هيكلة الجيش السوداني واعادة محاكمة الرئيس المعزول وقيادات الإسلاميين

 


 

محمد فضل علي
6 September, 2022

 

مالم تتدارك عناية السماء ومجهودات العقلاء والمخلصين السودان سيتحول هذا البلد في يوم قريب الي مقبرة جماعية كبري يعمه الخراب وينعق فيه البوم وينضم بجدارة الي خارطة الدول المنهارة المعروفة التي وصلت الي ما وصلت اليه من فوضي ودمار شامل لاسباب متشابهة وان اختلفت الاحداث والتفاصيل..
الي غياب وتفكيك الجيوش القومية في السودان والعراق تعود الجذور والاسباب الحقيقية الي ماوصلت اليه هذه البلاد اليوم من فوضي سياسية وانهيارات اقتصادية وامنية واختلالات استراتيجية مخيفة و انتشار الميليشيات والجيوش الخاصة حيث لم يتبقي من اثر للجيوش القومية السابقة غير الازياء والشارات العسكرية التي اصبح يرتديها قادة الميليشيات والتنظيمات الارهابية المعروفة وعصابات النهب الاقتصادي وشبكات غسيل الاموال المتحالفة مع انظمة وحكومات الامر الواقع في البلدان المشار اليها.
كما حدث في السودان خلال سنين حكم ماتعرف بالحركة الاسلامية الطويل المدي وسيطرتها التامة علي كل مؤسسات الدولة السودانية بما فيها القوات المسلحة واجهزة الامن والشرطة التي فقدت دورها المفترض في حماية الامة والشعب والامن القومي للبلاد .
لن تتم هيكلة واعادة بناء القوات المسلحة والجيش القومي للبلاد في ظل هيمنة الاسلاميين وكوادر تنظيمهم الملتزمة والتكنوقراط العسكري التابع لهم وهذا امر مؤكد ومفروغ منه ولن يسمحوا بذلك دون ان تتم زحزتهم عن الحكم ومقاليد الامور او التوصل معهم الي اتفاق محسوب بمعايير صارمة للتنحي عن السلطة .
قد يكون هذا الامر اكثر صعوبة وخطورة وتعقيد في الحالة العراقية وفي السودان ايضا ولكن بصورة اقل نسبيا لاختلاف التفاصيل بين الذي جري من قبل ومايجري الان في البلدين.
ومع ذلك ستظل الدعوة الي هيكلة الجيش السوداني امر محفوف بخطر كبير علي مستقبل الامن والاستقرار في السودان وربما المنطقة والاقليم اذا اصرت سلطة الامر الواقع بتركيبتها القديمة والجديدة خاصة بعد عودة الاسلاميين الي المشاركة في الحكم من وراء ستار بل الاشراف علي منصة القرار في السودان الراهن في هذه الحالة ستتدهور الاوضاع في السودان بطريقة متلاحقة اذا اصروا علي ابقاء الامور علي ماهي عليه وفرض الامر الواقع بقوة السلاح كما يحدث الان ..
القوي السياسية السودانية بكل مكوناتها الحزبية ومنظماتها وتحالفاتها المعروفة لن تستطيع القيام بتلك المهمة باساليبها وطرقها المعروفة قياسا علي تجاربها في التعامل مع قضايا الحكم والعدالة والسلام والسياسية الخارجية في الفترة السابقة مع الابقاء علي حقها في الرقابة علي كل مجريات الامور المستقبلية ومايحدث في السودان بما في ذلك عملية هيكلة واعادة بناء الجيش القومي والقوات المسلحة السودانية .
وبالطبع لايمكن اسناد مهمة بهذه الخصوصية الوطنية والخطورة والتعقيد والحساسية الي جهة خارجية دولة اجنبية كانت او منظمة مدنية اوعسكرية استنادا الي سابقة اصبحت معروفة في هذا الصدد من خلال المصير المؤسف الذي انتهي اليه العراق بعد انهيار وتفكيك الجيش والقوات المسلحة العراقية القومية السابقة بواسطة سلطة الاحتلال الامريكي والادارة الامريكية في ذلك الوقت .
اضافة الي ضرورة الاتعاظ من التدخلات الاجنبية المربكة في القطر الليبي التي ساهمت في انتشار العنف والفوضي و الارهاب والعصابات المسلحة من خلال التدخلات الخارجية المعادية للجيش الوطني في ليبيا اضافة الي تدخلات خارجية مماثلة في طريقة ادارة مؤسسات الرئاسة الشرعية في تونس ومواقف اخري مريبة استهدفت الانتفاضة والجيش المصري في يونيو 2013 اثناء المواجهة مع جماعة الاخوان المسلحة ولكن عناية الله ووعي النخبة السياسية والفكرية وصلابه الجيش والقوات المسلحة واجهزة الامن المصرية انقذ ذلك البلد من كارثة محققة عندما رفضوا الانصياع لكل انواع الوصاية والتدخلات الاجنبية .
لابد من ايجاد صيغة لاشراف جهات عسكرية ومهنية سودانية من ضحايا عملية التفكيك التي خضعت لها القوات المسلحة السودانية بواسطة الحركة الاسلامية من العسكريين الذين قاوموا نظام المعزول البشير و الحركة الاخوانية الذين تسمح ظروفهم العامة واوضاعهم الصحية بالمساهمة في تلك المهمة الوطنية العظيمة من خلال المشاركة في لجنة استشارية ومفوضية عسكرية تتولي الاشراف علي اعادة بناء مؤسسات القوات المسلحة السودانية بالتعاون مع القوي السياسية السودانية واجهزة العدالة الانتقالية من باب الوفاء لشهداء الامة السودانية والقوات المسلحة الذين دفعوا حياتهم ثمنا للمبادرة الشجاعة ومحاولة التصدي المبكر للاحتلال الاخواني المسلح لسودان تلك الايام في المحاولة التي لم يكتب لها النجاح والتي انتهت بصدور قرار قيادة الحركة الاسلامية باعدم شهداء الجيش السوداني ودفنهم في مقبرة جماعية .
ولن تكتمل مجهودات العدالة واعادة البناء لمؤسسات الدولة القومية الشرعية في السودان بدون اعادة التحقيق بصورة كاملة حول ملابسات ماجري في السودان في الثلاثين من يونيو 1989 وبالتالي اعادة محاكمة الرئيس المعزول وقيادات الحركة الاسلامية ومن تعاون معهم من العسكريين لتحديد المسؤوليات وحجم الاضرار والخسائر المترتبة علي تلك المشاركة شريطة رفع دعوة قانونية من كل من يهمه الامر من عموم السودانيين ببطلان المحاكمة الراهنة المعطلة لمحاكمة الرئيس المعزول عمر البشير ومن معه من قيادات الاسلاميين .
///////////////////////

 

آراء