ولكم في نتانياهو وماكرون عبرة
عمر العمر
29 March, 2023
29 March, 2023
نفاذ العقل يستوجب تأمل أحداث فرنسا وإسرائيل الراهنة حال استهدافنا إعادة بناء دولة ديمقراطية ناجعة معافاة دائمة. ففي الدولتين تجربتا ديمقراطية ثريتان. لكنهما يواجهان أزمة تشوه أولاهما منبت ثالوث قيم المواطنة الليبرالية الفرنسي (حرية ، مساواة، إخاء )مثلما تعري الأخرى زيف إدعاء الكيان العنصري الوحيد على وجه الارض تجسيده جزيرة ديمقراطية وسط بحر ديكتاتوريات إقليمي. تلك ليست هي القضية حيث ينبغي تصويب العقل بغية الاعتبار فمصدر الإشكال في تبني صانعي الأزمتين بعض آليات الديمقراطية في تخليق الأزمتين .لذلك فإن تبني الديمقراطية -رغم نبالته-لا يكفي وحده لبناء دولة ديمقراطية ناجعة بل دائمة خاصة في حالتنا.
*****
فتأمل الأزمتين ربما يحصننا ضد حمى اللهاث المحموم خلف المناصب فيما نتصدى لمهام إعادة بناء مؤسسات الدولة متقافزين فوق توطيد مداميك منظومة البناء الديمقراطي .الوعي بهذه الأولوية القصوى يعزز خطوط الفصل البيّن بين مؤسسات الدولة .في تجربة ديسمبر البكر صببنا جهدنا على بناء السلطة التنفيذية تحت حمى لهاث المناصب . ذلك الإعشاء السياسي أنسانا أولوية استكمال منظومة العمل الديمقراطي ؛إعادة بناء مؤسسة القضاء . بل تجاهلنا تماما بناء سلطة التشريع والرقابة. بفعل تلك الحمى أصابتنا أمراضٌ أفضت بنا إلى موت التجربة تحت أحذية العسكر. في فرنسا عمد ماكرون إلى خرق المنظومة الديمقراطية فأغرق في الفوضى البلاد وباريس في أطنان الفضلات والنفايات ودفع مناصريه إلى هاوية الهلاك السياسي.خطيئة ماكرون لجؤه إلى الاتفاف على البرلمان بتمرير مشروعه عبر مرسوم رئاسي!
*****
لنتانياهو اكثر من خطيئة. أولاها تحقيق مآرب ذاتية عبر تحالف سياسي متطرف حتى عليه هو شخصيا. أشدها خطورة استهدافه وحلفاؤه تجريد مؤسسة القضاء من سلطانها الفاعل في تثبيت المنظومة الديمقراطية.صفقة نتانياهو الخاسرة مع حلفائه المتطرفين هي إنقاذه من مواجهة اتهامات بالفساد أمام القضاء مقابل إنهاك التجربة الديمقراطية بتسليم الدولة رهينة في أيدي غلاة التطرف .هولاء الطغاة قساة القلب والطبع لا يستهدفون بداية نهاية فصل الدولة بل هم يتأبطون مشروع تهويد الدولة ،الشعب والأرض المحتلة برمتها.هذا الجنون ألبسهم مليّاً الغفلة عن عقلية المجتمع الإسرائيلي مثلما دفعهم إلى التعامي عن الحقوق الفلسطينية.من المؤسف الحديث عن المجتمع الاسرائيلي على نحو إيجابي ، لكن عداواتنا التقليدية لا تنسينا حقيقة أنه مجتمع شديد الإنضباط فيما يتعلق بوجوده.
*****
ماكرون ارتكب الغفلة ذاتها عندما تجاهل عقلية المجتمع الفرنسي حيث تجاوز ثراء وعي وتجربة منظمات المجتمع المدني الفرنسي. سوء تقديره جنح به إلى صدام مع الجماهير في الشارع بإصراره على تعديل نظام التقاعد. افدح من ذلك قفزه على البرلمان بمرسوم . هو يدرك مليّاً إخفاقه فيما لو حاول تمرير المشروع عبر البرلمان .رغم مشروعية المرسوم الحكومي إلا انه خرق أخرق لقواعد اللعبة الديمقراطية. السياسي الشاب يدرك حتما طبيعة المجتمع الفرنسي الرافضة للإملاءات فقد كانت تلك احدى الروافع حاملته إلى الاليزيه.اذ جاء فوزه في سياق التوق الاجتماعي بحثا عن عقلية تكسر البراويز السياسية التقليدية .لكن ذلك لا يذهب بالفائز حد الخروج عن النسق الإجتماعي الراسخ بالوعي .
