وثائق امريكية عن عبود (8): قبول المعونة الامريكية: واشنطن: محمد علي صالح
وثائق امريكية عن عبود (8): قبول المعونة الامريكية
عبود يقبل المعونة الامريكية بعد ان كان رفضها البرلمان وعرقلها
عبد الماجد احمد، واحمد خير، ومأمون بحيري يريدون مزيدا من المساعدات
السفير الامريكي: لا يعرفون تعقيدات طلب المساعدات، ودور الكونقرس
محمد صالح الشنقيطي: يدفع عبود مليون جنية للمهدي ليبتعد عن السياسة
احمد خير يريد مساعدة امريكية لشركة "اوكوبولس" التي كان محاميا لها قبل الوزارة
-----------------------------------
واشنطن: محمد علي صالح
--------------------------------
هذه ثامن حلقة في هذا الجزء من الوثائق الامريكية عن السودان. وهي كألآتي:
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.
وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، اخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.
هذه وثائق النظام العسكري الاول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.
وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. ان شاء الله.
----------------------------
هذه عناوين الحلقة السابقة:
-- امريكا تعارض الجنوبيين بسبب "صديقنا عبود"
-- اسلحة امريكية لعبود رغم الحرب في الجنوب
-- "بعد ان يعود اللواء نصر من لندن (لشراء اسلحة)، نعرض عليه اسلحة امريكية."
-- وزير الخارجية رسك يتدخل لتأكيد رفض بعثة دراسية لوليام دينق
-- عبود يتحالف مع امريكا ضد لوممبا في الكونغو
-- عبود يتحالف مع بريطانيا ضد قادة الحركات الوطنية في مستعمرتي يوغندا وكينيا
-----------------------------------
في هذه الحلقة الثامنة، وبعد اسبوعين فقط لحكم عبود، وافق على قبول المعونة الامريكية التي كان البرلمان المنحل عارضها، ووضع شروطا صعبة لقبولها.
كان ايدها رئيس الوزراء السابق عبد الله خليل، والسيد عبد الرحمن المهدي، راعي طائفة الانصار. وتردد السيد على الميرغني، راعي طائفة الختمية. وعارضها الشيوعيون والحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة اسماعيل الازهري، رئيس الوزراء السابق.
وكان الازهري بدا يميل نحو المصريين وهو في المعارضة. وبدا يسير على خط الرئيس جمال عبد الناصر في عداء امريكا، ورفع شعارات القومية العربية.
---------------------------
بيان مجلس الوزراء:
1-12-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... يوم 30-11-1958، اصدر مجلس الوزراء بيانا قال فيه ان لجنة وزارية قررت قبول المساعدات الامريكية التي كانت عرضت على السودان قبل الانقلاب العسكري. لم يستعمل البيان ما يعرف هنا بانه "المعونة الامريكية." واستعمل "اميركان ايد بروغرام" (برنامج المساعدات الامريكية) و "اميركان ايد اقريمنت" (اتفاقية المساعدات الامريكية) ...
واشار البيان الى النقاط الآتية:
اولا: تبلغ تقديرات ميزانية خطة الخمس سنوات القادمة للسودان 120 مليون جنيه سوداني تقريبا.
ثانيا: تقدر الحكومة على جمع 30 مليون جنية فقط من هذا المبلغ من مصادرها.
ثالثا: "بالاجماع، قررت اللجنة الوزارية (التي كان شكلها مجلس الوزراء) انه لا يوجد اي شئ في اتفاقية المساعدات الامريكية يحد من، او يؤثر على، استقلال وسيادة السودان. وان المساعدات يمكن ان تساهم في تنفيذ جزء ضروري من الخطة الخمسية. والذي كان لابد ان يؤجل بسبب الوضع الاقتصادي في البلاد. وايضا، تساهم المساعدات الامريكية في الصرف على الواردات في الوقت الذي وصلت فيه ارصدتنا من العملات الاجنبية الى مستوى منخفض."
رابعا: "لسوء الحظ، في الماضي، صارت اتفاقية المساعدات الامريكية العوبة في ايدي الاحزاب السياسية. وعرقلت الشروط التي وضعها البرلمان تنفيذ المساعدات بالصورة الكاملة، والضرورية" ...
