وزير الخارجية المصري في أول حوار بعد الثورة
د. نبيل العربي: علاقتنا بالسودان تحررت يوم (25) يناير
(في هذه القضية «...» أي حاجة يطلبها منا السودان حنعملها)!!
حاوره: فتح الرحمن شبارقة
بدبلوماسية يملك منها مخزوناً إستراتيجياً فيما يبدو، حاول د. نبيل العربي وزير الخارجية المصري أن يعتذر عن الحوار الذي طلبته معه «الرأي العام» للحديث حول مستقبل العلاقات السودانية المصرية بعد ثورة (25) يناير. فقد ربّت على كتفي بلطف قبل أن يقول: «ماعنديش مشكلة، لكن في الحقيقة ما عنديش وقت.. آسف».
كان ذلك، بقاعة الصداقة عصر يوم أمس الأول أثناء توقيع إتفاقيات التعاون الثنائية. عندها إطلعت على نسخة من برنامج الوفد المصري كنت أخبئها في جيبي الخلفي لهكذا إعتذار، فقلت له بإمكاننا أن نتحاور لعشر دقائق فقط أثناء العشاء الرسمي ببيت السفير المصري، وقد كان. لكن وقته لم يسمح بالتعرض لبعض الملفات المهمة، كما لم يسمح بالغوص أكثر في الملفات التي تعرضنا لها بفعل الزمن، وبفعل مهارة دبلوماسية إكتسبها الوزير والخبير القانوني د. العربي مذ كان مفاوضاً أساسياً في كامب ديفيد بوصفه رئيساً للإدارة القانونية في الخارجية. ورئيساً لوفد مصر في النزاع حول طابا مع إسرائيل، إلى أن أصبح مندوباً دائماً لبلاده في الأمم المتحدة، ثم مستشاراً لحكومة السودان في التحكيم بشأن حدود أبيي بمحكمة التحكيم الدولي بلاهاي. قبل أن يُطالب به شباب الثورة وزيراً للخارجية في مجلس وزراء ثورتهم، فإلى مضابط الحوار:
* بوصفكم أحد وزراء ثورة التحرير، هل ستحرر العلاقات السودانية المصرية من الهواجس التي ظلت تكبلها؟
- أنا أعتقد أن العلاقات الثنائية تحررت في يوم (25) يناير. فكل عضو في مجلس الوزراء اليوم يُفكر بطريقة مستقلة وبناءة، ويبحث فيما يجب أن يكون، ولا يتأثر بحساسيات كانت تقوم في العهد السابق. وأعتقد أنك كنت موجوداً اليوم في إجتماعات اللجنة المشتركة، وأنا تحدثت وقلت كنت أعتقد إننا وفد سيكلم وفداً آخر، ولكن وجدنا أننا نفس الوفد.
* هذه مجاملة دبلوماسية فيما يبدو؟
- هذه ليست مجاملة لأحد، مع تقديري العظيم لوزير الخارجية السوداني، لكن وجهة نظره كانت متطابقة مع وجهة نظري تماماً في كل المصالح. وأكثر من ذلك، أننا كلنا كنا نؤكد على تعاوننا وتشاورنا وتنسيقنا المستمر، كذلك إتفقنا على لقاءات دورية مستمرة بين الوزيرين.
* مع التغيير الذي طال كل شيء في مصر أخيراً، هل سيطال التغيير العلاقات الثنائية بين البلدين؟
- (100%)، وهذا ما كنت أقوله، فالعلاقات المصرية السودانية إنتقلت طفرة كبيرة، وهناك إهتمام شديد من الطرفين لتعميم العلاقات في جميع المجالات.
* إلى أي مدي أنتم راضون عن سياسة الإدارة السابقة تجاه السودان؟
- أنا أُفضِل أن لا أتعرض لهذا الموضوع.
* لماذا؟
- نحن قررنا في مجلس الوزراء أن نبدأ صفحة جديدة مع الجميع ولا يجب أن ننظر أو نلتفت لأخطاء الماضي من أي جانب.. نحن ننظر إلى الأمام ونرغب في تحسين وتدعيم العلاقات بين جميع الدول العربية لكن وضع السودان وضع خاص.
