بشماتة شديدة: الاتحاد ولد بسنانو بانت في السودان وقد علق العم أبو القاسم السنجك على تصريحات السادات شعرًا: يفلح السادات في الهرش
"في لقاء إسرائيل قمتوا ريش
وين سنانك يوم العريش"..
وعلى ذكر التدخل الفظ منهم في يوليو 1971م نتذكر تغلغل مخابراتهم في الجيش السوداني وأولاد عبد الحليم وما أدراك ما أولاد عبد الحليم. ونتذكر كذلك تصريحات أحمد عبد الحليم لوكالات الأنباء والصحف وهو مرتديًا بجامة الجيش المصري: "نحن أي عضو لجنة مركزية حنعدمو".
مما يعني أن أعضاء اللجنة المركزية الذين لم يتم اعتقالهم قد كتبت لهم أعمار جديدة.
وعلى ذلك يعلق الأستاذ نقد في أول خطاب له بعد انتفاضة مارس أبريل 1985م: (نحن ما همباتة نحن ما عصابات مافيا نحن حمانا شعنا دا).
وعن تدخل الحكومات المصرية في الشأن السوداني يقول الأستاذ نقد في نفس الخطاب:(تانى ما في زول يخطنا في أباطو لأنو البخطنا في أباطو يا بنبقا ليهو حبن يا بنبقى ليهوا اشكدى).
ولا بد أن نذكر إننا لا ننطلق من عداء للشعب المصري العظيم فنحن أول من رفع شعار الكفاح المشترك مع الشعب المصري ضد المستعمر البريطاني وظللنا دائمًا ننادي بتصفية العلاقات السودانية المصرية من شوائب النظرات الطامعة لنيل مكاسب استغلالية في بلادنا، وإن قوة القضية السودانية لم تكن نابعة من تأييد البلاط الملكي المصري، بل من عدالة هذه القضية واستعداد الشعب السوداني للنضال في سبيلها.
نؤكد عدم عدائنا للشعب المصري وأكثر من ذلك نذكر بأن الشفيع أحمد الشيخ، والتجاني الطيب كانا على رأس الذين حملوا السلاح وحاربوا إلى جانب ذلك الشعب العظيم أبَّان العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م وتغنى الكابلي بكلمات تاج السر الحسن:
"مصر يا أخت بلادي يا شقيقة
يا رياضًا عذبة النبع وريقة
مصر يا أم جمال أم صابر يا حقيقة
سوف نجتث من الوادي الأعادي".
ـــــــــــــــ
*_الميدان 4025،، الثلاثاء 17 يناير 2023_*
ويبدو أن هذا المدير قد عينته الحكومة المصرية في منصب المندوب السامي المصري ليواصل دس أنف مصر في كل شؤوننا وكأننا إحدى مديريات الوجه القبلي في مصر وهو الدور الذي كان يقوم به المندوب السامي البريطاني في مصر فما كانت أي حكومة مصرية تستطيع أن تبت في أي موضوع قبل موافقته ولذلك كان من ضمن أشعار شوقي: نيرون لو عاصرت عهد كرومر لعرفت كيف تنفذ الأحكام.
اعتبار السودان حديقة خلفية لمصر هو الفهم الذي ساد في مصر منذ عهد الخديوي محمد علي باشا واستمر خلال الحكم العسكري في عهد نجيب وعبد الناصر.
في عام1952م استدعى اللواء محمد نجيب الاتحاديين بمختلف مسمياتهم إلى القاهرة وقام بتوحيدهم في ما أسموه الحزب الوطني الاتحادي.
استعدادًا لانتخابات1953م التي أفضت إلى فترة الحكم الذاتي والذي سيفضي بدوره إلى الاستقلال أو الوحدة مع مصر وما تبع ذلك من وصول الصاغ صلاح سالم إلى أقاصي جنوب بلادنا والرقص عاريًا مع الجنوبيين مع تدفق الأموال المصرية على الاتحاديين وهو ما تناوله الحاج عبد الرحمن شعرًا:
"طالبنا الجلاء وللشعب نحن ولانا
فاروق تاجو اتقبلتوا انتو سوانا
مين في البرلمان ترك القوانين سايرة
مية وخمسة في أتفه كلام تجئ طايرة"
وهو يشير بذلك إلى المادة 105 من قانون العقوبات وهى من ضمن القوانين المقيدة للحريات وتعاقب بالسجن من يثير الكراهية ضد الدولة.
