هل يملك البرهان حق التوقيع على إعلان المبادئ مع الحلو -أم عطاء من لا يملك يا كباشي؟
في العام الماضي، وصف عضو مجلس السيادة، الفريق شمس الدين كباشي، الاتفاق المشترك الذي وقعه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو في أديس أبابا بشأن فصل الدين عن الدولة بأنه (عطاء من لا يملك لمن لا يستحق).
وقال كباشي، آنذاك، إن موافقة الخرطوم على إقامة ورشة حول علاقة الدين بالدولة مع الحركة بقيادة (الحلو) بمدينة جوبا كانت بسبب رفض المجلس الأعلى للسلام لتلك الاتفاقية. ونوه إلى أنهم تفاجأوا في المجلس السيادي بأن الورشة صممت أصلاً لمناقشة قضية فصل الدين عن الدولة، وأهملت القضايا الأخرى، وأنه رفض التوقيع على (ديباجة) الورشة بعد فشل التوافق على إزاحتها وتنفيذ القضايا السبع.
وأوضح كباشي أن مسألة رفضه التوقيع يعتبر قرار مؤسسات وليس قراراً فردياً.
وأضاف: “حمدوك مشى براهو وفصل الدين عن الدولة وهو ما لا يتواءم مع المؤسسية".
وأبدى كباشي، أسفه على أن من قدم طرح فصل الدين عن الدولة هم عناصر من الحكومة وجزء من طاولتها للتفاوض واختلفوا فيما بينهم، وأن رئيس مجمع الفقه رفض الطرح، إلا أن مجموعة كانت داعمة له وهم من سعوا لتثبيت الإقرار بالاتفاقية.
قرقر قرقر.. الآن وبعد مرور ست أو سبع أشهر على تصريحات الجنرال شمس الدين كباشي التي وصف وفيها الاتفاق المشترك الذي وقعه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع رئيس الحركة عبد العزيز الحلو في أديس أبابا بشأن فصل الدين عن الدولة بأنه (عطاء من لا يملك لمن لا يستحق)، وقعت الحكومة الانتقالية ممثلة في رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ممثلة في رئيس الحركة الفريق عبدالعزيز الحلو، في عاصمة دولة جنوب السودان، جوبا -وقعا اليوم بحضور رئيس جنوب السودان الفريق سلفا كير ميارديت والمدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيسلي، إعلان مبادئ يشكل الأساس لحل النزاع في السودان، بحسب ما أوردت وكالة السودان للأنباء.
واتفق الطرفان على العمل سويًا لتحقيق سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه، كما اتفقا على أن السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات، لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته ومعالجة مسألة الهوية الوطنية.
ونص الإعلان على المبادئ الآتية كإطار لحل الصراع في السودان:
1. اتفق الطرفان على العمل سويا لتحقيق سيادة السودان واستقلاله ووحدة أراضيه.
2. يتطلب أي حل شامل للمشكلة السودانية من جميع الأطراف الاعتراف والتأكيد على ما يلي:
أ/ يؤكد تاريخ وطبيعة الصراع في السودان أن الحل العسكري لا يقود إلى سلام واستقرار دائمين.
ب/ يجب أن يكون التوصل إلى حل سياسي وسلمي وعادل هدفا مشتركا لطرفي التفاوض.
2.1 السودان بلد متعدد الأعراق والديانات والثقافات، لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته ومعالجة مسألة الهوية الوطنية.
2.2. وإذ نؤكد حق شعب السودان في المناطق المختلفة في إدارة شؤونهم من خلال الحكم اللامركزي أو الفيدرالي.
2.3. تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادة لكل الشعب السوداني وذلك بفصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة، وأن لا تفرض الدولة دينًا على أي شخص ولا تتبنى دينًا رسميًا، وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشؤون الدينية وشؤون المعتقد والضمير، كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المبادئ في الدستور.
2.4. يجب أن تستند قوانين الأحوال الشخصية إلى الدين والعرف والمعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الأساسية.
2.5. تحقيق العدالة في توزيع السلطة والثروة بين جميع شعب وأقاليم السودان للقضاء على التهميش التنموي والثقافي والديني واضعين في الاعتبار خصوصية مناطق النزاعات.
2.6. تدرج حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والواردة في المعاهدات الدولية (التي صادق عليها السودان) في اتفاقية السلام.
2.7. التأكيد على اتخاذ حكومة السودان التدابير اللازمة للانضمام للمواثيق والمعاهدات الدولية والأفريقية لحقوق الإنسان التي لم تصادق عليها جمهورية السودان.
3. يجب أن يكون للسودان جيش قومي مهني واحد يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة يلتزم بحماية الأمن الوطني وفقًا للدستور، على أن تعكس المؤسسات الأمنية التنوع والتعدد السوداني وأن يكون ولاؤها للوطن وليس لحزب أو جماعة، كما يجب أن تكون عملية دمج وتوحيد القوات عملية متدرجة ويجب أن تكتمل بنهاية الفترة الانتقالية وبعد حل مسألة العلاقة بين الدين والدولة في الدستور، كما هو مشار له في الفقرة (2.3).
4. الاتفاق على ترتيبات انتقالية بين الطرفين تشمل الفترة والمهام والآليات والميزانيات وغيرها.
5. يعتبر ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين من ضمن عملية تطوير الوثيقة الدستورية لكي تصبح دستورًا دائًما بنهاية الفترة الانتقالية.
6. يتفق الطرفان على وقف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها كجزء من التسوية الشاملة للصراع في السودان.
والسؤال الجوهري الذي نطرحه الآن على الجنرال شمس الدين، هو، هل يملك عبد الفتاح البرهان حق التوقيع على هذا الاتفاق مع عبد العزيز الحلو، أم انه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق كما وصف اتفاق عبد الله حمدوك مع الحلو؟ ..وإذا كان عبد الفتاح البرهان كعبد الله حمدوك لا يملك حق التوقيع على هذا الاتفاق الذي يدعو لفصل الدين عن الدولة.. فهل سيقاوم الجنرال كباشي الاتفاق المذكور بكل الطرق والوسائل وافشاله، أم سيبلع اعتراضه عليه بمبررات وهمية على غرار اخوانه الإسلاميين؟
bresh2@msn.com