وقائع .. ومشاهد .. مؤتمر (تقدم) – أديس أبابا (1)

 


 

 

تقدم: ((بصيص أمل لإنهاء الحرب))!!

ابوهريرة عبدالرحمن أحمد إبراهيم

حضور المؤتمر:
عُقد المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في العاصمة الشقيقة إثيوبيا خلال الفترة من 26 إلى 30 مايو 2024. بفندق سكاي لايت بالعاصمة أديس أبابا، فيما استمرت مشاورات القيادة الجديدة المنتخبة بفندق الراديسون بلو. و بلغ العدد الكلي للمشاركين حضور المؤتمر 700 شخص، يمثلون 18 ولاية. بالإضافة للقادمين من الخارج 24 دولة يمثلون المهاجرين واللاجئين. أما الأغلبية كانوا قادمين من الداخل. والأهم أن الممثلين والمناديب المصعدين من الولايات والمهاجر المختلفة جرى اختيارهم قاعدياً عبر الفئات ليتم تصعيدهم. بينما اُختير بعض الفئات مركزياً بتوافق المشاركين في اللجنة التحضيرية. وقد تعذَّر وصول البعض من داخل السودان بسبب الاعتقال التعسفي أو المنع من السفر بمصادرة جوازات السفر بالقضارف وبورتسودان وسنار ممن تم اختيارهم من قواعدهم الشعبية للمشاركة في أعمال المؤتمر.

ممثلي المؤتمر:
يعتبر هذا المؤتمر هو الأكبر في تاريخ السودان من حيث الشمول و التمثيل و الحضور والتنوع!. يمثلون الفئات التالية: ((ممثلي لجان المقاومة، ممثلي النقابات والمهنيين، ممثلي المجتمع المدني الحديث والتقليدي بما في ذلك: ,,الشباب، النساء، رجال الدين، الرعاة، المزارعين، أصحاب الأعمال، الإدارة الأهلية، المبدعين، الفنانين، النازحين، اللاجئين، المهاجرين ، الكتاب ، الأكاديميين والشخصيات الوطنية المستقلة .. الخ)) ، ممثلي القوى السياسية الحزبية، ممثلي الجبهة الثورية،،. أما ضيوف المؤتمر من خارج هيئات (تقدم) هم: (الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بقيادة القائد عبدالعزيز آدم الحلو- المؤتمر الشعبي - الإتحادي الأصل).

جدول الأعمال :
قُدمت في المؤتمر أوراق عمل عديدة على سبيل المثال: ورقة العون الإنساني، خطاب الكراهية، الحكم المحلي، الإصلاح الأمني والعسكري، توصيات العدالة الانتقالية، توصيات الترتيبات الدستورية للفترة الانتقالية، الهيكل والنظام الأساسي (لتقدم)، رؤية تقدم السياسية لوقف وإنهاء الحرب وتأسيس الدولة، الترتيبات الدستورية والبيان الختامي.

الرؤية السياسية:
ما يدهش خروج جميع هذه الهيئات (لجان مقاومة ، مجتمع مدني ، نقابات ومهنيون، قوى سياسية وحركات مسلحة مجموعات نوعية أخرى) برؤية واحدة تمثل الجميع تؤدي إلى وقف الحرب وتحقيق التحول المدني الديمقراطي في السودان.
تنص الرؤية السياسية المتوافق عليها في المؤتمر التأسيسي، على إنهاء الحرب، وتأسيس الدولة بنظام حكم مدني ديمقراطي واستكمال مسار ثورة ديسمبر/كانون الأول التي قطع عليها الطريق انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021. وحدة السودان شعباً وأرضاً، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات وتعترف بالتنوع وتعبر عن جميع مكوناتها بلا تمييز، وإقرار أن المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات، والاعتراف بالتنوع التاريخي والمعاصر، وتأسيس وبناء منظومة عسكرية وأمنية احترافية ذات عقيدة قتالية وطنية، وإنشاء نظام حكم فدرالي حقيقي عماده الاعتراف بالحق الأصيل لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها ومواردها عبر مجالسها التشريعية وسلطاتها الإقليمية، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران (نظام الرئيس المعزول عمر البشير)، وتبني سياسة خارجية متوازنة. وشددت الرؤية على تحديد أطراف العملية السياسية بشكل واضح من القوى السياسية ولجان المقاومة وحركات الكفاح المسلح والنقابات ومنظمات المجتمع المدني مع التشديد أكثر على استبعاد النظام السابق وواجهاته، وذلك عبر منبر واحد يختص بوقف الحرب ورعاية العملية السياسية.

المائدة المستديرة:
قرر المؤتمر "الشروع الفوري بالتحضير لمائدة مستديرة لكل السودانيين من قوى الثورة والتغيير، والقوى الرافضة للحرب والمؤمنة بالتحول الديمقراطي، عدا المؤتمر الوطني المحلول ووجهاته".كما أجاز المؤتمر مبادئ وأسس عملية تأسيس وبناء جيش قومي مهني واحد لا يتدخل في السياسة والاقتصاد، معتبرًا هذه الأسس بداية طريق الاستقرار لوقف الحروب وإغلاق طرق الانقلابات العسكرية. جيش مهمته حماية الوطن والمواطن والأرض وحماية الدستور الديمقراطي.