وبناء على توصية اللجنة الوزارية، قرر مجلس الوزراء تنفيذ اتفاقية المساعدات الاميركية كما جاءت في خطاب آخر حكومة، بتاريخ 31-3-1958، الى الحكومة الامريكية. واشار القرار الى امكانية استعمال الجزء غير المرتبط بمشاريع معينة في المساعدات لاستعماله في تخفيض الضغط على الارصدة الاجنبية لحكومة السودان ...
وقال البيان ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة وافق على قرار مجلس الوزراء ... "
----------------------
عبد الماجد احمد:
1-12-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... يوم 30-11-1958، قابلت، برفقة كيتشن، مدير مكتب المساعدات الخارجية الامريكية هنا، عبد الماجد احمد، وزير المالية والتجارة، في مكتبه. وبعد المجاملات، تحدث احمد في اسهاب وتفصيل عن مساعداتنا الى حكومة السودان. وكرر ان السودان يحتاج لها. وركز على نقد شديد للاحزاب السياسية، ولمنارواتها حول مساعداتنا. وقال ان سوء الفهم كان سببه "اما رفض متعمد، او جهل بمعلومات اساسية." وهو نفسه، في البداية، تردد، اعتمادا على المعلومات التي كانت وفرتها الحكومة السابقة، في قبول مساعداتنا ...
وقال الوزير ان قرار الحكومة الجديدة لم يعتمد على اي مصالح سياسية او شخصية. ولكن على "مدى الفائدة للسودان"...
وتحدث الوزير عن رغبة حكومة السودان في مزيد من التعاون مع الولايات المتحدة. ونحن عبرنا عن املنا في ان تساهم المساعدات في تقوية العلاقة بين البلدين، وفي دفع التقدم والنهضة في السودان ...
وطلب الوزير مساعدتنا في بيع قطن السودان. وانا قلت له ان هناك مشاكل تواجه قطننا نحن. وعلى اي حال، انا سارسل الطلب الى وزير الخارجية.
وقال الوزير اننا لابد ان نقدر على المساعدة لاننا، كما قال، ساعدنا مصر على بيع ربع مليون بالة من القطن المصري.
لكن، لم نعلق، كتشن وانا، على هذه النقطة، لاننا لا نعرف اي شئ عنها ...
وقال الوزير انه يعرف تعقيدات موضوع القطن بالنسبة لنا. لكنه قرر طلب المساعدة حتى اذا لن نلبي الطلب ... "
----------------------
مأمون بحيري:
1-12-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... قابل كتشن، مدير مكتب المساعدات الخارجية هنا، نائب وكيل وزارة المالية مأمون بحيري. وشمل الحديث طلب حكومة السودان برصد مبلغ من المساعدات نقدا لدعم الواردات ...
(في هذه الخطابات، غموض حول وظيفة مامون بحيري. مرة، قالوا انه وكيل وزارة المالية. ومرة، قالوا انه وزير المالية. وزير المالية والتجارة كان عبد الماجد احمد، ووكيل وزارة المالية كان حمزة ميرغني).
اقترح بحيري اعتماد مليوني دولار لبند الواردات الخاصة ...
ووجد كتشن صعوبة في اقناع بحيري بتعقيدات المساعدات الامريكية. لأن الموضوع ليس بمثل هذه السهولة، ولان هناك قوانين امريكية عن دعم الواردات الخاصة بالمقارنة مع دعم الواردات الحكومية ...
وحسب اتفاق سابق، اعتمد كتشن وبحيري رصد ستة ملايين دولار للمشاريع، كخطوة اولى قبل مناقشة التفاصيل. وكرر كتشن ان المبلغ يمكن ان يعتمد في الميزانية الامريكية لسنة 1959، او لسنة 1960، التي ستقدمها وزارة الخارجية الى الكونقرس.
واقترح كتشن، بالاضافة الى المعونة (مساعدة)، تقدر حكومة السودان على تقديم طلب قرض ما بين ستة وعشرة ملايين دولار للواردات الحكومية، خاصة القمح. ثم تبيع الحكومة القمح الى القطاع الخاص. وايضأ، يمكن وضع ذلك في ميزانية سنة 1959، او سنة 1960، التي ستقدمها وزارة الخارجية الى الكونقرس ... "
-----------------------------
احمد خير:
5-12-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... استدعاني اليوم احمد خير، وزير الخارجية. وبعد عبارات المجاملة، قال ان حكومة السودان تأمل في مزيد من المساعدات من الولايات المتحدة. خاصة لان الولايات المتحدة تقدم مساعدات كثيرة الى الهند ومصر، كما قال.
وقال انه يعرف كثيرا عن انواع المساعدات، والجوانب الفنية لها.
