وزير إعلام «رقاص» وأمين تنظيم «بتاع دَرَبُكَّة!

 


 

عادل الباز
14 February, 2011

 


من يتابع دراما ما بعد الثورة المصرية وما فاضت به الفضائيات من حكايات لا يملك إلا أن يستمتع بالدهشة. كنت أبحث عن إجابات لهذا الذوبان المدهش للنظام وأجهزة أمنه وناسه والمستفدين منه وكتائب المنافقين الذين أكلوا وشربوا من فساده، ولكني لم أجد في كل ما كتب ما يُعينني على فهم كنه الذوبان السريع الذوبان.
أمس الأول كنت أتابع على قناة (الحياة) المصرية حلقة حوار مثيرة مع وزير الإسكان السابق حسب الله الكفراوي ـ أنزه الوزراء الذين مروا على الوزراة ـ، سأل المذيع السيد الكفراوي عن سبب تقديم استقالته عن الوزارة فى عهد مبارك؟، فقال: لا إله إلا الله، ما تخيلها مستورة!!, فألح المذيع فقال: إنه ذهب لمبارك بعد إعلان الوزارة، وقال: إنه لن يشترك في هذه الوزارة، فطلب منه مبارك أن يعدل عن رأيه فرفض، فخرج من الوزارة. وكشف عن السبب قائلاً» (مبارك عين أنس الفقي وزيرا للإعلام، مؤهلاته أنه (رقاص) في فرقة رضا عز أمين عام التنظيم وهو «بتاع درَبُكَّة»!!! ثم قال: إن هنالك وزيراً آخر تاريخه معروف وهو فاروق حسني وزير الثقافة!! لولا خوفي من مجلس الصحافة لقلت لكم من هو؟ قال حسب الله الكفراوي: إن الوزارة امتلأت بالقوادين!! . أتاريكِ يا مصر كنت مأذية!! أتاريكِ يا مصر ياعظيمة يا أم جمال كنتِ تحتملين كل هذا الغثاء وأنت صابرة ومحتسبة.
في آخر حوار  لي مع الأستاذ المفكر مصطفى الفقي بمنزله بالقاهرة سألته عن تراجع دور مصر القومي وتراجع دورها الإفريقي (فلف ودار) ولم أخرج منه بشيء. في نهاية اللقاء همس في أذني: يا ابني، ليس كل ما يعرف يقال. فاستغربت من حديثه لأن الحريات كانت مكفولة في مصر لنوع هذا الحديث، ولكني اكتشفت بعد حديث الكفراوي لماذا آثر الفقي الصمت، فكيف يمكن أن يقال في ذلك عن (عز) الحديد و التنظيم إنه «بتاع دربكة» وإن السيد وزير الإعلام «رقاص»!!. كيف لا يتراجع دور مصر إذا كان من يقودون ملفات السياسية والإعلام فيها رقاص وطبال!!.
هكذا ينخر سوس الفساد الثورات العظيمة، فتتآكل وتنتهي على يد الطبالين. من كان يظن أن جمهورية الثورة الأولى التي قام بها عبد الناصر وصحبه ستنتهي لهذا المصير. ثورة كانت أحلامها تغيير موزين القوى والعالم, ثورة قامت على طهارة ونظافة يد الثوار الحقيقين، فانتهت إلى جثة متعفة بالفساد، يتولى قيادتها الرقاصون.
في حين كانت الإمبراطوريات تشيد على شواطئ البحار في مارينا والعين السخنة وغيرها كان سوس فساد ينخر عظام الدولة، والنظام لا يرى. حين كانت مصر تئن تحت وطأة البؤس والخوف كان لا يسمع, حين كان شعب مصر يتعذب في أقبية السجون كان النظام بلا قلب يحس أو يرحم, ولكن كما تتجمع الحمم البركانية في أعماق الأرض وتقذف بحممها انفجرت ثورة مصر كما البراكين, فقالوا مصر مالها، ولماذا أخرجت أثقالها؟. هؤلاء يا ولدي، حاولوا أن يحيلوا مصر إلى (كباريه)، ولكن مصر نفثت خبثها وأطلت من وراء الغيوم أمَّاً للدنيا، تزهو على ضفة النيل، تمشي ملكة!!
 

 

آراء