*****
كلاهما ،نتانياهو وماكرو ن استبد بهما بريق السلطة حداً جرفهما لجهة الهاوية. فما يحق لهما الركون إلى الغالبية الميكانيكية بغية تحقيق غاياتهما السياسية متلبسين كذباً في الوقت نفسه رداء الديمقراطية.فركن الديمقراطية الأساس يتجسد في الفصل بين السلطات الثلاث:التشريعية ،التنفيذية والقضائية.كما تدار اللعبة السياسية وفق المنهج الديمقراطي عبر الحوار والتراضي .كلاهما تجاهل زمن الديمقراطية ومنهجها فاصطدما بحائط الجماهير العصي على القفز فوقه.هاهو نتانياهو يحاول تضميد رأسه باللجوء إلى ترحيل الأزمة مؤقتا فيما لإيجد ماكرو سبيلًا للخروج من مأزقه غير محاولة الرجوع إلى فضيلة الحوار.
*****
هكذا يبين جليا أن إعادة بناء مؤسسات الدولة فقط لا تؤمن إرساء تجربة ديمقراطية ناجعة معافاة دائمة.تلك غاية تستكمل عبر الاحتفاظ لأركان المنظومة باستقلاليتها وفعاليتها .كما يتضح عمليا كم هو مكلفٌ الاعتماد على الأغلبية الميكانيكية وخطير على من يركن إليها.فالاصغاء إلى آراء الأقلية والمحافظة على حقوقها احد ابرز أسرار إثراء الممارسة الديمقراطية لكن من المهم في الوقت نفسه وعلى نحو مواز في القوة تغليب جميع الأطراف المصلحة الوطنية على جميع المصالح الضيقة كما ينبغي تغليب لغة الحوار على كل وسائل العنف والابتزاز .تلك أبرز نوبات إخفاق تجاربنا السابقة
*****
فالمكايدات الحزبية غالبا،والشخصية احيانا افقدت الحكومات الائتلافية فعاليتها حدا قصف ببقائها .عدم الحفاظ على حقوق الأقلية النيابية والالتزام بكلمة القضاء المستقل العليا أجهض احدى اكثر تجاربنا الديمقراطية بؤسا .ثمة جهات تتربص مسبقا باستقلالية القضاء قبل إعادة هيكلته لانها غارقة في الفساد.
aloomar@gmail.com
*****
فتأمل الأزمتين ربما يحصننا ضد حمى اللهاث المحموم خلف المناصب فيما نتصدى لمهام إعادة بناء مؤسسات الدولة متقافزين فوق توطيد مداميك منظومة البناء الديمقراطي .الوعي بهذه الأولوية القصوى يعزز خطوط الفصل البيّن بين مؤسسات الدولة .في تجربة ديسمبر البكر صببنا جهدنا على بناء السلطة التنفيذية تحت حمى لهاث المناصب . ذلك الإعشاء السياسي أنسانا أولوية استكمال منظومة العمل الديمقراطي ؛إعادة بناء مؤسسة القضاء . بل تجاهلنا تماما بناء سلطة التشريع والرقابة. بفعل تلك الحمى أصابتنا أمراضٌ أفضت بنا إلى موت التجربة تحت أحذية العسكر. في فرنسا عمد ماكرون إلى خرق المنظومة الديمقراطية فأغرق في الفوضى البلاد وباريس في أطنان الفضلات والنفايات ودفع مناصريه إلى هاوية الهلاك السياسي.خطيئة ماكرون لجؤه إلى الاتفاف على البرلمان بتمرير مشروعه عبر مرسوم رئاسي!