ثم يذكرهم بقتلهم 240 مزارعًا في جودة بعد شهرين فقط من الاستقلال:
"مين في جودة خلى الناس عيونهم غايرة
موت بالجملة هل واسيتوا أهل الدايرة"
ثم يوجه إلى الاتحاديين جملة أسئلة أخرى:
"ماذا فعلتوا يوم ود بشرى حاملا أيادي؟
هل احتجيتوا!
قطعًا كلا شفنا البشر فوقكم بادي
أشرحوا لينا كيف ايدتوا عبد الهادي
وأيضًا صدقي والنحاس كمان بي غادي"
وبعد الاستقلال في عهد الدكتاتورية العسكرية الأولى ولإزالة الجفوة المفتعلة مع مصر حسب ادعائهم عقدوا معها اتفاقية مياه النيل في عام 1959م والتي ويا للمهزلة نتج عنها أن قام السودان في الحقيقة بتشييد السد العالي وما ترتب عليه من طمس الحضارة النوبية وإغراق مدينة وادي حلفا وتهجير أهلها.
وكل ذلك لأنها حكومة ضعيفة وأولئك الحكام لم يتحلوا حتى باستقامة سلطان سنار حين خاطب محمد علي باشا بقوله: (ألا تعلم بان سنار محروسة ومحمية بصوارم قواطع هندية ورجال صابرين على القتال صباح وعشية).
أو قول أحد شعراء المهدية:
"يا كفرة اسمعوا طيعوهوا واتبعوا
قبالكم هكسي المهدي طرقعوا
طير شيطانوا ذاواتو اتفرزعوا
وزي الكلاب في الأرض اتجدعوا
وترك جبخانتو صاروخ ومدفعو
حضر باشتهم وفزيزهم أوجعو
قاليهم مالكم احكو بالواقعو
قالولو الأنصار قط مابصاقعوا
من طعن الكبسي فانوسنا نولعو
إن ما سلمت ريقك مابتبلعو
يأتوك في مصر وفى قصرك يطلعوا
وزي رأس غردونك قنبورك يصلعوا..
ثم كان تدخلهم الفظ في يوليو1971م والذي وصفه السادات بشماتة شديدة: الاتحاد ولد بسنانو بانت في السودان وقد علق العم أبو القاسم السنجك على تصريحات السادات شعرًا: يفلح السادات في الهرش
"في لقاء إسرائيل قمتوا ريش
وين سنانك يوم العريش"..
وعلى ذكر التدخل الفظ منهم في يوليو 1971م نتذكر تغلغل مخابراتهم في الجيش السوداني وأولاد عبد الحليم وما أدراك ما أولاد عبد الحليم. ونتذكر كذلك تصريحات أحمد عبد الحليم لوكالات الأنباء والصحف وهو مرتديًا بجامة الجيش المصري: "نحن أي عضو لجنة مركزية حنعدمو".
مما يعني أن أعضاء اللجنة المركزية الذين لم يتم اعتقالهم قد كتبت لهم أعمار جديدة.
وعلى ذلك يعلق الأستاذ نقد في أول خطاب له بعد انتفاضة مارس أبريل 1985م: (نحن ما همباتة نحن ما عصابات مافيا نحن حمانا شعنا دا).
وعن تدخل الحكومات المصرية في الشأن السوداني يقول الأستاذ نقد في نفس الخطاب:(تانى ما في زول يخطنا في أباطو لأنو البخطنا في أباطو يا بنبقا ليهو حبن يا بنبقى ليهوا اشكدى).
ولا بد أن نذكر إننا لا ننطلق من عداء للشعب المصري العظيم فنحن أول من رفع شعار الكفاح المشترك مع الشعب المصري ضد المستعمر البريطاني وظللنا دائمًا ننادي بتصفية العلاقات السودانية المصرية من شوائب النظرات الطامعة لنيل مكاسب استغلالية في بلادنا، وإن قوة القضية السودانية لم تكن نابعة من تأييد البلاط الملكي المصري، بل من عدالة هذه القضية واستعداد الشعب السوداني للنضال في سبيلها.
نؤكد عدم عدائنا للشعب المصري وأكثر من ذلك نذكر بأن الشفيع أحمد الشيخ، والتجاني الطيب كانا على رأس الذين حملوا السلاح وحاربوا إلى جانب ذلك الشعب العظيم أبَّان العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م وتغنى الكابلي بكلمات تاج السر الحسن:
"مصر يا أخت بلادي يا شقيقة
يا رياضًا عذبة النبع وريقة
مصر يا أم جمال أم صابر يا حقيقة
سوف نجتث من الوادي الأعادي".
ـــــــــــــــ
*_الميدان 4025،، الثلاثاء 17 يناير 2023_*