وعلى نفسها جنت حكومة الإنقاذ

 


 

 



لا أعتقد أن بلادنا واجهت، من قبل،مثلما ما واجهته في عهد حكومة الإنقاذ من فشل وفساد وسوء إدارة  وسياسات خاطئة منذ استقلالها في عام 1956م ومروراً بكل الحكومات المتعاقبة، ويمكنني أن أقول وبكل فخر فقد نالت حكومة الانقاذ وبجدارة شرف أفشل حكومة مرت على تاريخ السودان الحديث والقديم. أثبتت حكومة  الإنقاذ فشلها في إدارة الدولة بعد أن تراكم العجز والإخفاق ل 23 عاماُ تفتقت فيها عبقرية الإنقاذ في الإتيان بكل جديد وحديث من ألوان الفشل لم نعهدها من قبل. وللأسف أنها جاءت بشعارات اسلامية ولكنها أفرغتها من كل معانيها، ونجحت بامتياز في تقسيم البلاد وتفتيتها وجرها إلى درك المعارك والحروب التي لا تنتهي، فما خمدت حرب الجنوب حتى اندلعت حرب دارفور ثّم النيل الازرق وكردفان ولا ندري أين ستندلع من بعد، وأصبحت البلاد ترزح وتنوء بالاحتلال الاجنبي في الفشقة وحلايب هذا غير سياسات ما يعرف بالبيع لملايين الافدنة للسعوديين وللكوريين وللقطريين وللمصريين، ناهيك عن الضربات الجوية المتكررة التي نتلقاها من إسرائيل بالصواريخ والطائرات في وضح النهار ولا نعرف أين ذهبت ميزانية الامن والدفاع التي تتجاوز 87% خصماً على ميزانية الصحة والتعليم والعمل. ويبدو أن البلاد أصبحت مرتعاً خصباً للنهب والطمع وذلك بفضل سياسات الإنقاذ الخرقاء.
وأسوأ ما حدث خلال ال23 عاماً، هو أن حكومة الإنقاذ لم تلق بالاً للمواطن السوداني والتي أدعت أنها جاءت لإنقاذه، ولم تحاول حتى أن تسلك السبل الممكنة لتخفف من معاناته التي سببتها سياساتها الرعناء الخاطئة، ولم تفلح سوى في جلب المزيد من البدع والمحن والمصائب والكوارث التي تثقل على كاهل المواطن السوداني وتزيد من آلمه ومعاناته. وبدلاً عن ذلك،اتبعت الإنقاذ سياسة تشريد وتجويع وقتل وإبادة وسجن واعتقال واختفاء قسري وتعذيب وكل ما جادت به قريحتها، مسخرة في ذلك كل طاقاتها وقوانينها  ورجالاتها لتتفنن في خلق المعاناة وجعل المواطن المغلوب يتحمل وحده مصائب الظلم والتهميش والإقصاء العرقي ويتعهد بدفع ضريبة الفساد ويساهم في حل مشاكل الإنقاذ الاقتصادية والمالية والسياسية.
وفي ظل هذه الأوضاع الضاغطة تثبت حكومة الإنقاذ يوماً تلو يوم، أنها عاجزة وفاشلة ويائسة وقد عصفت الإنقاذ نفسها بنفسها وأنذرت بزوال حكمها في أي لحظة، ولم تحاول التصرف بذكاء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وهي في الرمق الأخير، حيث كان بإمكانها مواجهة اختلالات زيادة الأسعار على الأقل، ومحاسبة المتلاعبين بقوت الشعب، هذا إن لم تكن هي نفسها قد ساهمت في ذلك نتيجة زيف غرورها وصلفها، وحيث تفاقمت الأوضاع وازدادت مأسأة المواطنين، عندها لم يجدوا بداً من الخروج إلى الشارع أفراداً وجماعات من كل ولايات السودان حيث توحدت إرادتهم وكلمتهم وكسروا حاجز الخوف، "طلعنا الشارع وما في رجوع..لا للفقر ولا للجوع"، انقضى شهراً من عمر الثورة، أثبت خلاله الشباب الثوار تفوقهم واستزافهم لقوة وطاقة الأجهزة الأمنية، وأعلنوا ألن توقفهم الاعتقالات أو التعذيب أو القتل وسيستمرون حتى يحققوا أهدافهم التي خرجوا لها.
وفي الأخر أؤكد أنه هذه هي بداية النهاية لحكومة الإنقاذ، إن لم تكن هذه النهاية التي أخطتها لنفسها، وذلك لأنهالم تتعلم كيف تتعظ وتستفيد من كثرة الأخطاء والمصائب التي افتعلتها على مدى السنوات الطوال، بل ما زالت تتمادى في غيها وضلالها، وذلك بفضل ضيق الأفق والغباء السياسي الذي جعل قادتها يعتقدون  أنهم وحدهم المؤهلون للقيادة وأن رحم الأمة السودانية أصابه العقم من أن ينجب غيرهم. ولكن رحم الأمة السودانية لم ولن يصيبه العقم فمن أنجب أفذاذاً ينضحون بالوطنية والشفافية، يحترمون أبناء جلدتهم، تولوا أرفع المناصب ومنهم من توفى في بيت إيجار، فقيراً، لم يدخر فلساً لأولاده، ولم تكن لهم قصوراً وشركات وبلايين الدولارات خارج البلاد، مثل هذا الرحم لا يعرف العقم. هنيئاً للثوار بما أحرزوه من تقدم وثبات، إلى الأمام وثورة حتى النصر.
منى بكري أبوعاقلة
Muna Abuagla [abuaglaa@gmail.com]

 

آراء