إدانة انتهاكات حقوق الإنسان:
أدان المؤتمر فشل طرفي الصراع في الجلوس للتفاوض لوقف إطلاق النار وإعاقة مسارات توصيل الاغاثة للمتضررين في كافة أنحاء البلاد، مدينًا كذلك استخدام الغذاء كسلاح في الحرب، مناشدًا المجتمع الدولي للتدخل والضغط الجاد على طرفي الصراع لإعادتها إلى منبر التفاوض وإقرار آليات لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الانسانية. كذلك أدان المؤتمر بأشد العبارات الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والمليشيات والحركات المتحالفة معهما،مطالبًا بالتحقيق الدولي في هذه الانتهاكات والجرائم ومحاسبة المتورطين فيها.

تمثيل النساء:
نالت النساء في التوصيات الختامية نسبة 40% من التمثيل، ومثلها للقوى الشبابية ولجان المقاومة. وشهد لأول مرة في تاريخ السودان مشاركة (العمدة) نعمة مختار كممثلة للعمد في إقليم دارفور، بعد أن كان هذا التمثيل حكراً على الرجال لقرون متعددة. كما ألقت (إيمان) حمد النيل، ممثلة الطريقة القادرية بزعامة الراحل أزرق طيبة، كلمة كأول أمرأة تتحدث باسم الطرق الصوفية في المناسبات الرسمية واللقاءات السياسية.

مشاركة الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال:
قاد وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال - قيادة الحلو - القائد / عمار آمون الأمين العام للحركة الشعبية وقد استقبلوا في الجلستين : الافتتاحية والختامية بالهتافات والترحاب. كما ألقى القائد عمار آمون كلمة وضع فيها النقاط على الحروف فيما يتعلق بالتقارب الكبير بينهم و (تقدم) .

انتخاب حمدوك كرئيس لتقدم:
الكلمة الأخيرة في الجلسة الختامية كانت من نصيب الرئيس المنتخب بالإجماع لقيادة (تقدم)- الدكتور عبد الله حمدوك والذي قالت في تقديمه الشابة مقدمة فقرات البرنامج سلافة ابوضفيرة : (أقدم في الختام المُعرّف الذي لا يُعرّف: الدكتور عبد الله حمدوك..الرئيس المنتخب لقيادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"). عندها وقف المئات، وهم يصفقون ويهتفون بالشعارات الوطنية وينادون بقوة بشعار (لا للحرب)!.

أبرز ما جاء في كلمة الدكتور حمدوك مناشدته للأطراف المتحاربة بوقف الحرب التي قضت على الأخضر واليابس وقتلت وشردت الملايين. وأن السودان مهدد بكارثة أكبر مجاعة في العالم. كذلك طالبهم بفتح مسارات آمنة في كل أنحاء السودان حتى تصل مواد الإغاثة للمواطنين في كل أنحاء السودان. ثم شكر المجتمعين الإقليمي والدولي على وقوفهم مع شعب السودان كما وجه صوت شكر خاص لدول الجوار : إثيوبيا ومصر وجنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى وأوغندا وكينيا ودول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية حيث مؤتمر جدة وحيث العدد الضخم من اللاجئين بها.

إجراءات أمنية مشددة:
شهد يوم الافتتاح الذي تأجل من يوم 26 مايو إلى اليوم التالي لضمان حضور جميع الوفود المشاركة في المؤتمر ، تشديد الإجراءات الأمنية حيث تم منع جميع المشاركين الدخول بهواتفهم أو حواسيبهم المحمولة إلى القاعات الرئيسية باستثناء الإعلاميين المدعوين بصورة رسمية .
الجلسة الختامية، شهدت القاعة دوى هتاف عال من الحضور وخاصة الجالسين في الصفوف الخلفية من لجان المقاومة ,, الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب و العسكر للثكنات و الجنجويد يتحل،، فيما هتف أحد الشاب (جاهزية سرعة حسم) حينها تعارك هذا الشاب مع أحد الشباب لفترة أقل من 2 دقيقتين تدخل الأمن الإثيوبي وأخرجهم الى خارج قاعة المؤتمر . واستمرت أعمال المؤتمر دون توقف .

تحديات:
ربما ساهم العدد الكبير إحضار 700 شخص في إحداث ربكة محدودة ، ثلاثة من المشاركين المدعويين لم يتمكنوا من الالتحاق بأعمال المؤتمر بسبب تأخر حصولهم على التذاكر في الوقت المناسب. وعشرات آخرين تأخروا أيام إضافية بإثيوبيا بسبب تأخر حصولهم على الفيزا وتذاكر العودة.

البلد المضيف اثيوبيا:
إنتهت فعاليات هذا العرس الحضاري الفريد في عاصمة الجمال والتحضر أديس أبابا. كانوا المضيفون الإثيوبيون ودودين وقليلي الثرثرة. بيروقراطيون بعض الشيء لكنهم يعملون كالنحل، لذا فإن مؤشر نموهم الإقتصادي في ارتفاع ، وغيرهم يقتتلون ويقتلون شعبهم دون أن يعرفوا أنهم يمارسون جنونا سيؤدي بهم إلى نهاية تراجيدية بائسة!

يتبع

ابوهريرة عبدالرحمن أحمد إبراهيم

abuhreira@kacesudan.org

 

آراء