وحدة القوى الثورية بالتسوية الشفافة بين المركزي ولجان المقاومة الجذرية لقلب الطاولة على رأس تحالف الكتلة الديمقراطية الفلولية الإستخباراتية

 


 

عمر الحويج
10 February, 2023

 

كان خطأ التحليل للموقف السياسي السليم ، الذي وقعت فيه الحرية والتغيير بعد إنقضاء لحظات فرحة الشعب العارمة يوم 11 /4 / 2019 بتخلصه من عبء النظام النازيوإسلاموي بثلاثينيته المجرمة ، ودخول البشير السجن وإلحاق رفاقه به ، وبعد أن أفاقت الحرية والتغيير الأصل ، قايدة الثورة في إنطلاقتها ، من إحتفائها مع الشعب بسقوط النظام ، جانبها التوفيق في التحليل السليم ، لماهية ونوعية ما حدث ، وأرتكبت الخطأ الفادح والقاتل ، حتى بعد جريمة فض الإعتصام ، إنقلابهم الثاني ، وبينه وإنقلابهم الأول شهوراً معدودات ، معتبرة أن ما حدث يوم سقوط النظام ، ما هو إلا إنحياز الجيش للثورة ، وليس سرقتها ومن ثم إجهاضها ، فلم يلجأوا لإستقراء الثورات السودانية السابقة ، ولم يقرأوها بشكل جيد .

فثورة أكتوبر ، كان تدخل الجبش ، وإنحيازه للثورة ، حقيقة ، بطبيعة تدخله ، فقد كان إنحيازاً بصحيح التحرك ، حين قامت بعض فصائله ، بمحاصرة القصر الجمهوري ، والضغط على النظام ، من داخل المنظومة العسكرية نفسها ، دون الرغبة في محاولة الإستيلاء على السلطة ، وفعلاُ إستسلم نظام عبود للضغط وللتورة ، وعاد الضاغطون إلى ثكناتهم ، دون أي محاولة من جانبهم ليكونوا البديل لحكم الراحل عبود ، وحتى لم يدَّعوا أو يتاجروا بثمن إنحيازهم للثورة ، وحتى لم يعرف الثوار من هم إلا في زمان آخر ، بل أستلمها صناع الثورة بممثليهم في قيادة جبهة الهيئات حيث أجهضت في لفة أخرى ، بواسطة التآمرات المعروفة للناس .

في حين جاءت مارس/ابريل 85 الذي تعلم منها السلطويون العسكر الدرس ، ولم يتعلم الثوار ذات الدرس ويجيروه لصالحهم ، بل تركوا المجلس العسكري يتولى أمر السلطة عنهم ، وكانت اللعبة الخبيثة من ورائها الجبهة القومية الإسلامية المتصالحة مع النظام الساقط ، بخطتهم لإستلام السلطة صافية غير معكرة بآخرين من منافسيهم في الأحزاب الأخرى ، وفي النهاية تأكدت خطتهم الجهنمية ، وتحول المجلس العسكري راعياً فعلياً ، وحاضناً صدوقاً لجبهتهم القومية الإسلامية ، وبعد أن كانوا محسوبين كسدنة للنظام الساقط ، يستحقون المحاكمة بالشنق ، أصبح منهم زعيم المعارضة ، بأكثر من خمسين نائباً برلمالياً جاءتهم بانتخابات نظمها ذات المجلس ومجلس وزرائه ، ليفوزوا بها بمساعدة رئيس وزرائهم الجزولي دفع الله ، وهو منهم وإليهم ، وفيما بعد نالت أغلب عضوية المجلس العسكري ، كل أثمان خيانتهم للثورة ، أو الإنتفاضة ، تقليلاً منها ، مع العلم أن المعنى واحد ، وتعظمياً للجيش الذي إنحاز للثورة كما إدعوا ، ولم يتم كشف الخديعة يومها ، بل أصبح ، حتى في الإعلام العربي سوار الذهب ، مثالاً لهم يتم استدعاء سيرته ، كلما أرادوا تمجيد جيوشهم ، بإدعائهم أن الراحل سوار الذهب هو العسكري الوحيد الذي سلم السلطة للمدنيين ، وكان هذا كذب صراح .