وسال عن امكانية الحصول على الأتي:
اولا: قروض من بنك "اكس ام" (بنك التصدير والتوريد في واشنطن).
ثانيا: مساعدات من برنامج الطعام الامريكي (ما كان يسمى "النقطة الرابعة").
رابعا: مساعدات عسكرية.
خامسا: قرض طويل المدي بمبلغ 15 مليون جنية سوداني (43 مليون دولار) لمشاريع البنية التحتية.
سادسا: قروض لتمويل تكملة مشروعي المناقل (امتداد الجزيرة)، والرصيرص (كنانة)...
وقال الوزير ان حكومة السودان كانت طلبت من البنك الدولي تمويل المشروعين. لكن، اشترط البنك الشروط الأتية:
اولا: يدفع هو نصيبه الخارجي بالعملة الصعبة، وتدفع حكومة السودان نصيبها الداخلى بالعملة المحلية.
ثانيا: يحسم السودان ومصر مفاوضات تقسيم ماء النيل بعقد اتفاقية.
ثالثا: يراقب البنك مراقبة دقيقة الصرف على المشاريع ...
وقال الوزير ان البنك الدولي يشترط "مراقبة دقيقة"، لكن "ستكون الحكومة الامريكية اكثر تفهما." وكانه يقول اننا لن نراقب مساعداتنا مراقبة دقيقة ...
واضاف الوزير بان السودان يستعجل اكمال مشروعي المناقل وكنانة حتى لا يضغط المصريون على السودانيين لزيادة نصيبهم من ماء النيل ...
وتحدث الوزير عن خطة تمويل مصنع النسيج. وقال ان حكومة السودان ستقدم كل المساعدات لشركة "ثيودور اوكوبولس" لبناء المصنع، ثم ادارته.
نلاحظ هنا ان الوزير كان محاميا للشركة قبل ان يصير وزيرا للخارجية ...
وطلب الوزير منى ان اسال المسئولين في واشنطن عن امكانية تمويل شراء حكومة السودان، باسعار معقولة، لثلاث سفن شحن صغيرة تبحر في البحر الاحمر، والبحر الابيض المتوسط. وقال ان حكومة السودان تقدر على ادارة السفن، وعلى تحقيق ارباح معقولة ...
واخيرا، قال الوزير ان حكومة السودان تريد مزيدا من المساعدات الامريكية. وتريد تقوية العلاقات بين البلدين. ومع علامات اسى، قال انه، في حالة رفضنا المساعدة، سيضطر السودان الى طلب مساعدات من "اماكن اخرى." ولم يقل ما هي هذه الاماكن.
رأينا:
اولا: كان خير وديا.
ثانيا: مثله مثل اي وزير في حكومة جديدة، يتحدث كثيرا عن مساعدات خارجية بدون ان يفهم فهما واضحا ماذا، حقيقة، يريدون ... "
--------------------
عثمان حامد:
2-12-1958
من: السفير، بون
الى: وزير الخارجية
صورة الى: السفير، الخرطوم
" ... في مقابلة مع دبلوماسي في السفارة هنا، قال عثمان حامد، سفير السودان هنا، ان الغرب سيكسب كثيرا من نظام الفريق عبود. وقال ان عبود حقق هدفين:
اولا: امن الاستقرار السياسي بعد سنوات نزاعات الاحزاب.
ثانيا: حمى السودان من سيطرة مصر عليه ...
وقال حامد ان على الدول الغربية الانتباه الى خطوتين خطاهم عبود مؤخرا، وتوضحان انه منحاز نحو الغرب:
اولا: طلب المعونة الامريكية التي برلمان الاحزاب عارضها.
ثانيا: كرر عبارة "حماية استقلال السودان"، والقصد منها "حماية استقلال السودان من السيطرة المصرية" ...
لكن، اشترط حامد على الغرب، اذا يريد كسب نظام عبود، الا يعلن للملأ ان عبود "صديق للغرب"، لان ذلك سيحرج عبود نفسه، وسيزيد مشاكله مع مصر ... "
------------------
رسالة عبود الى ايزنهاور:
2-12-1958
(محضر اجتماع في الخارجية الامريكية اشترك فيه: ستيوارت روكويل، ووليام بروار، من الخارجية، ومحمد عبد الماجد احمد، القائم بالاعمال في سفارة السودان في واشنطن):
" ... نقل القائم بالاعمال رسالة شفهية من الجنرال عبود الى الرئيس ايزنهاور، فيها تحيته، وشكره على اعتراف الولايات المتحدة بحكومته ...