*****
لنتانياهو اكثر من خطيئة. أولاها تحقيق مآرب ذاتية عبر تحالف سياسي متطرف حتى عليه هو شخصيا. أشدها خطورة استهدافه وحلفاؤه تجريد مؤسسة القضاء من سلطانها الفاعل في تثبيت المنظومة الديمقراطية.صفقة نتانياهو الخاسرة مع حلفائه المتطرفين هي إنقاذه من مواجهة اتهامات بالفساد أمام القضاء مقابل إنهاك التجربة الديمقراطية بتسليم الدولة رهينة في أيدي غلاة التطرف .هولاء الطغاة قساة القلب والطبع لا يستهدفون بداية نهاية فصل الدولة بل هم يتأبطون مشروع تهويد الدولة ،الشعب والأرض المحتلة برمتها.هذا الجنون ألبسهم مليّاً الغفلة عن عقلية المجتمع الإسرائيلي مثلما دفعهم إلى التعامي عن الحقوق الفلسطينية.من المؤسف الحديث عن المجتمع الاسرائيلي على نحو إيجابي ، لكن عداواتنا التقليدية لا تنسينا حقيقة أنه مجتمع شديد الإنضباط فيما يتعلق بوجوده.
*****
ماكرون ارتكب الغفلة ذاتها عندما تجاهل عقلية المجتمع الفرنسي حيث تجاوز ثراء وعي وتجربة منظمات المجتمع المدني الفرنسي. سوء تقديره جنح به إلى صدام مع الجماهير في الشارع بإصراره على تعديل نظام التقاعد. افدح من ذلك قفزه على البرلمان بمرسوم . هو يدرك مليّاً إخفاقه فيما لو حاول تمرير المشروع عبر البرلمان .رغم مشروعية المرسوم الحكومي إلا انه خرق أخرق لقواعد اللعبة الديمقراطية. السياسي الشاب يدرك حتما طبيعة المجتمع الفرنسي الرافضة للإملاءات فقد كانت تلك احدى الروافع حاملته إلى الاليزيه.اذ جاء فوزه في سياق التوق الاجتماعي بحثا عن عقلية تكسر البراويز السياسية التقليدية .لكن ذلك لا يذهب بالفائز حد الخروج عن النسق الإجتماعي الراسخ بالوعي .
*****
كلاهما ،نتانياهو وماكرو ن استبد بهما بريق السلطة حداً جرفهما لجهة الهاوية. فما يحق لهما الركون إلى الغالبية الميكانيكية بغية تحقيق غاياتهما السياسية متلبسين كذباً في الوقت نفسه رداء الديمقراطية.فركن الديمقراطية الأساس يتجسد في الفصل بين السلطات الثلاث:التشريعية ،التنفيذية والقضائية.كما تدار اللعبة السياسية وفق المنهج الديمقراطي عبر الحوار والتراضي .كلاهما تجاهل زمن الديمقراطية ومنهجها فاصطدما بحائط الجماهير العصي على القفز فوقه.هاهو نتانياهو يحاول تضميد رأسه باللجوء إلى ترحيل الأزمة مؤقتا فيما لإيجد ماكرو سبيلًا للخروج من مأزقه غير محاولة الرجوع إلى فضيلة الحوار.
*****
هكذا يبين جليا أن إعادة بناء مؤسسات الدولة فقط لا تؤمن إرساء تجربة ديمقراطية ناجعة معافاة دائمة.تلك غاية تستكمل عبر الاحتفاظ لأركان المنظومة باستقلاليتها وفعاليتها .كما يتضح عمليا كم هو مكلفٌ الاعتماد على الأغلبية الميكانيكية وخطير على من يركن إليها.فالاصغاء إلى آراء الأقلية والمحافظة على حقوقها احد ابرز أسرار إثراء الممارسة الديمقراطية لكن من المهم في الوقت نفسه وعلى نحو مواز في القوة تغليب جميع الأطراف المصلحة الوطنية على جميع المصالح الضيقة كما ينبغي تغليب لغة الحوار على كل وسائل العنف والابتزاز .تلك أبرز نوبات إخفاق تجاربنا السابقة
*****
فالمكايدات الحزبية غالبا،والشخصية احيانا افقدت الحكومات الائتلافية فعاليتها حدا قصف ببقائها .عدم الحفاظ على حقوق الأقلية النيابية والالتزام بكلمة القضاء المستقل العليا أجهض احدى اكثر تجاربنا الديمقراطية بؤسا .ثمة جهات تتربص مسبقا باستقلالية القضاء قبل إعادة هيكلته لانها غارقة في الفساد.
aloomar@gmail.com