وقعت الواقعة

 


 

 

abdullahaliabdullah1424@gmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم
واخيرا حدث ما كان يخشاه المشفقون ويستهتر به الحالمون، لتندلع الحرب بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، بعد ان كان المامول الذهاب لحل سياسي يجنب البلاد المهالك. لتعيد الحرب العبثية صدمة فض اعتصام القيادة، التي اعقب طموحات الذهاب بالبلاد الي رحاب الديمقراطية والدولة المدنية. وما يحير ان من حرض علي فض الاعتصام لقطع الطريق علي الانتقال (الفلول)، هو نفسه من اجج صراع الحرب الحالية بين الجنرالات الطامعين في السلطة، بكل قلة عقل وحياء، ولذات سبب العودة للسلطة والحفاظ علي مصالحهم غير المشروعة! ولكن الفارق ان من سفك دماء اولئك النبلاء الابرياء، هم من تلاحقهم اللعنة لتصبح دماءهم وقود لهذه الحرب العبثية.
ولكن المأساة النابعة من قلة حساسية الاسلامويين بحياة ومعاناة المواطنين، ان الحرب هذه المرة تستهدف حياة المدنيين مباشرة داخل المدن المكتظة بالسكان. وكذلك تعطل مصالح ملايين الكادحين الذين يعتاشون علي رزق اليوم باليوم. وتنذر بانعدام الخدمات المتردية اصلا، وبما فيها الخدمات الطبية التي يرتفع الطلب عليها في فترات الحروب.
ويبدو ان السبب الاساس لهذه المواجهة العدمية التي تدفع البلاد للمجهول. يرجع للاستهانة باسلوب العصابات والهمبتة الذي رسخه نظام الانقاذ للتحكم في السلطة وادارة الدولة. والحال، ان هذا الاسلوب تغلغل داخل الجيش والاجهزة الامنية والمليشياوية المنوط بها حماية السلطة. وهو ما جعل محاولة تسييس الصراع وانزال شعارات الثورة علي الارض، او تمدين الحياة والدولة بصفة عامة، دونه خرط القتاد. والحال كذلك، في كل مرة تقترب من التخلص من العسكرة ورد الحياة المدنية بعد طول غياب وكلفة تضحيات، تعقبها انتكاسة دموية اكثر عسكرة وتشبث بالسلطة بطريقة همجية رغم ادعاء الانضباطية العسكرية.
والاسلوب العنيف والقتالي لادارة الصراع، والذي يرفع السلطة لسوية الغاية الوجودية، ويخفض قيمة الانسان، سواء كجنود بسطاء او مواطنيين ضعفاء، الي مرتبة وقود ودروع للصراع الصفري. للاسف هو ما يحكم طبيعة الصراع الحالي بين الجيش والدعم السريع، كشركاء متشاكسين تعارضت مصالح جنرالاتهم ومن يقف خلفهم.
والحال كذلك، هذا الصراع العدمي ليس للمواطنين الابرياء ناقة او جمل فيه، بل هو في الاصل يجري علي حسابهم ولامتلاك السلطة بين جنرالات عملاء واشرار. لا يحرصون علي شئ بقدر حرصهم علي مواصلة احتكار السلطة لاستغلال موارد الدولة وقمع وارهاب واهدار حقوق المواطنين. اي هذه اكثر الحروب ماساوية، لانه بقدر ما يدفع المواطنون ثمن استمرارها، بقدر ما تنذر نتائجها بالعوقب الوخيمة! لانه اذا ما انتصر الجيش فهذا يعني اعادة نظام الانقاذ الاسلاموي الفاسد، ولكن بنسخة اكثر شراسة واحتياطات لعدم فقدان السلطة مرة اخري. اما اذا ما انتصرت مليشيا الدعم السريع بتكوينها شبه القبلي وعلاقة السيطرة شبه العائلية، وتاريخ انشطتها الاجرامية الارتزاقية، وهو عموما امر مستبعد، فيعني ذلك تاسيس نظام قبلي عشوائي مزاجي يشبه قائده الجاهل، بثقافته الموغلة في الرعوية. اما اذا استمرت حالة التارجح وعدم الحسم، او الحسم في العاصمة والعجز عن ذلك في الاقاليم، اي نوع من تعليق الحالة كما يحدث في ليبيا واليمن والصومال، فهذا يعني موات بطئ للمواطنين بتدهور الحياة وخاصة زيادة المخاطر الامنية، وتحلل متدرج للدولة، وتكاثر محفزات تدخلات خارجية طامعة في ثروات البلاد.
وفي كل الاحوال اعلنت هذه الحرب العدمية دخول البلاد في نفق اكثر اظلام، بعد احتكام صراع السلطة علي السلاح بين الجنرالات الطامعين. وهو ما يعني حتي هامش الحكمة والحركة الذي سمح بتوافر نوع من الطموحات التحررية والخطوات السياسية، ما بعد ذهاب البشير، اصبح في حكم العدم. بعد ان تدني سقف الطموحات لمجرد ايقاف الحرب وحماية حياة المدنيين باي شكل. وهو للاسف ما لا يبدو متوافر في ظل سيطرة المجرمين والسفهاء الذين يتلبسون لبوس الجنرالات والدين. ولك الله يا وطني الحزين.
////////////////////////////

 

آراء