وسال حامد عن الراي الامريكي في بيان السياسة الخارجية السودانية الذي صدر يوم 29-11. وقال روكويل اننا قرأنا البيان، لكننا غير راضين عن الاشارة الى الاعتراف بالصين الشيوعية. وذلك لان الصين الشيوعية كانت اعلنت الحرب على الامم المتحدة، ورفضت تنفيذ قرارها. وقال روكويل ان الولايات المتحدة، على اي حال، تعترف بحق اصدقائها في الاختلاف معها ... "
(عادت الصين الشيوعية الامم المتحدة، والولايات المتحدة، لانهما رفضتا منح الصين الشيوعية مقعد مجلس الامن الدائم الذي كان تحتله حكومة الجنرال شيانق كاي شيك، حليف الغرب الذي هرب من الصين بعد نجاح ثورة الصين بقيادة ماو تسي تونق سنة 1949.
لكن، مضت الايام والسنين، وبعد ثلاثين سنة من ثورة الصين، وبعد اعتراف السودان بها بعشرين سنة، اعترفت بها الولايات المتحدة، سنة 1979).
-------------------------
محمد صالح الشنقيطي:
9-12-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... خلال اجتماع دبلوماسي في السفارة هنا مع محمد صالح الشنقيطي، رئيس مجلس النواب الذي حله نظام الفريق عبود، قدم الشنقيطي، في تفاصيل كثيرة، اراءه في بعض المواضيع الراهنة في السودان. وهذا ملخص ما قال:
عبود والمهدي:
" ...كان الامام المهدي الكبير رجل دين حقيقي، ولهذا سحقه البريطانيون "الذين يسحقون كل زعيم مسلم قوي ومحترم." لكن، تعاون البريطانيون مع ابنه، السيد عبد الرحمن المهدي، بعد ان قرر الابن فصل الدين عن الدولة. وقلل اهتماماته الدينية، وزاد اهتماماته الدنيوية ...
وقال الشنقيطي ان عبود ليس كثير التدين. ولهذا، يريد فصل الدين عن السياسة. ولهذا عرض على السيد عبد الرحمن المهدي ان يفصل الدين عن السياسة. ويكون فقط رجل دين محايد ...
ويقدر عبود على منح المهدي مليون جنية ليحسن وضعه، على شرط:
اولا: يبتعد عن السياسة.
ثانيا: يوقف مطالبته بان يكون رئيسا للجمهورية.
ثالثا: يبعد اولاده (مثل السيد الصديق، والد السيد الصادق) عن السياسة ...
وقال الشنقيطي انه، لهذا، يمكن تاسيس تحالف بين عبود والمهدي. سيكون تحالفا قويا، ويمكن ان يستمر لفترة طويلة. ويمكن ان يكون ناجحا. وذلك للاسباب الآتية:
اولا: ساهم الحزب الاتحادي الديمقراطي (المعارض لحزب الامة) في افشال الديمقراطية في السودان، وخاصة بسبب تعاونه مع المصريين.
ثانيا: ساهم المصريون انفسهم مباشرة في افشال الديمقراطية في السودان. لانهم ظنوا ان السياسيين السودانيين يمكن ان يباعوا ويشتروا. وفعلا، صرفوا على النشاطات السياسية في السودان بين ثلاثة وخمسة ملايين جنية منذ قبل استقلال السودان.
ثانيا: يتمتع نظام عبود الجديد بتاييد قطاعات كبيرة وسط الشعب السوداني.
ثالثا: لان النظام عسكري، سيكون حازما في اتخاذ القرارات، خطأ او صوابا، بالمقارنة مع مناورات الاحزاب، والاعيبها، وفسادها ...
السياسة الخارجية:
" ... انتقد الشنقيطي الحياد الايجابي، وقال ان ايامه معدودة. وانه اشتهر بسبب شهرة قادته، مثل: الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والرئيس اليوغسلافي تيتو، ورئيس وزراء الهند نهرو ...
وقال الشنقيطي انه، لحسن الحظ، يميل عدد كبير من قادة نظام عبود نحو الغرب. ومنهم: اللواء احمد عبد الوهاب، وزير الداخلية والحكومة المحلية، واللواء حسن بشير نصر، وزير شئون الرئاسة ونائب القائد العام، وعبد الماجد احمد، وزير المالية والتجارة، واحمد خير، وزير الخارجية ...