وجاءت الثورة العملاقة في ديسمبر المجيد ، ولعبها العسكر هذه المرة بالمكشوف ، بخطة النظام النازيوإسلاموي ، بتسليم سلطتهم آمنة مطمئنة وبموافقتهم وتحت تخطيطهم ، إلى لجنتهم الأمنية دون مواربة ، حين أحسوا بالهزيمة ، وأن سقوط نظامهم بات بين قوسين أو أدنى .
وجاءت الضربة القاضية حين إعتبرت الحرية والتغيير ، أن ماحدث هو إنحياز الجيش للثورة ، وحتى لا أطيل ، وكله معلوم ، ذلك الذي بموجبه تم للنظام المندحر ، إدارة الفترة الانتقالية بكاملها تحت نظر وسمع حكومة حمدوك وحاضنته الحرية والتغيير ، حتى قرر أن يضرب ضربته الأخيرة ، حين حان أوان تسليم السلطة للمدنيين وفقاً للوثيقة الدستورية ، وقرارهم الذي لم يتحملوا إرجائه أكثر مما هو موجود . ككارثة حلت بهم وأدمت جيوبهم وأموالهم وشركاتهم ، ومن الذي ما خفي أعظم من منهوباتهم ، وإستعجال وقف وإسكات بعبعهم الذي أغض مضجعهم والمعني ، هو نوارة الثورة ، لجنة ازالة التمكين ، ورغبتهم المستعجلة في إنهاء عملها وخدماتها بل وإقصاء وجودها من على سطح الحياة والأرض ، وليس السلطة فقط ، ولن يتم لهم ، ذلك إلا بإستلام السلطة كاملة مكملة ، تحت إدارتهم ، وتم لهم ذلك ، بإنقلاب 25 / أكتوبر/ 2021 .
وفي بداية أمرها وأيامها الأوُّل ، إستوعبت قحت لحين ، درس ألاعيب العسكر ومن خلفهم الحركة النازيوإسلاموية ، فقررت الوقوف ضد الإنقلاب وأعلنت ذلك بجسارة تحسد عليها في وقتها ، ولكن لا أظن هذا الموقف كان نابعاً من موقف ثوري أصيل ، فيه تفهم واستفادة من دروس غدر العسكر ، ضد الثورات المجيدة ، وإنما كان كذلك ، لان الإنقلاب كان موجهاً لحكومتهم الفاشلة بداية ، فما أن مرت الأيام وأنطوت أحلام ، ووقوفهم المؤقت في وجه الإنقلاب ، حتى عادت حليمة لعادتها القديمة ، وبحثت عن مدخلها لإستعادة كرسي الحكم مرة أخرى ، وبجرأتها المعتادة ، لكسب السلطة لجانبها ، دون اي إعتبار لخلل في مسلكها الغير ثوري ، والمنافي لقيم ديسمبر العظيم ، فلم تجد سبيلاً إلا المصالحة مع جلادها ، وطلب التصالح معه ، مشفوعة بشراكة الدم سوياً ، فكانت التسوية الملعونة ، والتي واصلتها حتى أوصلتها للإتفاق الإطاري ، الذي ظل يتلاعب به العسكر وبأصحابه ، ومن ورائهم الثورة المضادة والمضافة بالقيمة الرخيصة لمقامهم الرخيص ، فهي قوى إنتهازية جديدة من الأرادلة وجمع الموزاب وقوى الكفاح المصلح لصالحه وليس لصالح أهله ، وأحزاب الفكة والفلول ومن كانوا ظهيرهم سنوات حكمهم ، وبدفع كامل ومكشوف من الإستخبارات المصرية .
حقيقة لا يستطيع أي شخص رغم كل ذلك ، أن ينفي عن قحت إنتمائها إلى ثورة ديسمبر نهائياً ، لولا صبرها النافد وضيقها الشديد ، في التواصل مع الثورات حتى تحقيق غاياتها ، إضافة إلى تحليلها القاصر في علم السياسة عموماً وخاصة السياسة السودانية ، لنظرة أغلب أحزابها لها ، من بوابة كرسي السلطة وليس أبعد ، فعندها كل الطرق تودي إلى "رومتها" المزعومة باي السبل كانت ، كما هي الراغبة دوماً إمتطاء سرج كرسي السلطة الماهل وباهل .
واليوم وحتى لا تغرق السفينة بمن فيها ومن عليها .. فان . ولحاجتنا العاجلة للعمل الجاد والمثمر لإستعادة الثورة لمسارها الصحيح ، وللسودان وجوده الجغرافي والسكاني المهدد ، فما على الجميع إلا الإستمساك بوحدة القوى الثورية ، وهو الشعار الذي تنادي به وترفعه كل فصائل الثورة السودانية ، بما فيها قحت .