* برأيك السيد الوزير، ألم يكن بإمكان مصر لعب دور أكثر إيجابية تجاه قضايا السودان المختلفة؟
- أنا «مش عايز» أتكلم في الماضي، كلمني في المستقبل. ومن الآن مصر ستلعب أي دور يُطلب منها في تأييد السودان سواء أكان ذلك ثنائياً أو إقليمياً أو دولياً.
* طيب كيف ترى مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين؟
- سترجع قوية إن شاء الله كما يجب أن تكون وتستمر.
* هل يُمكننا الآن التفاؤل بتوفر إرادة سياسية مصرية لإزالة العقبات أمام إتفاق الحريات الأربع وإحالته إلى واقع يمشي بين الدولتين؟
- رئيس الوزراء وليس أنا، قال اليوم إن كل هذه الأمور في طريقها إلى الزوال والإرادة السياسية موجودة.
* ما الذي يعنيه متغيّر إنفصال الجنوب للعلاقة بين مصر والسودان؟
- إنفصال الجنوب في الحقيقة مثلما هو مؤلم لشمال السودان، مؤلم للجنوب كذلك. والسودان قرر أن يكون أول دولة تعترف بدولة الجنوب، ومصر قررت أن تكون ثاني دولة في الإعتراف بالجنوب، فالجنوبيون هم سودانيون وإخواننا وبيننا علاقات قوية يجب أن نستثمرها جميعاً.
* ماذا يمكنكم فعله لحلحلة القضايا العالقة بين الشريكين أو بين الدولتين في الشمال والجنوب وأنتم حكومة لتصريف الأعمال؟
- أولاً نحن حكومة إنتقالية. ونحن مستعدون للعب أي دور.
* كانت هناك دعوات من البعض لكونفدرالية بين السودان ومصر، ألا تعتقد إن الظرف بات مواتياً لبحث مثل هذه الأمور حتى تتبلور وتمضي للأمام؟
-أنا شخصياً أتمنى أن مصر والسودان وليبيا «تصبح حاجة واحدة»، لكنك تسألني سؤال لا يجب أن أجيب عليه لأني لا أعرف ما هو موقف السودان في هذه القضية. فنحن لم نتحدث عن كونفدرالية، وإنما تحدثنا على جميع المستويات، وجميع الوزراء من الجانبين على دعم العلاقات الثنائية بجميع الوسائل الممكنة.
* ألا ترى أن مصر بحاجة لزمن طويل حتى تعود فاعلة في محيطها العربي والأفريقي؟
- والله نحن بنبتدئ منذ الآن، ولا نعتقد أنه مطلوب وقت في شيء، فنحن قررنا أن نلعب دوراً أكثر إيجابية لصالحنا ولصالح جميع الشعوب العربية.
* بوصفك عضواً وخبيراً في محكمة التحكيم الدولية بلاهاي، إلى أي مدى يمكن لمصر أن تلعب دوراً في تهدئة أو إلغاء موضوع المحكمة الجنائية الدولية؟
-(أي حاجة يطلبها مننا السودان حنعملها)، لكن أنا ليست لدى خبرة في موضوع المحكمة الجنائية الدولية، فأنا أتحدث في القانون الدولي، وليس في القانون الدولي الجنائي.
* بعد التغييرات التي شهدتها مصر، ألم يحن الوقت بعد لإطلاق سراح ملف السودان من مكاتب المخابرات المصرية ليعود إلى موقعه الطبيعي في وزارتكم، وزارة الخارجية؟
- مجئ رئيس الوزراء وهذا العدد الكبير من الوزراء، يؤكد إن مصر والسودان سيعملان على مستوى الحكومات. والمخابرات جزء من الدولة عندكم وعندنا، وتستطيع أن تعمل كما تستطيع كل الأجهزة الأخرى من ري وتعليم لخدمة نفس الهدف.