وقال الشنقيطي ان هؤلاء، في ميولهم نحو الغرب، تاثروا بعبد الله خليل، رئيس الوزراء السابق، وابراهيم احمد، وزير ماليته ...
وقال الشنقيطي ان هؤلاء "المتغربين" يجب الا ان يظهروا ميولهم مباشرة. وذلك خوفا من اغضاب المصريين، بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر ...
(كان عبد الناصر يعادي امريكا منذ ان رفضت تمويل مشروع السد العالي سنة 1956. رغم انه كان يتلقى شحنات ضخمة من القمح الامريكي).
وقال الشنقيطي ان الروس، ايضا، سيسببون مشاكل لعبود. وانهم حديثو عهد بالمنطقة. لكنهم يريدون نشر الشيوعية باني طريقة، بدون وضع اعتبار لظروف دول المنطقة، وخاصة الدول الاسلامية ... "
-----------------------
مقابلات عبود:
10-12-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... خلال الايام القليلة الماضية، ادلى الفريق عبود بتصريحات الى صحيفتتين. نرسل لكم ترجمة كل مقابلة. ونلخص كل مقابلة في ألاتي:
اولا: مقابلة مع الصحفي الهندي باركاش شانديا. قال عبود ان السودان سيسلك سياسة "الحياد الايجابي وعدم الانحياز."
وسيقبل "اي هدية، واي مساعدة، من اي حكومة، ما دامت ليست بشروط تؤثر على استقلال وسيادة السودان." وان حكومته لم تناقش موضوع "الوحدة العربية" و "الفدرالية العربية"، وذلك لانها تهتم، اولا، بالاستقرار في البلاد، ورفع مستوى المعيشة في البلاد. وانه متفاءل حول حل المشاكل مع مصر. وان العودة الى الديمقراطية ستتحق بعد "تاسيس حكومة تخدم الشعب، وبعد تامين استقلال ورخاء السودان"...
ثانيا: مقابلة صحيفة "السودان الجديد": كرر عبود انه متفاءل حول حل المشاكل مع مصر. وان الاسلحة التي تسلمها السودان من بريطانيا لم تكن معها اي شروط، وانها كانت "هدية"، وانه، على اي حال، سيأمر بدفع قيمتها. وكرر بان السودان سيسير على طريق "الحياد بين المعسكرين الغربي والشرقي" ...
--------------------
احمد عبد الوهاب:
13-12-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... يوم 9-12، ذهبت لزيارة اللواء احمد عبد الوهاب، وزير الداخلية والحكومة المحلية. وبعد كلمات المجاملة، قال انه وزملاءه العسكريين كانوا يتابعون، قبل الانقلاب، المناقشات في البرلمان حول المعونة الامريكية. وايدت اغلبتيهم المعونة. لكنهم لم يكونوا يعرفون تفاصيل الموضوع الا بعد الانقلاب العسكري، وبعد توليهم مناصب، وبعد حصولهم على معلومات مفصلة عن الموضوع. ولهذا، اصدر المجلس العسكري العالي قرار قبول المعونة الامريكية ...
رأينا:
في نفس الوقت، علمنا ان مجلس الوزراء اصدر تعليمات للوزارات عن طرق الاتصال معنا لبحث تفاصيل تنفيذ المعونة الامريكية، وذلك كألاتي:
اولا: دعوة الحكومة الامريكية للاشتراك في تخطيط، وتمويل، وتنفيذ خطة الخمس سنوات القادمة للتنمية الاقتصادية.
ثانيا: رصد ثلاثة مليون دولار من المساعدات لتمويل توريد السكر، لان مخزون السكر قل كثيرا، وتأخر وصول السكر المصري بسبب مشاكل مالية.
ثالثا: تشكيل مجلس ادارة سوداني امريكي لادارة المعونة الامريكية، يراسه عبد الله خليل، رئيس الوزراء السابق، وفيه ابراهيم احمد، وزير المالية في وزارة خليل السابقة ..."
---------------------
الاسبوع القادم:
عبد الله خليل يهدد عبود لعدم تنفيذ اتفاق سري بينهما بان يعود الى الثكنات بعد ستة شهور، بعد ان يعلن السيد عبد الرحمن المهدي رئيسا للجمهورية، واسماعيل الازهري رئيسا للوزراء، وعبد الله خليل نائبا له، ووزيرا للدفاع.
-----------------------
MohammadAliSalih@yahoo.com