عليه إقترح أن نلحق أنفسنا سريعاً ، قبل فقدنا لبلادنا وهي على شفير هاوية مدمرة ساحقة وماحقة .

وعادة تتذكر الشعوب عند المحن والملمات ، تجاربها وخاصة الناجحة منها وصائبة ، فعلينا إستعادة تجربتنا ، في نيلنا استقلالنا ، في أعقد لحظات تاريخنا حرجاً ، حين إلتفت القوى الوطنية والسياسية حول قرار الإستقلال ، وتناسي ما كان بينها من تباعد وتباقض ، فمن كان ينادي بالإتحاد مع مصر ، الطرف الإستعماري الأول ، ومن كان ينادي تحت ستار دعوى السودان للسودانيين ، وفي الأصل التبعية للطرف الآخر المستعمر ، ووسط كل هذه الطموحات الذاتية والشخصية والحزبية الخطيرة لمستقبل البلاد ( كما نعائشها في يومنا هذا وفي وقتنا هذا وساعتنا هذه) فما كان على النخبة ، وبرغم الطموحات والتباعدات التي ذكرتها ، التفت هذه النخب جميعها ، في لحظة تاريخية نادرة لم تتكرر في تاريخ السودان بعدها ، إذ التفت جميعها حول قرار إستقلال السودان ، الذي نستظل بظله حتى اليوم وإلى ما شاء الله .

فقد حان الآن أوان إستلهام هذه التجربة الرحبة والقوية ، من جديد لإنقاذ السودان من وهدَّته وأزمته الماثلة رعباً من المصير الآتي مجهولاً من أين لا احد يدري مسار جريانه .
ولكي تُصْدِق دعاوي وحدة القوى الثورية ، فليكن مخرجنا من الأزمة ، ومدخلنا إلى الحل ، تسوية مغايرة لتلك المشى في دربها المعوج ثوريّوا قحت وداعميهم ، ولم ينالوا منها إلا غدر العسكر والقادم أمر . والعدو الذي أمامنا الآن عدو جديد وفاجر . وإن جاز التعبير قلنا عنه إنه المعادل الموضوعي للإستعمار الإنجليزي المصري ، وقع الحافر ، هذا العدو واضح المعالم والقسمات والنوايا الشريرة ، رضوا أم أبوا الوصف ، يجره عليهم حصان عربة الخيانة ، وسيكون معلقاً علي رقابهم ورقاب أحفاد أحفادهم ، وأعني بهم جماعة الكتلة الديمقراطية ، المحتشدة علانية هذه الأيام في القاهرة ، لتحقيق مآرب الثورة المضادة والتبعية للآخر المستمرئ لخنوعنا تحت جناحه الأناني منذ الإستقلال دون حياء او خجل ، حتى لو حاربنا بمساعدة ، عدوه الأول الإخواني وبواسطته وإعانته ومعونته .

