· العمل الصحفي الميداني يضيف لقدرات الصحفي وللقراء خبرات ومعلومات جديدة مأخوذة من مصادرها الحية، لذلك أنحاز للأعمال الصحفية الميدانية، خاصة وأن التقنية الحديثة ووسائط الاتصال التي أصبحت متاحة للصحفيين جعلت بعضهم يركنون إلى الاعتماد اكثر على هذه الوسائط.
· أقول هذا بمناسبة العمل الصحفي المميز الذي نفذته الصحفية الشابة فاطمة خوجلي في سجن النساء بأم درمان قبل فترة، هذا العمل المميز ذكرني صحفيا كبيراًكان يعمل بصحيفة الأيام قبل سنوات خلت وهو الاستاذ عبد الله الجبلي كانت لديه الرغبة وقتها لأن يخوض تجربة صحفية ميدانية داخل السجون، حينها كنت باحثاً اجتماعياً بمصلحة السجون، وللأسف حذرته من ذلك خوفا عليه من مغبة هذه المغامرة.
· لست في حاجة لكي أؤكد لكم أن عالم السجون مخيف، حتى للذين يعملون مع نزلائه، وقد شعرت بذلك عندما دخلته مع صديقي الاستاذ محجوب عروة في قضية نشر شهيرة، رغم اننا حبسنا مع نزلاء "الشيكات"، فالسجن سجن حتى وإن كان في فندق خمسة نجوم.
· نعود للعمل الميداني الذي نفذته فاطمة خوجلي في "السوداني" فقد وقفت على تجارب حية وسط نزيلات سجن أم درمان، وبالمناسبة فإن جرائم النساء- بعيدا عن الجندرة- اكثر عنفا، ولا عجب فإن كيدهن عظيم كما جاء في محكم التنزيل، وقد عرفت خلال عملي بمصلحة السجون وجود أنماط مخيفة من جرائم النساء وممارسات أعنف وسطهن داخل السجن.
· من التجارب الحية التي وقفت عليها فاطمة خوجلي حكاية الشابة التي كانت تعيش في المملكة العربية السعودية، وهي نموذج للاسف لكثير من الشابات والشبان الذين يأتون من دول المهجر ومن الولايات، وقد فقدوا الرعاية الوالدية، ووجدوا انفسهم في عالم مختلف بكل ما فيه من اغراءات وضغوط ومطبات اجتماعية.
· صحيح أن ظروف بنات واولاد المغتربين مختلفة عن ظروف بنات واولاد "الولايات" ولكنهم جميعا يخضعون لذات الاغراءات والضغوط والمطبات الاجتماعية، وإذا وقفنا عند حالة الشابة النزيلة التي ادمنت المخدرات بل واصبحت تروج لها سنجد أنها وقعت في اكثر من مطب اجتماعي منذ أن تعلقت بالشاب الذي تخلى عنها وحتى وقوعها في شباك صحبة السوء من زميلاتها في الجامعة- للأٍسف - اللاتي صورن لها أن تجاوز ازمتها العاطفية يكمن في تعاطي المخدرات.
· (...من ديك وعيك) الى أن تم ضبطها وهي تحمل (148) لفافة حملتها معها الى بورتسودان ادعت انها لاستخدامها الشخصي، وحتى اذا افترضنا ذلك، فقد وقعت في الشرك ودفعت الثمن من مستقبلها وسمعتها، هذا عدا الآثار المدمرة التي تسببت فيها لوالديها واسرتها واهلها.
· هذه التجربة الحية المؤسفة درس لها لغيرها من الشبان والشابات، .. نحن نعلم أن هناك نماذج مشرفة لابناء وبنات المغتربين وابناء وبنات الولايات، وأن الانحراف ليس وسطهم دون غيرهم، فالمهددات الاخلاقية تحيط بشبابنا من كل جانب وأنهم جميعا يحتاجون الى رعاية اكبر من الأسر والمؤسسات التعليمية ومن الخبراء الاجتماعيين والاختصاصيين النفسيين، ومن أنفسهم قبل كل شيء وبعد كل شيء، لأن الله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
· (وَفِي أَنْفُسِكُمْ، أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)) سورة الذاريات.