هي الانقاذ ،، وحدها التي تنقض غزلها بأياديها!
نقاط بعد بث الخبر
* نقلت الصحف أن السيد إبراهيم محمود مساعد الرئيس السوداني إتهم جهات سياسية خارجية لم يسميها بأنها تسعى إلى " إنتاج وثيقة ضد الوثيقة الوطنية التي أنتجها الشعب السوداني عبر أحزابه السياسية ومنظماته الوطنية في نهاية مداولات لجان الحوار الوطني. مؤكداً "التحدي القادم أمام القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني هو حراسة الوثيقة الوطنية التي هي مفتوحة لكل الراغبين للانضمام إليها، فضلاً على العمل بجدية لإنزالها إلى أرض الواقع.
* لقد ظل تعاطي مسؤولي الانقاذ مع الأحداث كبرت أم صغرت هو إتخاذ " نظرية المؤامرة " كشماعة دائمة لتبرير هذا الفعل أو ذاك، دون أن يكونوا معنيين بإمعان " النظر " دائماً في أن يتبصروا بأن اللغة المستخدمة في التبرير ما عادت تلك اللغة التي تنطلي على الناس، لأن الأفعال التي تتأتى من ممارسات أهل الانقاذ لسياساتهم هي حقيقة من الخطل بمكان حتى تجر الويلات والمآسي لشعوب هذه البلاد، دون أي تدخلات من جهات خارجية كانت أو داخلية، وهو ما ظلت تسجله وتؤكد عليه كل ممارساتهم وسياساتهم التي يقع عليها وحدها عبء الوقوع في شرور أعمالها.
* الشاهد في الموضوع أن أهل الوثيقة المعنية وقبل أن يجف مداد كتابتها، هم بأنفسهم من قاموا بالاعتداء الفظ على بنودها وخرق موادها. غض النظر عن عقلانية أو عدم معقولية بنود الوثيقة نفسها وما إن كانت "مخرجاتها" ملبية لأشواق وتطلعات الجماهير منذ انطلاق وثبة رئيس الجمهورية قبل سنتين،، فلا جهات أجنبية ولا يحزنون!.
* ندلل على ذلك بمجموعة من الشواهد الماثلة أمام الناس ويشهد عليها حتى أهل الانقاذ أنفسهم ولا سبيل لإنكارها أو الادعاء بأننا ندمغهم بما ليس فيهم.
* أول هذه الخروقات والاعتداءات جاءت من سيادة رئيس الجمهورية نفسه والذي ما أن إنفض سامر الحوار حتى عبر عن عدم عنايته بمواد الوثيقة في حواره التلفزيوني الشهير عندما أشار إلى مزرعته التي يديرها وتدر عليه أرباحاً يواجه بها "شظف عيشه"، علماً بأن الدستور الذي نادى الريس نفسه بضرورة إحترامه والعمل بمقتضى بنوده والذي أمنت عليه وثيقة الحوار، يمنع منعاً باتاً في مادة مستقلة بذاتها وصيغت خصيصاً لرئيس الجمهورية مزاولة أي نشاط تجاري طيلة فترة توليه منصب رئاسة الجمهورية!. هذا دون الخوض فيما يتعلق بالأنشطة التجارية الأخرى لمسؤولي الانقاذ وشاغلي المناصب الدستورية!.
* وثاني الخروقات وردت في خطبة سيادته بالساحة الخضراء، عندما "هدد" غير الموقعين على الوثيقة قائلاً لهم " الما بجي بنحصلو هناك في الغابة ونلاحقه أينما كان" فهل يعني ذلك أن أساس الدعوة للمشاركة في وثيقة الحوار هي بسياسات "أخنق فطس" والبصم على "مخرجاتها" شاء من شاء وأبى من أبى، في تناقض واضح مع بنود ومواد الوثيقة القانونية التي تشير إلى صون الحقوق والحريات في أكثر من موضع؟!. ومن الجانب الآخر فإن كانت الأنباء قد أشارت إلى أن الموقعين على الوثيقة بلغوا أكثر من 89 حزباً سياسياً و36 حركة مسلحة، إذن ما الذي يضير إن لم يأتي بقية القوم؟!.
* وثالث الخروقات والاعتداءات جاءت من مدينة بربر حيث تم الاعتداء على ندوة قوى التجمع الوطني وفضها بالقوة المدججة بالأسلحة واعتقال بعض منظميها، يأتي ذلك من جهاز الأمن الذي لم تعتني الوثيقة المشار إليها بضبط ممارساته ووظيفته حتى تحول بينه وبين حريات الناس التي أشارت إليها الوثيقة بأنها مصانة حسب ما ورد في البند رقم (9) الخاص بالحقوق والحريات الأساسية.
* رابع الخروقات جاءت من جهاز الأمن الذي صادر صحيفة الجريدة وعاقبها بالمنع من الصدور لثلاثة أعداد متتالية واستدعائه لإحدى محرراتها واستجوابها قبل أن يطلق سراحها.خارقاً بذلك ما جاء في وثيقة الحوار في البند رقم (20) حول حماية الحقوق والحريات العامة.
* وخامسها هو عندما صادرت السلطات المعنية أكثر من كتاب وعمل روائي من معرض الكتاب الدولي في تعارض واضح مع المادة رقم (21) الالتزام التام بحقوق الانسان تماماً كما وردت في المعاهدات والمواثيق الدولية في حرية التعبير حسب ما وردت في الوثيقة.
* فإين هنا هي الجهات الخارجية التي إتهمها السيد مساعد الرئيس بأنها تسعى لتقويض الوثيقة بأخرى مضادة، إن لم تكن الانقاذ بنفسها التي "نقضت غزلها بيديها" ،، غض النظر عن مآلات ذلك الغزل وما إن كان حسن الصنع أم "كشا مشما" كما يعبر بعض أهالينا؟!.
* فإن نادت الانقاذ الناس للدفاع عن الوثيقة وحراستها من أي تغول وإنزالها لأرض الواقع كما نادى مساعد رئيس الجمهورية، فإن الواقع أثبت أن المعنيين بها من المسؤولين هم أول من إعتدى عليها قبل إنزالها لأرض الواقع.
* كان الأولى الاعتناء بحوار جاد بين كل مكونات شعوب السودان عن حق وحقيقة ومساهمة أهل السودان في وثيقة حقيقية معبرة عن أشواقهم وآمالهم وتطلعاتهم، وتضمين ما يمكنه أن يساهم في إنهاء بؤر التوتر وإطفاء نيران الخلافات بقوانين حقيقية وصادقة في وثيقة صادقة ،، ولكن ليس بمسخ مشوه يجبر القوم على قبوله والتهليل والتكبير حوله باعتبار أن يوم مولده يعتبر فتحاً جديداً في تاريخ البلاد ،، فما هكذا تورد إبل الشعوب!.
________
*عن صحيفة الميدان.
helgizuli@gmail.com