على أن يكون محور التسوية الشفافة ، للوصول بها إلى الهدف النبيل بوحدة قوى الثورة هذه المرة . أن تتم بين لجان المقاومة وباقي قوى الثورة الحية ، بكل فصائلها وهيئاتها واحزابها ، وبين قوى الحرية والتغيير وداعميهم . كيف يكون ذلك ، أتصور بمخرجين فقط ، يلزمهما الوطنية والثورية والحس الواسع المتسع بإحساس الخطر القادم ، الذي يجابه السودان ، إن لم نلحق بنصر الحق والحقيقة في صالح مسيرته الحياتية .

فمع وجود وثيقة الحل المقترح من قبل أحزاب الحرية والتغيير ، الذي لا كبير خلاف على محتواه ، لأنه نظرياً يشتمل على كل مطلوبات الثورة والثوار أو أغلبها ، والذي أوصلهم إلى الإتفاق الإطاري ، والذي ظل عيبه الأساسي ، هو حمله وتوقيعه مع الجهات الخطأ ، أي مع شركاء الدم والفلول ، فطاش سهمه ، في الإغراق فيما هو ضد الثورة وغاياتها ، وفي الجانب الآخر نجد الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب ، الذي إكتملت مراسم توقيعه من كافة تنسيقيات لجان المقاومة ، فالمطلوب الآن وفوراً ودون "مجمجة" وبلا تأخير هو الآتي :
أولاً - توقيع أحزاب الحرية والتغيير الأصلية ، "وليست تلك المرفقة مع بواقي الفلول" على الميثاق الثوري لتاسيس سلطة الشعب .
ثانيهما - أن توقع لجان المقاومة والقوى الثورية الحية والجذرية على بنود (محتوى) الإتفاق الإطاري ، بعيداً عن شراكة الدم والفلولية بكافة أشكالها ، وهي نقطة الخلاف ، والخذي والعار الذي جلبته للإطاري وشوهته بل عابته لدرجة الإتهام بخيانة الثورة ، حيث حوصرت به الحرية والتغير في تترسها بجنباته المتهالكة ، دون داع ودون مبرر أو حاجة لضرورة ملحة .

على أن يجلس بعد التوقيع الجميع ، أحزاب الحرية والتغيير ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية ، ويتراضيان على أي مقترحات لتحسينه وتطويره ، حتى الوصول به إلى توحيده في وثيقة موحدة ، وحمله كوثيقة شاملة تجتمع حولها كل قوى الثورة ، ومن ثم الشعب أغلبه إن لم يكن أجمعه ، وذلك بغرض إستعادة الثورة ، ووضعها في إتجاه مسارها الصحيح ، الذي سيكتسح كل المؤامرات والخيانات والكيانات التى تريد إعادة النظام البائد والسودان القديم ، تحت مظلة ورعاية العسكر الإنقلابي من جديد .
وبغير وحدة قوى الثورة بجميع فصايلها ومكوناتها ، ماعلينا إلا إنتظار الطوفان القادم دماراً وانفجاراً مفضي إلى الجحيم بذاته لا بخلافه .

وعاشت وحدة قوى الثورة المنتصرة أبداً لسودان جديد .
***
كبسولة :-
تِرِك بَرَك: قس بمقاييسه قال- البشير شال شيلة الإنقلاب المعجزة لوحده .. فهو راجل إبن راجل والرجال قليل !! .
تِرِك بَرَك : قس بمقاييسه قال ولم يقل أن من معه شاركوه الإنقلاب ثم أنكروا إذن هم "ما" رِجَا .. والرجال قليل !! .

omeralhiwaig441@gmail.com

 

آراء